الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية في الشخصية العراقية

حيدر ناشي آل دبس

2018 / 12 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نتناول في مقالنا هذا بأختصار شديد الشخصية العراقية وطبيعتها الاجتماعية، فبعد مرور فترات طويلة على فرضيات رواد علم الاجتماع كالدكتور علي الوردي والدكتور عبد الجليل الطاهر وغيرهم، نرى الكثير من المتغيرات والتحولات حصلت في الفترة التي تلت فرضياتهم، من الحروب العبثية التي تسبب بها النظام السابق، الى الحصار الاقتصادي المفروض من قبل مجلس الأمن الدولي على الشعب العراقي عقب أزمة الخليج التي نتجت بعد غزو الكويت، ما أفضى الى محاولة رصد الطبيعة الاجتماعية للفرد العراقي ومراجعتها بعد مرور هذه الازمات، كذلك شهدت فترة مابعد الاحتلال الامريكي صعود تيارات الاسلام السياسي وشيوع أيدلوجيتها بشكل كبير، ومما ساعد هذه التيارات في إنتشار أفكارها وأخذ مداها الواسع بالتجذر في البنية الاجتماعية، الانحسار الواضح لدور القوى الديمقراطية طوال فترة حكم حزب البعث، وكذلك الوضع الاقتصادي المتردي الذي مر على العائلة العراقية، فضلاً عن غياب وسائل التعبير عن الرأي وحرية الانتماء السياسي، كل هذه وغيرها من الاساليب التي أستخدمتها السلطة الحاكمة آنذاك هيأت المناخ المناسب للعقل الجمعي، حتى يرتمي في احضان قوى الاسلام السياسي للتنفيس عن ما يعتمل في الصدور من ضيق سببته سياسات النظام، ففرضت هذه التيارات أراداتها وأفكارها على شخصية الفرد العراقي، وقد أدت كثرة التابوات في مناهج هذه القوى الى تقييد حرية الانسان وخصوصاً المرأة واعتبروها عورة، فأدى ذلك الى إبتعادها عن المشاركة في النشاطات السياسية والاجتماعية، وأنعزلت عن الاسهام في محاولة النهوض بالواقع الاجتماعي، وقد أدت هذه الانعزالية الى توسيع الفوارق بين الرجل والمرأة من الناحية الفكرية والثقافية، لذلك تكرست لدى كل من الرجل والمرأة طبيعة غرائزية تجاه بعضهما البعض، بسبب أبتعادهما عن الاحتكاك المباشر.
لا ندّعي إن هذه الظاهرة لم تكن موجودة، لكن إستفحالها في هذه المرحلة جعلها مرتبطة مع تكوين شخصية الفرد العراقي. وتضخم الطبيعة الغرائزية لدى الإنسان العراقي لم تأتِ فقط من التحولات السياسية والاجتماعية التي ذكرناها، وانما جاءت ايضاً من طبيعة مجتمعنا الشرقي ذي النزعة الذكورية.
وللتنويه أشير الى الثقافة العراقية بشكل عام، فهي ذات طابع أدبي، والثقافة الادبية كما توصل اليها عالم النفس الروسي (بافلوف) تنبع من الجزء المسؤول عن الغرائز والانفعالات في الدماغ.
لا أزعم إنني جئت بفرضية جديدة، إلا أن ما حفزني للكتابة هو السكوت واللامبالاة من قبل المتخصصين بدراسة العلوم الاجتماعية، وعدم التعامل معها على محمل الجد، للخروج بنتائج علمية رصينة تستطيع رصد ما آلت اليه شخصية الفرد العراقي وفق المتغيرات التي ذكرتها أعلاه، وفي مقالي هذا أضم صوتي الى صوت أستاذ علم الاجتماع (د. محمد حمود ابراهيم )* حينما طالب بتشكيل فريق بحث متخصص من علماء اجتماع وأنثروبولوجيين وعلماء نفس ومؤرخين وغيرهم ممن لهم علاقة في هذا المجال** لغرض دراسة هذا الجانب المهم حتى يخرجوا بنتائج علمية تسهم في نقل الفعل العلمي الى مواقع متقدمة، وتسهم ايضاً في إيجاد حلول للازمات المتلاحقة التي نمر بها.

_____________________________________________
* د. محمد حمود إبراهيم أستاذ مساعد في جامعة ذي قار ومعاون مدير مركز ابحاث الاهوار .
** دعا الى ذلك في بحثه الموسوم ( أنموذج إفتراضي لدراسة الشخصية العراقية ) المنشور في مجلة الثقافة الجديدة - 2011.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص