الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سني سني ، شيعي شيعي وكردي كردي / محاور الصراع في العراق

عبد الستار الكعبي

2018 / 11 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


سني سني ، شيعي شيعي وكردي كردي / محاور الصراع في العراق
بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق عام 2003 ظهر الى السطح انقسام المجتمع العراقي الى مكونات رئيسية (شيعة، سنة وكرد) إضافة الى المكونات الأخرى (تركمان، مسيح، صابئة، وأيزيدية) وصار الحديث باسم هذه المكونات السمة الابرز للسياسيين . واتضحت ملامح السلوك السياسي الشيعي والكردي باستغلال السلطة التي آلت اليهم تعويضا عن مظلومية تمتد سنوات بعيدة فيما تصرف السنة من منطلق السعي لاعادة السلطة اليهم بعد ان كانوا هم قادة البلد منذ تأسيس الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي. ودغدغ هذا النمط السياسي الجديد مشاعر عامة السنة والشيعة والكرد بشكل واضح مما اعطى قوة إضافية لسلوك السياسيين الذين يعملون تحت راية هذه العناوين كما انه وجد قبولا ودعما كبيرين من قبل المحيط الاقليمي السني (تركيا والدول العربية) والشيعي (ايران) مما أوصل الأطراف المختلفة الى حالة صراع سياسي من اجل حماية المكونات التي يدعون تمثيلها والحفاظ على مكتسباتها والعمل للحصول على المزيد منها .
وادت هذه الرؤية السياسية بالتعاضد مع الوضع الإقليمي المحيط بالعراق الى حدوث الكثير من حالات واشكال الاقتتال بين الشيعة والسنة يقوده ويمثله ويغذيه طبقة من السياسيين الذين لم يستطيعوا الاتفاق على منهاج عمل وطني مشترك بل استمدوا قوتهم من الدعم الخارجي، وكذلك أدى الى حصول صراع سياسي بين حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية. وهذه الصورة تعني وجود تكاتف بين ممثلي المكون الواحد باتجاه ممثلي المكونات الأخرى أي ان الصراع كان بين المكونات الرئيسية، الشيعة ، السنة والكرد .
ولكن بعد ان ذاق السياسيون من كل الاطراف والمكونات حلاوة العمل السياسي من جهة المغانم المالية الكبيرة والامتيازات الاخرى صاروا يتقاتلون من اجل الفوز في الانتخابات النيابية ورجوعهم الى مجلس النواب مرة أخرى. واتجهت اغلب القوائم الى تزوير نتائج الانتخابات لصالحها برشوة بعض المسؤولين في مفوضية الانتخابات في داخل العراق وخارجه لأجل تحقيق هذه الغاية.
وخلال الدورة البرلمانية 2014 – 2018 بدأت الصراعات تأخذ منحا اخر حيث خفت نسبيا ملامح الصراع الشيعي السني ولاحت في الساحة ملامح صراع سني سني وصراع شيعي شعي. فقد توج الشيعة خلافاتهم بعدم ترشيح (نوري المالكي) لمنصب رئاسة الوزراء بعد ولايتين متتاليتين وتم تسليم المنصب الى (حيدر العبادي) رفيقه في حزب الدعوة الإسلامية وتعالت وزادت التصريحات من طرف التيار الصدري ضد نوري المالكي تتهمه بالفشل في إدارة الدولة وضياع عشرات مليارات الدولارات وانتشار الفساد المالي والإداري والاكبر من ذلك اتهامه بانه السبب في سقوط الموصل بيد داعش وتعرض المئات من العسكريين في قاعدة سبايكر في تكريت الى القتل بعد وقوعهم في فخ داعش الإرهابي.
وفي الطرف السني اتهم السياسي البارز صالح المطلك عائلة الكربولي بتهريب مبلغ قدره اكثر من (ثمانمائة مليون دولار) فيما تعرض هو الى اتهامات بتبديد مبلغ (يقال انه يصل الى مليار دولار) الذي خصصته الحكومة المركزية الى النازحين من المحافظات السنية التي كانت ساحة قتال بين داعش والجيش العراقي والحشد الشعبي والاستحواذ على جزء كبير من المبلغ المخصص لهم.
وبعد انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد المتشكل من الفائزين بالانتخابات النيابية التي جرت في عام 2018 اشتد الصراع وظهر جليا تحوله من صراع مذهبي شيعي سني، وقومي بين اقليم كردستان والحكومة المركزية، الى صراع داخلي ضمن كل المكونات وخاصة الكبيرة منها فقد اختلف الكرد فيما بينهم على من يتم ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية الذي هو من حصة الكرد حسب المحاصصة السياسية، وانقسموا الى مؤيد لمرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ومؤيد لمرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني ولم يتفقوا حتى مع توسط بعض الأطراف مما اضطر مجلس النواب العراقي الى طرح مرشحي الحزبين للتصويت وكانت النتيجة فوز (برهم صالح) مرشح حزب الاتحاد الكردستاني باغلبية كبيرة. ونتيجة لخسارته منصب رئاسة الجمهورية عمل الحزب الديمقراطي على الاستحواذ على الوزارات المخصصة للكرد وضغط بشكل كبير من اجل ابعاد حزب الاتحاد عنها وعدم منحه اي وزارة، ومازال الصراع بينهم على هذا الموضوع لحد الان.
وفي الجانب السني حصل امر مشابه اذ تصارعت القوى السنة على المناصب المخصصة لها ولم تتفق على ذلك بشكل كلي فقد تم توزيع بعض الوزارات بينها ثم اعترضت اطراف أخرى على هذا التوزيع فيما بقيت وزارة الدفاع محل صراع كبير بينها وتم ترشيح بعض الاسماء لهذا المنصب الا انها لم تطرح للتصويت داخل مجلس النواب بسب الخلافات الشديدة بين ممثلي السنة ومازال صراعهم على منصب وزارة الدفاع قائما لحد الان . وتسربت الكثير من الاخبار عن فضائح تقديم عروض كبيرة لبيع وشراء المنصب الذي يتصارع عليه سنة كتلة البناء وسنة كتلة الاصلاح اضافة الى الصراع الداخلي بين اطراف كل من سنة البناء وسنة الاصلاح .
وفي الطرف الشيعي تتصارع كتلتي البناء (المالكي والعامري والخزعلي) وسائرون الصدرية ومعها كتلة النصر (حيدر العبادي) على اكثر من منصب اهمها منصبي وزير الداخلية ووزير التعليم العالي الذي رشحت كتلة البناء له النائب السابق عن التيار الصدري (قصي السهيل) الذي فاز بعضوية مجلس النواب لهذه الدورة من خلال ترشحه مع دولة القانون العدو اللدود للصدريين مما دفع كتلة سائرون ان تتخذ موقفا متشددا برفض ترشيحه لهذا المنصب، اما منصب وزير الدخلية فقد رشحت كتلة البناء له (فالح الفياض) الذي رفضته بشدة أيضا كتلة سائرون بادعاء انه كان بمنصب وزير سابقا.
ونلاحظ مما قدمناه ان الصراع السياسي في العراق تحول من صراع بين مكونات (شيعة وسنة وكرد) الى صراع داخلي بين سياسيي كل مكون حيث ان الشيعة والسنة بعيدون عن صراع الكرد في مابينهم على منصب رئيس الجمهورية وان الكرد والشيعة بعيدون عن صراع السنة في ما بينهم على منصب وزير الدفاع وان السنة والكرد بعيدون عن صراع الشيعة في ما بينهم على منصب وزير الداخلية.
ولاتلوح في الأفق أي بوادر لانفراج الازمة واتفاق الأطراف المتصارعة مما يعني تجذر الخلافات وقد تصل الى درجة القطيعة بينها وخاصة بين كتلتي الفتح وسائرون التي قد تتجه الى المعارضة في حالة إصرار الفتح على ترشيح (فالح الفياض) لمنصب وزير الداخلية.

عبد الستار الكعبي
باحث قانوني ودستوري
مؤلف وكاتب سياسي مستقل
بغداد 20/11/2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو