الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيرين وفرهاد: الفصل السادس 5

دلور ميقري

2018 / 12 / 1
الادب والفن


لم يشعر بمعاناة تأنيب الضمير، إلا فيما بعد. ذلك أنه لم يسعَ إلى المتعة الحسية عند " لويزة "، على الأقل في البداية. على الرغم من انبهاره بجسدها، فإنها هيَ التي افتتحت طريقَ الوصال من خلال حركات الإغراء. ولكن، عم كان يبحث لديها تحديداً؟ لعل الأمر تعلقَ بحاجته لتجربة مثيرة ومُلهمة، يحيلها على الورق إلى مادة أدبية. وكان في الوسع الذهاب أبعد، حدّ القول أنه عثر فيها على " القرين " المعادل لشخصية المرأة ذات الثوب الأحمر. لولا أن علاقتهما، كما علمنا أيضاً، استهلت قبل أن يأخذ على عاتقه عبء مهمة تحقيق السيرة المراكشية. أو ربما الأمر ببساطة، أنه وجد في شخصية " لويزة " جانباً ملغزاً، سرّانياً، شاء اختراقه بما امتلكه من ميلٍ إلى البحث والاستقصاء. هكذا أندفع في المغامرة، دونَ أن يخطر في ذهنه إطلاقاً أنه يشتري جسداً مقابل المال.
مع ذلك، لم تكن علاقتهما مبتذلة حتى لو كان أساسها المنفعة. دروس الرسم أيضاً، ما كانت حيلة فجة للاستفراد بصاحبة الكفل الملكيّ. إذ كان محض ملاحظة عابرة، ذكره مرةً بأنه كان يدرّس مادة الرسم للأطفال ثمة في بلد المهجر السويديّ. عندئذٍ، بادرت كنّة الدار للتوجّه إليه بالقول: " لو كان في الوسع إعطاءُ دروسٍ مماثلة للويزة، علّها تتمكن من صقل موهبتها "
" وما أدراها بهذه الأمور، كنّتنا الصغيرة؟ "، ردّ عليها مُداعباً كعادته باستعمال التعبير السوريّ. وفيما انطلقت ضحكة " حسنة "، فإنّ الأخرى المعنية أوضحت بنبرة جدية، أنه زوج " أنغام " مَن سبقَ ووعدها بمساعدتها في التسويق لو استطاعت تنفيذ اللوحات بحرفية. المعلومة الأخيرة، استعادها ذهنه في وقتٍ لاحق؛ في وقتٍ كانت خلاله الدروسُ قد أضحت على نحوٍ آخر، تُرسم فيه ألوان الشهوة على قماش الجسد النديّ ـ كما يفعل وشمُ محترفة النقش بالحنّاء في بشرة سائحة أجنبية، ثمة في ساحة جامع الفنا.

***
" كلانا غير محروم من الجنس، ولكنه في المقابل، يتوقُ إلى الحب "، قال لها بشكل مكشوف أول مرة لمسَ فيها يدها. وإنها ذات اليد، التي سبقَ أن قبضت على يده في ليلة ختان الصبيّ لتنقلها من شق ردفيها العظيمين إلى استدارة الصدر العارم. وإذ منعَ مجيءُ كنّة الأسرة آنذاك التواصلَ المباشر بين الجسدين، فهيَ ذي المرأة الصغيرة ذاتها تقفُ الآنَ في خارج مكان الخلوة كحارسٍ لهما. كان الصباحُ إذاً ينحني بحنوّ على الصالة العلوية، الشاهدة على أحد الدروس، حينَ أجاز لنفسه الردّ بتلك الحركة على إيماءة مألوفة من تلميذته المفترضة. لم تسحب " لويزة " يدها حالاً، مثلما أنّ جوابها على جملته الجريئة تأخر قليلاً. غمغمت أخيراً بصوتها المبحوح، مسدلة رموشها إلى حيث اليد المقتحمة: " إذا كان هوَ الحب، فإنه لم يأتِ إلا بعد فوات الأوان ". أدرك بالطبع ما تعنيه، وفي التالي، أطربته النغمة المتوافقة مع لحنه. فقال لها بتعبير أوضح، متشجعاً بما لمسه من تجاوب: " يقال، أن القدرَ يقودُ أحياناً المرءَ إلى حبيبته الحقيقية وذلك عن طريق امرأة أخرى ". رنت إليه عن كثب، متملية في ملامحه، ثم لم تلبث أن تنفست بعمق. بقيت صامتة. ولكن وجهها، الذي أشيحَ باتجاه النافذة، لاحَ مبتسماً سعيداً. مضى بصرُهُ بأثرها، ليحط هنالك على تعريشة المجنونة، الملتفة أغصانها على أضلاع النافذة ـ كما تفعل أفعى جلدها بلون التراب، حينَ يعرضها العيسَوي لأعين الجمهور في ساحة السحر والأعاجيب.
الدروس الدورية، المبتعدة رويداً عن غايتها، كان عليها أن تتوقفَ لسبب طارئ. " حامي "، وكان يُماثل العشيقة في العُمر، رجع فجأة إلى منزل الأسرة في إجازة لمدة أسبوع. كون حجرته ملاصقة للصالة، صارَ من المجازفة الاستمرار بتلك الساعة السرية. فضلاً عن لحظات الترفيه الحميمة لجسده، صادفَ " الأستاذ " نجاحاً فيما يخص تحويلها إلى مادة خام للعقل: العشيقة، وعلى الرغم من طبعها المتكتم الماكر، كانت وهيَ تفضي إليه بهمومها تبثُ إشاراتٍ حول حياة أسرتها سواءً في الحاضر أو الماضي. هذه الإشارات، تمّكنَ من حلّ شيفرتها من خلال ربطها بعضها ببعض، متكئاً كذلك على معلوماته الخاصة، المستمدة من مصادر أخرى.

***
بدخل زوجها، غير المتجاوز ألفي درهم شهرياً، عليها كان أن تتدبّر مصروفَ أسرة من ثلاثة أشخاص علاوة على إيجار الشقة. الأب الملول، كان قد تعهد دفع مبلغ " الرهن " الخاص بمسكن ابنته، بهدف تخليصها من ربقة العبودية في منزل حماتها. عند ذلك، طلبَ من أرملة أبيه التوسط لابنته لدى صهرها " الكَاوري " كي يُشغلها في الرياض. وهذا ما حصل، ولكن ليسَ قبل بذل مجهودٍ في إقناع زوجة هذا الأخير. على أيّ حال، لم تمكث المرأة المسكينة في عملها بالرياض أكثر من شهر واحد. في تلك الآونة، كانت العمّة الصغيرة تتكلم مع الأسرة من السويد عن طريق الماسنجر، ومنهم علمت بأنّ النار مشتعلة في منزل شقيقتها الكبرى. ويتذكّر " دلير " كيفَ التفتت إليه امرأته، لتقول بنبرة مبهمة: " الغيرة، هيَ غالباً سببُ خلافاتها مع رجلها ". ثم أردفت قائلة: " في هكذا حالة، تتحول أنغام إلى وحشٍ حقيقيّ! ".
آنَ كانت " لويزة " ما تفتأ تلميذته، أتى على ذكر تلك المحادثة الإلكترونية وذيولها. كان يستغل افتقارها للبهجة وحاجتها للكلام، وذلك بعد انتهاء المضاجعة. فقد كان يستبد بها على الأثر حالة من الندامة، معروفة لدى النساء المستسلمات لغرائزهن ونزواتهن. بيْدَ أنّ تمثيله دورَ المحب الغيور، لم ينطلِ على هذه المرأة الماكرة. ومع أنها مرهقة بالحاجة المادية أكثر من سواها، فإنها عقّبت على كلامه بابتسامة ساخرة قائلة: " لو كنت من نوع النساء الرخصات، اللواتي يقايضن أجسادهن بالمال، لصرت أغنى من ذلك الكَاوري! ". كونها تعرف حق المعرفة عدم اكتراثه بالمشاعر العائلية، مضت إلى حدّ الجهر بأشياء تمسّ مسلكَ الصهر الفرنسيّ مع ربيبته الصغيرة: " وصل فيه الإسراف بالتبسّط مع لمى، أن ينصحها بعدم مرافقة شاب إلى شقته كي لا يأخذ بكارتها. بل إنه قص عليها بعضَ غرامياته أيضاً، منها واقعة مضاجعته لفتاة مومس مع أحد أصدقائه في أثناء سياحتهما بالصين "
" عليكِ ألا تغفلي حقيقة مهمة، وهيَ أنه ذو عقلية أوروبية مختلفة عن عقليتنا. حتى أن حماته تحيل ما تعتبره انحرافاً في خلق الصغير، أميل، إلى تساهل والده في تربيته "، لاحظ ببعض الحرج والضيق. أزعجه ولا شك كلامها، طالما أنه تعرّف على امرأته في الرياض نفسه حينَ كانت هنالك تساعد شقيقتها الكبيرة.
لقد بدأ علاقته مع ابنة أخي امرأته، مع هذه الإنسانة العاثرة الفأل، بالحديث عن قدَرٍ جمعهما بشكلٍ ملتوٍ في المدينة الحمراء؛ في مكان سبقَ وقرر مصيرَ أبطال السيرة، التي كانت أوراقها بين يديه يراجعها لآخر مرة قبل سفره في صباح الغد إلى الصويرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع