الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة ودورها الوطنى/ التنويرى

طلعت رضوان

2018 / 10 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الصحافة ودورها الوطنى/ التنويرى
طلعت رضوان
المتأمل لدورالصحافة وتاريخ نشأتها لابد أنْ يتساءل: ما شكل المجتمعات الإنسانية بدون صحافة؟ ولابد أنْ يعترف بفضل الأوروبيين، فقد صدرتْ أول صحيفة بريطانية (دايلى كورانت) عام1702..وفى عام 1746أسس فيلدنج جريدة (كوفنت جاردن جورنال) وفى عام1785أسس جون والترجريدة التايمز..وفى ألمانيا صدرتْ أول صحيفة أونشرة إخبارية عام1740..وأول صحيفة فى أميركا (بوسطن نيوزليتر) عام1703عندما أدخل (تومس جرين) المطبعة..وأول صحيفة فى مصرعام1816باللغتين العربية والتركية..ومع حملة نابليون صدرتْ صحيفتان فى مصرباللغة الفرنسية، ثم أنشأ محمد على (جريدة الوقائع المصرية)
وإذا تجاوزالباحث عن البدايات..وتأمل دورالصحافة فى نشر(المعلومة) فى القرن العشرين..ونشرالأخبارالتى تــُـحاول السلطة تجاهلها أوإخفاء أدق تفاصيلها. ووصل للألفية الثالثة ارتفع سقف حرية الصحافة (وبصفة خاصة فى أوروبا وأميركا) ومن أبرزالأمثلة الحديثة: التحقيق الصحفى الذى نشرته صحيفة (نيويورك تايمزالأمريكية) عن تهرب الرئيس الأمريكى ترامب من أداء الضريبة.
بدأ التحقيق الصحفى برصد الأصول المالية للرئيس وأسرته..وتبين أنّ ترامب هو(قطب أوملك) العقارات..وادّعى أنه تلقى من والديه مبلغ400مليون دولار. ثم تبيـّـن أنّ هذا المبلغ انتقل إليه عبرالتهرب الضريبى..وأنّ الصحفى الذى جمع مادة التحقيق، امتلك شجاعة الكتابة حيث ذكرأنّ ما قاله ترامب عن تلقى أموال من والديه (محض كذب) وجاء بالتحقيق أنّ والد ترامب وأسرته أسسوا شركة بهدف أنْ تكون (واجهة) لإخفاء المبالغ التى حصلوا عليها من والديهم. والهدف من هذه الشركة التهرب من أداء الضريبة المستحقة، لأنه كان يتحتم عليهم تسديد الضريبة وفقــًـا للقانون..وأضاف الصحفى أنه بعد أنْ تولى ترامب الحكم فإنه ساعد والده للحصول على تخفيضات ضريبية (بملايين الدولارات) بالمخالفة للقانون، ليس ذلك (فقط) بل ساعده على تثمين قيمة ممتلكاته العقارية بأقل من قيمتها الحقيقية، بهدف خفض قيمة الضريبة التى يتعيـّـن عليه دفعها كرسوم انتقال التركة..وذكرالصحفى أنه اعتمد على ((التصاريح الضريبية لفريد ترامب (الوالد) وشركاته..وأشارإلى أنه لم يتمكن من الحصول على تصاريح الرئيس الضريبية، لأنه يرفض نشرها))
وإذا كان موضوع التهرب الضريبى غاية فى الأهمية (خاصة عندما يمس شرف رئيس الدولة) فإنّ الأكثرأهمية هوأنّ الصحيفة الأمريكية تعاملتْ مع رئيس الدولة..وكأنها تتعامل مع أى مواطن يتهرب من أداء الضريبة..وهى فى نظرالقانون وفى نظرالمجتمع من الجرائم التى ترقى لمرتبة (خيانة الوطن) كما أنّ حرية الصحافة بلغ لدرجة الكتابة عن (شعبية الرئيس) التى شهدتْ تدهورًا بما يـُـنبىء ببداية العد التنازلى لاعتزاله أوتنازله عن المنصب كما حدث مع الرئيس نيكسون بسبب فضيحة ووترجيت..والتى فجـّـرها الصحفيان (كارل برنستين) و(بوب وود) فى صحيفة (واشنطن بوست)
وفى إفتتاحية صحيفة (نيويورك تايمز6سبتمبر2018) فجـّـركاتب الافتتاحية موضوع التساؤلات حول ماهية التعديل رقم25من الدستورالأمريكى الذى يـُـمكن بموجبه عزل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية..والذى قد يواجهه الرئيس ترامب يومًـا..وفى الشهورالقليلة الماضية ظهرأكثرمن كتاب لصحفيين أمريكيين ينتقدون سياسة ترامب الداخلية والخارجية، لدرجة أنْ وصفه أحدهم (بالقاتل) بسبب تأييده للأنظمة الدكتاتورية والميليشيات الإرهابية..وإذا كان عدد قراء الكتب أقل من عدد قراء الصحف، فإنّ أكثرمن صحيفة أمريكية عرضتْ أهم ما فى هذه الكتب، لتشويق القراء وتشجيهم على قراء الكتاب..وهوما فعلته صحيفة (نيويورك تايمز) التى عرضتْ كتاب (الخوف) تأليف (بوب وودوارد) الذى أشارإلى تجاهل كبارمعاونى الرئيس ترامب لأوامره..وكانت النتيجة غضب الرئيس بعد نشرالمقال، حيث جاء به أنّ مسئولارفيع المستوى (رفض ذكراسمه) كشف عن وجود حركة مقاومة ضد ترامب داخل البيت الأبيض بهدف (كبح نزعاته) وتطورتْ لدرجة التفكيرفى الإطاحة به..وكل ما فعله ترامب أنْ كتب أكثرمن تغريدة على تويتروصف فيه الجريدة بالفاشلة..وأنّ ماتفعله هو(خيانة) وأنّ الجريدة تنهار..وقد صرّحتْ سارة ساندرزالمتحدثة باسم البيت الأبيض، أنّ الإدارة محبطة بسبب نشرمقال مثيرللشفقة ومتهوروينم عن أنانية.
وذكركاتب الافتتاحية أنه حاول مع آخرين فى مقرالرئاسة التصدى لترامب. ووصف سلوكه بأنه ((غيرأخلاقى)) وأسلوبه فى إدارة الوطن بالتهوروالتفاهة..وأنه يتخذ قرارات غيرمدروسة..وأنّ جذورالمشكلة تكمن فى إفتقارترامب للمسئولية الأخلاقية..وعدم التزامه بأى مبادىء..وعندما هاجمتْ إدارة البيت الأبيض الصحيفة..وطلبتْ من رئيس التحريرالكشف عن اسم المسئول داخل البيت الأبيض الذى كتب الافتتاحية، دافعتْ الصحيفة عن موقفها وعن قرارها بحجب اسم كاتب افتتاحيتها..وكتبتْ على تويتر: إنّ نيويورك تايمزتتخذ اليوم خطوة نادرة بنشرافتتاحية بدون اسم..ونحن فعلنا ذلك بناءً على طلب الكاتب الذى يـُـعد مسئولارفيع المستوى داخل إدارة ترامب..ومعروف لنا جميعـًـا..وبالتالى فإنّ كشف اسمه سيـُـعرض عمله للخطر(نقلا عن صحيفة الأهرام7سبتمبر2018- ص8)
000
أود التركيزعلى أنّ تهرب ترامب وأسرته من الضرائب، أوالكـُـتب التى هاجمتْ ترامب، أوما ذكره المسئول داخل مقرالرئاسة، فإنّ كل ذلك كان مجرد مدخل لهدفى الأول من مقالى وهو: سقف الحرية الذى تتمتع به الصحافة الأمريكية (وفى أرشيفى المزيد عن الصحافة الأوروبية واليابانية والهندية..ودول أمريكا اللاتينية وإسرائيل) وأنّ تلك الحرية هى الرافعة الأساسية لتقدم الوطن..وأنّ دورالصحافة لايقل عن دورالمُـفكرين التنويريين، الذين خلــّـصوا أوروبا من الكهنوتيْن الدينى والسياسى، بينما (سقف) حرية الصحافة المصرية (والعربية) شديد التواضع..وأزعم- بلا مبالغة- أنّ (سقف الحرية) مايزال فى (مرحلة روضة الأطفال) قياسًـا على (مدارس الصحافة) فى المُـجتمعات المُـتحضرة، مع اعترافى بوجود استثناءات..ولكن الاستناءات- كما فى القانون- لايجوزالقياس عليها أوالتوسع فيها.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24