الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة في رحيل المفكر المصرى سمير امين

محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)

2018 / 8 / 15
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


رحل في الثانى عشر من هذا الشهر في العاصمة الفرنسية باريس عن عمر يناهز 87 عاما المفكر المصرى سمير أمين وهو كما هو معروف واحد من أبرز الماركسيين الدارسين للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية العالمية؛ وبرحيله، فإن الساحة الفكرية والثقافية العالمية تفتقد اليوم أحد أبرز نشطائها.

بعد نيله الدكتوراه في الاقتصاد-باريس، عمل أمين في التدريس في بعض الجامعات الافريقية وفرنسا ثم مديرا للمعهد الافريقى للتنمية الاقتصادية والتخطيط التابع للأمم المتحدة (African Institute for Economic Development and Planning) بداكار طوال فترة سبعينات القرن المنصرم.

قدم أمين عن طريق الدراسة الإمبريقية الجادة إضافة نوعية لنظرية أن التخلف الذى تعيشه الدول الطرفية يرجع إلى أن قمم الاقتصاد ومجالات التجارة في تلك البلدان تسيطر عليها بشكل كامل الدول الراسمالية ما قيد نموها الصناعي. فصار اقتصاد البلد الطرفى يهيمن عليه قطاع تصدير وصناعة استهلاكية وإستثمارات مدمجة فى هياكل إنتاج غير رأسمالية وعليه صار اقتصادا غير معتمد على ذاته نتيجة ربطه عضوياً بالدول الرأسمالية الكبرى التي جردته من المقدرة على تصنيع السلع الرأسمالية الضرورية لتحقيق النهضة الاقتصادية الشاملة.

إلتقى أمين مع أصحاب مدرسة التبعية التي جاءت كصدى لما يسمى بنظرية الحداثة التي اعتبرت، مستلهمه أفكار السوسيلوجى الألماني ماكس فيبر، أن التخلف متأصل في البلدان الطرفيه وأن طريق نهضتها يكمن في انتهاجها النهج الذى سلكته الرأسمالية في تطورها؛ لكن رؤى أعلام مدرسة التبعية (بول باران وبول سويزي وأندري غوندر فرانك وسمير أمين) رغم الاختلاف بينها تلتقى في حد أدنى مشترك وهو أن تمركز راس المال في الدول الرأسمالية عقب انحسار المنافسة وظهور نظام الاحتكار الاقتصادى حتمت الضرورة الاقتصادية تمدده في العالم وسيطرته على البلدان الطرفية وتأبيد التخلف فيها. وإنطلاقا من هذه الحقيقة أتت الحلول، التي تقدم بها منظرى التبعية لإزالة هذا الوضع، وصفات متباينة. لكن كان ما يميز أفكار أمين من زملائه في مجال التنظير لتبعية الدول الطرفية للمراكز الرأسمالية الكبرى هو تأكيد امين على أن القوانين الاقتصادية البحتة لا تفسر حقيقة أي وضع (اجتماعى/إقتصادى) والصحيح هو تبنى الدراسة التي تعتبر الحياة المادية ( الانتاج والتوزيع الاجتماعي للقيم المادية) أنها المحدد، في التحليل النهائي، لسيرورة المجتمع في كليته (المادية والروحية) مع عدم نفى أن الاقتصاد يخضع تطوره لمتغيرات وتأثيرات ثقافية وتاريخية؛ ويربط أمين دراسة القوانين الاقتصادية، التي تدرس بهذا المنهج الديالكتيكى، بالمادية التاريخية وقانونها الأساس الخاص بان صراع الطبقات هو محرك التاريخ. وهكذا فإن القوانين الاقتصادية المنظور لها كقوانين ثابته لا تعطى صورة حقيقية للواقع. وأنطلاقا من هذا الأساس الفكرى أجرى امين دراسات في علاقة الدول الرأسمالية بالبلدان الطرفية تمخضت عن طبيعة عمل قانون القيمة على النطاق العالمى وكيفية استخلاص الدول الكبرى لفائض القيمة من النشاط الانتاجى في البلدان المتخلفة خلال سيطرتها على اقتصاداتها. وهذه إضافة حقيقية لأمين تساعد كثيرا كأساس للتعمق في دراسة طبيعة قانون القيمة الذى تتلخص فيه التوجهات المعاصرة لعمل لرأسمالية وإنقسام العالم لشمال متقدم وجنوب متخلف.

وامين يقر بان البلدان الطرفية لن تعرف طريقها للتقدم إلا بالتحرر من ربقة التبعية ومن الحلول التي قدمها هو ضرورة تكتلها في أحلاف سياسية إقليمية تكسبها القوة اللازمة لتحقيق هذا الهدف.

ورغم أن أمين قدم إضافة إيجابية للدينامية الاقتصادية التي تتحكم في العلاقة بين الدول الراسمالية المتقدمة وبين الدول الفقيرة، إلا أن تفسيره لبعض جوانب النظرية التي إعتمد عليها في دراساته يمكن أن يخضع للمناقشة؛ و لكن، بالطبع، فإن المقام لا يسمح بمقال الدخول في مجادلة أفكاره هنا.

بتغييب الموت لسمير أمين، فإن العالم فقد إنسانا ممتازاً سوف تفتقده كثيراً ساحة الثقافة والفكر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ




.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب


.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام




.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ