الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتشار شرب الخمور, لماذا؟

اسعد عبدالله عبدعلي

2019 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


خمر وخمر ومخمورين, هي الكلمات الاكثر انتشارا بين اخبار المواقع والوكالات الخبرية المحلية ليلة راس السنة! وقد اثار تعجبي كثرتها عن المخمورين, فهل يعقل اننا في بلد اسلامي وحكومة احزاب اسلامية! واكثر ما شاهدته مرارة: هو الفيديو الذي انتشر ليلة راس السنة في مواقع التواصل الاجتماعي, عن دفع رجل بطفله الصغير الذي لا يتعدى عمره الثلاث سنوات لشرب الخمر! وسط تشجيع جمهور كبير من الشباب والكبار المحيطين بالحدث, مع تصفيق وتصوير الحدث باعتباره نصرا للمخمورين "العرقجية", متناسين حق الطفل بحماية طفولته من التصرف الارعن لأبيه وللجمع المحيط! قد اصبح هناك مجاهرة بشرب الخمر وتوسيع رقعة الدعوة للشرب لتصل للأطفال الصغار!
واخرها خبر نقلته وكالة المدار ما نصه " القت مفارز شرطة بغداد القبض على سبع مخمورين, حاولوا افتعال المشاكل بين المحتفلين في بغداد, في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد, واضاف, ان احد هؤلاء كان داخل مدينة العاب السندباد في شارع فلسطين",
قضية انتشار الخمر اصبحت علنية, بل يتفاخر بها الشباب وحتى كبار السن, ويعتبروها نوع من الفحولة والرجولة للأقدام على ما يخافه الاخرون! انه ببساطة انقلاب للقيم, والاغرب ان ينتشر في المناطق السكنية التي تكثر فيها الجوامع والحسينيات, والتي تلتزم بالمراسيم الدينية بشكل كبير ومشاركة واسعة على مدار ايام السنة, فكيف تنتج هذه الاحياء والمدن جيل كبير من شاربي الخمور!

• شباب ضائع
فوضى خلقتها العولمة والتي اصبح من العسير السيطرة عليها, فهي كالقنبلة التي انفجرت وها نحن نعيش زمن العصف, والذي لا يعلم اين يأخذ بنا, ان الضخ المتواصل لمعلومات شبكة الانترنت ومحاصرة الانسان عبر كميات ضخمة من الاخبار والصور ومشاهد الفيديو وصوتيات, ممن لا تعترض على شرب الخمر بل تجعل منه امرا ملازما للفحولة, ويصبح المؤثر الاكبر في حياة الشاب هو المعلومات التي تغذيه بشكل مستمر.
وبغياب الضابط لما يتم استلامه, فيتعرض الشاب لعاصفة الكترونية تقلع قيمه وتؤسس لأفكار مغلوطة, نتيجة التغذية المستلمة من مؤسسات غربية ذات اهداف معينة, الى ان تتحول الى سلوك يومي, فعندما يتغذى معلومات بكميات كبيرة وبشكل مستمر لزمن طويل, سيستشعر ان تناول الخمور باب من ابواب التمدن والحداثة والحرية, بل من صفات الرجولة والذكورية, لذلك يريد ان يثبت كل هذا الهوس لنفسه ولمحيطه فيتحول الى مدمن خمور.

• ضعف الخطاب ديني
المتتبع للخطاب الديني يجده جامد بنفس كيفية السبعينات والثمانينات ولم يتطور, لذلك لم يعد مؤثر في المجتمع الحالي, بل غدى مجرد مراسيم لغرض كسب الصيت او البحث عن ثواب, او تجارة عن بعض اهل المنابر! فمع الانفتاح الكبير واتساع عدد الجوامع والحسينيات والمراكز الدينية, ومع سعت المشاركة في المواسم الدينية, لكن الانحراف عن الدين اصبح كبيرا, فشرب الخمر من الكبائر ومن اساسيات الاسلام, وقد شدد الاسلام على الابتعاد عنها, وحرم حتى مجرد الجلوس على طاولة واحدة مع شارب الخمر, لكن نجد انفتاح كبير نحو الخمر من قبل الشباب وحتى الكبار, باعتباره وسيله للترفيه وعلامة من علامات الرجولة, وباب مهم للانتماء للكبار.
نحتاج اليوم ثورة في الخطاب الديني, وتحرك وفق منهج وخطة لإعادة المجتمع للطريق السليم, بعد الانحراف الكبير لقافلة الامة! بدل الكسل الغريب الذي يغط فيه البعض, فحرب الخمر تحتاج لتحرك سريع من رجال الدين, باعتبار الخمر خطر مميت يهدد المجتمع والايمان في هذه الارض.

• ضعف تأثير المؤسسات التعليمية
مقايس تطور أي بلد هو الدور الذي قدمه المؤسسات التعليمية في بناء المجتمع, لكن الملاحظ ان قيم المجتمع في انحدار عام بعد اخر, حيث تنتشر الرذائل والجريمة والفساد في المجتمع, وكل يوم نصحو على خبر غريب كاب يقتل اطفاله, او قيام مجموعة بتسليب رجل عجوز! او قيام مخمور بقتل طفلة, فالخيانة الغدر الكذب النفاق كلها منتشرة بشكل مخيف وبكل طبقات المجتمع, مصيبة كبيرة كالحريق في مخزن ورق يصعب ايقافه.
ان المدرسة والمعهد والجامع توقف تماما عن رفد القيم ودعم السلوك الحضاري الصحيح, بل تحولت هذه المؤسسات التعليمية لمكان لتحطيم القيم خصوصا الجامعات والتي يحصل الانفلات داخلها لتحصل نوع من الحصانة للطالب مع اتاحة الفرصة لخروج كل مكبوتاته, ومنها دعوة شرب الخمر.
فلو قامت المؤسسات التعليمية بتحصين الانسان منذ الصغر ضد الخمر, والتحذير الشديد من مخاطره على الصحة والحياة والدين والايمان, لكان من الممكن محاصرة الخمر, لكن فقدنا ركيزة اساسية في حرب الفساد والانحراف, بسبب فساد وخراب البيئة التعليمية في العراق( مدارس ومعاهد وجامعات).

• التأثير السلبي للأعلام المحلي والعربي
الاعلام العراقي بعد 2003 تحول الى اداة لتدمير ما بقي من بنيان المجتمع, حيث كان العنصر الاساسي لتسفيه الوعي وتحول جزء من المجتمع كقطيع للأحزاب, مع تحريضه على الطائفية والعنف, وحتى الاعلام العربي عبر مئات الفضائيات تنشر السموم التي تهتك حصن القيم, لتزرع بذور الانحراف, وكان شرب الخمر مادة مهمة لفترات البث, حيث كانت هنالك اساليب غير مباشرة للترويج لشربه عن طريق بث افلام ومسلسلات تكثر من لقطات شرب الخمر, وتجعل الابطال من الشاربين للخمر, ودراما بشكل يومي لا تعترض على شرب الخمر بل تعتبره رجولة وشجاعة وامر طبيعي يمارسه الابطال.
فيأتي المراهق والشاب ليقلد ما تبثه القنوات المحلية والعربية, بعد حالة الاشباع التي تعرض لها من خلال ساعات البث المكثفة بأجمل صورة واحلى صوت, فيتحول المتلقي الى دمية يحركها الاعلام!
نحتاج اليوم لقانون ينظم عمل الاعلام, ويحقق الحماية للمجتمع والفرد, مثلا يكون اتفاق على حرب الخمر عبر مادة تثقف على خسة ونذالة شارب الخمر وانه يحارب الرسول واهل البيت بهذا السلوك, او يتم قطع أي لقطة فيها خمر او شرب للخمر, وهكذا يتم محاصرة الخمر اعلاميا, فقط نحتاج لقرار سياسي يجبر اهل الاعلام على الالتزام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لماذا حشر الدين ورموزه؟
إبراهيم ( 2019 / 1 / 5 - 01:32 )
خسة ونذالة شارب الخمر
وانه يحارب الرسول واهل البيت بهذا السلوك,
ذاك قولك.
هل تعلم أن 99 بالمائة خارج حدود -خير أمة-، لا يعرفون الرسول وأهل البيت، وحينما يشربون الخمر لا ينوون الإساءة لمن لا يعرفون، أو محاربتهم .. إذن فهذا التجييش والتحريض مبني على دغدغة العواطف، وتضليل القاريء الغِر بصورة مزوَّرة.
عندما آخذ زعماء دول عظمى كنماذج عندما يقرعون كؤوسهم .. لا أتصورهم أنذالا وأخساء .. ولو كانوا كذلك لما استقام لهم قيادة بلدانهم وتبويئها مكانة رفيعة على المستوى الدولي.
لو اقتصرت في تناول الموضوع على الجانب الأخلاقي، لكنت وجدت من يساير أفكارك. أما حشرك للدين ورموزه فقد أدى إلى نتيجة عكسية.
تذكر: ما لله لله وما لقيصر لقيصر. ولن أناقش معك مسألة الحل والحرام، وتضارب الآراء. بل أذكر بما قال ابن الرومي:
أحل العراقي النبيذ وشربه ////// وقال حرامان: المدامة والسكر
وقال الحجازي: الشرابان واحد ////// فحلت لنا بين اختلافهما الخمر
سآخذ من قوليهما طرفيهما ////// حلالا بلا إثم، وللوازر الوزر

اخر الافلام

.. تشاد: فوز رئيس المجلس العسكري محمد ديبي إتنو بالانتخابات الر


.. قطاع غزة: محادثات الهدنة تنتهي دون اتفاق بين إسرائيل وحركة




.. مظاهرة في سوريا تساند الشعب الفلسطيني في مقاومته ضد إسرائيل


.. أم فلسطينية تودع بمرارة ابنها الذي استشهد جراء قصف إسرائيلي




.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب للمطالبة بصفقة