الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحة والثروة (2)

جواد الديوان

2018 / 10 / 13
الطب , والعلوم



اكد المؤرخون ان انخفاض وفيات الاطفال الرضع خلال السنوات 1890 – 1950 (ستة عقود) هي الحقيقة المهمة في التطور الاقتصادي للولايات المتحدة الامريكية.
اما الصين فقد كانت من الدول الفقيرة في الخمسينات من القرن الماضي، وعلى ابواب مجاعة كبرى تفتك بثلاثين مليون انسان. وتم تنفيذ حملة ضد الامراض الانتقالية، وفي السنوات 1960 – 1976 تحققت في الصين زيادة في العمر المتوقع 21 عاما، رغم المجاعة الكبرى التي ضربت البلاد، ورغم الثورة الثقافية. اما الحملة على الامراض الانتقالية فقد تضمنت اللقاحات والاصحاح البيئي الواسع في الارياف، وتحسين البيئة في المدن والتثقيف الصحي وغيرها. وبعد عقود من الحملة المشار اليها، ظهرت بعدها الصين كقوة اقتصادية عظمى. ومعظم الدول التي حققت ازدهار اقتصادي خلال العقود الخمسة الماضية، حققت ذلك بعد عقدين من السيطرة على الامراض الا نتقالية، وتقليل وفيات الاطفال الرضع.
السيطرة على الامراض الانتقالية في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين قبل ظهور الادوية الفعالة لمعظم الامراض الانتقالية، وربما الافتقاد للادوية كانت الدافع للتطور في الاجراءات الاجبارية للحكومات مثل بسترة الحليب، والقوانين لمكافحة ازدحام المنازل والاستثمار في الماء الصالح للشرب وكذلك الاستثمار في المجاري. ومن ضمن الحملة للسيطرة على الامراض الانتقالية التعريف بالنشاطات الاجتماعية حول الصحة والنظافة ورعاية الاطفال وتعليم الفتيات وغيرها. ومن المشاهدات فان ثلثي الزيادة في العمر المتوقع للانسان في امريكا ومنذ 1880 كانت قبل ظهور الاستخدام الواسع للمضادات الحيوية واللقاحات. ومن الجدير بالذكر ان نصف الانخفاض في وفيات الاطفال الرضع في الصين بين الحرب العالمية الثانية و 1970 كانت بسبب المضادات الحيوية واللقاحات مع تعليم الاناث واصحاح البيئة وتحسن نظرة الناس للصحة.
ومع التحسن في نوعية الحياة في السنوات الاخيرة، يفقد الانسان الدافع الاهم للتقدم في الصحة العامة. ومنها النيجر من الدول الفقيرة،على سبيل المثال حيث حصة الفرد من اجمالي الناتج المحلي هو 363 -$- في 2016 وكانت 419 -$- في 1980 وفيها يحصل الطفل على خمسة سنوات في المدرسة (التعليم الاقل في العالم)، والحكومة تنفق 17 -$- لكل فرد للرعاية الصحية. ومع ذلك العمر المتوقع للانسان فيه 71 سنة بزيادة 17 سنة عنه قبل ربع قرن. والوفيات والعوق من الامراض الانتقالية انخفضت بمقدار 17% عنها في 1990.
التطور في النيجر وغيرها من الدول الفقيرة تعكس جهود المتبرعين الاجانب، والمنظمات العالمية والحكومات. وفي الفترة من 2002 الى 2012 ازدادت المساعدات للسيطرة على الامراض الانتقالية من 11 بليون دولار سنويا الى 28 بليون دولار. وعائدات هذه المساعدات تظهر في عمر متوقع للانسان اطول وانخفاض في وفيات الاطفال واضح، ومعاناة انسانية اقل.
ومن الملاحظ ان التركيز على التداخلات الطبية الضيقة لمعالجة الامراض الانتقالية كان على حساب كلفة الاستثمار في البنى التحتية، وقواعد التعامل مع الشركات، والعناية الصحية الجيدة وغيرها من العوامل التي تؤثر في الصحة وتتوضح في المؤشرات الصحية للمجتمع.
وفي الحقيقة، تراجع الفقر المدقع في كل مكان، افريقيا وجنوب شرق اسيا وفي معظم البلدان التي شهدت تطورا في السيطرة على الامراض الانتقالية. وشهدت الطبقة الوسطى في العالم النامي نموا واضحا، وتؤكد البحوث بان دخل الشخص من الطبقة الوسطى بين 10 -$- الى 20 -$- يوميا لكل 285 مليون شخص بين 2001 الى 2011. والنمو المشار اليه في الصين واروبا الشرقية وجنوب امريكا.
الدول المنخفضة الدخل (الدول النامية) عندما تسجل عمر متوقع للانسان يصل الى 60 سنة (تطور صحي واضح)، فان حصة الفرد من اجمالي الناتج المحلي تصل الى 1072 -$- (GDP per capita)، الا ان ربع هذا المبلغ تحقق في الدول المتقدمة عندما وصل العمر المتوقع للانسان فيها 60 سنة عام 1947، وبعبارة اخرى ان العالم قد تحسن بشكل واضح في العمر المتوقع للانسان وكذلك تقليل معاناة الاطفال في الاماكن الفقيرة. اما الفشل فهو في ادراك هذا التحسن من قبل الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق حملة المدارس للتوعية ضد التدخين (25-4-2024)


.. مجمع ناصر الطبي إلى الخدمة مجددا رغم قلة الإمكانيات




.. الجزائر.. قمة أفريقية لشركات التكنولوجيا الرقمية بمشاركة أمي


.. -احنا ناس صعايدة يابيه- استشاري الطب النفسي: هناك أسر تحاول




.. د. جمال فرويز استشاري الطب النفسي:بنفرح بنموذج الولد الجان أ