الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل وزارة الصحه فرع من فروع الأزهر؟

طلعت رضوان

2018 / 11 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل وزارة الصحة فرع من فروع الأزهر؟
طلعت رضوان
مع ظاهرة (طغيان اللغة الدينية) على مُـجمل واقعنا التعليمى والإعلامى والثقافى، فإنّ أغلبية المُـتعلمين المصريين تأثروا بهذا الطغيان..كما لوكانوا قد أصيبوا ب (فيروس) فتاك..ولاسبيل للشفاء منه..وحتى كتـــُـتاب سيناريوهات المسلسلات والأفلام السينمائية..وقعواهـُـم أيضـًـا تحت (سنابك) هذا الطغيان، والأمثلة على ذلك كثيرة..ومن بينها (على سبيل المثال) الثنائية المتبادلة بين زوج وزوجته عند السفرولغة الوداع (لا إله إلاّ الله) فيرد الطرف الثانى (محمد رسول الله) ولم يسأل كاتب السيناريونفسه: هل يجوزأنْ تكون لغة الوداع (لا إله إلاّ الله، عيسى رسول الله)؟ أم أنه نسى أنّ مصرمُـتعددة الأديان؟ ومن الأمثلة- أيضـًـا- أنّ المشاكل لايحلها إلاّشيخ الجامع..ومن الأمثلة ظهورالممثلات بالحجاب، بدون أى مبررمُـتسق مع مُـجمل الأحداث..إلخ.
طغيان اللغة الدينية ظلّ يزحف ويتغلغل بالتدريج حتى غزا عقول غالبية الوزراء، الذين (سواء بحـُـسن نية واجتهاد شخصى، أولمغازلة الحكومة فى تقديم تبريرات العجزعن تلبية المطالب الأساسية للجماهيرالشعبية) ولذلك كان هؤلاء الوزراء يلجأون للميتافيزيا..كمسكنات تخديرية، فى تصوّرساذج أنّ التخدير الميتافيزيقى سيبتلعه البسطاء الفقراء من شعبنا..وكأنهم أطفال (بـُـلهاء)
من بين نماذج الوزراء الذين استخدموا اللغة الدينية، د.هالة زايد (وزيرة الصحة) التى خاطبتْ أهالى المرضى من شعبنا قائلة ((داوا مرضاكم بالصدقة)) (اليوم السابع-12نوفمبر2018- وصحف ومواقع أخرى) وهذا الحديث يستوجب التوقف أمامه وتأمله وإبداء الملاحظات التالية:
أولا: العلاج فى كل الدول (فقيرة وغنية، متقـدّمة ومتخلفة) يكون بوسائط الطب (عمليات جراحية أودواء إلخ) وليس بأداء الصدقة.
ثانيـًـا: العلاج بالصدقة، لوكان ضمن خطبة يوم الجمعة الأسبوعية، أوضمن حديث لشيخ تليفزيونى..إلخ (قد) يتقبـّـله المواطن، بالقبول أوبالرفض، بالابتسام أوبمصممة الشفايف وهزالكتف أوبالسخرية..ولكن أنْ يكون على لسان وزيرة (الصحة) يكون الحاصل أنّ مصرتشهد مرحلة لم تخطرعلى ذهن المبدع الكبير(فرانزكافكا) وهويكتب رواياته البديعة التى صوّرفيها المجتمع العبثى/ الكابوسى/ السوداوى فى مجتمعه التشيكى فى نهاية القرن التاسع عشر.
ثالثــًـا: بالفرض أنّ (الصدقة) التى سيـُـخرجها المريض، سيترتب عليها علاجه وتخلصه من المرض..وبالتالى لن (يحتاج إلى أدوية ولاعمليات جراحية) فكيف غاب عن ذهن السيدة الفاضلة الوزيرة، أنّ هؤلاء المرضى وأهاليهم لايملكون (ترف) أداء (الصدقة) بل إنّ أغلبهم لايملكون المال الذى يـُـوفرلهم تلبية احتياجاتهم من طعام ومصاريف المدارس وملابس الأولاد..إلخ..وأنّ دخلهم الشهرى بالكاد يـُـعطى الحد الأدنى من هذه الاحتياجات الضرورية.
رابعـًـا: يبدوأنّ السيدة الفاضلة الوزيرة تأثــّـرتْ بما حدث منذ سنوات، بفضل تغلغل تيارالأصوليين الإسلاميين على عقول شعبنا..وكانت النتيجة انشارظاهرة اليـُـفط الموضوعة على مداخل معظم المستشفيات (الحكومية والاستثمارية) وعلى معظم عيادات الأطباء الخاصة..ومكتوب عليها نص الآية القرآنية ((وإذا مرضتُ فهو يشفين)) (سورة الشعراء/80) أى أنّ الوزيرة تــُـكمل وتــُـساند التيارالأصولى الإسلامى فى الترويج للميتافيزيقا كبديل عن العلاج بوسائل الطب.
خامسًـا: كلام السيدة الفاضلة الوزيرة عن العلاج بالصدقة، كفرع من فروع الميتافيزيقا، ذكــّـرنى بالرباعية التى كتبها فيلسوف الشعرالمصرى (صلاح جاهين) وقال فيها ((منين أجيبها كلمة متألمه/ لعبيه، فايره، حايره ومصممه/ منين أجيب كلمه تكون بنت أرض/ تشفى اللى ما شفاهوش كلام السما)) فلأنّ جاهين كان على وعى بخطورة خلط ماهودينى، بالواقع المادى على الأرض..وأنّ تجارب الشعوب، منذ عصورالحضارات القديمة، حتى العصرالحديث، أثبتتْ أنّ علاج الأمراض كان بوسائل طبية، من ابتكارالبشر..وليس باللجوء إلى الميتافيزيقا التى كانت سائدة فى عصورهم.
سادسـًـا: فات السيدة الفاضلة الوزيرة أنّ الأثرياء ورؤساء الدول لايلجأون لعلاج أنفسهم (بالصدقة) بالرغم من أنهم يستطيعون أداء أية مبالغ للفقراء والمساكين (كصدقة) أضعاف أضعاف ما (قد) يدفعه المرضى من ذوى الدخول المحدودة (ناهيك عن المرضى من ذوى الدخول المعدومة) بل إنّ كبارالشيوخ وعتاة الأصوليين الإسلاميين عندما يمرضون لايلجأون للميتافيزيقا..وإنما يـُـسارعون بعرض أنفسهم على كبارالأطباء، ليس فى مصر(فقط) بل فى مستشفيات أوروبا، كما فعل النجم التليفزيونى الشيخ متولى الشعراوى، الذى أفتى بأنّ عملية (غسل الكلية) يعنى إطالة عمرالمريض..وهذا معناه تأخيرلقاء ربه..ولكنه عندما أصيب بمرض خطيرقد يعجل بوفاته، ذهب إلى لندن..وأجريتْ له عملية نقل دم كاملة، فهو- إذن- كما كتب د.خالد منتصر((عطل لقاء ربه)) وذهب الشعراوى للمرة الثانية إلى لندن لإجراء عملية (نقل قرنية) بالرغم من أنه سبق وأفتى بأنّ نقل الأعضاء من إنسان إلى إنسان (حرام وفقــًـا للشريعة الإسلامية والفقه الإسلامى) وكان ذلك بمناسبة مطالبة بعض الأطباء والمثقفين المصريين باستصدارقانون يسمح ويـُـنظم عملية التبرع بالأعضاء..وبالرغم ذلك وافق على إجراء العملية التى أنقذته من (حالة العتامة الكاملة وفقدان البصر) والأكثرأهمية أنّ فريق الأطباء الذين أجروا له عملية (نقل القرنية) د.روزين (يهودى الديانة) ود.فايزبطرس (مصرى مسيحى) ود.سويدان (مسلم) وعندما سأله أحد الصحفيين عن الأطباء المُـنتمين للأديان الثلاثة قال: إنهم أقرب إلى الله من كثيرين غيرهم..وكان تعقيب د.محمد غنيم على تناقض الشعراوى، بين فتاواه بتحريم نقل الأعضاء أو(غسل الكلية): كيف أحلّ الشيخ لنفسه ما حرّمه على الآخرين؟
سابعـًـا: هل السيدة الفاضلة وزيرة الصحة، خريجة كلية الطب؟ أم خريجة هيئة من الهيئات التابعة للأزهر؟ مثل مجلس الشئون الإسلامية؟ أومجمع البحوث الإسلامية إلخ؟ وإذا كان هذا هوتوجهها، فكيف تـمّ اختيارها لمنصب وزيرة (للصحة)؟ ومن الذى رشـّـحها؟ ولماذا لم يكن ترشيحها لرئاسة مشيخة الأزهر؟ أو- على الأقل- لرئاسة هيئة من الهيئات التابعة للأزهر؟
ثامنــًـا: الوزيرة كى تستمرفى منصبها، دافعتْ عن الحكومة مع العجزعن توفيرالدواء فى الصيدليات..كما ذكرعضونقابة الصيادلة د.محمد العبد بأنّ النقص بلغ800صنف..وقابل للزيادة..وفق إحصاء أجرته النقابة فى شهرسبتمبر 2018..وصدق البعض عندما نحت تعبير(مشيخة وزارة الصحة)
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي