الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة استطلاعية واقعية لا سياسية الى الوضع الاقتصادي في مصر

محمود رجب فتح الله

2018 / 8 / 15
الادارة و الاقتصاد


نظرة استطلاعية واقعية لا سياسية الى الوضع الاقتصادي في مصر
بقلم د. محمود رجب

يعد الاقتصاد المصري من أقدم اقتصاديات العالم حيث بدأ بالقطاع الزراعي والتبادل التجاري مع البلدان المجاورة، ومر بمراحل تطور وانحدار حتي بداية العصر الجمهوري وثورة يوليو 1952، حيث بدأ جمال عبد الناصر في الإصلاح الاقتصادي وإنهاء الفترة الإقطاعية ومن هنا بدأت الثورة الاقتصادية في مجالات عدة وكان حينها اقتصاد يتمتع بدرجة عالية من المركزية.
وقد إنفتح الاقتصاد المصري بشكل كبير تحت حكم الرئيسين السابقين أنور السادات ومحمد حسني مبارك، في الفترة من عام 2004 إلى عام 2008 حيث زادت وتيرة الإصلاحات الاقتصادية سعياً لجذب الاستثمارات الأجنبية وتسهيل نمو الناتج المحلي الإجمالي، وعلى الرغم من المستويات العالية نسبيًا للنمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة، ظلت الظروف المعيشية للفقراء والمواطنين العاديين في تدهور وأكثر سوأ، وقد ساهم في استياء الرأي العام، بعد الاضطرابات التى أندلعت في يناير 2011، تراجعت الحكومة المصرية عن الإصلاحات الاقتصادية، وزاد الإنفاق الحكومي الاجتماعي بشكل كبير لمعالجة هذه الإضطرابات، ولكن حالة عدم الاستقرار السياسي تسبب النمو الاقتصادي إلى بطء ملحوظ في القطاعات الاقتصادية ،وتقليص في الإيرادات الحكومية، وكانت السياحة، والصناعة التحويلية، والبناء من بين القطاعات الأكثر تضررا في الاقتصاد المصري.
ومن الجدير بالذكر انه كان لدي مصر اقتصاد مستقر يتمتع بدرجه من النمو المستمر، في المتوسط من 4% - 5% خلال ربع القرن الماضي. مر الاقتصاد بمراحل مختلفة من التنمية والإصلاحات، التي لعب فيها القطاعين العام والخاص أدواراً متفاوتة من حيث الأهمية النسبية على النحو التالي:
الجمهورية الأولى : 1952-2012
اولا : الاستعاضة عن الواردات والتأميم فيما بين عامي 1952 و 1960، حيث شرع جمال عبد الناصر في إتباع السياسات الاقتصادية التي أستهدفت إعادة توزيع الموارد، من خلال تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي والسيطرة على مصادر الإنتاج ووسائله، وكانت أبرز هذه السياسات قانون الإصلاح الزراعي، والإتجاه إلى التصنيع لاستيعاب مزيد من العمالة، وتأميم البنوك الخاصة والأجنبية العاملة والشركات والمصانع الكبرى، وبدأ بالاستثمار الحكومي المباشر بإنشاء شركة الحديد والصلب المصرية عام 1954، ثم تأميم قناة السويس في 1956.
ثانيا : الإتجاه نحو الفكر الاشتراكي فتم العمل بأول خطة خمسية، ودعم السياسات الاقتصادية بالقوانين الاشتراكية، والتدخل في تحديد الأسعار، وقد تحقق معدل نمو سنوي متوسط بلغ 3.8% خلال سنوات الخطة، وانطلقت عدة مشاريع القومية أبرزها بناء السد العالي.
ثالثا : ما بين حربي 1967–1973 تم فرض ضرائب جديدة وزيادة معدلات الضرائب القائمة لزيادة الايرادات العامة الضرورية لمواجهة التزايد السريع في الإنفاق العام اللازم إبان فترة الصراع العربي الإسرائيلي‏.وقد زادت هذه السياسات النقدية المتمثلة في التمويل بالعجز من معدلات التضخم، ومن ثم قامت الدولة بإتباع سياسة التسعير الجبري للسلع الأساسية للحد من الأضرار، كما زاد الاعتماد علي التمويل الخارجي من خلال القروض والمنح التي كانت تتلقاها مصر من الدول الداعمة.
رابعا : الانفتاح الاقتصادي(1974-1981) تم تطبيق برامج سنوية في شكل خطط متحركة، والاستعانة برؤس الأموال العربية والأجنبية في التنمية، مما رفع معدل النمو السنوي حتي وصل إلى 9.8 % ولكنه أرتبط بالنمو في القطاعات الخدمية دون الإنتاجية.
خامسا : الفترة من (1982- 1990) تم مواصلة السير في سياسة الانفتاح الاقتصادي وتشجيع الاستثمار، والتحول نحو اقتصاد السوق، والتي شملت تقليص دور القطاع العام تدريجياً، والتحول إلى القطاع الخاص مع الإبقاء على دور الدولة في إدارة الاقتصاد الكلى.
سادسا : الفترة (1991-2002) أدت الأحدات الإرهابية إلي إحداث خلخلة في الاقتصاد المصري، ولكن كان هناك الاستقرار النسبي للاقتصاد، وتحقيق معدلات نمو متوازنة، وارتفاع في قيمة الاحتياطي النقدي الأجنبي، واستقرار سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، بالإضافة إلي مشاريع تنموية كبري وإنشاء المدن الجديدة.
التجارة الخارجية
حيث انضمت مصر إلى منظمة التجارة العالمية والسوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا)، وأبرمت اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ودول حوض البحر المتوسط، كما سعت نحو إحياء اتفاقية السوق العربية المشتركة، وتفعيل إقامة منظمة التجارة الحرة العربية، وتنشيط دور مجموعة الدول النامية الخمس عشرة ومجموعة دول الثماني الإسلامية، بالإضافة إلى عقد اتفاقية شراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية، واتفاقيات للتعاون مع بعض الدول الآسيوية مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية.
التحويلات المالية
تساهم التحويلات المالية للمصرين العاملين بالخارج كمصدر هام للعملات الأجنبية، حيث تساهم في الاقتصاد بما يفوق قطاعات أخرى كقناة السويس والبترول والسياحة، تأثر هذا القطاع كثيراً في الأونة الأخيرة بعد ثورات الربيع العربي وعودة معظم العاملين المصرين من ليبيا، وتفيد المنظمة الدولية للهجرة أن عدد المهاجرين المصرين يصل عددهم إلي ما يقرب من 2.7 70% منهم في الدول العربية و 30% في الدول الأوربية ودول أمريكا الشمالية.
الموازنة العامة
موازنة مصر يتم اعدادها على الطريقة التقليدية منذ عام 1981 وهي موازنة البنود ويتم التركيز فيها على الاعتماد المدرج بها حيث يتم التأكد من أن الصرف يتم في حدود الاعتمادات والأغراض المخصصة لها وأن يتم ذلك في ضوء اللوائح و القوانين المعمول بها
التطور التاريخي للموازنة العامة للدولة
بدءا من العام المالي 1968/1969كانت الموازنة العامة للدولة تتكون من:-
موازنة الجهاز الإداري للدولة.
موازنة المؤسسات العامة وهى وحدات لها استقلال مالى وتتبعها شركات.
موازنة صناديق تمويل خاصة / موازنة صندوق طوارئ / موازنة صندوق استثمار.
وبدءًا من عام 1976 أصبحت الموازنات كالاتى :-
موازنة الخدمات وتشمل موازنة الحكومة / موازنة الحكم المحلى / الهيئات الخدمية.
موازنة الأعمال : تشمل موازنة الهيئات الاقتصادية.
موازنة صندوق استثمار الودائع والتأمينات.
موازنة صندوق الطوارئ.
موازنة الخزانة العامة.
واعتبارًا من عام 1980 وحتى تاريخه اشتملت الموازنة على ما يلى : -
الوزارات والمصالح الحكومية (الجهاز الإدارة للدولة )
المحافظات ومجالس المدن والقرى ( موازنة المحليات )
الهيئات العامة الخدمية وهى الهيئات العامة التى تؤدى خدمات عامة دون ان تهدف تحقيق الربح
أما الهيئات العامة الاقتصادية والوحدات (قطاع العام والاعمال ) فقد أخرجت من الموازنة العامة للدولة بهدف منحها مزيدا من المرونة في تحقيق أهدافها ومن ثم تقتصر علاقتها بالموازنة العامة على بيان الفائض أو العجز الذى تحققة كل منها.
كما تقرر عدم إفراد موازنة مستقلة للطوارى, وتم نقل الاعتمادات الخاصة بها إلى الوزارات المختصة.
وتتلخص إجراءات إعداد الموازنة العامة للدولة في الاتى : -
تصدر وزارة المالية منشورا سنويا يتضمن القواعد التى تتبعها الجهات عند اعداد مشروع موازنتها وذلك على ضوء الاهداف المخططة المطلوب تحقيقها وفقا للسياسة العامة للدولة ( مادة 13 ) ، مرفقا به نماذج اعداد الموازنة
تشكل في كل جهه لجنة تختص بأعداد مشروعات الموازنات ويتضمن تشكيلها ممثلى كل من وزارة التخطيط والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة وبنك الاستثمار القومى ( بالنسبة لمشروعات قطاع الأعمال العام فقط )
يتولى كل جهاز من أجهزة الدولة إعداد مشروع موازنته ويقدم إلى وزارة المالية ( قطاع الموازنه المختص ) في موعد غايته أول يناير
تتولى وزارة المالية إعداد مشروع الموازنه العامة للدولة بعد دراسة مشروعات الموازنات المقدمة من الجهات المختلفة، وعلى أن يعرض وزير المالية مشروع الموازنة على مجلس الوزراء تمهيدا لعرضه على السلطة التشريعية قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية.
وفى فبراير من العام الماضى 2016، نشر كريس جارفيس على موقع منتدى صندوق النقد الدولى مقالا بعنوان "كيفية الجمع بين الاستقرار الاقتصادى ورفع مستويات المعيشة فى مصر"، ورغم مرور عام وبضعة أشهر على مقال جارفيس، حول الوضع الاقتصادى فى مصر، بما صاحب هذه الفترة من تغيرات، إلا أن هذه المقالة تحمل رؤية وقناعات "جارفيس"، حول الأوضاع فى مصر، ويمكن من خلالها قراءة أهم الأفكار التى يقود بها المفاوضات مع مصر التى تسعى للحصول على أكبر قرض من صندوق النقد الدولى فى تاريخها
واما الان فأن مصر فى حاجة ماسة للاستقرار الاقتصادى، بتخفيض عجز الموازنة والدين العام والتضخم، وتكوين قدر كاف من احتياطيات النقد الأجنبى، وفى نفس الوقت فى حاجة لتحسين مستويات المعيشة عن طريق زيادة فرص العمل وتخفيض معدلات الفقر وتحسين النظامين الصحى والتعليمى.
حيث إن وكالة التصنيف الائتماني "ستاندارد أند بورز"، لم تخفض التصنيف الائتماني، لكنها خفضت نظرتها للاقتصاد المصري من مستقر إلى سلبي، وأبقت الوكالة العالمية على تصنيف الائتمان السيادي قصير وطويل الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية لمصر عند مستوى "B-".
وتعكس تلميحات وإشارات الوكالة وجهة نظرها في حدوث زيادة تدريجية في أوجه الضعف الخارجية وخاصة ميزان المدفوعات والمالية المتمثل عجز الموازنة لمصر خلال الشهور الـ 12 القادمة.
ولا شك ان ذلك قد يضعف التعافي الاقتصادي للبلاد ويفاقم التوترات السياسية الاجتماعية وأنها قد تخفض التصنيف مباشرة إذا زاد نطاق الاختلالات في الاقتصاد المصري بما يتجاوز التوقعات الراهنة مثل انخفاض الاحتياطي الأجنبي بشكل أكثر سرعة من التوقعات الراهنة.
وهو ما يعني أنه في حال عدم تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري قبل المراجعة القادمة للتصنيف الائتماني لمصر من وكالة ستاندارد أند بورز، فإنه سيتم تخفيض التصنيف الائتماني لمصر إلى مستوى "CCC+" على الأقل.
والمقرر إن ما حدث ليس مفاجأة وإنما هو نتيجة طبيعية لإدارة خاطئة وكارثية للاقتصاد المصري سواء على صعيد الإدارة المالية أو النقدية، والتي تسببت في تأزم الوضع الاقتصادي في مصر وكذلك الإصرار على الاستمرار في السياسات المالية والنقدية ذاتها التي أدت إلى ضعف النشاط الاستثماري ودخول الاقتصاد المصري لحالة ركود تضخمي.
وكل ذلك أدى إلى تراجع النمو للناتج المحلي الإجمالي حيث من المتوقع أن يبلغ 3% في نهاية العام المالي الحالي وذلك بعد أن ارتفع في عام 2016 إلى 4.2% في حين أن الموازنة العامة الحالية كانت تستهدف نسبة نمو 5%، ومن المتوقع أيضاً أن يبلغ متوسط معدل النمو الاقتصادي متوسط 3.8% خلال الفترة بين 2017-2019، بدعم من الاستهلاك المحلي والاستثمارات والتحويلات المالية المرنة من المصريين بالخارج، وبعض الاستثمارات الأجنبية الداخلية وتحسن إمدادات الطاقة بتشغيل حقل الغاز الطبيعي بنهاية 2017.
توقعات غير منطقية
واللافت للنظر إلى أن كافة التوقعات للنمو التي أعلنتها الحكومة في موازنة 2015-2016 بنسبة 5% وأيضا في موازنة 2016-2017 بنسبة 5 إلى 5.5% بعيدة عن الواقع ومن الصعب تحقيقها لأنها غير منطقية بالمرة.
وبالنظر إلى مؤشرات أداء الاقتصاد المصري، نجد ارتفاع الإنفاق على الأجور والمرتبات والدعم وخدمة الدين لتشكل 80% تقريبا من الإنفاق العام في الموازنة، وتفاقم العجز في الموازنة العامة عند مستوى 11.5 % من الناتج المحلي الإجمالي عام 2016 وهو على المستوى الأعلى بين الدول ذات تصنيف ائتماني "B-".
ارتفاع كارثي للديون
وكذلك ارتفاع الدين العام لمستويات قياسية كارثية وتخطي المستويات الآمنة التي تتجاوز 90% من الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع تكلفة الدين العام لثلث الإنفاق العام في الموازنة، حيث نجد أن التغير السنوي في زيادة الدين العام 13.8% في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي جاء في الفترة من 2012-2015، في حين تشير التقديرات إلى أن التغير السنوي في زيادة الدين العام سيبلغ مستوى 11.5% في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي سيكون في الفترة بين 2016- 2019.
أي إن الدين العام مرشح لتجاوز 95%- 99% من الناتج المحلي الإجمالي في ظل غياب بدائل تمويلية لعجز الموازنة أو القيام بإعادة هيكلة الإنفاق العام في الموازنة.
تراجع الاستثمارات
كما نجد أيضا تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وكذلك زيادة عجز ميزان المدفوعات، وتراجع الصادرات بشكل حاد ليؤدي إلى عجز في الميزان التجاري والذي سجل وفقاً لآخر إعلان عجزا بنسبة 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن يبلغ متوسط العجز في الميزان التجاري 4.8 % من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة بين 2016-2019 في ظل توقعات بانخفاض الصادارات وزيادة الطلب على الواردات ولن تكون تحويلات المصريين بالخارج وإيرادات قطاع السياحة وإيرادات قناة السويس والاستثمارات المباشرة كافية لتعويض العجز في الميزان التجاري
وبالرغم من أن الدعم المالي المقدم من بعض دول الخليج قد يوازن بشكل جزئي الضغوط الخارجية وعجز الموازنة المتزايدة على مصر، ولكن التراجع الحاد في إيرادات النفط لدول الخليج ربما يقلص آمال مصر في الحصول على مزيد من الدعم الخليجي، في حين مازالت الهيئة المصرية العامة للبترول تستحق عليها متأخرات بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي لشركات نفط أجنبية وأية تأجيلات في دفع مستحقات تلك الشركات قد توقف الاستثمار الأجنبي في قطاعي النفط والغاز في ظل بقاء أسعار البترول العالمية على ذلك المستوى المنخفض.

احتياطي غير موجود
وعلى صعيد الأداء النقدي نجد تراجعا حادا للاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية إلى 17 مليار دولار أمريكي، وأن معظم رصيد الاحتياطي النقدي القائم لا نمتلكه فعليا لأنه عبارة عن ودائع من دول الخليج والواجب ردها عند ميعاد استحقاقها.
والواقع انه يجب على مصر سداد نحو 1.8 مليار دولار أمريكي في 2017 وهي التزامات خارجية منها مليار دولار أمريكي لقطر و800 مليون دولار أمريكي لصالح نادي باريس.
سياسات غير سليمة
وتتلخص السياسات النقدية التي أضرت بالاقتصاد المصري في طريقة إدارة البنك المركزي للاحتياطي النقدي والسوق الدولارية وتحديد سعر الجنيه وإتجاه أسعار الفائدة، حيث أصر البنك المركزي على سياسة توفير احتياجات السوق الدولارية من خلال الاقتطاع من الاحتياطي، مما تسبب في نزيف حاد للاحتياطي لاتباع البنك المركزي لآلية العطاءات من خلال سوق الإنتربنك الدولاري لتوفير الدولار وتحديد سعر الجنيه أمام الدولار.
ويعانى الاقتصاد المصري بشدة من عدم توافر الدولار وانخفاض حجم الاحتياطي النقدي، وبدلا من القيام بالحفاظ على الاحتياطي النقدي والبحث عن مصادر تمويلية أخرى للدولار لتلبية احتياجات السوق، قام البنك المركزي بوضع إجراءات صارمة لتداول الدولار ووضع نفسه كمصدر رئيسي لتمويل احتياجات السوق من الدولار في الوقت الذي لا يمتلك فيه البنك المركزي السيولة الدولارية الكافية لتلبية أحتياجات السوق.
وكانت النتيجة أنه قام باستنزاف الاحتياطي النقدي ليزيد من مخاطر عدم قدرة مصر على الحفاظ على الاحتياطي النقدي عند المستويات الآمنة في ظل عدم قدرتها على زيادته مره أخرى مع توقعات انخفاض الدعم الخليجي وعدم تكراره في ظل تحول ميزانيات معظم دول الخليج لتحقق عجزا.
عرقلة الشركات
بالإضافة إلى أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي لكبح السوق السوداء للدولار في ظل عدم توافر الدولار وفي ظل عدم قدرة المركزي على تلبية احتياجات السوق من الدولار أدت إلى عرقلة قدرة الشركات على الحصول على المكونات الوسيطة والمواد الخام والمعدات من الخارج مما أدى إلى تباطؤ نمو الاقتصاد المصري.
وكذلك أصبح عدم توافر الدولار وفرض القيود على تحويلات الدولار للخارج عائقا جوهريا أمام دخول المستثمرين العرب والأجانب للاستثمار في السوق المصرية سواء في الاستثمار المباشر أو إلى البورصة المصرية، وكل ذلك في ظل مستويات الفائدة المرتفعة التي أبقت تكلفة الاستثمار في مستويات مرتفعة أمام المستثمرين المحليين والأجانب، مما أدى إلى انخفاض إنتاجية القطاعات الإنتاجية لينعكس ذلك على الاقتصاد القومي في انخفاض الصادرات وتراجع النمو.
حلول غير حقيقية
كل ذلك يجعل من قيام وكالة ستاندارد أند بورز بتخفيض نظرتها للاقتصاد المصري من مستقر إلى سلبي ليس مفاجأة، وذلك في ظل أن بيان الحكومة والموازنة العامة للعام المالي 2016-2017 يزيدان من مشاكل وآلالام الاقتصاد المصري ولم يقدما أية حلول أو آليات حقيقية وتنفيذية لمواجهة التراجع الاقتصادي الحاد ومجابهة العجز المتفاقم للموازنة، وارتفاع الدين العام، ومواجهة عدم توافر الدولار ووقف نزيف الاحتياطي النقدي، وعدم قدرة الحكومة على إعادة هيكلة الموازنة العامة وتقليل الإنفاق بشكل مؤثر نظرا للنقص الحاد في الخدمات الأساسية، وعدم قدرتها على هيكلة الدعم والأجور وارتفاع تكلفة خدمة الدين.
والنقطة الأهم بأن نظرتنا للاقتصاد المصري ومؤشراته جاءت بناءً على التقرير والبيانات الرسمية المعلنة من وزارة المالية.
أرقام صادمة
ونجد أن وزارة المالية لم تفصح عن أداء الاقتصاد المصري خلال الشهور الماضية كما هو معتاد وآخر تقرير صادر عن وزارة المالية هو عن شهر مارس 2016 والذي يتناول بيانات ومؤشرات الاقتصاد المصري خلال العام المالي السابق وخلال النصف الأول من العام المالي الحالي وذكر فقط بعض البيانات عن الإيرادات والمصروفات حتى شهر فبراير 2016، ولم يفصح حتى عن نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الأول من العام المالي الحالي.
وبقراءة البيانات المعلنة نجد أن فيها ارتفاع دين الموازنة العامة في ديسمبر 2015 إلى 2545 مليار جنيه مصري بنسبة 89.8% من الناتج المحلي الإجمالي، ويبلغ الدين المحلي 2368.5 مليار جنيه مصري بنسبة 83.6% من الناتج المحلي الإجمالي والدين الخارجي 47.8 مليار دولار أمريكي بنسبة 13.2% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي إلى 3.1 مليارات دولار أمريكي بنسبة 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وعجز كلي في ميزان المدفوعات خلال النصف الأول من العام المالي الحالي بقيمة 3.4 مليارات دولار أمريكي بنسبة – 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع العجز الكلي في ميزان المدفوعات خلال النصف الأول من العام المالي الحالي بقيمة 3.4 مليارات دولار أمريكي بنسبة – 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي
هذا بالإضافة إلى ارتفاع عجز الميزان التجاري خلال النصف الأول من العام المالي الحالي بقيمة 8.9 مليارات دولار أمريكي بنسبة – 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتراجع عدد السياح في كانون الثاني/يناير 2016 ليصل إلى 360 ألف سائح وعدد الليالي السياحية 2.6 مليون ليلة، ونجد أنه من غير المعتاد أن لا تفصح وزارة المالية عن مؤشرات النمو والدين العام وميزان المدفوعات خلال يناير إلى أبريل 2016.
تقييمات سلبية جديدة
ومن المتوقع أن تتبع وكالات التصنيف الائتماني الأخرى فيتش وموديز نفس اتجاه ستاندارد أند بورز في موعد المراجعة القادمة للتصنيف الائتماني لمصر والاتجاه للتخفيض سواء للنظرة المستقبلية أو للتقييم الائتماني، ويؤثر أي تخفيض للتصنيف الائتماني لمصر على جاذبية مصر للاستثمارات الأجنبية.
كما يؤدي إلى رفع الفائدة على القروض الخارجية والسندات الدولية مما يدفع لارتفاع تكلفة الدين العام في الموازنة العامة التي هي بالفعل حاليا في مستويات مرتفعة وغير مسبوقة وتمثل ثلت الإنفاق العام، وأيضاً يؤدي تخفيض التصنيف الائتماني إلى صعوبة الحصول على القروض الخارجية أو قيام الجهات المانحة والمقرضين وضع شروط جديدة للحصول على تمويل.
وبالتالي فإن استراتيجية تمويل العجز بالموازنة العامة من خلال الدين خلال السنة المالية المقبلة والمعلنة من وزارة المالية تتضمن إصدار لسندات يورو جديدة بقيمة 2 مليار دولار أمريكي، وقروض بقيمة 1.5 مليار دولار من البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية، وبالتالي فإن أي تغيير في التصنيف الائتماني سيهدد آمال نجاح طرح سندات اليورو وسيؤدي إلى رفع الفائدة عليها كما سيؤدي لقيام البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية بمراجعة موقفها وقد تفرض شروط جديدة وتزيد أسعار الفائدة.
وأشار جارفيس إلى أن دعم الوقود يفيد الشرائح السكانية الغنية أكثر مما يفيد الفقراء، وأنه يشجع الصناعات كثيفة الاستخدام لرأس المال، رغم احتياج مصر لمزيد من الصناعات كثيفة العمالة
.......... وعن اقتصاد 2017/2018 للحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 26-4-2024 بالصاغة


.. أمين عام -الناتو- يتهم الصين بـ”دعم اقتصاد الحرب الروسي”




.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو


.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج




.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة