الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار والحركة العمالية والاشتراكية العالمية ...!!! الجزء الثاني

زياد عبد الفتاح الاسدي

2018 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


الجزء الاول من هذا المقال كان عبارة عن مدخل أو مُقدمة سريعة ومُقتضبة لهذا الموضوع ... حيث تطرقنا فيه لبدايات نشوء المنظومة الاشتراكية في العالم خلال العقد الثاني من القرن العشرين .. ثم إتساع هذه المنظومة بعد الحرب العالمية الثانية لتشمل بولوندا وتشيكوسلوفاكيا وألمانيا الشرقية وغيرها من دول أوروبا الشرقية ثم الصين الشعبية وكوريا وفيتنام وكوبا ونيكاراغوا ... وأشرنا باختصار الى الخلافات الآيديولوجية والصراع الحدودي ين العملاقين الصيني والسوفييتي .. وانتهاءاً بتفكك الاتحاد السوفييتي الذي رافقه انهيار مجمل المعسكر الاشتركي وحلف وارسو في أوروبا الشرقية ... وقد رايت أن أعرض هذا المقال على عدة أجزاء قصيرة لسهولة القراءة .
اليسار والحركة العمالية والاشتراكية العالمية ....!!! الجزء الثاني :
تعود أهم أسباب تفكك الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي الشرقي بعدما يزيد على سبعين عاماً على تأسيس الاتحاد السوفييتي كأول منظومة اشتراكية في التاريخ الى :
1 . تفشي البيروقراطية والفساد والغياب شبه الكلي للممارسات الديمقراطية داخل مُؤسسات الحزب الشيوعي السوفياتي .. وكذلك الاخطاء المُتراكمة في تطبيق مُختلف مجالات الاقتصاد الاشتراكي .
2 . الهجوم الاعلامي والدعايات المُغرضة والمُسيئة للاشتراكية التي كان يشنها الاعلام الرأسمالي في الغرب بكثافة, والموجهة نحو شعوب الاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية.
3 . محاولات التمرد والانشقاق المُتكررة التي شهدتها بعض دول المعسكر الاشتراكي ولا سيما في هنغاريا وتشيكوسلوفاكيا وبولندا ورومانيا .
4 . وجود الاعباء الاقتصادية الهائلة على الميزانية السوفياتية بسبب سباق التسلح وأجواء الحرب الباردة مع الولايات المُتحدة والغرب .. في الوقت الذي كان فيه بإمكان الغرب تحمل نفقات سباق التسلح بسهولة بسبب نهبه اللامحدود لاقتصاديات العالم الثالث بشتى الطرق والوسائل .
5 . والاهم من كل ما سبق هو السلوك السياسي والاقتصادي للرئيس السوفياتي غورباتشوف خلال سنوات استلامه لزعامة الحزب الشيوعي السوفياتي بدءاً من عام 1985.. حيث كان قد تعهد عند استلامه زعامة الحزب باتباع سياسات يُفترض أن تكون إصلاحية على الصعيدين الاقتصادي والديمقراطي ... ولكنها كانت بالنتيجة سياسات خاطئة ورخوة تجاه الغرب وغير حكيمة , بل وقاتلة ... فقد قادت سياسته الاصلاحية على الصعيد الاقتصادي التي عُرفت بسياسة " البيريسترويكا " والتي هدفت الى الحد والتخفيف من هيمنة الحكومة على القطاع الاقتصادي والانتاجي وتشجيع الاستثمار الخارجي , الى ارباك الاقتصاد الاشتراكي السوفياتي الذي خضع بشكلٍ مُتوازن ولسنوات طويلة للاشراف الحكومي .. حيث لم يكن هذا الاقتصاد جاهزاً بالمُطلق الى التحول الى نظام الخصخصة واقتصاد السوق على نحوٍ مُفاجئ وبلا تخطيط مًسبق .. وهذا ما أدى الى المزيد من التفاقم والتدهور الاقتصادي ... كما أن سياسته الاصلاحية على الصعيد الديمقراطي والمعروفة باسم " غلاسنوست " قد تسببت بأخطاء سياسية خطيرة وتعريض الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي بمجمله الى تآمر الغرب والولايات المُتحدة .. ومن أهمها سياسة الانفتاح السياسي المُفاجئ الغير مدروس وعملية التقارب مع الغرب لانهاء أجواء الحرب الباردة وسباق التسلح مع الولايات المُتحدة التي إتبعها غورباتشوف في عهد الرئيس ريغان وكذلك اطلاق ما اعتبره غورباتشوف الحريات الديمقراطية وسراح جميع السجناء السياسيين المعارضين للشيوعية .. وهذا ما مكن الغرب بالنتيجة من التآمر بسهولة على المعسكر الاشتراكي .. حيث كان الغرب الرأسمالي حينها يسعى بكل قوته لإضعاف هذا المعسكر والقضاء عليه .

هذا بالنسبة للتجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي .. أما بالنسبة للتجربة الاشتراكية في الصين .. فقد إنتقلت الماركسية الى الصين عام 1922 من خلال التجربة الروسية والثورة البلشفية .. وهي تجربة أضاءت لماوتسي تونغ والشيوعيين الصينيين كيفية بناء التنظيم الحزبي والعمالي .. وكيفية العمل على انتقال السلطة السياسية من خلال الثورة العمالية المُسلحة .. ولكن أولى محاولات الثورة العمالية في الصين قد فشلت في انتزاع السلطة السياسية بعد اندلاع ثورة 1925-1927 في اطار التنافس بين التيارين القومي البرجوازي والشيوعي .. حيث واجهت هذه الثورة الكثير من الاشكالات والتعقيدات والاحباطات بسبب الوصاية السوفياتية على الثورة الصينية في عهد ستالين الذي حثها على التعاون مع الحركية البرجوازية القومية وقوات الكومنتانغ بقيادة تشانغ كاي تشيك في قيادة الثورة . ولكن هذه الحركة وبقيادة تشانغ كاي تشيك قامت في النهاية بارتكاب مجزرة بحق العمال والشيوعيين الصينيين في مدينة شنغهاي للاستفراد بالسلطة السياسية .. وهذا مادفع بماوتسي تونغ بعد ذلك الى نقل الثورة المُسلحة وحرب العصابات إلى الأرياف الصينية لسنوات طويلة في مواجهة جيش تشانغ كاي تشيك .. وهي حرب تخللها الاجتياح الياباني للصين واندلاع الحرب الصينية اليابانية بين عامي 1937 و1945 والتي انتهت مع هزيمة اليابان ودول المحور في الحرب العالمية الثانية .. ليستمر القتال العنيف بعد ذلك بين القوات الشيوعية بقيادة ماوتسي تونغ وقوات الكومينتانغ بقيادة تشانغ كاي تشيك .. ليتم بعدها الانتصارها النهائي للثورة الاشتراكية الصينية بقيادة ماوتسي تونغ عام 1949.
ولكن نجاح واستقرار الاوضاع والثورةالاشتراكية في الصين يعود في أهم أسبابه الى المعونات الاقتصادية والصناعية والخبرات الادارية السوفياتية التي ساهمت في استقرار الحكم في الصين بيد ماوتسي تونغ .. هذا من جهة , أما من جهة أخرى فيعود الى عدم تعرض الصين الى العزلة والحصار والتآمر من قبل الانظمة البرجوازية الاوروبية كما حدث مع الاتحاد السوفييتي بعد انتصار الثورة البلشفية عام 1917.

وقد كان من أهم ماشهده العالم في مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو عام 1991 هو الهيمنة الاحادية لمنظومة الغرب الامبريالي وحلف الناتو بقيادة الولايات المثحدة وبريطانيا وفرنسا على المسرح السياسي العالمي كقطب إمبريالي ودكتاتوري .. فقد سيطر هذا القطب ليس فقط على سياسة وقرارات الامم المُتحدة ومجلس الامن بما يخدم مصالحه الاقتصادية وسياسة الهيمنة والعدوان العسكري التي اتبعها بلا ضوابط كما حدث في العراق وأفغانستان, ونهب ثروات الشعوب التي إتبعها ولم يزل تجاه دول العالم الثالث ...الخ بل أمتدت سيطرته أيضاً على معظم المنظمات الحقوقية والانسانية والمحاكم الجنائية الدولية .
يتبع في الجزء الثالث








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة