الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرق بين الدين والتدين

كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)

2018 / 9 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بين الدين والتدين مسافة تتسع وتضيق، باختلاف الأحوال والأفراد والشعوب.‏
الدين نظرياً نص ثابت موثق في كتاب.‏
التدين هو فهم الإنسان للدين، وتطبيقه لهذا الفهم في حياته العملية ورؤيته لنفسه وللوجود.‏
تتأثر المسافة بين الدين والتدين بعدة عوامل:‏
‏- يكاد لا يوجد نص ديني يحتوي توجهاً أو محوراً مركزياً واحداً محكماً كامل الإحكام، تدور حوله وتثريه سائر ما ‏بالنص من أفكار، لكي يستطيع المؤمن أو الدارس العثور عليه بسهولة، مطمئناً لتطابق ما توصل إليه مع جوهر ‏الدين، فلا يكون عندها ثمة مسافة بين الدين والتدين. فلا يخلو أي نص ديني من العديد من الأفكار والتوجهات، التي ‏لا نعدم بينها فروقاً قد تصل إلى حد التناقض. من هنا جاء ما يشيع عن النصوص أنها حمالة أوجه.‏
‏- إذا كان النص الديني ثابتاً موثقاً، فإن التدين متغير ومتنوع. لايعنينا هنا ما يسمى الاختلاف بين البشر في حسن ‏فهم النصوص الدينية، فهذا القول فيما نرى يقصد منه التعمية على أسباب الاختلاف الحقيقية ليس أكثر. يأتي التنوع ‏في ”التدين“ بذات ”الدين“ نتيجة تنوع اختيارات الإنسان من ذات الوعاء الديني، نتيجة اختلاف الظروف البيئية ‏والحضارية بعامة، ونتيجة الاختلافات العقلية والسيكولوجية بين البشر أفراداً وشعوباً.‏
‏- رغم ما تتيحه النصوص الدينية من طيف واسع للخيارات بفضل تنوع محتوياتها، إلا أننا نستطيع أن نرصد في كل ‏منها خطاً عاماً. فهناك تأثير الكم على الكيف، والذي يؤدي فيه تكرار الأفكار الموحدة في اتجاه ما، إلى تغلبها ‏وسيادتها على ما عداها وما يتناقض معها. هذا التوجه العام في النص الديني تكون له الفرصة الأكبر بلاشك في ‏التطبيق العملي، أي في تدين المتدينين. لكنه بالطبع لا يلغي التنوع في محتوى النص، ولا في التدين المرصود عملياً.‏
‏- رغم التنوع المتاح للأفراد المؤمنين بذات الدين وفق ما أسلفنا، إلا أنه خاصة في المجتمعات الأدنى حضارياً، حيث ‏تسود الروح الجماعية وليس الفردية، هناك نزعة لدى المؤمنين في التوحد، على الأقل في الخطوط العامة ومظاهر ‏تدينهم. هنا يكون ما تحدثنا عنه في النقطة السابقة من تيار عام غالب لمحتوى النص الديني هو المرشح الأول للتبني ‏من قبل الجماعة. لكنه بالطبع لا يكون المرشح الوحيد، إذ تلعب الظروف البيئية والحضارية دوراً لا يستهان به، في ‏وجود مسافة من هذا التوجه العام، تضيق أو تتسع وفقاً للظروف.‏
‏- ما تم رصده تاريخياً لتطور التدين لدى بعض الشعوب، هو نتيجة لتطور أحوالها الحضارية، ما يؤدي تلقائياً لتغير ‏خياراتها من ذات النص الديني. الأمر ليس إذن تطوراً للدين، وإنما هو تطور للتدين. لكن تطور التدين كنتيجة ‏للتحضر ليس أمراً مفتوحاً وحراً كامل المرونة. هو يحدث في حدود معينة، تختلف من دين لآخر. فالتنوع أو الثراء في ‏النصوص الدينية ليس متسعاً إلا في حدود معينة. ويكون للتيار العام أو الغالب الذي أشرنا إليه دوراً، في تحديد ‏المساحات المتاحة للتطور عن يمينه وعن يساره.‏
‏- الاختلاف بين النصوص الدينية في محتوياتها الموضوعية، يصاحبه اختلاف فيما تبثه من حماسة أو مخاطبة ‏لعاطفة المؤمنين بها. هذا ينعكس على نوعية التدين من حيث الحماسة لأفكار ومقولات الدين، والذي قد نعتبره عمق ‏إيمان أو تعصب أو تطرف. يترتب على هذا ما يمكن رصده من عموم هدوء أو اعتدال، مقابل حماسة أو تطرف، ‏لبعض الأديان والمتدينين.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رايات الخداع
ابراهيم الثلجي ( 2018 / 9 / 21 - 13:57 )
اخي كمال
بموضوعية لو درسنا المسار التاريخي للانسان ميدانيا لوجدنا شخص فعائلة تعيش رغدا في متسع من الارض والرزق والاحوال ولما تكاثروا ضمن متوالية حسابية تقود الى الزيادة مع الزمن اختلفت معادلة التوزيع والحصص فاختلف الناس فصار لا بد من منهج او برنامج لقوننة الحصص في هذه العملية الانتاجية المعقدة البتي نحن فشلنا عبر قرون من ايجاد تلك المعادلة التي تنهي الخلاف والتناحر فكانت الحروب غير العادلة التي دائما ما يشنها الا الاستغلاليين الجشعين للاستحواذ على الثروات والمشهد امامنا حافل وابشع اشكالهة الترامبية الوقحة حرمنة عينك عينك وارهاب جموع الشعوب وعلى راسهم امة امريكا التي هددها بالفقر ان هم به اطاحوا؟
نعود للبداية فصاحب ومالك تلك المنظومة الحياتية ما كان ليتركها تتناحر فارسل لهم المنهج والرسل ليتدبروا حياتهم مع استمرار التكاثر المرعب للسكان، والرعب ليس من التكاثر بعينه ولكن من فساد الادارة والحاكمية التي تطبق وتمسك بها الراسمالية العنصرية التي وصلت بها الوقاحة لتدعي انها الاحسن خلقا من دون البشر وباعذار وحجج كذابة وفصلت اديان وكتب مقدسة لهذا الغرض
لما انتصر اخوتنا الكادحين تقدموهم بالرايات


2 - يا أخ ثلجي
عدلي جندي ( 2018 / 9 / 21 - 17:19 )
الكاتب لا يناقش صحة من عدم الإيمان بالرسل والأديان
الكاتب كما يتضح من مادته يناقش فقط الفرق ما بين الدين (الثابت) والتدين (المتغير) ونتائج ذلك علي تنوع ردود الفعل ونتائجها

اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا