الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدينار العراقي النفطي ------ دينار ناضب ام متجدد

نبيل جعفر عبد الرضا

2018 / 9 / 21
الادارة و الاقتصاد


الدينار العراقي النفطي -------- دينار ناضب أم متجدد ؟
العراق هو من الدول الريعية التي تعتمد على الريع الخارجي في تحقيق دخلها فهو لا تقوم بإستخراجه من مواطنيه وإنما يحصل عليه من المصادر الطبيعية . والعراق دولة ريعية يعتاش على دخل غير مكتسب بالعمل وانما يعتمد في نشاطه الاقتصادي على مورد طبيعي احادي الجانب وهو النفط لتوليد الدخل وهذا النشاط غالبا ما يكون خارج العملية الانتاجية الحقيقية . ويظهر الريع النفطي بشكل فوائض مالية قابلة للتحويل بالعملات الاجنبية ناجمة عن تصدير النفط العراقي الى الاسواق الخارجية لذا فهو ريع خارجي ولذلك يوصف الاقتصاد العراقي بالاقتصاد الريعي لأنه يعتمد بشكل رئيس على قطاع النفط في توليد الدخل غير المرتبط بدورة الانتاج ومن ثم فالريع الذي يحصل عليه العراق ذو مصدر خارجي مما يجعل الاقتصاد العراقي عرضة للتقلبات في الاسواق الخارجية . ولان الاقتصاد العراقي هو اقتصاد ريعي بإمتياز تستحوذ الصادرات النفطية العراقية على نحو 99% من قيمة الصادرات الاجمالية .فإن الحياة الاقتصادية برمتها يتحكم بها قطاع النفط ، والايرادات النفطية تكون هي المحرك الاساس للنشاط الاقتصادي والممول الاعظم للموازنة العامة .
وتأسيسا على ما سبق تستلم الحكومة العراقية عائداتها النفطية بالدولار الامريكي وتقوم بتحويله الى الدينار العراقي المطبوع في البنك المركزي العراقي لتغطية نفقاتها العامة وبسعر تعادل ثابت تقريبا يحدده البنك المركزي العراقي . وعلى وفق هذه العملية تتكون الاحتياطيات النقدية في البنك المركزي العراقي .اي ان الاحتياطيات النقدية الاجنبية هي اساسا اموال نفطية جرى شرائها بالدينار العراقي الذي يطبعه البنك المركزي العراقي الذي يمتلك السلطة الحصرية في هذا الشأن .ترتبط الاحتياطيات النقدية الاجنبية لدى البنك المركزي العراقي بعلاقة طردية مع العائدات النفطية . فالعائدات النفطية هي التي تتحكم بحجم الاحتياطيات النقدية ولذا نجد في السنوات التي ترتفع فيها العائدات النفطية العراقية ( بسبب ارتفاع اسعار النفط او ارتفاع حجم الصادرات النفطية ) يرتفع معها حجم الاحتياطيات النقدية للبنك المركزي العراقي ويحصل العكس عندما تتراجع العائدات النفطية اذ يتراجع معها احتياطي البنك المركزي العراقي . وبلغة الارقام التي لا تخطئ ابدا نلاحظ انه في عام 2004 كانت العائدات النفطية العراقية 17,751 مليار دولار في حين كانت احتياطيات البنك المركزي العراقي تبلغ في ذلك العام 9.395 مليار دولار . وعندما ارتفعت تلك العائدات الى 94.392 مليار دولار في عام 2012 ارتفعت الاحتياطيات النقدية الاجنبية الى 66.505 مليار دولار . وعندما انخفضت عائدات النفط العراقية في عام 2017 الى نحو 50 مليار دولار انخفضت معها الاحتياطيات النقطية للبنك المركزي العراقي الى نحو 45 مليار دولار .
اذن العامل الرئيسي المتحكم بالاحتياطيات النفدية الاجنبية للبنك المركزي العراقي هو حجم العائدات النفطية . وبفضل هذا الاحتياطي الممول من عائدات النفط يستطيع البنك المركزي العراقي ان يحدد سعر تعادل ثابت للدينار العراقي في مواجهة الدولار ويدافع عنه من خلال التحكم بالمعروض النقدي الاجنبي المطروح من خلال نافذة بيع العملة الاجنبية وتلبية الطلب عليها لإن الدينار العراقي مقيم بأكثر من قيمته الحقيقية تماما مثلما تبيع وزارة التجارة مفردات البطاقة التموينية بأسعار مدعومة يقدم البنك المركزي الدعم للدينار العراقي لذا يكون الدولار رخيصا في الاسواق العراقية . ويستطيع البنك المركزي العراقي ان يدافع عن سعر الصرف الثابت للدينار العراقي طالما أنه يمتلك احيتاطيات نقدية اجنبية كبيرة لكن البنك المركزي العراقي لا يستطيع الدفاع الى ما لانهاية عن هذا السعر المصطنع والمدعوم ، اذ ان العامل الحاسم الذي يتحكم فيه في النهاية هو حجم العائدات النفطية ، واذا ما تعرضت تلك العائدات الى الانقطاع او الى التراجع بشكل كبير لمدة طويلة نسبيا او اذا نضب النفط عندئذ سيستنزف البنك المركزي العراقي احتياطياته النقدية ويصبح عاجزا عن الدفاع عن سعر التعادل الثابت للدينار العراقي ومن ثم سيتعرض الدينار العراقي للتراجع الكبير وربما الى الانهيار . وفي ضوء ما سبق نصل الى الاستنتاج الاهم وهو ان عائدات النفط العراقية هي التي تتحكم بحجم الاحتياطيات النقدية للبنك المركزي العراقي . وان الاحتياطيات النقدية للبنك المركزي هي التي يستخدمها البنك في الدفاع عن السعر الثابت للدينار العراقي . وبالنتيجة عائدات النفط العراقية هي التي تسمح بسعر مرتفع للدينار العراقي اي الدينار العراقي هو دينار نفطي ناضب لذا فإن سعر صرف الدينار الحالي لا يعكس قوة ومتانة وتنوع الاقتصاد العراقي بل هو سعر يعكس الطبيعة الريعية للاقتصاد العراقي وهو سعر مصطنع ومدعوم وزائف وغير حقيقي ولولا اموال النفط لانهار الدينار العراقي كما انهارت العملة الايرانية مؤخرا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24


.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و




.. تقرير أميركي: طموحات تركيا السياسية والاقتصادية في العراق ست


.. إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض.. هل هو الحل لأز




.. خبير اقتصادي: الفترة الحالية والمستقبلية لن يكون هناك مراعي