الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترمب ليس مجنوناً ؟ مرحلة ما بعد العولمة.

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2018 / 10 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


فرضت العولمة منذ منتصف تسعينات القرن الماضى، على دول العالم اجمع، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، فرضت بالحديد والنار، من قبل الشركات الغربية متعددة الجنسيات، بادواتها المالية والعسكرية والسياسية، والذى تولى فيها صندوق النقد والبنك الدوليان، والفيدرالى الامريكى، دور المبلغ والمراقب، وتولت الادارات الحكومية دور "قوات انفاذ القانون"، قانون التجارة الحرة، قانون النيوليبرالية الاقتصادية، القانون الذى يفرض قسراً بالعقوبات الاقتصادية، والقوة العسكرية، والمؤامرات السياسية، من اجل نزع اى مناعة للاقتصاديات الوطنية، بألغاء كل شكل من اشكال الحمائية.


فرضت العولمة على العالم اجمع، بقيادة القوى المنتصرة فى الحرب العالمية الثانية، وفى مقدمتها القوة الامريكية، الاقتصادية والعسكرية والسياسية، لصالح الشركات الغربية العابرة للقوميات. وماتبقى من دول لم تدخل حظيرة العولمة حتى الان، مثل كوريا الشمالية وايران وبعضً من دول امريكا الجنوبية ذات النهج الاشتراكى فى الاقتصاد، يجرى حالياً محاولات ادخالها قسراً فى حظيرة العولمة.


تقول نعومي كلاين فى كتابها المدهش "لا شعار: اعلان الحرب على الماركات التجارية"، بأنه "منذ منتصف التسعينات ونحن نسمع في كل مكان بمصطلح “العولمة” وفوائده القادمة على البشرية، وكان المروجون له يخبروننا بأن ربط الناس حول العالم ببعضهم البعض تجاريا عن طريق اتفاقيات التجارة والتسويق الإلكتروني سوف يمنح فرصة للفقراء والمحرومين في الدول النامية للتعلم والعمل وكسب المال، وأن شخصا يعيش في إندونيسيا مثلا سيتمكن من التمتع بوجبة ماكدونالدز واقتناء حذاء ماركة Nike واستخدام هاتف آبل تماما كأي شخص يعيش في أمريكا وكندا، لكن الحقيقة هو أن فكرة “القرية العالمية الصغيرة” كانت فكرة تروجها الشركات الغربية لتجد موطئ قدم لها في الدول الفقيرة يكون بمثابة سوق لاستهلاك منتجاتها"..

ترمب مجنوناً، بلاهة نخب ؟!

تعانى بعض النخب المثقفة والسياسية، من حالة من البلاهة المزمنة، تتمثل دائماً، فى الاستهانة والاستهزاء بالحكام الجدد، بأعتبارهم لا يملكون مؤهلات ولا رؤيا، تؤهلهم لحكم البلاد، ثم يكتشفون، - بعد فوات الاوان -، ان هذا الحاكم كان ينفذ سياسات محددة لتحقيق اهداف محددة، وبمؤهلات مناسبة لهذه المهام. فى الحالة المصرية، حدث ذلك مع الرئيس السادات عند توليه الحكم بعد الزعيم الملهم عبد الناصر، فحول السادات مسار مصر السياسى والاقتصادى والقيمى 180 درجة، تحت ضغط الميراث الثقيل الذى تركه له الزعيم الملهم؛ عندها كان قد فات على النخبة، اوان اى قدرة على وقف هذا التحول. وهو نفس ما حدث مع الرئيس مبارك عند توليه الحكم على ارضية الامر الواقع الذى فرضه السادات، وبعد كل سخرية واستهزاء النخبة، استمر مبارك فى الحكم لثلاث عقود!، لتستمر حالة البلاهة المزمنة لدى النخب خلال فترة حكم المجلس العسكرى بعد يناير 2011، لتنتشر وتعمم مقولة: "تخبط المجلس العسكرى فى ادارة حكم البلاد"، وليحقق المجلس العسكرى هدف انقلاب 11 فبراير الناعم، لتصل نفس الحالة الى الرئيس السيسى مروراً بالرئيس مرسى . ولا يتبقى للنخبة فى كل الاحوال، سوى ذكرى الايام التى استمتعوا فيها بالسخرية من هذا الرئيس.

برغم انه حكم فرد، الا ان هذا الفرد يحكم بمحصلة منافع وخبرات تحالفات مصالح الطبقة الحاكمة.


نفس الحالة تنطبق تقريباً موقف نفس النخب من الرؤساء على المستوى العالمى، وبحكم الدور الرئيسى للدولة الامريكية، فغالباً ما ينال الرئيس الامريكى جرعة من نفس الكأس. فهل صحيح ان الرئيس الامريكى الحالى ترمب هو رئيس اهوج لا يدرى ما يفعله، اى رئيس مجنون؟!





التمرد على حمائية العولمة: نحو قرن امريكى جديد ؟!

لقد تم انجاز مرحلة العولمة تاريخياً بقيادة امريكية، واصبح مطروحاً بقوة الانتقال الى المرحلة الاعلى، مرحلة "ما بعد العولمة". لان امريكا فى المقدمة، اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، وقائدة مرحلة العولمة، فمن المناسب تماماً ان تقود هى مرحلة "ما بعد العولمة"، خاصة فى مواجهة التهديد الصينى، الذى يهددها بقيادة العالم اقتصادياً، ومن ثم عسكرياً وسياسياً، بعد ان احتلت المركز الثانى على مستوى العالم اقتصادياً.

ولان ترمب هو بالاساس ينتمى عضوياً لعالم الشركات متعددة الجنسيات، فهو رئيس دولة بطعم رئيس شركة، صحيح ان ترمب له طريقته الخاصة فى الحكم، بدءاً رسم السياسة الخارجية الامريكية على صفحات تويتر، الى انتهاج اسلوب الصدمات الاعلامية والفضح والبجاحة العلنية، الشعبوية، الا ان ترمب ،رغم كل شئ، يقود العالم نحو مرحلة الانتقال الى مرحلة "ما بعد العولمة"، مرحلة فرض الحمائية لصالح المنتجات الامريكية.

مرحلة "ما بعد العولمة"، هى المرحلة التى ستكشف بكل سطوع، زيف فلسفة العولمة، التى قادتها وفرضتها على العالم، امريكا ذاتها، والتى تدعى ان رفع الحمائية عن السوق الاقتصادى ستجعل التجارة الحرة قادرة على اصلاح اى تشوهات فى السوق الرأسمالى، تلك الفلسفة الزائفة والمضللة التى تخفى تحتها حقيقة ان ترك سوق التجارة حراً دون حمائية، لا يعنى سوى شئ واحد، هو ان الفائز فى هذا السوق سيكون دائماً الطرف الاقوى، لتتمركز الارباح والثروة فى اضطراد، فى ايدى الفئات والطبقات القادرة اقتصادياً، ويتجه الفقر الى اسفل، ليتمركز، ايضاً، فى اضطراد، عند الفئات والطبقات الغير قادرة اقتصادياً. ان عودة ترمب الى الحمائية يضحض كل مبرر للعولمة، من ناحية، ومن ناحية اخرى، يؤكد من جديد، ان الحمائية كما الاحمائية، يعملان من اجل هدف واحد، هو اعادة اثراء الاثرياء وافقار الفقراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات