الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيرين وفرهاد: الفصل السابع 2

دلور ميقري

2018 / 12 / 7
الادب والفن


توقاً لمتابعة المناظر الجميلة للريف المزدهر، كان يَسرُّه السفرَ نهاراً. ولقد غادرت سيارتهم المدينة الحمراء في وقتٍ مثاليّ، كان فيه الصباحُ ينشر عبقَ ثمار وأوراق الأشجار المثمرة، وذلك على طول الطريق المزخرف بمشاهده الخلابة. على أنّ متعته سرعانَ ما خبت، حينَ شُحن جو السيارة برائحة كريهة. " أميل "، الجالس لصقه، ما عتمَ أن صرخَ بنبرة ظافرة: " ماما، أنا حْزِقْت.. "؛ أي أنه هوَ من أطلق تلك الرائحة. أرجعت والدته رأسها نحوه، من مكانها بقرب رجلها قائد الرحلة: " وا أسكت! "، ردّت ضاحكةً مبتهجة. طوال الطريق، دأبت مؤخرة الطفل الشيطانيّ على نشر سحاباتها في السماء البديلة. كون مجلس الصهر السوريّ محاذياً للنافذة، فإنه أشرع بلورها وراحَ من ثمّ يتنشق عبرها هواءَ السماء الربانية، النقيّ والمعطّر بأريج الطبيعة.
الولد المدلل، شكّلَ مشكلةً عصية للصهر السوريّ في خلال أوقات تواجده بمنزل الجدّة. لقد تفهمَ، منذ البداية، سببَ نفور الآخرين من الطفل وبالأخص صغرى خالاته، التي كانت مسئولة عن رعايته بحُكم إقامتها في مسكن أسرته. كان يشعر بالشفقة حقاً عليه، حين تشرع جدّته العصا لتلسع أطرافه في قوة وقسوة. مع أنه، مسخ الشيطان، كان يخرجه عن طوره في تلك الفترة المبكرة. كأن يختار للعب تحديداً حجرةَ " حياة "، أين ينتصب جهاز الكومبيوتر، لكي يشوش على كتابة أو قراءة زوج خالته. الجدّة، وكانت طاهية ماهرة كما سبقت الإشارة إليه، تندفع عندئذٍ كاللبوة من عرين المطبخ بهدف تأديب الصبيّ. ولكنه لا يرعوي قط. فلا تمضي بضع دقائق، إلا ويكرّ مجدداً على الغرفة مع صخبه ومشاغباته. أحياناً تتدخل الكنّة لتهدئته، وكانت لها دالّة عليه بلطفها وطبعها الهادئ. فضلاً عن أنها اهتمت به كثيراً منذ حداثة سنه، كونه يقضي معظم أيام العطل لديهم.
إلى ذلك، أستدعى ذهنُ الصهر في خلال الطريق مسلكَ " حسنة " معه هوَ؛ وكما علمنا، كان فائق اللطف في الآونة الأخيرة. ولكن الأمر لم يكن بتلك الصورة الحميمة، في مبتدأ حلوله بمنزل حميه. إذ قلّما تبادل معها آنذاك حديثاً جدياً، مثلما أنّ خلواتهما كانت أكثر ندرة. على الرغم من ضيق حجرة الكومبيوتر تلك، المفتوحة على الصالة الأرضية والمقابلة لعرين اللبوة، كان يشعر بلحظات لا تنتهي من الرضا والسعادة. تماماً كشعوره بأنه محظوظٌ في وجوده بالمدينة الحمراء؛ حرٌّ، غير ملزم بأيّ أعباء سوى التأليف الأدبيّ. طقس الكتابة لديه يُستهل صباحاً إلى ما قبل الظهر بقليل، وكانت الكنّة هيَ من يتولى غالباً حمل صينية الشاي والحلوى إليه. الصهر السوريّ كأنما كان ضيفها الخاص، تخدمه بحماسة وسحنة مشرقة دوماً؛ وكأنما ترى من خلاله أبطال المسلسلات التركية، الوسيمين، الذين يستعيرون لهجته الخفيفة!
فيما بعد، لما أرتبط بعلاقة سرية مع الأخرى عن طريق دروس الرسم، كانت " حسنة " شاهداً على موقفٍ طريف وشائن في آنٍ واحد. كان الوقتُ صباحاً من خريفٍ متأخر، وقد غرق خلال ذلك في الشاشة الإلكترونية بينما السكون يشمل البيت. بيْدَ أن أذنه كانت منتبهة إلى صوتٍ معيّن خارجاً، إلى صدى المشية الأليفة لمَن أضحت مؤخراً عشيقته. في الأثناء، تناوبت سيّدةُ الدار وكنتها على الدخول إلى حجرته لهذا الشاغل أو ذاك. ويبدو أنّ " عجوزتها " قد مضت إلى الدكان، أو ربما الفرن، طالما أنّ الكنّة لبثت أكثر من المعتاد تقلّبُ في الخزانة الخشبية، المتصدرة عمق الحجرة والمنذورة للمحفوظات الغذائية. وهيَ ذي " لويزة "، تلحق بامرأة عمها الصغيرة. وقفت بقامتها الفارعة، المكتنزة، بالقرب من الطاولة، ملقية نظرة فضولية على النص المنضد على الشاشة البيضاء.
" الحجرة باردة، فلِمَ لا تنتقل إلى الأريكة؟ "، جاءه الصوتُ الأليف المبحوح من فوق رأسه. عادةً، كان يردّ بالضحك على ملاحظات حماته بشأن ملابسه " غير المناسبة للفصل البارد ". ففي المنزل كان يبقى دائماً بالجلباب الرقيق، المجلوب من الخليج. ليلاً، لم يكن يحتمل حتى السروال الداخليّ. ولكن ذاك كان صباحاً بارداً بالفعل، فأذعن لرغبة المرأة المقتحمة. تراجع إذاً إلى الأريكة، الممتدة حَذاء الطاولة، ثم همّ باستئناف الكتابة. هنا، ألقت عليه " لويزة " حراماً ثقيلاً: " إنك شبه عارٍ بمثل هذه الجلابة "، قالتها فيما تلملم أطراف الحرام على الجزء الأسفل من جسده. ثم اندست بنفسها تحت الغطاء، مرددة بارتعاد متكلّف: " برد، برررد..! ". دقائق على الأثر، آنَ كان رأسُ عشيقته يتغلغل في ذلك الجزء الأسفل من جسده، كانت امرأة عمها بالكاد تتمكن من كبت ضحكتها.

***
استحضرت ذاكرته ذلك الموقف المخزي، بينما مَن شَهَدَته تجلسُ الآنَ في المقعد الخلفيّ للسيارة يفصله عنها الطفلُ الضرّاط. لم يشعر قبلاً قط أنها كانت قريبة لقلبه، كما هيَ اليوم. إنها تلوحُ سعيدةً، ترمقه في كلّ فرصة سانحة بعينين مشرقتين. كأنّما تعتبرُ ما جرى بينهما أمراً عادياً، مما يحصل مع رجل وامرأة تحت سقف الزوجية. ومثلما كانت الأخرى تفعله عقب كل مضاجعة محرّمة، ستشرعُ هيَ بدَورها في ترميم بنيان العلاقة مع الخالق عن طريق الصلاة والكثير من دعوات الغفران ـ كما يفعل أيضاً في حالات مخالفة القوانين الربانية معظمُ مواطنيها، المتفردين بفهم خاص للدين.
في حقيقة الحال، لم يكن ما جرى بينهما معزولاً عن ضعف إرادته. من ناحيتها، مهدت المرأة الصغيرة التربة لشتلة الخطيئة إن كان من خلال حركات الإغراء أو نداءات الإغواء. كون حجرتها تقع مقابل الصالة العلوية، أين ينام هوَ، سهّل عليها تمرير إشاراتها له. أكثر من مرة، وقفت عارية أمام المرآة، عالمةً بكل تأكيد أن المعنيّ يُمكنه مشاهدتها عبرَ النافذة من مكانه على الأريكة. ويتذكّرُ ليلةً، كان فيها الآخرون مستسلمين للنوم، كيفَ ارتقت " حسنة " الدرجَ كي تسبقه إلى الحمّام ( مع أنّ للبيت التحتاني مرحاضه الخاص )، لتقفَ أمامه متكلفة المفاجأة ومن ثم الخفر. كانت إذاك في غلالة رهيفة، تسترُ حَسْب الجزءَ العلوي من جسدها حتى السرّة.
إلا أنه، في المقابل، كان يملك مبررات كافية لجعل ضميره أقلّ إثماً. فطوال الأعوام الخمسة المنصرمة، تهيأت له عن كثب فرصُ مراقبة مسلك الزوج، الأشبه بالبهيميّ، تجاه امرأة غضّة العُمر ومرهفة الشعور. مسلكه، كان يشمل كذلك كلّ نساء المنزل والعائلة ولو بدرجات متفاوتة. بحَسَب معلوماتٍ، وصلت للصهر السوريّ من مصادره الخاصة، بدا الأمرُ مع ابن حميه هذا متواشجاً مع عقدة نفسيةٍ ما، تتكئ على الماضي البعيد والقريب على حدّ سواء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: تكريمي من الرئيس السيسي عن


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: نفسي ألعب دور فتاة




.. كل يوم - دوري في جمال الحريم تعب أعصابي .. والمخرجة قعدتلي ع


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: بنتي اتعرض عليها ب




.. كل يوم-دينا فؤاد لخالد أبو بكر: أنا ست مصرية عندي بنت-ومش تح