الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(5)

داود السلمان

2018 / 9 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الرواية والعرب
ملخص هذا الفصل، إن الرصافي يرى أن لا نعوّل على الرواية، ونحملها محمل الجد، فكل ما وصلنا على النبي هو مشكوك فيه لعدة اعتبارات، منها: نسيان الراوي، ومنها التباس الامر عليه، وسوء الحفظ، وتبديل كلام بكلام آخر، علاوة على ذلك العوامل السياسية والمذهبية، والتي لعبتا الدور الكبير في هذا المعترك، وهناك الدس المقصود والدس غير المقصود. فهذا وغيره ما يجعل من المستحيل أن نركن الى شيء ونحن باطمئنان كامل، واهم ما في الامر أن التدوين حصل بعد مرور اكثر من مائة عام على رحيل النبي، كما عبرّ الباحث، وهذا الفارق الزمني يجعلنا نشك اكثر فاكثر في مصداقية الرواية التي جاءتنا عن النبي.
وصاحب هذه السطور يرى، هناك كثير من الكذب المتعمد على الرسول قد حصل لأغراض سياسية ونفعية لبعض الصحابة، مثل الكذب الذي تعمده أبا هريرة، حتى أن هناك عالمان كبيران من علماء الاسلام قد الفا كتابين عن حياة هذا الرجل سلطا فيهما الضوء عن مسيرة حياته، واظهرا زيفه وكذبه المقصود، والعالمان هما: عبد الحسين شرف الدين الموسوي (شيعي) وكتابه (ابو هريرة) والثاني الشيخ محمود أبو رية (سني) وكتابه (شيخ المضيرة أبو هريرة). وذكر الاول أن الخليفة عمر بن الخطاب حينما علم بكذب أبو هريرة على الرسول بكثرة مروياته- وهو لم يصاحب النبي اكثر من ثلاث سنوات قضاها في (الصفة) فضربه بالدرة عدة مرات ونهاه عن الرواية (قالوا أن درة عمر بن الخطاب أشد من السيف)- لكن بعد وفاة الخليفة عاد ثانية للرواية واقوى هذه المرة من تلك.
يقول الرصافي:" دع عنك هذه الروايات التي تقرأها وانظر الى ما يحدث في زمانك وفي بلدك من الحوادث التي تقع فيها الرواية فأنت ترى العجب". (راجع ص 54).
ويسرد لنا الكاتب قصة حدث بحضوره، يريد من ورائها التأكد على صحة ما يريد قوله، من أن الحادث أو الحدث كيف يتغير وتستبدل مغزاه وصحته، بشكل عجيب غريب، فكيف إذا مرّ على الحديث أربعة عشر قرناً؟.
:-"وأني اقص عليك هنا خبر حادثة من هذا القبيل كنت حاضرها لتعلم كيف يقع التغيير والتبديل في الحديث اذا طال سيره بين الرواة من فم الى أذن، وذلك انني كنت سنة 1920 وفي القدس وكنت أدرّس آداب اللغة العربية في أحدى مدارسها، وكان التلاميذ يجتمعون مع المدير وسائر المدرسين في بهو المدرسة ليلة الجمعة من كل اسبوع يخطبون وينشدون الاشعار، ففي ذات ليلة من ليالي الجمعة بعدما جلس التلاميذ حلقة في البهو وكانوا زهاء ستين تلميذاً، اقترح المدير وهو الاستاذ خليل طوطح على مدرس الجغرافية أن يهمس كلاماً في أذن التلميذ الجالس بجنبه على أن يهمسه ذلك ايضاً في اذن التلميذ الذي يليه، وهكذا حتى ينتهي الى الآخر، فعل ذلك مدرس الجغرافية وجعل كل تلميذ بعد سماعه ما قيل له بقوله للذي يليه حتى بلغ آخرهم في الجهة التي كنت أنا والمدير جالسين فيها، وكان الصمت في اثناء ذلك مخيماً على الحاضرين ينتظرون النتيجة، فاذا هي أن الخبر الذي أداه التلميذ الاخير الى المدير هو هكذا: "بكرة ما في جغرافية" أي ليس في غد جغرافية، فلما سمع ذلك مدرس الجغرافية، وكان في الجهة المقابلة لنا استضحك وقال: ما هكذا قلت للتلميذ الذي يليني، وانما قلت: "بكرة درسنا جغرافية كذا وكذا"، فعجبنا لهذه الجملة الايجابية كيف انقلبت الى جملة سلبية بسبب انتقالها بين ستين تلميذاً على الوجه الذي ذكرته، وعندئذ التفت أنا الى الاستاذ خليل طوطح، وكان هو ممن درسوا العلوم في امريكا، فقلت له كيف خطر لكم هذا الاقتراح العجيب الذي نتيجته أعجب منه؟، فقال: أنّ هذا من جملة ما رأيت الاساتذة يفعلونه في امريكا اختباراً لوعي التلاميذ وحسن الفهم". (راجع ص 55).
أقول: لكن فقهاء المسلمين لا يعون ذلك، او بالأحرى لا يريدون أنْ يعوا، لعدة اعتبارات هي واضحة لدى القارئ الكريم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية