الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البصرة المتآمرة على نفسها

جعفر المظفر

2018 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أن بدأت الأمور تصل إلى حد مأساوي لا يطاق وأنا أسمع أن هناك مؤامرة ضد البصرة وأهلها. مؤامرة مَن .. ؟! ضد مَن ؟! وحق الله لا أدري.. الذي أدريه أن المؤامرة بطبيعتها هي تلك التي يدبرها طرف ضد طرف يعاديه أو ينافسه على زعامة أو مال أو ما شابه, أما نحن فنعرف جميعا أن البصرة تخضع لإدارة نفس رجال الحركات والأحزاب التي تحكم العراق برمته, أي أنها ليست محكومة من حزب كأن يكون (الشيوعي) يعادي حزب يحكم بغداد كأن يكون (البعث). على العكس من ذلك فرجال النظام في بغداد هم أنفسهم رجال النظام في البصرة حتى بمسطرة التوصيف الطائفي.
إن ما يحدث في البصرة هو نفسه الذي يحدث في الناصرية وفي الحلة وفي بغداد في أربيل وسليمانية, غير ان تمظهراته تختلف نتيجة لإختلاف طبيعة البصرة ذاتها, أما الأسباب الحقيقية فهي ذاتها وأما المؤسسة المسؤولة فهي نفس مؤسسة النظام. لقد قطعت إيران نهر الكارون عن شط العرب لأنه يصب في شط العرب ولا يصب في نهر ديالى. قصة الصلة الطائفية والمذهبية لم تنفع مطلقا لأن النظام الإيراني لم يتردد بالأمس من القصف اليومي للبصرة الناس والشوارع والبيوت طوال سنوات الحرب الثمان.
القصة الحقيقية ان ماساة البصرة هي جزء من مأساة العراق رغم الإختلاف في تمظهرات المأساة ذاتها لإختلافات ثانوية خاصة بطبيعة البصرة. أما المأساة نفسها فهي نتيجة لفساد وعمالة وتبعية النظام الحاكم في العراق بصفته الإتحادية والفدرالية, بحكومته المركزية وبمجالسه المحلية, بعربه وأكراده وتركمانه وحتى بيزيديه, بمسلمية ومسيحييه وعلمانييه وأتباع حوزته, بسنته وشيعته وعلمانييه ونصف علمانييه. برجاله الحاكمين أو بنسوته المتمترسات المتخلفات, بمتطرفيه ومعتدليه.
إن مجموعة الحكيم الأكثر نفوذا في البصرة ليست أكثر شرا من مجموعة العبادي المترئسة للحكومة وليست أقل شرا من مجموعة المالكي وليست أهون ضررا من مجموعة الصدر وليست أقل تخريبا من مجموعة البارزاني في أربيل او الطالباني في السليمانية.
كل هؤلاء الذين تربوا في مواخير لندن وباريس ونيويورك أو الذين إلتحقوا بهم من أشرار وإنتهازية وحرامية الداخل هم مسؤولون عن خراب العراق الذي يجسد نفسه في ضياع الموصل ودمارها, أو في خراب البصرة وإنهيارها, أو في ما بين هذه المأساة وتلك التي شملت كل مدن وقصبات العراق حتى كأن هذا الأخير بات مسرحا لعرض مسرحية عنوانها كيف تقضي على بلد عمره خمسة آلاف عام بعقدين من السنوات وليس أكثر.
البصرة ليست إستثناء وليست المظلومة لوحدها من مدن العراق. لقد جاع الإنباريون قبلها, وتهدمت الموصل ونُحر أهلها وتمزقت ديالى ودمرت ضواحيها وتعرضت شوارع بغداد وما زالت إلى مشاهد موت متنقلة, وكادت كركوك أن تحترق وما زال مشروعا للمساومة على تشكيل الحكومة وكأننا في سوق لبيع الوطن في سوق الخردة والمزاد والمقايضة. أما أهل الجنوب والوسط فلم يتبق لهم غير تنظيم المواكب الراجله إلى حيث قبور الأئمة الذين إستشهدوا جميعهم رفضا للظلم والضيم فإذا بمدعي محبتهم يجسدون مشهد الإنقياد المذهل للظلم والضيم.
إن ما يجري للبصرة ليس مؤامرة أو إغتيال لها بغفلة أو نتيجة مؤامرة أو مكيدة دبرت بليل. بل لعل عطشها وجوعها وضياع شبابها وعجزهم عن إيجاد فرص للعمل وجفاف أنهارها وموت نخيلها وتردي زراعتها وجفاف أهوارها ووقوف أحد عجائزها وهو يرثي نهر البصرة والعشار وتسمم الألوف من مائها الذي كنا نشربه من أنهارها بشكل مباشر فإذا بها لا تعثر على شربة ماء بعد عشرات من مليارات الدولارات التي أتت كمدخولات لنفطها.
إن ما يجري للبصره يتحمل مسؤوليته أهل البصرة أنفسهم, فلقد قامت البصرة بقتل البصرة عن سبق إصرار وتعمد وترصد.
ولقد آن الأوان لكي يفهم الجميع, وفي المقدمة أهل البصرة أنفسهم أن النظام الذين ساهموا بتصنيعه وكانوا في مقدمة من راهن عليه, وأن أحزاب الإسلام السياسي والعمائم التي تركت جوامعها وحوزاتها وجميع مستويات ثقافة اللطم والمواكب الراجلة التي تشكو همها لأبي الشهداء الحسين ثم تعود أدراجها مؤمنة بقضاء الله وقدره. إن كل هؤلاء جميعا مسؤولون مسؤولية مباشرة عن مأساة البصرة التي بلغت من الهول ما يكفي لتعريف الجميع باصل المشكلة وطريقة الحل.
إن من تآمر على أهل البصرة أولا هم أهل البصرة الذين إرتضوا أن يكونوا جزءا من نظام متعفن سارق تابع وعميل, وما لم يفهم أهل البصرة مأساتهم بعقل المجرب الحكيم الرافض للأسباب الحقيقية التي أدت إلى الماساة مع تشخيص للحلول الجذرية التي تشكل جزءا من خارطة تغيير عراقية, فإن البصرة سيكن حالها مثل حال مدن العراق الأخر.. وكم من بلد زال وكم من أرض صارت خراب, ولن يكون العراق إستثناء. بل لعل مطلب خرابه وحتى زواله صار على مرمى حجر أو أدنى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما نطقت الا بالحق
وسام يوسف ( 2018 / 8 / 29 - 19:56 )
بورك القلم الشريف و الفكر الشمولي للدكتور المظفر
حددت بكل دقة سبب مصائب العراق و مشاركة ابنائه بالجريمة المرتكبة من قبل الحكام السفلة
و أنا اضيف ان احد المتسببين الرئيسيين ايضا بمصائب العراق هي مرجعيته الشيعية و التي ترى ما ترى من فساد وسرقات وطائفية ثم تطلق كلمات مبهمة عن المجرب الذي لا يجرب والتي لم يفهمها اي شخص و ادعى بعدها جميع رؤوس الفساد بانهم ليسوا المقصودين بها فهي كلمات جبانة تستحي ان تسمي الاشياء باسمائها ، عليكم ان تواجهوا الحقيقة ياشيعة ، مرجعيتكم القابعة في السراديب لا تنطق بالحق ....بل هي فعلا شيطان اخرس
المهم انكم تلطمون على الحسين...فظلوا بهل عقل


2 - و العاقل يلكفهة هي وطايرة-غزو تخريب ديمقراطي
علاء الصفار ( 2018 / 8 / 30 - 11:03 )
امريكي صههيوني للعراق-! ان بناء دولة ليس كما بناء بستوكة ام حب ماء! هذا ما علمته وعملته امريكا في العراق بعد تحطيم جيشه ومخابراته وشرطته وكهربائه وحتى تلويث مياهه و هوائه, لذا جلبت امريكا اسوء خلق الله من المعارضين المتعاصصين قوميا ودينيا, أي جلبت امريكا رجال واحزاب اشباه الرجال والاحزاب, وهي على دراية تامة الى اي منزلق سيهوي العراق, يعني كل شيء محسوب ومكتوب في اللوح موسى للصههيعنة العالمية, فهي رعت مهزلة تحرير العراق و محاكمة صدام بعد ان رمت العراق في احضان السعودية وايران وتركيا من اجل اشعال الاحقاد الاقليمية و خاصة من اجل الكره لايران عدوة امريكا,فكره ايران معناه كره للشيعة وبهذا سيتم ليس حرق العراق بل مصر وسوريا وليبيا, وبهذا تم رمي قنابل على العراق من الناتو و امريكا اضعاف ما تم سقوطه في الحرب العالمية, و العراقي المتثاقف يصرخ في جوف الريح ايران و تركيا و ناسياً قصف اسر ائيل للمفاعل النووي السلمي العراقي, و ناسياً مخازي سجن ابو غريب و الجميع ينعق ايران اللهم لبيك ايران, و بهذا لم نسمع كاتب راقي يَشرح اقوال د.ترامب في خصوص نهب نفط العراق, والجميع يبكي المدن ناسيا الغزو!


3 - والعاقل يفرزن
علاء الصفار ( 2018 / 8 / 30 - 11:06 )
عرب ، اكراد، تركمان، مسيحيون، وغيرهم..
هكذا، اننا بعد ان قمنا باضعاف وخنق العراق حربيا واقتصاديا وبشريا طيلة اعوام التسعينات، نجحنا بفضل دعم اصدقائنا القادة الاكراد والاسرائيليين والايرانيين والسعوديين، ان نقنع قادة شيعة العراق وباقي الناقمين على صدام من السنة، ان يكونوا اداة طيعة في مشروعنا التدميري للعراق والمنطقة وللعالم الاسلامي بأجمعه، بحجة مكافحة الدكتاتورية وبناء الديمقراطية!
يتوجب التنويه بدور صدام، فهو قد خدمنا منذ صعوده الى السلطة عام1979 ، اذ قام باعدام القادة البعثيين المناوئين لسياستنا وتخريب الوحدة مع سوريا، ثم دخول الحرب التدميرية مع ايران، ثم اجتياح الكويت، وتوفير كل الحجج لنا بضرب العراق وحصاره وتجويعه واذالاله حتى اجتياحه واحتلاله. بل ان المسكين قد خدمنا دون قصد حتى بعد اطاحتنا به، اذ نجحنا من خلال مسرحيات محاكمته التلفزيونية ان نخلق منه بطلا عربيا سنيا راح ضحية المتعصبين الشيعة، وهذا الامر لعب دورا حاسما في تغذية الصراع الطائفي!
منذ عام 2003 تمكنا بصورة تفوق التوقع ان نجعل من العراق ساحة مكشوفة ومثال فاضح لكل المسلمين للصراع الدامي المحتدم بين القطبين الشيعي ـ السني.


4 - و العاقل يفرزن
علاء الصفار ( 2018 / 8 / 30 - 11:08 )
بل جعلنا منه ارضا لعذابات المسيحيين والصابئة وباقي الجماعات، بالاضافة الى اسطورة عذابات الاكراد قبل ذلك. نعم طيلة عقدين من الزمان جعلنا من العراق ارض الخراب ومركزا للظلام الذي ينتظر المنطقة بأجمعها. آملين ان نجعل منه فيما بعد ارض النظام والاستقرار والبحبوحة ومركزا لشرق اوسط ديمقراطي منسجم تماما مع مصالحنا.
استراتجيتنا الحالية في العراق
ان خلاصة سياستنا الحالية في العراق، ان يبقى لسنوات طويلة قادمة تحت سيطرتنا الكاملة(مباشرة وغير مباشرة) سياسيا وعسكريا. والعامل المهم الذي نجحنا بتأسيسه ونعمل على ابقائه، اننا جعلنا الدولة العراقية منقسمة طائفيا وقوميا، بحيث لايمكنها ان تكون دولة مركزية قوية، وهي عرضة سهلة لتفجيرها والتحكم بها. فترانا دائما عندما يستقوي الاكراد ويضعف العرب نبادر الى خلق الخلافات بين الاكراد وتسهيل ضربهم من قبل دول الجوار. وما ان يستقوي العرب حتى نبادر الى تأجيج الصراع الطائفي بينهم ونعطي المجال لبروز الدور الكردي واستخدام ورقة كركوك والمناطق المتنازع عليها ، واذا ما لا حظنا توحد الاطراف العراقية كلها وبروز نوع من الثقة بالدولة والشعور بالاستقرار وبروز ميول الوطنية المعاد


5 - والعاقل يفرزن
علاء الصفار ( 2018 / 8 / 30 - 11:09 )
يول الوطنية المعادية للامريكان، حتى نبادر بتحريك عملائنا وتسهيل الامر للارهابيين للقيام بعمليات تدميرية تزعزع هيبة الحكومة وتحيّ الاحقاد الطائفية وتشجع هجرة الشباب والكوادر، وبالتالي تبرير الاعتماد علينا من اجل حمايتهم من الارهابيين!
هل تعلم، بأننا نحن من يشجع التغلغل الايراني في العراق ونعمل اعلاميا على تضخيمه اضعافا اضعاف، من اجل اخافة الدول العربية وتركيا ودفعها لكي تتصارع في ارض العراق، وايضا اخافة العراقيين ودفعهم للتمسك بنا لحمايتهم من الخطر الايراني.
خذ مثلا، مسألة تأخير تكوين الحكومات خلال اشهر طويلة. كان يكفي منا بعض الضغوط البسيطة على قادة الاطراف المتنازعة لكي يضطروا للاتفاق والموافقة على تكوين الحكومة المناسبة. لكننا تقصدنا الحيادية ولعب دور الاب الناصح الطيب الذي لا يمتلك سلطة حاسمة ازاء الضغوط الايرانية والسعودية والتركية.. كل هذا من اجل ان يدوم ضعف الدولة ويفقد العراقيين ثقتهم بنخبهم وقادتهم ويدعم شعورهم الطفولي بأنهم بحاجة لدورنا الابوي الناصح والحامي لأمن البلاد تمهيداً لتنفيذ مشروعنا تقسيم العراق!!!
ومن اكبر دلائل نجاحنا الكبير في التحكم بعقول العراقيين وباقي العالم،


6 - والعاقل يفرزن
علاء الصفار ( 2018 / 8 / 30 - 11:11 )
ومن اكبر دلائل نجاحنا الكبير في التحكم بعقول العراقيين وباقي العالم، اننا اوهمناهم بأننا عازمون على ترك العراق بعد ان فشلت سياستنا به. وبين حين وآخر نجري مسرحية اعلامية عن انسحابات عسكرية خداعة. بينما يكفي القليل من الحكمة للتفكير بالامر التالي:
اننا شيدنا في المنطقة الخضراء في بغداد اكبر واضخم واقوى سفارة في تاريخ البشرية. مساحتها 104 هكتارات وتعد أكبر بستة إضعاف من مجمع الأمم المتحدة في نيويورك، وبعشرة أضعاف من سفارتنا في بكين. كلفتها حوالي مليار دولار وتكلفة إدارتها السنوية مليار دولار. فيها 20 مبنى و1000 موظف، وهي تعتبر مدينة مستقلة حيث تضم السكن والاسواق وكل وسائل الترفيه ومولدات الطاقة والتنقية والتصفية، حتى يمكنها العيش مستقلة تماما لعدة اعوام !
كيف يصدق انسان حتى لو كان له عقل طفل، اننا نشيد مثل هذه السفارة الاسطورية في بلد ندعي بأننا في الطريق لمغادرته؟

هكذا تعمل امريكا و الدوائر الصعيونية وعلى لسان هنري كيسنجر زعيم الصصهاينة الامريكي!

اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو