الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة انطباعيّة في ديوان: -لكِ وليس لغيرك- للشاعر عدنان جمعة بقلم الشاعرة ريتا عودة

ريتا عودة

2018 / 10 / 30
الادب والفن


ثمَّة مَن يرتبون المفردات كحجارة الأسوار على السطور، وثمّة مَن يصنعون منها طائرات أو أجنحة نسور، وثمّة مَن يكونون هُم القصيدة.
عدنان جمعة هو القصيدة فهو شاعر يعرف كيف يستدرج النّوارس لشواطئ القصيدة.
في ديوانه: " لكِ وليسَ لغيرك" الصادر في العراق سنة2017 تجلَّى عدنان للمتلقّي كعاشق مُرهف الحسّ، جمع في شخصيته بين الحسّية إلى منتهاها والرّقة العذبة إلى منتهاها، بين الرجولة والأنوثة لذلك أتى ديوانه طازجا شهيّا:



(49)
اقتربَ منّي قميصك الأصفر
أكثر
أشاح لي بتفاصيل صغيرة
فابتسم النهر



(58)
دعي النهر لا يجفّ
سئمتُ العطش



(83)
بطوفان القُبل
غسلتُ خطايانا بهذا الليل



(98)
حان وقت الحصاد
لستريحَ بينَ بيادر نهدَيْكِ



(112)
أيا ألمي
اخلعي هذا المساء
لأكتوي بنيران لذّتي



(123)
يا قمر الرّوح...
املأي فساتينك
بتوهُّج العشق



صنّف شاعرنا ديوانه تحت العنوان: نصوص، تواضعا منه فما قرأت ينتمي لفضاء الومضات الشعريّة التي تستمدّ قوّتها
من عنصر التكثيف فتفتح أمام المُتلقّي آفاقا للتأويل.
مَن يدخل ديوان عدنان، مرآته، يعرفه بعُمق، فهو شاعر مشاغبٌ، مشاكسٌ، يشي قلبه بحنيّة الأبوّة، ويتّسم عشقه بالوفاء:



(52)
طلّقتُ نساء العَالَم
من أجلكِ

أمّا في هذه الومضة فقد تجلّى وفاؤه العشقي كما عبقريته الشعريّة:



(29)
لستُ بائعا متجوّلا في أزقةِ النساء
إلا زقاق عينيكِ معقود
لا يُؤدّي إلى نون النّسوة


من فرطِ غروره العشقي يعتبر جمعة أنّ ديوانه هذا أصبح مزارا للعشّاق:



(23)
أنا
مزار للعاشقين
على رأسي تُغنّي إناثُ النّوارس


إناث النّوارس، الإنسيات المعجبات بشواطئه، يُغنيْنَ فوق رأسه لإغوائه، لكنه لا يلتفت لأيّ منهن. هي حبيبته لا سواها. حتّى أنّ الديوان حمل اعترافه العشقي أن لا امرأة في قلبه سواها: لكِ ليس لغيرك.
يعترف لها مرّة تلو المرّة أنها وحدها مَن ملكت قلبه:



(18)
لو خُيّرتُ أن أعشق ثانية
لعشقتُكِ آلاف المرّات


من ومضات الديوان نستنج أن حبيبته تصغره بثلاثين عاما ممّا يؤرقه ويجعله كمَنْ يمشي على الجمر:



(47)
بيني وبينك واو طويلة المسافات
ثلاثون عاما وعدّة أمتار
أمشي على الجمر

المفردات: (عدّة أمتار) تشير إلى أنّها قريبة منه مكانيا، فهي كما يبدو عراقيّة الهوية تقطن بالقرب من قلبه وهو يعتبرها فرح عمره:



(121)
العمرُ أفراح
لا تتكرّر
أنتِ أكبرها



قرأتُ هذا الديوان بمتعة الإبداع، أنا المغرمة بالومضات الشعريّة.
ها أنا أقطفُ بعض الومضات عن شجرة هذا العشق لعلّ القارئ يقترب من تجربة عدنان جمعة الشعريّة فيتعمّد بمائها المُقدّس:



(12)
قلبي سلطان بثياب شحّاذ
يستجدي الماء



(13)
صبرا مجنونتي. نحنُ متشابهان:
أنتِ النّداء
أنا الصدى



(57)
أشعلتُ أعواد البخور
ودعاء
.
.
عسى أن يقودني قلبك لأسراره



(65)
أعلّق صُورَكِ على حائط التّمنّي
أراقصها ببراعة الفجر
على ضوء شمعة



(72)
معولي لم يُثلم
سأهدمُ جدارَ الوهمِ
باحثًا...
عن سعادة مفقودة



(109)
مَن أنا؟
مَن أنتِ؟
مَنْ ألبسَ الآخر ثوب النّسيان


أمّا في هذه الومضة فقد تجلّى شاعرنا في ذروة عبقريته الشعريّة إذ اجترح التعبير: (قيامة الحُبّ) الذي سينسبه التاريخ الأدبيّ إليه، كما نُسبَ إليّ التعبير الذي أصبح متداولا بين الشعراء والعُشّاق: ( أُحبُّكَ بالثلاثة):



(78)
منحْتِني...
قيامةَ الحُبِّ
فعانقني الياسمين



هكذا، منح عدنان جمعة، هذا الشاعر العراقي، قيامة للمُتلقِّي الغارق في سبات النّصوص التي أكل عليها الدهر وشرب، فنهض ليهلّل للشّعر كما للعشق.


---------------------
30.10.2018
حيفا














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع


.. هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية




.. إعلام إيراني يناقض الرواية العراقية حيال -قاعدة كالسو- وهجما