الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدول النامية وأزمة الاستدانة!

فهد المضحكي

2018 / 12 / 8
الادارة و الاقتصاد


عن الأسباب الأساسية التي أدت إلى سقوط الدول النامية في الديون، نشر الموقع الإلكتروني (investing)، وهو موقع رائد في مجال البورصة، تحليلاً أشار فيه إلى أنه قد سارت الدول النامية في طريق الاستدانة حين ظنت أنها قادرة من خلال الحصول على هذه الديون على استغلالها في برامج التنمية المختلفة، ولكن بعد سنوات طويلة من السير على هذا الأسلوب وجدت نفسها في مفترق طرق، فلا هي حققت التنمية ولا هي قادرة على الوفاء بديونها الخارجية أو الداخلية، بل إن هذه الديون وقفت حجر عثرة في طريق التنمية الاقتصادية لهذه الدول. أمام العجز عن سداد هذه الديون واستجابة لضغوط المؤسسات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد، لجأت الدول النامية إلى مزيد من الاستدانة أو إعادة جدولة ديونها وتقديم العديد من التنازلات والتضحيات التي تمسّ بسيادتها أحيانًا، واستمر الصعود في حجم الديون إذ تضاعفت الديون الخارجية للدول النامية العربية فقط خلال العقدين الماضيين سبع مرات، إذ زاد حجمها من 49 مليار دولار في عام 1980 إلى 325 مليار دولار في عام 2000، ولم يصاحب هذا الارتفاع زيادة مماثلة في الناتج المحلي.
هناك العديد من الأسباب التي دفعت الدول النامية إلى الاستدانة، بعضها داخلية وأخرى خارجية.
وفيما يتصل بالأسباب الداخلية، يعتقد أن الميل إلى الاستثمارات من أجل التنمية يأتي في مقدمتها، إذ يتطلب هذا الاستثمار كثافة رأس مالية وتكنولوجيا متقدمة وهو ما تفتقر إليه تلك الدول، ما اضطرها إلى الاقتراض الخارجي لشراء الآلات والمعدات والتعاقد مع الخبراء الأجانب وشراء براءات الاختراع وحقوق الصنع.
إن أهم تلك الأسباب التي يتوقف عندها التحليل تكمن في سوء توظيف القروض، ويشرح ذلك بأنه قد كانت المبالغة الملحوظة في اللجوء إلى الاقتراض الخارجي هي سمة السبعينات، وذلك على أمل السداد من مشروعات طموحة تم الاقتراض من أجلها، لكن سوء التخطيط وتغيّر السياسات الاقتصادية وتخبّطها أدى إلى فشل الكثير من المشروعات، وقد اقترنت عملية الاقتراض في العديد من الأحيان بزيادة كبيرة في الاستهلاك الترفي وفساد الحكومات التي تقترض كثيرًا للرفع من مستوى معيشة شعوبها بشكل مصطنع، وذلك رشوة لشراء ولاء الشعب وسكوته!
وإذا ما قمنا -كما يوضح- بمقارنة بين توظيف الأموال الأجنبية في الدول الرأسمالية وبين توظيفها في الدول النامية، سنلاحظ أن الأولى ركزت على استيراد المواد الخام الأولية ذات الأسعار المنخفضة اللازمة للتنمية الصناعية، وأخذت بتصدير السلع ذات الأسعار المرتفعة لتنتقل في مرحلة لاحقة إلى تصدير رأس المال الاجنبي إلى الدول النامية، فقد أدركت أن الدول النامية تُعد أرضية خصبة لاستثماراتها.
أما الدول النامية، فقد ركزت على استيراد السلع الاستهلاكية والرأسمالية ذات الأسعار المرتفعة، وأخذت تصدر الكثير من مواردها الطبيعية على شكل مواد خام بأسعار زهيدة، هذا التخصص في إنتاج المواد الأولية أدى إلى تعرّضها إلى آثار الأزمات الاقتصادية التي تعرضت لها أسواق هذه المواد والتناقضات التي شهدتها الأنظمة الاقتصادية.
ومن بين تلك الأسباب تهريب رؤوس الأموال إلى الخارج، ويفسر ذلك بأنه في الوقت الذي كانت فيه سياسة الاقتراض على قدم وساق لسد الفجوة التمويلية للمشروعات التنموية، كان الفساد الإداري والمالي والسياسي يعمّ أجهزة الدولة ومؤسساتها في معظم الدول النامية، وقد نجم عن هذا الفساد نهب كبير من القروض الخارجية وتهريبها إلى الخارج، ثم إيداعها في البنوك الأجنبية لحساب أصحاب النفوذ والسلطة ورجال الأعمال القريبين منهم، وأدت هذه الظاهرة إلى تراكم الديون وفشل التنمية!
في حين أن العجز المستمر لموازين المدفوعات في معظم الدول النامية عن تزايد الواردات السلعية على حساب الصادرات أدى إلى اختلال تجاري واضح، تسبب في اللجوء إلى الاقتراض الخارجي وتفاقم المديونية.
أما عن الأسباب الخارجية، فإنه يشير إلى ارتفاع أسعار الفائدة، إذ يرى أن الارتفاع الشديد الذي طرأ على أسعار الفائدة في أسواق المال الدولية لعب دورًا حاسمًا في استفحال أزمة المديونية، وتجاوزت في العديد من البلدان الفوائد المدفوعة قيمة التمويل الإضافي الصافي، وتكبّدت البلدان النامية مبالغ متزايدة عبر السنين، وأصبح بند خدمة الدين يمثل نصيبًا مهمًّا من صافي الديون ويستحوذ على مبالغ كبيرة من النقد الأجنبي.
ولم تكن هذه الأسباب بعيدة عن انخفاض الأسعار العالمية للمواد الخام، بمعنى أن انخفاض أسعار المواد الأولية المصدرة إلى الأسواق العالمية (كالبترول والمواد الخام الأخرى) أدى إلى تدهور شروط التبادل التجاري للبلدان المصدرة لهذه المواد، ما أدى إلى تفاقم عجز ميزان المدفوعات الذي يزيد من الميل إلى الاستدانة الخارجية.
والشيء الآخر المهم نظرًا إلى اندماج معظم الدول النامية -ومنها الدول العربية- في النظام الاقتصادي العالمي وتبعيتها له تجاريًّا وغذائيًّا ونقديًّا وتكنولوجيًّا، علاوة على التبعية العسكرية والسياسية، فإن ما يحدث في هذا النظام من تقلبات وأزمات يؤثر تلقائيًّا في الأوضاع الاقتصادية لهذه البلدان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24


.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و




.. تقرير أميركي: طموحات تركيا السياسية والاقتصادية في العراق ست


.. إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض.. هل هو الحل لأز




.. خبير اقتصادي: الفترة الحالية والمستقبلية لن يكون هناك مراعي