الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على شفا الهاوية

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2018 / 10 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


إلى الأن لا يمكنني تصديق ما حدث في مسألة الكاتب السعودي جمال خاشقجي، وذلك لأسباب عديدة، فهو أولا لا يمكن اعتباره معارضا بالمعنى المعروف للمعارض، ولكنه أقرب الى ناقد يسدي النصح الى النظام السعودي باخلاص شديد وكل نصائحه لم يكن يبغي بها سوى صالح النظام السعودي واستقرار بلاده.

وفوق ذلك فإننا تعودنا أن الخليج بصفة عامة كان يولي سابقا لمواطنيه الكثير من الدعم والاحترام وحتى في حالة خروج أحد المواطنين عن الخط المرسوم كان يتم التعامل معه بطرق لا تمس بالصورة الخارجية للدولة ولا لأبناء هذه الجنسيات.

فإذا أضفنا الى ذلك أن تتم الجريمة في دولة أخرى وفي مبنى دبلوماسي يصبح الأمر فاجعا وغير قابلا للتصديق، ولكن ما يجعله رغم ذلك وارد الحدوث هو حجم ما يحدث في العديد من بلدان العالم من خروج على كل الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية.

فاختفاء خاشقجي بعد دخوله السفارة السعودية بتركيا لا يختلف كثيرا عن اختفاء رئيس الشرطة الدولية في الصين، ولا يختلف عن واقعة رجيني أو كل ما يتم في البلدان العربية من قمع وترهيب وتنكيل بالمعارضين، وخاصة لمن منهم يحمل هم تقديم الحقيقة الى الناس والدفاع عن المظلومين، وكل من يرغب في الابقاء على بلاده في وضعية قابلة للحياة في بلدان يتحكم بها قوى اصابها العمى واصبحت كالفيل الهائج في مصنع الفخار.

إن مسالة خاشقجي تضع العالم كله في الميزان وتكشف الستار عن كل الانظمة التي تدعي مساندتها للحقوق والحريات، والتي لم تحرك ساكنا تجاه الكثير من الفظائع التي نعيشها يوميا بسبب وجود انظمة اشبه بعصابات تفعل ما بدا لها بلا رادع مقابل ما تحققه لهذه القوى الخارجية من مصالح وما توفره لها من رفاهية.

فكل شئ يمكن التنازل عنه الأن مقابل صفقة سلاح أو منع الهجرة الغير شرعية أو المشاركة في تنفيذ مشروعات صهيونية في المنطقة، ويكفي في هذه الحالة أن تخرج علينا هذه القوى السياسية ببعض البيانات التي تذر بها الرماد في العيون دون أن تقدم على فعل اي اجراء تدافع به عن الحقوق والحريات أو تظهر التزاما تجاه القانون الدولي.

إن لغة المال والمصالح نجحت في تبرير مئات والاف الجرائم التي حدثت في الآونة الأخيرة وحتى جريمة فادحة مست مواطن أوروبي مثل جريمة قتل ريجيني والتي أرى بينها وبين جريمة قتل خاشقجي تشابها كبيرا فكلا الجريمتين كانتا بمثابة وسيلة لترهيب كل من يتجرأ على الحديث أو النقد.

وعلى الرغم من التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الأمريكيون وغيرهم بشأن خاشقجي لا اتصور أن هناك اجراء حقيقي سيتم اتخاذه تجاه هذه الجريمة فالمال سيتكلم كالمعتاد ولا صوت سيعلو فوق لغة المصالح.

اشفق على من ينتظرون رد فعل قوي من اي جهة في هذا العالم الذي يسقط كل يوم سقوط مدوي في كل ما هو جيد وكل ما هو انساني وكل ما هو صالح ويتحول الى شئ بشع ومخيف ومكان غير قابل للحياة .

هذا العالم على شفا الهاوية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا