الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب كسر العظم .. من يفوز

طاهر مسلم البكاء

2018 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


يلاحظ ان الحروب في عصرنا الحالي ليست كلها بالسلاح والبارود ،بل انها اتخذت ألوان أخرى ،كما في الحالة التي اشتهرت عن سقوط الأتحاد السوفيتي بالحرب الأقتصادية رغم ماكان يملكه من ترسانه ضخمة من الأسلحة المدمرة المتنوعة ، وقد ادى الضغط والخنق الأقتصادي الى تركيع دول عديدة .
تعمل الأمبراطورية الحالية ،الولايات المتحدة الأمريكية ،على ادامة سطوتها على العالم من خلال الأسلحة المدمرة المتطورة، واستمرار تحكمها في اقتصاد العالم من خلال سطوة الدولار كعملة لامنافس لها عالميا ُ ، وقد تكون أمريكا لم تحسن نعمة الدولار المتخذة كعملة عالمية ،حيث اتخذتها وسيلة عدائية ،راحت تشن حصارا ً كونيا ً على كل من تشعر انه لايعجبها وآخرها حصارها على الدب الروسي ...
قد تكون اخطئت خطأ ً فادحا فروسيا ليس العراق او سوريا أو فنزويلا ،وهي قادرة بامكانياتها الضخمة تجاوز هذا الحصار والخروج منه منتصرة ،كما ان الصين بدأت تفعل الشئ ذاته .
وفي السنوات القليلة الماضية بدأت تتضح بوادر لنهوض دول كبرى تعمل على تقليل التأثير الأمريكي والحد من نفوذه وسطوته عالميا ً، سياسيا ً واقتصاديا ً وبالتالي عسكريا ً .
روسيا التي خرجت الى الشرق الأوسط في سوريا بتشجيع من ايران والصين ،وان حاربت داعش ، لكنها واجهت المخططات الأمريكية والغربية بما لايحلو لحلف الأطلسي وللأمريكان خاصة، وادى الوجود الروسي في سوريا الى اجهاض الكثير من افكارهم ،كأسقاط النظام السوري على طريقة اسقاط نظامي صدام والقذافي ،والأنتهاء من موضوع حزب الله في لبنان كمنافس يقض مضاجع الصهاينة حلفاء امريكا التقليدين .
كان أوباما قد هادن ايران من خلال الأتفاق النووي وفضل عدم المواجهة معها ،رغم ان سطوتها تمتد متعمقة خلال مايعرف بالهلال الشيعي ،غير ان خلفه ترامب جاء ليشعل فتيل الصراع من جديد وقد انسحب من الأتفاق النووي طالبا ً اتفاقا ً جديدا ً يشمل صواريخ ايران البالستية ،وحاولت ايران استغلال الأنسحاب الأمريكي لأخذ دول اوربا للوقوف بوجه السطوة الأمريكية ،غير ان امرا ً كهذا أشبه بالسراب ولن يتحقق في الموازين الحالية التي تتسلط فيها امريكا على العالم وتكتم أنفاس الأوربيين وفقا ً لتوجهاتها،واتخذت الحرب الأمريكية الأيرانية أشكالا ً متعددة ،فأيران الدولة المترامية الأطراف والتي تشرف على اهم منطقة تعني الأمريكان وهي منطقة الخليج ومضيق هرمز ،والتي ان اشتعلت قلبت الموازين الدولية واثرت في تدفق النفط واسعاره العالمية .
وهكذا تحولت الحرب الأقتصادية الى حرب كسر عظم ،بعد انهيار العملة الأيرانية وبدون بدء أي مواجهات عسكرية ،ويظهر ان الأمريكان فضلوا الحرب الأقتصادية على المواجهة المباشرة ،رغم ان حصارات امريكا السابقة لم تسقط النظم المستهدفة بقدر ما اضرت بعامة الناس .
وفوجئ الجميع بتدني قيمة التومان الأيراني الى مستويات غير مسبوقة ،متخطيا ً حاجز المليون مقابل الدولار وبدأت ظواهر التذمر ظاهرة للعيان ،رغم ان حظر النفط لم ينفذ بعد بالكامل ،وبدأت انسحابات الكثير من الشركات الغربية المهمة التي عملت في ايران بعد الأتفاق النووي تؤثر في الأقتصاد الأيراني رغم تمسك الصين وبعض الدول بالتجارة مع ايران .
وبدى واضحا ان امريكا يحلو لها ان ترى حكومة ايران وقد حل بها ما حل بنظام صدام والقذافي من قبل ،ولكن الأمر لايبدو بهذه السهولة ،لذا اختارت امريكا الحرب الأقتصادية ومحاولة تحريك فئات متضررة داخل ايران .
اما روسيا التي جاهدت للعودة للمجتمع الدولي كدولة عظمى خلفت الأتحاد السوفيتي ،فتجد نفسها بوضع أفضل بعد مواجهة سوريا ،وهي ترغب في الحد من سطوة الأمريكان ولكنها لاتفضل المواجهة المباشرة وتتمنى ان تكون مواجهة الأمريكان من خلال حلفائها التقليدين كأيران وكوريا الشمالية وكسب تركيا اليها رغم قربها من الحلف الأطلسي ،وفي نفس الوقت تحاول تحصين اقتصادها ومواجهة العقوبات الأمريكية بما يجعلها تمس الأقتصاد الأمريكي ايضا ً ،فقد عملت على تدعيم اقتصادها بأحتياطيات ضخمة من الذهب اضافة الى مواردها الضخمة المتنوعة ،فيما عملت على تشجيع التجارة بالعملات المحلية مع أغلب الدول التي تجد من مصلحتها هذا التبادل وهي على الأعم الأغلب دول تقف بمواجهة السياسات الأمريكية ،وقد خفضت روسيا عام 2018 استثماراتها بالدولار في السندات الأمريكية الى مستويات متدنية لم تصلها من قبل ( من 96.1 مليار دولار إلى 14.9 مليار دولار، في مايو الماضي )ولأول مرة منذ فترة طويلة تخلت عن مواقعها بين أكبر حاملي السندات الأمريكية ، كما وافقت الحكومة الروسية والهندية على التخلي عن الدولارفي صفقات تسليح ضخمة .
ممالاشك فيه ان استبدال الدولار بعملات عالمية اخرى يؤدي الى انهيار الأقتصاد الأمريكي وبالتالي ازاحة امريكا كقوة عالمية متسيدة ،ويعزي المتخصصين، المواجهة الأمريكية للكثير من دول العالم كالعراق وليبيا وفنزويلا وايران وروسيا والصين .. وغيرها ،الى محاولة هذه الدول استبدال الدولار في التعاملات الخارجية وخاصة بورصة بيع النفط ،وفي خطوة ماكرة أعرب وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف ، عن استعداد بلاده للتحول إلى اليورو في الحسابات التجارية الخارجية حال إعلان الاتحاد الأوروبي موقفا رافضا للعقوبات الأمريكية ضد موسكو.
اما الصين التي ابتدأت من العديد من قرارات الفيتو في مجلس الأمن ضد التفرد الأمريكي ،فانها اشتبكت أخيرا ً مع امريكا في عقوبات اقتصادية متبادلة ،فهي تأثر وتتأثر بما تملك من اقتصاد عملاق متشابك في مفاصل العالم وبضمنه امريكا ،ووصلت بها الجرأة الى طرح عملتها ،الأيوان ، كعملة عالمية دخلت سلة العملات العالمية ، تحاول من خلالها منافسة الدولار وقد تكون الأقدر بين دول المعمورة على المنافسة وهذا مايربك التفكير الأمريكي .
احتمالات المستقبل :
قد تبدو امريكا غولا ً خرافيا ً وهي تعاقب اغلب دول العالم اقتصاديا ً وبضمنها دول كبرى ،اعضاء دائميين في مجلس الأمن مثل روسيا والصين ، وخاصة عند مشاهدة اهتزاز عملات بعض الدول المهمة كأيران وتركيا وسط زهو ترامب والأقتصاديون الأمريكان ،ولكن المستقبل ينذر بنذر شوؤم واحتمالات خطيرة قد تنال من الأقتصاد الأمريكي اذا تمكنت هذه الدول مجتمعة ان تجد بديل للدولار وطرق لتصريف منتجاتها ومواردها كالنفط وغيره بدون تأثير أمريكا ،فيعود وقتها السحر على الساحر مما يؤدي الى ارباك كبير للأقتصاد الأمريكي وقد ينهار كما حصل في أزمة الرهن العقاري عام 2007 ، غير ان هذه المرة سيكون الأصلاح والمعالجة صعبة للغاية ،بسبب اصطفاف دول كبرى واخرى مهمة اقتصاديا ً للنيل من الدولار وايجاد بديل له ،فهل سيكون ترامب وعقوباته على دول العالم سببا ً في تسريع انهيار الدولار ؟.
ان انهيار الدولار سيؤدي حتما ً الى انهيار امبراطورية أمريكا وانهاء سيطرتها على العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا