الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقدة عبد السلام جسوس

مراد زهري
(Mourad Zahri)

2018 / 9 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


دا ذي بدئ بالعلم والتفكير دائمين متلازمين إلى يوم الدين ، وبعد فإن سير الأولين صارت عبرة للآخرين ، لكي يرى الإنسان العبر التي حصلت لغيره فيعتبر ، ويطالع حديث الأمم السالفة وماجرى لهم فينجز ، فسبحان من جعل حديث الأولين عبرة لقوم آخرين . فمن تلك العبر ، غرائب وعجائب سلاطين وملوك العرب و العجم والبربر . فقد حكى والله وأعلم ، وأحكم وأعزوا وكرم ، أنه كان في ما مضى وتقدم ، من قديم الزمان وسالف عصر الآوان ملك من ملوك فاس ومكناس والقيروان . صاحب جند و أعوان . ذا صاحب كبر و خييلاء ، وذا أنفة ، ولا ينظر إلا في السماء أنفة وتكبرا . حكم بكل قوة و جبروت . ينهب ويسرق : ذهب ، فضة ، مال ، رزق وقوت . وكان إسمه إسماعيل بن الشريف العلوي المعروف باسم المولى اسماعيل أو مولاي اسماعيل (1645/1727 ) .
حكم زهاء 55 سنة ، يعتبر نفسه كآلهة نيوخذ نصر و جنكيز خان و الإمبراطور نيرون . متعطش كذلك للخود . صار يبني السجون تحت الأرض وفوق الأرض سرية و علانية . كسجن قارة الذي لازال إلى يومنا هذا ، من نظر إليه ينتابه شعور الهول والرعب و الورع ، إنه سجن قارة . الذي عجز العلماء في حساب مساحته وكشف أغواره وسراديبه الى يومنا هذا . من دخله فلا يطمع في الخروج منه .
لا أعرف كيف خطر ببالي الحسن الثاني وسجن تازمامرت واختطاف المهدي بن بركة و سنوات الرصاص لا أعرف ربما أهذي .
بنى القصور في كل الكواكب . كان للمولاي اسماعيل حريم حار المؤرخون في عدده. كل قبيلة حل بها تزوج أجمل نسائها ، حتى وصل العدد اكثر من 500 زوجة . مما آل الى إنجاب أكثر من 1000 عاهل .فما ثبت في التاريخ إلى يومنا هذا ، أن رجلا ذا خصوبة كمولاي اسماعيل .
لا أعرف ثانية كيف خطر ببالي المثل المغربي " المخزن مستقيمه طويل ".
المولى اسماعيل تسكنه كذلك لذة و شهوة كبيرة في الجانب الوحشي الجبروتي الطغياني ، فكثرت لديه هذه الشهوة ويتخيل أنه الرب والعالم عبيده .
هذا ليس من نسج الخيال . لكن المتصفح لتاريخ الدولة العلوية ، سيلاحظ نسبة الظلم و القهر وثقل الجباية تعرف انتعاشا نتيجة شهوته المعلومة. فعرفت بعض القبائل ثورات إزاء ثقل الضرائب و قسوة المخزن حذائها . فكبر تعطشه إلى السلب و النهب فعجز على وقف وقمع هذه القبائل وتخوف على أن تزحزح كرسي عرشه .
فكيف خطر ببالي أيضا شهداء كميرة و اليوم نعيش ارتفاع جنوني في الضرائب و ارتفاع الأسعار و فاجعة بولعلام تشهد على هذا حيث قتلت 17 إمرأة على قنينة زيت و علبة السكر و أيضا الإحتجات التي شهدها شمال المغرب من حراك الريف وأحداث جرادة، ربما أهذي .
فاستنجد المولى اسماعيل بنصيحة أنو شروان الواردة في مقدمة ابن خلدون :" الدولة سلطان تحيا به السنة السنة سياسة يسوسها الملك الملك نظام يعضده الجند الجند أعوان يكفلهم المال المال رزق تجمعه الرعية الرعية عبيد "
فعقد العزم في تعزيز جنده ، فأراد تأسيس جيش من العبيد و الغوغاء و الدهماء و الحراطين . الذي سماه جيش عبيد البخاري ، هذا سيزيد من شهوته المعلومة في التمتع بقتل من يشاء و إحياء من يشاء و يصادر من يشاء و إغناء من يشاء .أيضا من أجل ضمان استمرارية العرش لأسرته والمال ليصرف منه . ليكون هذا الجيش أو عبيد البخاري يمنحه المطلبين .
فخطر ببالي أيضا مشروع قانون يتعلق بالخدمة العسكرية (التجنيد الاجباري) بالمغرب 2018.الذي صادق عليه المجلس الوزاري تحت رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، خلال اجتماعه المنعقد يوم الاثنين 20-08-2018 بالرباط، على مشروع قانون رقم 44.18 يتعلق بالخدمة العسكرية بعدما تدارسه و صادق عليه المجلس الحكومي سابقا في نفس اليوم برئاسة رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني .
فأوكل المولى اسماعيل مستشاره قليلش ليعرض هذا المشروع في الديوان ويصادق عليه العلماء . فقد تبنى معظم علماء فاس هذا الناموس في الديوان أو البرلمان بفاس . إلا عبد السلام جسوس يعد من العلماء البارزين في فاس ، فتبنى معارضة ناصحة ، على أن تأسيس هذا الجيش بهذه الطريقة مخالفة لا لبس فيها للشرع الإسلامي ، وقد تركز الخلاف أساسا على جزئية شراء وإجبار الحراطين باعتبارها استراقاقا للأحرار.
لجسوس رسالة شهيرة أعلن فيها ، بوضوح ، موقفه من هذه القضية ، وعبر فيها عن إصراره على الجهر بالحق و التمسك بالشريعة الإسلامية ، معبرا عن استعداده لبذل نفسه من أجل هذا الأمر . واعتبر جسوس معارضته للسلطان في هذه المسألة ممارسة لحق من حقوقه المنصوص عليها شرعيا وتبيانا للأحكام الشرعية وعدم كتمانها.
كان موقف جسوس من تمليك الحراطين يتلخص في حرمة استرقاقهم لكونهم أحرارا وحريتهم لا اشتباه فيها .
فألزم السلطان على توبيخ العلماء على رأسهم عبد السلام جسوس ولكن دائما يواجه السلطان رفض توقيع عبد السلام جسوس ومن معه ، فنقلوا جميعا إلى العاصمة مكناس لمقابلة السلطان . وحدث هذا اللقاء يوم الأربعاء 4 يوليوز من سنة 1708 .
خلال هذا اللقاء ، ووفق ماتورده المصادر التاريخية ، عمد السلطان إلى توبيخ العلماء على تحريضهم على الفتنة كل على حدة . علاوة على تذكيرهم بالتازاماتهم تجاه" المخزن" ، وكان معظمهم يلتزمون الصمت ويحنون رؤوسهم إلى أن وصل إلى الشيخ جسوس فاجأ رد فعله الشجاع السلطان ، حيث بادره الشيخ كلامه قائلا :《 أنا بالله والشرع معك ، أنا بالله والشرع معك ،أنا بالله والشرع معك ،وجعل يكرر ذلك 》 وفي رواية أخرى لمحمد الضعيف الرباطي أن المواجهة بين الفقيه عبد السلام جسوس و السلطان مولاي اسماعيل : 《 وفي آخر المجلس قام مولانا اسماعيل مغتاظا فقبضه الفقيه السيد عبد السلام جسوس من طرف ثوبه وقال له : اجلس تسمع ماقال جدك رسول الله فنثر ثوبه وخرج 》.
هكذا ، عاد الفقيه جسوس بعد هذا اللقاء المتوتر مكبلا وسجن وضرب و أهين وبيعت أملاكه و أصوله وقبض عل أبنائه وأستلبت أموالهم ، وصار يطاف به في الأسواق وينادى : من يفدي هذا الأسير ؟
فخطر ببالي أيضا ناصر الزفزافي سجن ب 20 سنة .
هذه هي عقدة عبد السلام جسوس .
هل نجد في يومنا هذا عبد السلام جسوس المغربي آخر يقف في وجه هذا المشروع التجنيد الإجباري أو جيش عبيد البخاري ؟
يوم تستأصل عقدة عبد السلام جسوس ونرى أنفسنا كعبد السلام جسوس لم يعذب عبد السلام جسوس ولا يختطف المهدي بن بركة و لا يبنى سجن قارة و لا سجن تازمامرت ، ولا تقتل 17 امرأة بفاجعة بولعلام و لا يسجن ناصر الزفزافي ولا يكون تجنيد إجباري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا