الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحاكم العربي

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2018 / 12 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


عندما نتحدث عن الحاكم العربي ، فان المقصود الحكم العربي ، ومنه الحاكم العربي ، لان الأول هو من انتج الثاني ، ضمن مفارقات تستسيغ التعتيم ، والالتفاف على الحقيقة المجردة التي هي سيادة الاستبداد والطغيان .
وبالرجوع الى مختلف أنواع الحكم في العالم العربي ، نكاد نجزم ان ّ الحاكم والحكم العربي ، هما من عيّنة وطينة خاصة ، لا مثيل لها في أنظمة الحكم الديمقراطية في العالم .
فبتسليط نظرة تحليلية على أنظمة الحكم في البلاد العربية سنجد ، انْ لا علاقة لها اطلاقا ، ولا تتشابه بأنظمة الحكم في الدول الديمقراطية الغربية .
في الأنظمة السياسية الاوربية ، وباليابان ، وأستراليا ، وامريكا ، وكوريا الجنوبية ، سنجد ان أنظمة الحكم ، وانْ اختلفت شكليا كعناوين ، فهي لا تُسيّر تمشيا مع الاهواء ، والرغبات المكبوتة ، التي تختلف من شخص حاكم الى آخر ، كما انها لا تتغير بتغير شخص الحاكم ، او الحزب الحاكم ، بل تُسيّر استنادا الى المؤسسات الديمقراطية التي وضعتها الشعوب المتقدمة ، وان اختلفت العناوين ، والاسماء من ملكية برمانية اوربية ، وجمهورية برلمانية اوربية .
ان الحاكم ، وأنظمة الحكم في الدول المتقدمة الديمقراطية ، يخضعون للمؤسسات ، وللتاريخ ، والقيم الاصيلة للشعوب ، ولا تخضع للأهواء ، والرغبات ، والنرجسية العدمية الحقيقية ، التي هي " ولو طارت معزة " .
لذا فمهما تغير الحاكم او الحازب الحاكم ، فان القواعد الأساسية للأنظمة السياسية الديمقراطية ، تبقى هي هي ، بدون تغيير يمس الأصول، والقيم ، الإنسانية الاوربية .
النظام العام الأوربي المتعارف عليه ، يبقى الأساس ، وانْ كان من تغيير ، فيمس الضفاف والحواشي ، كإجراءات الضرائب ، والسياسة الاجتماعية .
ان تغيير الإجراءات ، والميكانيزمات التي تتبدل عند كل فترة حكم ، لا تؤثر على اصل الحكم ، الذي يبقى هو الديمقراطية ، وخدمة الشعب والإنسانية .
ان هذه الخاصية ، انْ لم نقل القاعدة التي تُعرف بها الدول الديمقراطية الاوربية ، لا تتأثر ابدا إنْ آل الحكم مرة الى الأحزاب الاشتراكية ، او آل في مرة أخرى ، الى الأحزاب الليبرالية ، والنيو-ليبرالية ، وللأحزاب اليمينية . فباستثناء برامج احزب اليمين المتطرف ، وبرامج أحزاب اليسار المتطرف ، وهي اقلية تدخل الرعب في نفس الشعب المتمسك بالقيم الديمقراطية ، وبالقيم الاوربية ، خاصة تلك التي تولدت بعد الحرب الكونية الثانية ، هي سبب تجنيب الدول الديمقراطية ، مخاطر الانقلابات العسكرية ، وانقلاب الجماعات السياسية ، كما تجنب ربط الدولة بشخص الحاكم ، او الحزب الحاكم ، ومن ثم تكون هي من اختيار النخب للحكم ، الذي لن يكون غير حكم الشعب ، لأنه هو من اختار في جو ديمقراطي ، واستنادا على دساتير ديمقراطية شعبية وليست دساتير ممنوحة ، من يحكمه .
ان الشعب في هذه الحالة ، هو من يختار نوع الأغلبية للحكم ، والأقلية لممارسة المعارضة ، وهو من يجعل الأغلبية اقلية ، والأقلية اغلبية ، ودائما للوصول الى هذه الحالات ، فان الأنظمة تستعمل الديمقراطية التي هي ديمقراطية الشعب التي افرزتها صناديق الاقتراع .
إذن فبقدر ما نجد الحكام في الأنظمة السياسية الاوربية ، و بالعالم الحر ، يحكمون بإرادة الشعب ، وبالاستناد الى القوانين والدساتير الديمقراطية التي هي من صنع الشعب ، نجد الحكام العرب يحكمون بشعار الذاتية المريضة ، وبحب العظمة ، والنفخ في الشخصية ، وبالتحدي بالاستناد الى شعار " ولو طارت معزة " ، كما انهم يربطون انظمتهم بالاحتكام الى الدين والقرآن والنبي ، وبالترويج لغباء الثقافة المرعية ، المحنطة بالبخور التي تمتح من الغيب الغير المنظور ، والغير الملموس .
فالحكام العرب بهذه الحقيقية المعلنة والغير غائبة عن احد ، يجعلون من انفسهم ، حكاما متسلطين ، مغتصبين للسلطة ، و للثروة ، ولكل الجاه والمال . فهم لم يـأتوا الى الحكم بالطرق الديمقراطية المعمول بها في الدول الأوربية الديمقراطية ، بل سنجد ان منهم من اغتصب الحكم بالانقلابات العسكرية ، ومنهم من ورثه لصوصية وليس بطرق شرعية ، ومنهم من يوظف الرعية في دفعها للتصويت على دستور الحاكم المستبد ، الطاغي ، الدكتاتور ، وليس دستور الرعية التي يتحدد دورها في الإنتاج ، لزيادة ثروة الحاكم ، والطبقة التي تدور به ، ولخدمته اكثر في بسط سلطاته ، وحكمه على الرعية المهووسة بتلذذ المازوشية .
هكذا ، فبينما يكون الحكام الغربيون الديمقراطيون في خدمة شعوبهم ، محاطين بخبراء متخصصين ، ومثقفين جهابذة ، ومن العيار الثقيل ، يكون الحكام العرب محاطين بالأميين ، والمرضى النفسانيين ، والمرضى الغير الطبيعيين ، وبأشباه المتعلمين ، ولا نقول المثقفين الذين ينحصر دورهم في تمجيد شخص الحاكم ، خاصة اذا علموا بضعفه ولا مبالاته ، وكان هيامه مولعا بالطاووسية ( الطاووس ) ، أي تعجبه المظاهر ، والألوان ، والموزاييك ، في حين من حيث الحقيقية ، الواقع ينطق بخلاف ما يصنعون ، وبخلاف ما يروجون ، وكأني بهؤلاء يمارسون الكذب على الحاكم ، فيعطوه صورة كاذبة لا تعكس في شيء الواقع ، حتى يحنطوه ويغلفوه ، ويركبون له نظارات لا ترى الاّ امامها ، لا الى يسارها ولا يمينها ، لكي يستمروا مستبدين بالدولة ، ينهبون ، ويراكمون ما لذ وطاب ، من الثروة الطازجة والغير الطازجة ، وحتى يستمروا في تكبيل الافواه ، المنادية بالديمقراطية ، والشاجبة للديكتاتورية ، وللاستبداد ، والطغيان ، وللفساد المستشري بكل مفاصل الدولة .
ان هذه الحقيقية الجلية للعيان ، تجعل الدول الغربية اكثر استقرارا سياسيا واجتماعيا ، وتجعل الدول العربية اكثر عرضة ، لعدم الاستقرار السياسي ، والأمني ، والاجتماعي ، وضحية للاضطرابات كما جرى بدول الشرق الأوسط مؤخرا ، وكما سيجري بدول شمال افريقيا في السنتين ، او الثلاث القادمة ، أي انتظار ثورة الجوع ، التي سينفخ فيها عوامل ، كانفصال جزء من الأرض ، او إقليم ، او ما شباه ذلك .
هكذا نجد انه بقدر ما تحتكم الشعوب والحكام في الدول الديمقراطية ، الى المؤسسات الاوربية ، يحتكم الحكام العرب الى القمع والإرهاب ، وتحتكم الشعوب الى العنف ، وكلا العنفين ، يستمد شرعيته من الدين ، ومن القرآن ، والنبي ، في حين ان المخطط الذي ينفد باسم الدين لا علاقة له به .
ان هذا الوضع الغير المقبول اطلاقا ، يجعل من دول عدم الاستقرار التي تفتقر الى ثقة شعوبها الساخطة عليها ، دائما ضحية مشاريع دول الاستقرار . الم يلعب ساركوزي ، واوباما ، وبرلوسكوني ، وكل الغرب ، ومعهم الحكام الخونة العرب ، وجامعة الحكام العربية ، دورا في تدمير ليبيا ، سورية ، اليمن ، انفصال جنوب السودان ..... لخ .
الم تلعب فرنسا دورا رئيسيا في انقلاب عسكر الجزائر على انتخابات 1988 بالجزائر ؟
الم تدفع سفيرة أمريكا ببغداد ، صدام حسين لغزو الكويت ؟
الم تسمح أمريكا للأسد ، بدخول لبنان بعد نشوب الحرب الاهلية ؟
الحاكم العربي ، شخص متسلط ، استبدادي ، طاغي ودكتاتور .
والحكم العربي ، بعيد عن الديمقراطية ، بعد السماء عن الأرض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل