الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فدرالية أم كنفدرالية لمستقبل الصحراء

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2018 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


تداولت بعض الصحف الاسبانية كسبق اعلامي ، خبرا مفاده ، ان الأمين العام للأمم المتحدة السيد كوهلر ، بصدد اقتراح حلّ ين لنزاع الصحراء الذي دام حوالي ثلاثة وأربعين سنة خلت ، ودون ان يجد له حلاً ، حيث اصبح يعرف بأقدم نزاع ترعاه الأمم المتحدة ومجلس الامن . ان هذين الحلين يتراوحان بين الفدرالية والكنفدرالية .
ما قامت به الصحيفة الاسبانية كان في الحقيقة مجرد تكهن ، وفي نفس الوقت ، جس نبض اطراف النزاع المتمسكين بمواقفهم من النزاع الدائر بالمنطقة . جبهة البوليساريو تتمسك بحل الاستفتاء ، والنظام المغربي يتمسك بحل الحكم الذاتي كآخر تنازل منه ، لإنهاء النزاع بلا غالب ولا مغلوب .
من خلال رصد مجريات وتطور الأحداث ، يتضح ان النظام المغربي وجبهة البوليساريو ، كلاهما اضحيا متجاوزين للأطروحات التي لا يزالان يرددانها . وكأنهما يخوضان نزاعا من اجل النزاع ، ودون معرفة وادراك تطوراته الجديدة في الميدان .
فبالنسبة للنظام المغربي الذي يردد حل الحكم الذاتي ، فقد نسي او تناسى ، ان هذا الحل ، رغم ان الطرف المعني به يرفضه ، أي جبهة البوليساريو ، فهو قد اضحى متجاوزا ، عندما اعترف بالقانون الأساسي للاتحاد الافريقي ، الذي يلزم ويفرض على اية دولة غير عضو بالاتحاد ، إن هي ارادت الانضمام اليه ، عليها الاعتراف صراحة وعلانية بجميع الدول التي تكونه ، وتعترف بالحدود الموروثة عن الاستعمار . والنظام المغربي باعترافه بالقانون الأساسي للاتحاد الافريقي ، يكون بذلك قد اعترف بالجمهورية الصحراوية .
ان هذا الاعتراف قد رتب مسؤولية قانونية وسياسية على النظام ، ومن ثم ، فان تمسكه بحل الحكم الذاتي ، يجعله يتناقض مع اعترافه الصريح بالجمهورية الصحراوية . لان النظام إذا كان يعتقد ان دخوله الى الاتحاد الافريقي ، سيمكنه من قلب الطاولة على الجمهورية الصحراوية ، ومن ثم العمل على طردها ، فان ما نلاحظه ، فرغم الملايير التي أعطيت كاستثمارات للعديد من الدول بغية تغيير موقفها من النزاع ، فان هذه الدول الى جانب الاتحاد الافريقي ، يتمسكون حتى النخاع بالجمهورية الصحراوية ، الامر الذي يجعل تواجد النظام ضمن الاتحاد غير طبيعي ، لأنه فشل في إنجاح مخططه الذي قد تكون فرنسا من أوحت له بقرار الاعتراف ، لكن وعندما دقت ساعة الجد ، سنجد ان باريس تصوت دائما لقرارات مجلس الامن التي تنص على الاستفتاء وتقرير المصير ، كما ان فرنسا لم تتوانى في الجلوس الى جانب الجمهورية الصحراوية في لقاء ابيدجان بين الاتحادين الآرو – افريقي .
اما تخلف جبهة البوليساريو ، فيتجلى في جهلها للمكاسب التي تحققت على الأرض ، وهي اعتراف النظام بالجمهورية ، واستمرارها في التمسك بالاستفتاء الذي اضحى متجاوزا بعد اعتراف النظام المغربي بها ، وقبول الاتحاد الأوربي الجلوس الى جانبها في لقاء ابيدجان ، ناهيك عن قرار محكمة العدل الاوربية الذي اكد عدم مغربية الصحراء .
فماذا تريد الجبهة إذن : هل تريد الجمهورية التي تعترف بها العديد من الدول ، ام انها تريد الاستفتاء لإنشاء جمهورية جديدة ، رغم ان الاستفتاء اضحى متجاوزا .
امام تخلف كل من النظام المغربي والجبهة ، عن التطورات التي أضحت فارضة نفسها بقوة في الساحة ، فان التهليل لنظام الفدرالية او الكنفدرالية ، يبقى مرفوضا من قبل طرفي النزاع معا .
النظام المغربي لن يقبل بحل الكنفدرالية على طريقة دول الكمنولت ، لان هذا الحل ، يعني انّ ما سيربط الجمهورية الصحراوية بالنظام ، سيكون علاقة روحية بمقتضى عقد البيعة . وهذا يعني تكرار الوضع الذي كانت عليه الصحراء قبل غزوها من قبل الاسبان .
والجبهة لن تقبل بحل الفدرالية ، لأنه لا يختلف في شيء عن حل الحكم الذاتي الذي ترفضه ، فالاختلاف يكون فقط في الاسم ، أي الانتقال من تسمية الحكم الذاتي ، الى تسمية الفدرالية .
يبدو إذن ان الحلين ، الفدرالية والكنفدرالية مرفوضان من قبل اطراف النزاع ، ومن جهة يتعارضان أصلا مع القرارات التي نص عليها مجلس الامن منذ 1975 وحتى 2018 ، ونصت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ القرار 1514 الصادر في سنة 1960 والى سنة 2018 كذلك . ومن جهة فان مهمة الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ، تنحصر في التقريب بين وجهتي النظر طبقا لروح القرارات السابقة ، وآخرها القرار 2414 الصادر في ابريل 2018 ، ولا يجب ان تتعدى فرض حل من الحلول دون اخبار المعنيين به . فالتقرير الذي يكون السيد كوهلير قد قدمه الى الأمين العام ، يجب ان يكون احاطة بالأجواء التي سادت اللقاءات ، دون ان يتعدى ذلك إنابته عن اطراف النزاع في اقتراح الحل او فرضه .
ان النجاح الذي حققه الممثلون الشخصيون السابقون للأمناء العامين للأمم المتحدة ، سيحققه السيد كوهلر ، وهو ما يعني ان أي حل في الأفق ، سيبقى مستحيلا ، وليس فقط ببعيد .
ان الوضع مرشح لتجاوز الاستفتاء الذي يعاني من مشاكل تقنية ومسطرية ، ولكونه مرفوض من النظام المغربي ، ولأنه اضحى متجاوزا باعتراف النظام المغربي ، واعتراف العديد من الدول بالجمهورية الصحراوية .
امام هذه الحقيقية ، فان المنتظم الدولي ، خاصة إذا رمى مجلس الامن بعد عجزه في فرض الحل ، النزاع الى الأمم المتحدة ، انْ تتقدم هذه الأخيرة كبرلمان اممي ، بطرح مسألة الاعتراف بالجمهورية الصحراوية على تصويت الجمعية العامة .
ان حصل هذا السيناريو وهو مرشح بنسبة كبيرة ، فان الأغلبية الساحقة من الدول ، أي بما فيها الاتحاد الأوربي ، والدول الاسكندنافية ، والصين ، وروسيا ، وواشنطن ، والسعودية ، والعديد من البلاد العربية التي لا تعترف بمغربية الصحراء ، سيصوتون لصالح الاعتراف بالجمهورية الصحراوية .
هنا فان الجمعية العامة والأمانة العامة ، سيكونان مجبران على إحالة نتائج التصويت على مجلس الامن كسلطة تنفيذية ، للشروع في اتخاذ الإجراءات الضرورية لقبول الدولة الجديدة بالأمم المتحدة ، واتخاذ الإجراءات القانونية والمادية لإجبار النظام على مغادرة الصحراء .
هذا وقد يسرّع في تنفيذ هذا السيناريو القادم ، عندما ستندلع الحرب في نهاية 2019 ، بعد فشل مجلس الامن في حل نزاع ، كل خيوطه بيد الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية .
ان ما يجري اليوم بالعالم ، تغوّل السياسة اليمينية المتطرفة للولايات المتحدة الامريكية ، ايران ، تركيا ، كوريا الشمالية ، إهانة الأنظمة العربية ، حيث حلب ترامب اكثر من 450 مليار دولار من السعوديين ، ودعوة ماكرون الرئيس الفرنسي لاعتماد اوربة على نفسها امنيا ، وتشتيت سورية ليبيا العراق .... كلها مؤشرات ان هناك شيء يطبخ في مراكز القرار الكبرى بكبريات العواصم العالمية ، وان ما ينتظر الصحراء ووحدة المغرب ، ليس ببعيد عن المخطط العام الذي يجري تطبيقه عبر مراحل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم