الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يحدث في مصحة كوبر ؟ 2

مروة التجاني

2018 / 10 / 13
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


كل كتابة هي امتنان ، لإنها تساعد الفرد في التعرف على قضاياه والمشاكل التي تعيق مسيرة تقدمه في الحياة ، فوق ذلك بالكتابة أولاً يتم كسر التابوهات الكبيرة مثل المرض أو دخول مشفى لتلقي العلاج النفسي . الوصمة الاجتماعية هي أول التابوهات حيث يظل كثير من الأفراد يحملون عبئها ويشعرون بالخجل فيتوارون خلف الانظار ، هنا من واجب مقدمي الرعاية الصحية تعريف المريض بمشكلاته ومساعدته للاندماج في المجتمع بشكل سليم ، لكن للأسف ! .

ما حدث في مصحة كوبر كان ينافي كل ما تقدم ذكره ، وسأورد حواراً دار بيني وبين الممرضة ( ف . ب ) التي كانت تردد عبارات معينة طوال اليوم على شاكلة " انتو اهلكم ديل لو كانوا عايزنكم ما كان جدعوكم هنا " ، " اصلا انتو ما عندكم اهل زاتو ، واهلكم ديل ما بعرفوا التربية زاتو " وكثير غيرها من الالفاط النابية بصوت عالي تسمعه كل المريضات بصمت وخجل من أنفسهن ، هكذا نجحت في كسر ارادتهن ويجوز لي القول أن جميع طاقم التمريض وظيفته الاساسية كانت كسر الارادة قبل مداوة المريضة ، حينها قلت لها سأقدم فيك شكوى لجنابو ( ح ) وهي المسؤولة من العاملين فكان ردها بعد الانتهاء من الشكوى " سأمنعك من الكتابة داخل المصحة لأن الكتابة أسلوب تهديد وعنف " وواصلت بالدارجي " نحن هنا بنكسر عظام وبنربط لمن ينزل دم وما عندنا زول بكتب وبقدر يفتح خشمو " .

لازلت غير قادرة على فهم كيف لجهة تتدعى معرفتها بعلاج العنف وافرادها يمارسون العنف الجسدي واللفظي بجميع انواعه . حين كنت هناك تم ادخال مريضة من جنوب السودان وكان العساكر يجلدونها بقوة داخل المشفى وامام انظارنا ، خلاف ذلك لم اشهد حالات جلد من الرجال للنساء من القبائل العربية ! .

ذكرت في المقال الأول الزنزانة ؛ لايمكن لكلمة أو عبارة أن توصفها ومع ذلك سأحاول الكتابة عنها . حين يأتي طلاب جامعة الرباط الوطني أو أي أفراد آخرين في زيارة خارجية يتم منعهم من مشاهدتها ربما لأنهم يعرفون بشاعتها . القتل هو اكبر الكبائر لكن المكوث لساعة واحدة داخل الزنزانة قتل بطئ ويستحيل علاجه .

الزنزانة الأولى لا تتسع لأكثر من فرد ، وهي عبارة عن مرحاض غير مستعمل ، قديم وتفوح منه رائحة الخراء والبول ، لا توجد بها نافذة ، مصنوعة من الحجر ، مليئة بالحشرات والنمل ، مظلمة ، تنام المريضة فيها عارية حتى لا تمسك الرائحة بملابسها ، ولأن طاقم العمل يخفن أن تنتحر أحداهن في ظل هذه الظروف القاسية يجردونها من الملابس . من يمكث فيها يوماً لن يتمكن من النوم بسبب حرارة الجو ولأن الحشرات ستظل تنهش جلده طوال الليل . في هذه الزنزانة هناك الفتاة ( ر ) من جنوب السودان ، عاشت فيها لشهور رغم معرفة الأطباء : السماح لمريض أن يمكث لأشهر داخل مرحاض ؟، لايتم اخراجها لرؤية الضوء إلا في ساعات الصباح الأولى لتستحم وتعود بعدها إلى ذاك المكان .

الزنزانة الثانية واسعة إلى حد ما ، لا تختلف عن الأولى في شئ ، هي أيضاً مرحاض قديم . قالت إحدى النزيلات " انا خايفة البت الجنوبية دي تموت ، أنتو يا جماعة الناس ديل ما عندهم رحمة " .

الجدير بالذكر أن الدخول للزنزانة آلية تهديد تلجأ إليها الممرضات لتخويف النزيلات واجبارهن على العمل ، قالت واحدة من النزيلات " والله العساكر ديل بدخلونا الزنزانة لأتفه الاسباب " وهذا جزء مما يحدث في مصحة كوبر للأمراض النفسية وسأكمل في الحلقة التالية خفايا هذا المكان الرهيب الذي أقل ما يمكن أن يوصف بأنه نسخة حديثة من معسكرات التعذيب النازية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس