الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسباب عزوف المعرّي عن الزواج

داود السلمان

2018 / 10 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المعرّي، كغيره من الفلاسفة والشعراء الكبار، كان لا يحسن الظن بالمرأة، ويرى أنها المسبب الاول لمأساتنا في مسرحية الحياة، فالنساء هن اللواتي ينجبن ويرمين في الحياة بالبشر كما ترمي امواج البحر الغاضب ما يعتريه من شوائب، فيقذفها خارج محيطه، تخلصا من تلك الشوائب والمنغصات. كذلك تفعل المرأة، فتكون سعادتها بالحمل والانجاب، ولا يحصل ذلك الا باصطياد الرجل، وبالتالي تقع المسؤولية الكاملة على عاتقه، فيروح يشقى ويكد ويتعب حتى يربي ذريته، الافتراضية، ونقول افتراضية لأن الرجل حينما ينط على زوجته لم يكن يعلم هل ستحمل منه بذكر أم بأنثى، وما لون بشرة المولود؟ وهل هو تام الخلقة ام هو يخرج الى الحياة مشوه؟ أم هل هو عاقر أم يخلف ؟ وهل زوجته كذلك؟...الخ. فيأتي المولود لا على التعيين.
لذلك فالمعري اعرض عن الزواج، بقناعة تامة، واراد أن لا يكون مساهم فاعل في خلق مأساة تضاف الى مأساة الانسانية، خصوصاً وأنه جاء الى الحياة وهو اعمي- او اصيب بالعمى فيما بعد- ورمى سهم الذنب على ابيه، وقرر أن يعزف عن الزواج للحيلولة لوقع مأساة لا يمكن دحضها بسد سهام القدر المحتوم.
وبحكم أنه فيلسوفاً وشاعراً فقد درس واقع المرأة، فرآه واقع مرير كما تنبأ بذلك، ولا يمكن اصلاحه، فحذر الرجال من النساء ومن حبائلهن:
إذا بلغ الوليد لديك عشراً *فلا يدخل على الحرم الوليد‏
ألا إنّ النســـاء حبال غِيّ **بهنّ يضيّع الشرف التليد‏
ولم يكتف المعري بهذه النصيحة للرجال فحسب، بل حذر اكثر وقال بملء فمه، مصرحاً بعدم الدنو من النساء، لأن الدنو منهن يعد كالمحارب الذي يدخل معركة وهو من دون سلاح، أو ان لديه سلاح لكنه لا يقاس بسلاح العدو الفتاك، فبالتالي سيخسر المعركة لا محالة، حتى وأن انتصر بها معنويا فهو الخاسر الاكبر وأن كان العدو ايضاً قد تضعضع وانهارت صفوفه الامامية، واعطى خسائر جسيمة بكافة المعدات الحربية؛ فمعركة الرجل باقترانه من المرأة هي معركة مصير، وهي الاشد من المعارك التي يخوضها مع العدو بعينه، فالعدو قد يعلم قوة اسلحته ويعلم قوة جيشه ومعداته الحربية الاخرى، لكن مع المرأة لا يعلم.
أُشدُد يَدَيكَ بِما أَقو** لُ فَقَولُ بَعضِ الناسِ دُرُّ
لا تَدنُوَنَّ مِنَ النِســـا** ءِ فَإِنَّ غِبَّ الأَريِ مُرُّ
وَالباءُ مِثلُ الباءِ تَخ ** فِضُ لِلدَنــاءَةِ أَو تَجُرُّ
سَلِّ الفُؤادَ عَنِ الحَيا ** ةِ فَإِنَّها شـــــَرٌّ وَشُــرُّ
وهو يعتقد أنه صادق بما يقول وغير موارب ولا مدلس، بل أنه يتكلم عن دراية وعن حنكة وتجربة، وكعالم خبير بعالم النساء، فمن لم يأخذ بهذه النصائح فهو الخاسر، والمعري مع هذا فهو محتار:
إذا قلتُ المحالَ رفعتُ صوتي
وإنْ قلتُ اليقينَ أطلتُ همسي
وحينما تسأل المعري عن المرأة وعن مكنوناتها، وهل النساء صنف واحد أم اصناف، و تسأله عن بعض خصوصياتها؟، يأتيك جواب المعري على الفور:
شَرٌّ عَلى المَرأَةِ مِن حَمّامِها
إِرسالُكَ الفاضِلَ مِن زِمامِها
وَمَشيُها تَضرِبُ في أَكمامِها
يَفوحُ رَيّا الطيبِ مِن أَمامِها
زائِرَةَ المَسجِدِ في إِلمامِها
تأَتَمُّ وَالخَيبَةُ في اِئتِمامِها
بِأَحدَلٍ ما عَفَّ عَن كِمامِها
أَعاذَها الخالِقُ مِن إِمامِها
فمن لم يأخذ بنصيحة المعري، وهو يعلم أن الكثير من الرجال سوف يعزف عن نصيحته، وسيضرب بها عرض الجدار، ويعتبر ذلك كلام شعراء وكلام فلاسفة، يعدون الحياة شر، والحياة ستتغير أن اقترنت بشريك، رجل بامرأة، امرأة برجل ستتم السعادة المنشودة ونعيش الدنيا كما هي، فيضرب المعري لنا مثلاً:
تزوَّجَ بعـــد واحدةٍ ثــــــلاثاً
وقال لزوجه يكفيكِ ربْـــعِي
فيُرضيها إذا قنعتْ بقــــوتٍ
ويرجُمُها إذا مالت لِـــــــتِبْعِ
ومن جمع اثنتين فما تــوخَّى
سبيلَ الحقِ في خمسٍ وربعِ
وللموضوع صلة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24