الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[8]. سلطنةُ الفيس بوك على عرشِ العوائل، قصّة قصيرة

صبري يوسف

2019 / 1 / 2
الادب والفن


8 . سلطنةُ الفيس بوك على عرشِ العوائل

حالما عبرَتْ فناءَ الدّارِ، فتحَتْ وداد حسابها على الفيس بوك وبدأتْ تتواصلُ مع أصدقائِها، عشراتُ الرّسائلِ في اِنتظارِها، ردَّتْ على قسمٍ مِنَ الرَّسائلِ وأجَّلت الباقي، أعدّتْ والدتها طعام العشاء، بردَ الطَّعامُ ولم تتعشَّ، كانت تردُّ عبر الرَّسائل الخاصّة على أكثر من صديقٍ بآنٍ معاً، تضحكُ وهي شغوفة ومسرورة ومنشغلة طوال الوقت، تردُّ على هذا وذاك، يرنّ "الفايبر" تردُّ على أحدِ الأصدقاء، بعدَ لحظاتٍ يرنُّ "الماسنجر" فتعتذرُ من الاتّصالِ الأوَّل كي تردَّ على الاتِّصالِ الثّاني، تقهقهُ بكلِّ ودٍّ وترحابٍ، وفيما كانت تدردشُ معهُ، جاءَها بعضُ الرَّسائل عبرَ فايبرِهَا، وأخرى على الفيس بوك، ورسالتَين على "الووتس أب"، ردَّتْ على قسمٍ منها بكلمة وبسمة وقبلة من الأيقونات المرسومة، ثمَّ تسلَّلَتْ إلى غرفتِها، وأخذَتْ ركناً قصيّاً، وأغلقتْ بابَها وراحَتْ تبثُّ حنينَها ولواعِجَها إلى أحدِ أصدقائِها، بدأ الهمسُ يتصاعدُ والشَّوقُ يتضاعفُ، جاءَتها رسالة من صديقٍ معَ رابطٍ يحملُ أغنيةً رومانسيّةً وأعقبَها رسالةً صوتيّةً، لأنَّ المتَّصِلَ لم يتمكَّنْ من التَّواصلِ معها صوتيَّاً، فأرسلَ رسالةً صوتيّةً، هزَّ الأبُ رأسَهُ نحوَ اليمينِ واليسارِ، قائلاً كلّ يوم نفس الحالة معَ هذهِ الصَّبيّة وأختها وأخويها، وبعدَ قليلٍ سيأتي أخوها وهو الآخر سيغوصُ في عوالمِهِ وينفردُ معَ نفسِهِ في غرفتِهِ، وهات على التَّواصلِ والحكي والدَّردشاتِ معَ أصدقاءٍ وصديقاتٍ من كلِّ أركانِ المعمورة، وأختها لم تعُدْ من الدّوامِ بعد، اللهُ يعلمُ أينَ هي أراضيها الآن؟ خاصَّة أنّها منذُ شهورٍ التحقَتْ بالجامعة، فلم تعُدْ تردُّ علينا، معتبرةً نفسَها حرّةً بتصرُّفاتِها وهي ناضجة وتعرفُ خيرَهَا من شرّها، حتَّى أنّها أكثر من مرّة قالت لوالديها لو ضغطتم عليّ أكثر سأستقلُّ بنفسي وأعيشُ لوحدي، ما هذا الجيل الغريب العجيب، صارَ لي حسرة أن ألتقي معَ أولادي مرّةً واحدةً في الأسبوعِ، أشعرُ وكأنّهم غرباء عنِّي وهم يعيشونَ تحتَ سقفي، والله الوضع لا يُطاق، قالَ الرَّجل لزوجتِهِ، وتساءَل بحرقةٍ، لماذا أنجبنا أولادنا، كأنَّهم ليسوا أولادنا، لا يسمعونَ إلينا ولا ألمسُ منهم أي حنان ولا عاطفة، أصبحت عواطفهم مثلَ أجهزة الكومبيوتر، جامدة، خالية من حنانِ ودفءِ الأسرة المتعارف عليه أيّام زمان.

أجابته زوجته، فعلاً أنا أيضاً لم أعُدْ أتحمَّلُ الوضعَ نهائيَّاً، أصبحنا غرباء عن بعضِنا، لا نعرفُ شيئاً عن أولادِنا كأنّهم لا يعيشون معنا، ويعيشونَ معَ عوالمهم الشّبكيّة عبرَ وسائلِ تواصلاتهم المتعدِّدة معَ أصدقائِهم وصديقاتِهم، صارَ لي حسرة أن نتعشّى معَ بعضِنا، أو نفطرَ أو نتغذى، لا أتذكَّرُ متى آخر مرّة تناولنا وجبةَ طعامٍ معَ بعضِنا، دائماً كل واحد من الأولاد والبنات مشغول في عالمِهِ، حتّى الابن الصّغير في الثّالثة عشرة من عمره مشغول طوال الوقت، في اتِّصالاته مع صديقاتِهِ وأصدقائِه وأفلامِه وأغانيه الّتي يسمعُها عبرَ اليوتيوب، ودائماً منزوٍ في غرفتِهِ، لا نستطيعُ أن نلتقي أو نتحدّثَ معَ أولادِنا لدقائقَ معدودةٍ، وكأنَّ أولادنا هم أولادُ الفايبر والفيس بوك والووتس أب والتّويتر والماسنجر، والانترنت! أولادُ تقنيّات العصر، أينَ زمان آبائِنا وأجدادِنا، نفطرُ معاً ونتغذى معاً لو كنَّا في المنزلِ ونتعشّى معاً ثمَّ نجلسُ في غرفةٍ واحدةٍ ونسمعُ إلى حكاياتِ الأبِ أو الجدِّ أو نسمعُ إلى موسيقى وبرنامج تلفزيوني ونتجاذبُ أطرافَ الحديثِ، والأولادُ يحضِّرونَ واجباتِهم المدرسيّة والَّذينَ كانوا يتابعون دراساتهم الجامعيّة، كانوا يحضِّرون مقرَّراتهم الجامعيّة بكلِّ هدوءٍ وتركيز، ويزورُ الأصدقاءُ والصَّديقاتُ والأهلُ بعضَهم بعضاً بحميميّةٍ وودٍّ كبير، وفيما كنّا في أوجِ اندهاشنا لما نحنُ عليه من فوضى من قبلِ الأولادِ والبناتِ، دخلَ الأخُ الكبير وهو يقهقهُ ويتكلَّمُ بالهاتفِ معَ صديقتِهِ، رفعَ يدَهُ هاااي! ثمَّ تابعَ حديثَهُ ودخلَ غرفتَهُ، يدردشُ معها وهو يقهقهُ عالياً كأنّهُ وحده الموجود في الشّقّة، لا يتزعزعُ عن دردشاتِه لو انقلبَت الدُّنيا رأساً على عقب، ولا يردُّ على أمِّهِ وأبيهِ فيما يخصُّ الغذاء أو العشاء أو أي طلب يطلبانه منّه.
الطّعامُ ينتظرُ قدومَ الأولادِ، والأبوان غارقان في حيرةٍ ما بعدَها حيرةٍ، نظرَ الأبُ إلى زوجَتِهِ قائلاً، كم فرحنا بالأبناءِ والبناتِ عندما جاؤوا للحياةِ، نعملُ ليلَ نهار ونخطِّطُ لهم ولمستقبلهم ونقدِّمُ لهم كلّ طلباتهم وحالما شبّوا قليلاً عن الطَّوقِ، وإذ بهم يشقّون طريقهم بعيداً عن كنفِ العائلة وهم تحتَ سقفِ العائلة! وكأنّهم ليسوا معنا ولا يعيشونَ معنا، اقتنصتهم تقنيّاتُ العصرِ اقتناصاً مخيفاً، غاصوا في عوالمِ الانترنيت ووسائلِ التّواصلِ بكلِّ أنواعها الصَّوتيّة والكتابيّة وغيرها من التَّواصلات، لا يقضونَ معنا ساعة واحدة في الأُسبوع، إلَّا عندما يكونُ عندهم طلبات معيّنة، وحالما يحصلونَ على طلباتهم، يختفون من أمامِنا، وكأنّ مهمّتنا منحصرة فقط لتحقيقِ طلباتهم لا أكثر، ولا يعني لهم اللِّقاء بنا أو اللِّقاء مع بعضِهم بعضاً أيَّ شيء، لأنَّ لقاءَهم الأهم هو متابعة التّواصل معَ أصدقائِهم وصديقاتهم، وأصبحَتْ هذهِ العوالم معبودهم الأوَّل والأخير ولا منافس آخر لها، وضربوا كلَّ العاداتِ والتّقاليدِ ولقاءَ الأهلِ والمعارفِ عرضَ الحائطِ، وعندما يأتي أحدُ الأهلِ زيارةً إلينا، سرعانَ ما يختلي كلّ واحد من الأولادِ والبناتِ في غُرَفِهم ويتواصلونَ معَ عوالمِهِم، تاركين الزّوارَ معَ والديهم وإنْ ابرزوا نوعاً من الاِحترام، فيكتفون بأن يسلّموا على الضُّيوف لدقائق معدودة ثمَّ يعودون لمتابعةِ التّواصلِ معَ أصدقائِهِم وصديقاتِهِم، حتّى أنَّ الكثيرَ من أبناءِ هذا الجيل يتمرّدُ على عادةِ زياراتِ الأهلِ لبعضِهِم بعضاً، ومنهم من يرفعُ صوتَهُ على أبيه وأمّه بكلِّ فجاجةٍ، ويقولُ لأمِّه أو لأبيهِ، الضّيوفُ هم ضيوفكم وجاؤوا للقاءِ بكم وليسَ للقاء بنا، فأنتم متكفِّلون باللِّقاءِ بهم ولسنا مضطرِّين اللِّقاء بهم، فماذا سنتحدَّث معهم وهم ليسوا من جيلنا ولا يوجدُ أيّة قواسم مشتركة بيننا، سوى أنّه خالنا أو عمّنا أو جدّنا! فهمنا أنّه خالنا، أوف!!!! ألَا يكفي أنّنا نسلّم عليه ويقبّلنا ويعانقنا، لماذا سنبقى معهم طويلاً، وبكلِّ وقاحة يقولون عن أهلهم أحياناً، هل اشترونا؟! وهكذا نجدُهم يتصرّفون وكأنَّ خالهم أو الزّوار والضّيوف أصبحوا بلوةً عليهم! ويتنكَّرون لهذه الرَّوابط الَّتي من المفروض أن تكونَ حميميّةً وقائمةً على الاِحترامِ والتَّعاونِ والتَّلاقي والودادِ العميقِ، ولكن هيهات فــ "زمان الأوَّل اتحوَّل" كما يُقال!
كانَ الزَّوجُ والزَّوجةُ غائصَين في نقاشٍ حولَ وضعِ الأولادِ، فرَنَّ هاتفُ الزَّوجة وإذ بهِ أخيها يقولُ، لقد اشتقتُ إليكم وأودُّ أن أزورَكم وأسلِّم عليكم وأرى الأولاد قليلاً، فرحَّبَتْ به، بعدَ قليل دقَّ على البابِ وهو في كاملِ شوقِهِ لبيتِ أختِهِ، دخلَ المنزلَ فسلّمَتْ عليهِ أختُهُ وصهرُهُ ثمَّ جلسَ وهو متلهّفٌ لرؤيةِ الأولادِ والبناتِ، وسألَ عنهم فقالَت الأمُّ خلّيها على الله يا أخي، نحنُ لا نرى الأولادَ إلَّا بالمصادفة، يأتون من الخارج ويسلِّمون سلاماً عابراً ثمَّ يدخلون في غُرَفِهم وكلُّ واحد منهمك في اتِّصالاتِهِ وموبايلِهِ وفيس بوكِهِ، تخيّل منذُ ساعة حضّرتُ لهم الطَّعامَ ولم يأتِ ولا واحد منهم لتناولِ العشاءِ، ولا يتحرَّكونَ نحوَ المطبخ إلّا بعدَ أن يجوعوا، وكلُّ واحد يأتي للمطبخِ بحسبِ مزاجِهِ ويأكلُ ما يصادفُهُ في طريقِهِ وما يراه في البرّادِ، ويعودُ على جناحٍ من السُّرعةِ وكأنّهم في سباقٍ معَ الزّمنِ، فقالَ مَن في البيتِ الآن؟ فقالَتْ وداد وأخيها نبيل. والكبيرة؟ الكبيرة الأفنديّة ليست موجودة، أصلاً سمر لا نستطيع التَّحدّث معها إلَّا بصوتٍ منخفضٍ، لأنّها دائماً تهدِّدُنا أنّها ستستقلُّ لو ضغطنا عليها ويجب أن نتركها على حرِّيتها وهي تأتي متأخّرة وتقول لنا أنا أصبحْتُ بالجامعة وناضجة وليسَ لكم علاقة بي لأنَّني مسؤولة عن تصرُّفاتي، وفعلاً لا نتدخّلُ في شؤونِها أبداً لأنّها على الحجّة، فلو ناقشنا معها وضعها وتأخّرها وتصرُّفاتها سوفَ تستقلُّ عنّا وتذهبُ إلى عند صديقاتها وأصدقائها أو تستأجرُ منزلاً لها ولا نستطيع أن نحرِّكَ ساكناً، مشكلة كبيرة يا أخي نعاني منها، طيّب نادَي لنبيل وخبّريه أنّ خاله هنا! دخلَت الأم إلى غرفة نبيل، وقالتْ لهُ خالك في غرفة الصَّالون وجاء لزيارتنا وهو بشوقٍ للقاءِ بكَ، تفضَّل سلّم عليه، نظرَ إلى أمِّهِ وزمَّ شفتيهِ، وقالَ لها، سآتي بعد قليل، وفعلاً أنهى مكالمتَهُ، وأقفلَ هاتفه وجاءَ وسلَّمَ على خالِهِ، كيفك يا ابني، كيف دراستك ودروسك؟ دراستي كويسة خالو، كل شيء تمام. أينَ هي أختك؟ في غرفتِها عم تحكي مع رفقاتها. طيّب طوال الوقت هي في المدرسة مع رفقاتها لماذا تتكلَّمُ معهم بعدَ المدرسة، ألّا تشبعُ منهم في المدرسة وتتابعُ الاتّصال والتَّحدُّث معهم بعدَ الدَّوام، الّذينَ تتحدَّثُ معهم ليسوا رفيقاتها في المدرسة هم رفيقاتها الَّتي تعرَّفَتْ عليهم في الفيس بوك. رجعنا للفيس بوك ومشاكل الفيس بوك! طيّب ليش ما عم تقعدوا مع الوالد والوالدة وتتعشُّوا معاً وتلتقوا مع بعضكِم ولو لساعة أو ساعتين في كلِّ يوم أو في كلِّ يومين، يعني معقول تعيشوا في بيت واحد ولا تلتقون، لا أثناء العشاء ولا أثناء الفطور ولا في العطل ولا حتّى في المناسبات؟!
شو قصّتكم هذا الجيل؟! شو فيه هذا الجيل، شو فينا، إنّنا ندرسُ دروسنا ونعيشُ حياتنا أحلى ما يكون!
ولكنّكَ لا تسمعُ إلى كلامِ أمِّك وأبيك، ونادراً ما تتعشُّون معاً، طيّب يعني لو تعشَّينا مع بعض ستنحلُّ مشاكلهم! طبعاً ستنحل، على الأقل سيلتقون بكم لبعضِ الوقتِ، لا تعقِّد الأمورَ يا خال. يا عيني حتّى أنا عندما آتي إلى عندكم لا تجلسونَ معي وتبقونَ طوالَ الوقتِ في غرفِكُم. يا خالي، أنتَ آتٍ إلى عندِ أختِكَ وصهرِكَ وليسَ إلى عندي. بلى آتي إلى عندِكَ أيضاً، ألستَ ابن أختي؟ يعني شو ابن أختكَ، يعني لو كنتُ ابن أختكَ لازم كلَّما تأتي عندنا آتي وأجلسُ معك ساعات ونتحدّث عن مشاريعِكَ! أصلاً أنا لا أحبُّ الحديثَ عن مشاريعِكَ، ولماذا لا تحبُّ التَّحدُّثَ عن مشاريعي؟ لأنّك ستقولُ لي يا الله ها قد أصبحتَ شاباً وقريباً ستحصلُ على الثَّانوية وأفضل من أنْ تتابعَ دراساتِكَ، سأفتحُ لكَ مشروعاً، بالمناسبة لا تعجبني مشاريك. ولماذا لا تعجبكَ مشاريعي؟ يا خالي مشاريعك تناسبُكَ أنتَ ولا تناسبني أنا. يا ابني كنتُ وماأزال متحمِّساً أنْ أشتري لك بيتزاريّه أو مطعم أو أي محل مناسب لك .. قاطعه نبيل قائلاً، لا أحبُّ المحلَّات نهائيَّاً، ولا أريدُ أن أربطَ نفسي بالمحلّاتِ؟ سأتابعُ دراستي وأعملُ في مجالِ تخصُّصٍ أحبّه. وماذا تنوي أنْ تتخصَّصَ؟ سأدرسُ وأتخصَّصُ ببرمجةِ الكومبيوتر؟ برمجة الكومبيوتر، يا سلام، برمجة الكومبيوتر، نحن لم نتخلَّص من عوالمك وأنتَ بوضعكَ الحالي، فكيف لو درستَ برمجة الكومبيوتر؟!
ماذا عملتُ لكَ، كي تقولَ لي لم نتخلَّصْ منكَ؟ هل أنا قاعد على سفرتِكَ كي توبِّخُني وتهينُني بهذا الشّكل؟! لا تنسَ أنّني حرّ بما أقومُ بِهِ، واختياري لدراسةِ برمجةِ الكومبيوتر عائد لي وليس لكَ أيّة علاقة به.
أنتَ حرّ على عيني، ولكنَّكَ لستَ حرّاً إلى درجة أنَّ أمَّكَ وأبيكَ لا يريانكَ ويلتقيان بكَ وباختيكَ وأخيكَ مرّةً واحدة في الأسبوعِ، كي تتناولوا معاً طعامَ العشاءِ، إلى متى ستركضونَ خلفَ موبايلاتِكم وكومبيوتراتِكم وبرامجمِكم وتواصلاتِكم في الفيس بوك والتّويتر وحضورِ الأفلامِ والاستماعِ إلى الموسيقى عبر اليوتيوب؟ لقد أصبحتم أولاد هذه الأجهزة أكثر من أن تكونوا أولادنا؟!
شي حلو تعا واضربنا كمان! انتبه، أنتَ خالي على عيني، ولكن ليسَ لكَ أيّة علاقة في حياتنا الخاصّة، حياتي الخاصّة خطٌّ أحمر!
يا ابني أنا خالك وأنت ابن أختي، وحريص على مصلحتك ومستقبلك، إنّكَ تدمَّرُ حياتَكَ من خلالِ التهائِكَ أنتَ وإخوتك بهذهِ الأجهزة طوالَ الوقتِ.
للمرّةِ الأخيرة أحذِّركَ بعدمِ الضَّغطِ عليّ والتّدخُّلِ في حياتي الخاصّة، لأنِّي لا أسمحُ لأمِّي وأبي ولا لمديرِ مدرستي التَّدخُّلَ في حياتي، كيفَ أنتَ تتدخَّل في حياتي الخاصّة؟! عن إذنِكَ الآن، معكَ أختكَ وصهركَ ممكن تتسلّوا مع بعضِكم، فأنا لدي الكثير ممّا أقومُ بِهِ أيضاً. لأنَّ حياتي هي ملكي وأنا حرُّ بها!
نظرَ الخال إلى أختِهِ وصهرِهِ، وقالَ هذا الولد أمره غريب، وجيل هذا الزَّمان فعلاً غريب الأطوار، الله يكون في عونِنا من القادمِ، لا تشكي لي همَّكِ يا أختي، أولادي على نفس الحالة، لا يسمعوني نهائيَّاً، نحنُ أمامَ مشكلة عويصة في كيفية تعاملنا مع هذا الجيل، جيل بعيد كلَّ البعد عن عالمنا، وكأنّهم ليسوا من صُلبنا، إنّهم ينسجمون معَ موبيلاتِهم وتواصلاتِهم وتقنياتِهم وكأنّهم أولاد تكنولوجيا العصر، خسارة أنْ نصلَ إلى هذه الحالة المريرة الّتي نحنُ فيها. ودّعهما وخرج من المنزل وهوَ في قمَّةِ غضبِهِ وحزنِهِ!
وفيما كانَ يسيرُ بغضبٍ في الشَّارعِ، ارتطمَ رأسه في أحدِ الشّباب، فغضبَ جدَّاً وقالَ لهُ، يا ابني أنظر أمامك، ألَا ترى؟! حدَّقَ به الشَّاب ثمَّ ردَّ عليه بكلِّ عنف، أنتَ أنظرْ أمامكَ وليس أنا، فأنا على الأقل كنتُ مشغولاً بالفيس بوك وأردُّ على إحدى صديقاتي، وأمّا أنتَ بماذا كنتَ مشغولاً كي ترتطمَ بي كلّ هذا الارتطام؟ كأنّكَ أعمى لا ترى أمامك، شي حلو ما ينقصنا إلَّا عجائز آخر زمن يُعلّمونا كيفَ نسيرُ في الشّارع؟! تركَه في حالِهِ وتابعَ خطاه متمتماً لنفسه يا ما أحلى أولادي وأولاد أختي مقارنةً بهذهِ المساطر!

ستوكهولم: أيلول (سبتمبر) 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم