الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الناصر والخميني وخيبة أملي الكبيرة!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2018 / 11 / 7
سيرة ذاتية


من أحلام الفتى الحالم؟!
(حديث الذكريات)
********************
حينما قامت الثورة الخمينية عام 1979 في ايران كان عمري 14 عامًا، وكنت وقتها - وربما نتيجة متابعتي لبرنامج (العلم والايمان) للدكتور مصطفى محمود واطلاعي على كتبه ومشاهدتي لفيلم الرسالة - قد اصبحت فتى متدينًا!!، بعاطفة دينية اسلامية روحية جياشة لكنها ايضا ليست معادية لا للوطنية ولا للقومية ولا للعلم ولا للعقل ولا للأدب والفن، باختصار كنت (فتى ليبي عربي مسلم) حالم وعلى الفطرة قلبه مفتوح وعقله مفتوح، ولكنه بحكم أنه عربي ومسلم فإنه كأي انسان يعتز بأمته كان يتمنى لأمته الرقي والتقدم والعزة. لهذا كانت فرحتي بثورة الخميني كبيرة بل تفوق كل وصف!، ولم اكن يومها اعلم بالفوارق الطائفية بين المسلمين (سنة/شيعة/اباضية/يزيدية/امة الاسلام/سلفية/صوفية) لا شيء من هذا في ذهني، انما هو حب الاسلام وحب العروبة وحب الوطن وحب الخير للانسانية عامة!.. لهذا فرحت بثورة الخميني واغرورقت عيناي بالدموع من شدة الفرح حينما رأيته يهبط من سلم الطائرة ثم ليخرَّ على الأرض عند وصوله اليها ساجدًا سجود شكر!.. انفلتت عندها عيناي تذرفان بالدموع السخية الحارة لشدة ما يجيش في صدري من عاطفة دينية اسلامية تحلم بالعزة والنهوض للامة تمامًا كحالي حينما أشاهد (فيلم الرسالة)( فيلم انتصار النبي محمد وأصحابه على جلاديهم من قريش)، فكنت أقضي الوقت في مشاهدة احداث قصة الاسلام وعيناي تذرفان الدموع من شدة الانفعال العاطفي.. وكنت لا أسأم من مشاهدة هذا الفيلم!.. أما حينما أستمع لخطابات عبد الناصر الحماسية النارية فوالله كنت أشعر بالقشعريرة وأن شعر ساعدي آخذ في الوقوف من شدة الحماسة!!.. كنت فتى متدينًا وحالمًا في الوقت ذاته، في سن المراهقة بمعناها البدني والذهني والنفسي والفكري!... ويومها لم انظر للخميني الا على أنه قائد مسلم وحسب ويريد الخير للأمة المسلمة (*)، لم تخطر في بالي ابدًا أنه شيعي او ايراني فارسي ولم يخطر ببالي أن ايران الخمينية ستصبح تشكل تهديدًا جديًا لأخوانهم العرب الى درجة تجعل بعض حكام العرب - في غمرة قلقهم وخوفهم من ايران - يُقيم علاقة مع الكيان الصهيوني طلبًا للحماية بذريعة (عدو عدوك صديقك!) أو (تحالف مع عدوك الأقل خطرًا وشراسة ضد عدوك الأكثر خطرًا وشراسة!!)!!... لا شيئا من كل ذلك خطر في بالي ومر بخيالي يوم فرحت بالثورة الاسلامية في ايران... فرحة كبيرة كفرحة ابائنا بثورة جمال عبد الناصر العروبية وثورة القذافي وغيرهم من قادة العرب الذين اثاروا مشاعرنا وحماستنا القومية العربية وهم يهتفون : ((ارفع رأسك يا أخي!))(( ارفع رأسك فقد دقت ساعة النصر!!) ..... لتمر الايام والاعوام ويكشف الله عنا غطائنا فاذا ببصرنا حديد!.. واذا بهم ليسوا سوى طغاة دمويين وشموليين ودجالين سياسيين أحلوا قومهم دار البوار!!...... واليوم وانا في هذا العمر ( 55 عام) لم اعد ذلك الفتى الحالم مرهف الحس الديني والقومي والوطني قطعًا!، خصوصًا بعد هجرتي الاضطرارية من بلادي (ليبيا) في أرض الله الواسعة وبعد أن مررت بكل محطات تجارب التوجهات الايديولوجية المتناطحة فوق أرض العرب تناطح الماعز والتيوس!.. وسفري من بلد إلى بلد، ومناقشاتي الطويلة الفكرية والدينية والسياسية مع كل أصناف البشر واطلاعي على كافة مدارس الفكر والنظر!.. فقد اتضحت لي حقائق كبيرة وأخرى مريرة لم تكن لتخطر لي على بال يوم كنت ذلك الفتى العربي المسلم البسيط مرهف الحس الحالم الذي يذرف تلك الدموع الساذجة بذلك القلب المحب البرئ فرحًا بثورة الخميني او قبلها بثورة عبد الناصر والقذافي وحزب البعث ويستمع عبر المذياع إلى إذاعات صوت العرب والجماهيرية العظمى وصوت الجماهير وقلبه يخفق بشدة وانتشاء على صوت قرع طبول الحرب وتحرير فلسطين واستعادة القدس!.. القدس التي باتت مجرد ورقة سياسية يتلاعب بها الساسة السلطويون القوميون والاسلاميون في بلاد العرب والفرس والترك وعند السنة والشيعة على السواء لنيل اعجاب الجماهير وتخدير عقولهم وتثبيت سلطانهم على رقاب شعوبهم!.. هانذا اليوم ذلك الكهل الخمسيني المغترب الذي يرنو بعينه الحسيرتين الكسيرتين لكل هذا (الهشيم) وهذا (الفشل العظيم) الذي يعم العالم العربي والاسلامي واتسائل في أسى وأسف: ((تُرى!!؟؟.. أبعد كل هذا الشر من خير!؟ أبعد كل هذا اليأس والاحباط من أمل!؟)) .. ويأتيني صوت من اعماقي من مكان بعيد يشبه لصوت زقزقة الطيور عند مطلع الفجر عند مقدم الربيع: (لا تحزن!.. فمادام الله موجودًا، فالأمل موجود)!.
تحياتي وتصبحون على خير!.. على وطن!.. على حياة كريمة وحرة, وديموقراطية مستقرة يعيش فيها الجميع أحرارًا محفوظي حق العيش وحق الكرامة!
سليم الرقعي
(*) هذه المقالة وأشباهها من مقالات حكاياتي وذكرياتي التي كتبتها خلال العشرين سنة الخالية التي قضيتها في دار الغرب والغربة أفكر في أن أحولها إلى كتاب عن السيرة الذاتية بعنوان: ((مذكرات انسان عادي في زمن غير عادي!؟)).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا عليك
عدلي جندي ( 2018 / 11 / 7 - 20:19 )
أخي مرهف الحس ووطني المشاعر
التاريخ لا يظلم أحد
ولإن أبناء ما يسمي بالوطن العربي كانت ثقافتهم يتلقفونها من جرادل السلطة سيان دين أو دنيا لم نكن علي دراية بعمق المأساة
خروجنا من الحظيرة وتحرر المعلومة من جرذان السلطة تعرفنا علي جزء يسير ولا يزال الطريق طويل
تحياتي
أعتقد يُصبِح كتاب ذكرياتك ومشاعرك مرجع رائع


2 - أشكرك عزيزي عدلي جندي
سليم نصر الرقعي ( 2018 / 11 / 8 - 02:10 )
أشكرك جزيل الشكر على هذا التعليق القيم والكريم ، وأوافقك أن الطريق لا يزال طويلا ، وقد لا يكون بمقدورنا نحن هذا الجيل الذي يعيش عصر الانهيارات الكبرى الا ان نترك للأجيال القادمة سوى كلماتنا وصرخاتنا من بين الانقاض ووسط هذا الغبار ليعلموا ان رعيلهم الاول لم يبتلعوا السنتهم امام كراديس الجهل المركب وجنون السلطة وخيانة المثقفين ، سنترك صرخاتنا هنا في ذاكرة العالم الافتراضي لتلك الاجيال التي قد تكون اكثر حظا منا نحن من ولدنا في زمن الانهيارات والخيانات ... ولك خالص تحياتي

اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا