الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبوءات السيد (ق)... قصة قصيرة

أحمد الشطري
شاعر وناقد

(Ahmed Alshtry)

2019 / 1 / 3
الادب والفن


لا احد كان يصدق ما يحدثهم به السيد (ق) في كل بداية عام جديد عن توقعاته لما سيحدث في العام القادم، رغم ان الكثير من تلك التوقعات كانت تحدث فعلا ورغم انهم ايضا كانوا يصدقون ما يقوله المنجم (ع) او المنجمة (ن) او المنجم (د)، وكلما اخبروه عن توقعات هؤلاء المنجمين، ضحك باستهزاء وقال: انهم مشعوذون ولا يفقهون شيئا بعلم الجفر وقراءة الطالع. وكان دائما ما يؤكد: انه الوحيد العارف بهذا العلم.
في العام قبل الماضي حدثهم عن حرب شعواء، فضحكوا وقالوا له: ان البلد يعيش بأمن ورخاء من اين تأتي الحرب؟ وقبل ان ينتهي العام دقت طبول الحرب وراح ضحيتها اكثر من مئتي الف شخص.
في العام الماضي قال لهم: ان مرضا غريبا سينتشر في المنطقة فيذهب ضحيته الاف الاشخاص. فلم يصدقوا ايضا، وحدث ذلك بالفعل.
اما الآن فانهم جميعا باتوا مقتنعين تماما بصدق تنبؤاته. من كان يتهمه بالجنون اخذ يردد المقولة الشهيرة:( خذوا الحكمة من افواه المجانين) ومن كان يتهمه بالكذب اخذ يردد المقولة الشهيرة ايضا: ( قد يفوتك من الكذاب صدق كثير).
اما النساء فأخذن يلطخن باب بيته بالحناء تبركا، ويصطحبن معهن شيئا من حجارة حائطه ليدهنَّ بها رؤوسهن ورؤوس اولا دهنَّ ويمزجنَ بعضا منها بالماء و يرشنّه في وسط الدار وعلى الجدران، عسى ان يدفع عن بيوتهنَّ الشر.
اصبح السيد (ق) بين ليلة وضحاها مقدسا يوقره الجميع ويتنظر منه البركات.
لكن السيد (ق) كان يضحك من تصرفات هؤلاء واخذ يتهمهم بالجهل والسذاجة دون ان يحمل في قلبه ضغينة لهم بل كان حزينا عليهم ودائما ما يصفهم بانهم مساكين.
لكنه بقي مصرا على انه العارف الوحيد بهذا العلم الذي توارثه عن اسلافه.
في ليلة بدء العام الجديد اجتمع الناس قرب بابه منتظرين ان يخرج عليهم بنبوءاته لما سيحدث، بعضهم جلب عشاءه معه ليحصل على مكان قريب وبعضهم جلب معه فرشا واغطية خوف ان يطول به الانتظار، لم يتجرأ احد ان يطرق بابه، كان الجميع منتظرا ان يبادر هو بالخروج من بيته ليكشف لهم المستقبل المجهول.
مرت دقائق تلك الليلة ثقيلة على الجميع، من احس بالتعب والنعاس افترش ما جلبه معه ونام، منبها من كان معه بإيقاظه عندما يُفتح باب السيد ( ق) وبعضهم افترش الارض ونام، واخرون بقوا شاخصين بأبصارهم نحو الباب المغلق.
بدأ الظلام شيئا فشيئا يسحب اذياله مثل فتاة خجول ليتوارى خلف انوار الصباح الزاحفة من بعيد بهدوء وثقة، استيقظ الجميع، واجمعوا على ان يطرقوا الباب؛ لينبهوا السيد (ق) بانهم ما زالوا جالسين بانتظار نبوءاته.
طرقوا الباب كثيرا لكن لم يخرج ليهم أحد، وبعد ان يأسوا عادوا الى بيوتهم وهم يشعرون بالخيبة والقلق من المستقبل الذي سيظل مجهولا.
في وسط النهر كانت هناك جثة تطفو على سطح الماء دون ان ينتبه لها احد، بينما راحت الامواج تدفع بها نحو مكان بعيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا