الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع افتتاحية موقع حزب الشعب الديمقراطي السوري عن ميليشيات الإلحاد

مازن كم الماز

2018 / 10 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أولا عن استعلاء الملحدين , لكي نحاول فهم معنى الاستعلاء علينا أن ننظر إلى المؤمنين .. إذا افترضنا وجود ألف إله على هذه الأرض و هذا رقم مفرط في تفاؤله لأن عدد الآلهة التي تعبد في هذه اللحظة أكبر بكثير بالتأكيد .. يكون أي مؤمن بأي من الأديان الرئيسية التي تسمي نفسها توحيدية أي التي تؤمن بإله واحد فقط , كافر و ملحد ب 999 إله و يعتبرها مجرد أوهام و خرافات و يعتبر المؤمنين بها حمقى و مؤمنين بالخرافات الخ الخ .. هذا استعلاء بالضرورة .. الفرق بين المؤمنين و الملحدين بسيط جدا , هذا الفرق هو رقم واحد , أو إله واحد يستنثى من الاستهزاء و الإنكار أي الإلحاد .. إن كل مؤمن هو أيضا ملحد بكل الآلهة الأخرى و بالتالي يفترض أن توجه إليه كل التهم التي يتهم بها الملحدون بالآلهة جميعها .. أما عن أن عنف المتطرفين المنسوب إلى الرب هو الذي أنتج ظاهرة الإلحاد كما يقول الكاتب فهذا صحيح جزئيا فقط .. لا يمكننا أن ننسى قول المعري : و هل أبيحت نساء القوم عن عرض ... للعرب إلا بأحكام النبوات , لكن الأساس في الإلحاد أن إعمال العقل دون قيود هو ما يؤدي إلى نفي الإله و النبوات .. يكفي أن نذكر هنا محاججات ابن الراوندي العقلانية التي رد عليها الخياط العتزلي و بعض الدعاة الفاطميين بالكلام و الشتائم و طبعا بتكفير صاحبها بينما رد عليها الآخرون بإهدار دمه و حرق كتبه و تجاهل تساؤلاته .. من جهة أخرى فإن نفور العامة من فكرة ما , إسلامية كانت أو إلحادية , ليست بحجة علمية أو مقبولة عقليا على صحة هذا الفكرة أو خطئها ... نفرت العامة في أوقات سابقة حتى من محمد و يسوع و بوذا و اليوم يؤمن بهم المليارات , و سخرت من أفكار علمية ثبتت صحتها اليوم و نسخر جميعا اليوم ممن يقول بما يخالفها .. يكفي هنا التذكير بالقرآن نفسه الذي استهزأ بمن يؤمن بآلهة أبائه و أجداده أو الذي يمتنع عن التفكير كالحمار الذي يحمل أسفارا .. و من الظلم الفادح بحق الإلحاد و الإسلام و الجهاد في نفس الوقت اتهام الجهاديين بالإلحاد و أنهم مشروع إلحادي .. هكذا يصبح من المستحيل محاسبة الإسلام السياسي و الجهادي عن نتائج مشروعهم و أعمالهم و أساليبهم .. أي تيار أو فكرة ستحاسب الناس إذا وصفنا عبد الناصر و من شابهه بأنهم غير قوميين و أن ستالين و خالد بكداش غير ماركسيين و هكذا .. لا أعتقد أنك تريد أن تلغي فكرة مسؤولية الناس عن أعمالهم و ممارساتهم : أن يرتكب الإسلاميون ما يرتكبون ثم تحاسب الملحدين يشبه أن يرتكب بشار الأسد الجرائم و أن تحاسب السوريين العاديين عليها .... و صحيح أن الله يوجد في وجدان الكثيرين لكن لا تنس أن هذا ينطبق أيضا على آلهة الهندوس الحاضرة بقوة في وجدان ملايين الهندوس دون أن يعتبر أحدا هذا حجة على صحة ألوهيتها .. و أن يتمكن العلماء من إلغاء الإله و استبعاده من قوانين الطبيعة و تفسير عملها هو شيء أخطر بكثير و يستحق أن يذكر و يناقش .. أخيرا ليست ميليشيات الإلحاد فقط طائفية أو يسارية متكلسة .. صادق جلال العظم مثلا كتب نقد الفكر الديني و كان هو من تحدث عن العلوية السياسية كنظير للمارونية السياسية , أي أنه معاد للطائفية الإلحادية العلمانية كما تسميها .. الأجدى مناقشة الأفكار لا محاولة تصنيف أصحابها .. قد يكون هذا حجة جيدة أو سيئة في جدال سفسطائي لكنه لن يهزم الإلحاد للأسف و هو أقل بدرجات كثيرة من محاولة مجادلته "بالتي هي أحسن" , بالعقل و الحجة ... إن أسئلة ابن الراوندي و أبي بكر الرازي و غيرهما ما تزال مفتوحة و حاضرة بقوة و ما أن تفقد المؤسسة الدينية سلاحها الأمضى في تحريم التفكير و تكفير الشكاكين و العقلانيين و إخراسهم بكل الوسائل حتى نجد أنفسنا لأول مرة أمام نقاش جدي حقيقي عن فكرة الألوهية لن يمكن حسمه بقطع رأس أو بقتل فلان و إحراق كتبه .. عندما تبدأ مجتمعاتنا بالتفكير و العيش دون تابوهات أو محرمات سنبدأ عندها بمناقشة أسئلة المعري و ابن الراوندي و أبي بكر الرازي لأول مرة , و لنعترف أيها العزيز أن هذا لن يكون سيئا كما تعتقد : إن تجاوز العقل التسليمي و استبداله بعقل نقدي علمي لن يكون مردوده سيئا كما تعتقد .. الخوف ليس من تحرير العقل و إطلاق العنان له بل من قمعه و إخضاعه لسلطة الماضي و بعض البشر الذين ينسبون لأنفسهم سلطات خارقة و مطلقة لا تقارن حتى بسلطات أكبر الطغاة في التاريخ دون أن يسمحوا لأحد بمطالبتهم بالبراهين على ذلك ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن


.. تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!




.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال