الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رئيس مجلس الوزراء قادر على أحداث التغيير ؟ ..

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2019 / 1 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



السيد رئيس مجلس الوزراء وحكومته
قادر لإحداث التغيير المنشود ؟..
وهل هو راغب بالسير في هذا الطريق ؟
أنا أعتقد جازما بأنه غير قادر ولا راغب في عملية التغيير التي يتطلع إليها شعبنا وقواه الوطنية والتقدمية !..
أنا لا أشك بأنه جزء مهم من تشكيلة النظام القائم في العراق من عام 2006 م ، ويمثل حاضنة للمشروع الأمريكي في فلسفة الرأسمالية ( الليبرالية الجديدة ! ) .. وسياسة الخصخصة للقطاع العام .
هذا ما سارت عليه الحكومات المتعاقبة التي حكمت العراق من عام 2006 م وترأسها رؤساء من حزب الدعوة الإسلامي ، وانتهجت سياسة اقتصادية تعتمد على الاستيراد لكل احتياجات العراق ( الصناعية والزراعية والخدمية ) وقامت بتعطيل وبشكل متعد لكل المصانع والورشات ، الصغيرة منها والكبيرة ، واهمالها لسلة العراق الغذائية وعدم دعمها لهذا القطاع المهم .
هذه السياسة ألحقت دمار شامل في مختلف فروع الاقتصاد ، وتحول العراق الى بلد مستهلك وغير منتج ، وتحول الى اقتصاد ريعي يعتمد بشكل كامل على ما يتم تصديره من النفط .
وبعد هذه السنوات العجاف والحرب الأهلية ودخول داعش واحتلاله لثلث مساحة العراق ، وارتفاع الدين العام الذي قد يصل الى 150 مليار دولار ، وتراكم فوائد القروض ، والفشل في رفع كفاءة أداء المؤسسات الخدمية وعدم القدرة على تقديم الخدمات وخاصة في مجال الكهرباء والماء والتعليم والصحة ، يتم اليوم تسويق سياسة الخصخصة لبعض من مؤسسات الدولة ، وخاصة في مجال النفط وإنتاج الطاقة وغير ذلك .
وهو مشروع لا ينسجم مع مصالح البلاد العليا ، ولا يحقق طموح الناس في الرخاء والنماء والعيش الكريم .
وهو مشروع استثماري يهدف لتصفية القطاع العام ، وبشكل مبرمج ويطلخ على نار هادئة من دون ضجيج .
ومثل ما بينا فإنهم قد أثقلوا العراق بالديون والقروض ، قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى ، والذي سيأثر على عدم استقرار لقيمة العملة العراقية ، والى ضعف وانهيار الاقتصاد ، واستمرار هذا التراجع سيعمل على ارتفاع نسبة التضخم وسيؤدي الى ضعف القدرة الشرائية للفرد ، وعلى وجه الخصوص الطبقات المسحوقة وعلى عموم الشعب بشكل عام ، وستأدي الى ارتفاع نسبة الفقر والبطالة ، وتزداد معاناة الطبقات المسحوقة والفقراء والبؤساء .
وهنا ستتمكن شريحة الطفيليين والسراق والفاسدين ، لتحقيق غايتهم ، وستكون هذه الشريحة المستفيد الرئيس من عملية الخصخصة ( السرقة القانونية ! ) وتشتري بالأموال التي نهبوها خلال السنوات الماضية من خزينة البلاد والعباد ، هذه المؤسسات المعروضة للاستثمار بثمن بخس .
وستجري عملية بيع ما يمكن بيعه من هذه المؤسسات التابعة ( للدولة ! ) !.. وتتم عملية الشراء ( الاستثمار ! ) للقطاع الخاص الوطني منه والأجنبي الإقليمي والدولي ، مثلما كان يجري في بلدان أوربا الشرقية وروسيا الاتحادية ، بعملية سمسرة منهجية ، وبشكل متسارع ، وتحولت هذه الطفيليات الفاسدة الى ملاك ورأسمالين كبار يمتلكون المليارات في هذه البلدان ، ولتصبح قوة اقتصادية كبيرة ، التي أضحت وريثة غير شرعية للدولة ومؤسساتها .
والمتتبع لتطور حجم هؤلاء الطفيلين والفاسدين في العراق ، سيجد بأن قدراتهم تزداد ، وتأثيرها في السوق العراقية يكبر ، نتيجة نمو متسارع لهذه الشريحة الطفيلية ولتكبر وتتسع والتي أصبحت أكثر هيمنة ونفوذ ، واليوم تمتلك قدرات كبيرة وكبيرة جدا وربما تضاهي قدرات ( الدولة ! ) .
هذه السياسة اعتمدتها الولايات المتحدة وفق فلسفة ( الليبرالية الجديدة ! ) ومارستها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ودول أوربا الشرقية !..
ونلاحظ كيف نشأت البرجوازية الطفيلة في هذه البلدان ، وخلال فترة تقل عن عقد من السنين ظهر في هذه البلدان أناس كانوا بالأمس لا يملكون شيء ، واليوم أصبحوا يملكون المليارات نتيجة لسرقة وبيع مؤسسات هذه البلدان بثمن بخس وبالتشارك فيما بين الفاسدين في عمليات سرقة واحتيال ونهب .
وما حدث في يوغسلافيا وتفتيتها وبيع القطاع العام والمختلط وبدعم كامل للقوى الأكثر رجعية وتطرف ، والذي أدى الى تمزيق وحدته الجغرافية والسياسية ونشوب حروب ونزاعات عرقية بين مكونات المجتمع اليوغسلافي .
اليوم يحدث الشيء نفسه في العراق وكذلك بمساعدة أمريكيا للقوى الأكثر رجعية وتطرف للهيمنة على مقاليد الحكم في العراق ، والذي أدى لظهور شريحة طفيلية فاسدة ، أصبحت تمتلك الأموال الطائلة والعقارات والمصانع داخل العراق وخارجه ، بالوقت الذي كانوا لا يملكون شيء قبل الاحتلال الأمريكي للعراق .
بعد أحداث سبتمبر وتفجير الأبراج في أمريكا بعمل إرهابي مجنون 2001 م ، استغلت الولايات المتحدة هذا الحدث المأساوي المدان ، لتمرير السياسة ذاتها كذريعة لتبرير عدوانها على الدول المستقلة التي تعتبرها دول مارقة من وجهة نظرها !..
فقامت بشن العدوان العسكري على العراق وليبيا وسوريا واليمن بشكل مباشر أو في الانابة ، ومحاولات تطويع مصر واضعافها واخضاعها ودفعها مضطرة للخصخصة نتيجة الضائقة المالية والفساد ومراوحة التنمية في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه المائة مليون نسمة .
والتوجه الى الخصخصة و ( بيع القطاع العام أو بعض منه وعرضه للاستثمار وببرامج وخطط طويلة الأمد ومتوسطة ، ومحاولات حثيثة من قبل قوى خارجية وداخلية لتمزيق النسيج الاجتماعي المصري ، وتغذية ودعم غير محدود للمنظمات الإرهابية ، لزعزعة استقرار مصر ونظامها السياسي ، وتدمير اقتصادها الهش ، واضعاف جيشها ونظامها السياسي الضعيف والمتهالك أصلا ، ولكنه يحاول المقاومة والبقاء بعيدا عن المعارك الحقيقية في شرقنا الأوسطي الجديد !!...
والعراق اليوم هو هدف أمريكا الاستراتيجي ، والعمل على تطويع إيران أكثر من خلال سياسات الضغط الناعمة التي تمارسه أمريكا حيالها .
إيران ليست من أولويات السياسة الأمريكية ولا هدفا من أهدافها الاستراتيجية ، ولا تشكل عائقا أمام سياسة أمريكا في الشرق الأوسط .
هدف الولايات المتحدة والرأسمالية العالمية الأساس هو القضاء على كل شيء اسمه قطاع عام أو رأسمالية الدولة الاحتكارية .
وتمكين الشركات العابرة للقارات ، وفي أغلبها أمريكية ، من الهيمنة على اقتصاد هذه البلدان وإخضاعها .
وتولي الرأسمالية العالمية وعلى رأسها أمريكا الاهتمام الأكبر بالعراق وسوريا واليمن !.. ويأتي من بعد هذه البلدان ليبيا والسودان ومصر .
وأعتقد بأن السيد عادل عبد المهدي يشكل الحلقة الأساس في اهتمام السياسة الأمريكية في العراق ، وله تأثير بالغ على حاضر ومستقبل العراق من وجهة نظر أمريكية وإسرائيل ، ويعتبرونه الكثيرين وأنا منهم ، بأنه عراب السياسة الأمريكية في العراق ، والمتواطئ والمتوافق مع إيران وسياساتها وتدخلاتها السافرة في شؤون العراق والمنطقة ، والتي تتوافق مع السياسة الأمريكية والغربية كمحصلة نهائية .
وأمريكا لا تشعر بالخطر من إيران وسياساتها في المنطقة ، فإيران تسير في دائرة السياسة الأمريكية ، وتتفق مع نهج وهدف الليبرالية الجديدة والرأسمالية التوسعية .
منذ سنين والنظام الإيراني يسير بتنمية الشرائح الفئات الطفيلية المهيمنة اليوم على مقاليد السلطة ، والتي باتت تسيطر على مؤسسات القطاع العام والخاص ، وأي نشاط اقتصادي للفرد أو للجماعة لا يمكنه العمل إلا تحت خيمة هذا النظام القائم اليوم .
ومن يعتقد بأن الحكومة العراقية التي لم تكتمل لليوم ، بأنها ستقدم إنجازات ملموسة ، أو ستجتث الفساد وتحصر السلاح بيد المؤسسة الأمنية والعسكرية وتقضي على الميليشيات الطائفية والخارجة عن القانون ، وبأنها ستبدأ بعملية تنمية وتعمل على تحقيق السلم المجتمعي وتبني دولة المواطنة وإرساء العدل والقانون والمساوات ، فأعتقد بأنه واهم ولم يقرأ طبيعة النظام السياسي القائم !..
هذه الشرائح الطفيلية المهيمنة اليوم لديها من الأدوات ما يمكنها من المناورة واللعب بالأوراق وعلى حساب دم ودموع الملايين من الناس، وسياساتهم ونهجهم المدمر ، الذي ساروا عليه من عام 2006 م وحتى يومنا هذا ،
والقاصي والداني يعلم حجم فسادهم وطائفيتهم ونهجهم العنصري المقيت ، ناهيك عن ولائهم الواضح والمكشوف لخارج الحدود .
ربما سائل يسأل ؟..
إذا كانت الصورة قاتمة ومرعبة بهذا الشكل !.. فما هو الحل ؟..
من وجهة نظري .. لا يوجد حل غير الاعتماد على تنمية الوعي المجتمعي ، عند الطبقات المسحوقة وزجها في معارك النضال والكفاح الطبقي ، وتنشيط نضالات الجماهير السلمية ، وتمكينها من ممارسة حقها في المطالبة بتوفير لقمة العيش وتحقيق الأمن المفقود ، وتقديم الخدمات ومنح الحقوق ، وتوسيع مساحة الحريات والنشاط الديمقراطي .
إن العمل في ظل البرلمان الحالي ، والذي يمثل الأغلبية المتحكمة بمصائر الناس منذ عقد ونيف !.. هذا البرلمان لا يختلف عن سابقه إذا لم يكن أسوء !..
بل أكثر سوء من وجهة نظري ، وكل ما يَعدون به ، وما تعد به الحكومة الغير مكتملة لليوم والتي مضى على الانتخابات ثمانية أشهر ، التي جرت في 12/5/2018 م والتي أنتجت لنا هؤلاء الفاسدين .
هؤلاء ليس في جعبتهم ما ينفع الناس أو ما يقدموه للفئات الأكثر فقرا .
وما أعلنه قبل يومين السيد رئيس مجلس الوزراء عن تشكيل ( المجلس الأعلى لمكافحة الفساد !! ) بتقديري بأن هذا المجلس لا يختلف بشيء عن المجالس السابقة التي تم تشكيلها ولم تقدم شيء َ!!...
الحمد لله لدينا فيض من هذه الهيئات والمجالس والمستشارين والنزاهة والمفتش العام والنائب العام وغيرها من التسميات !..
هذه جميعها لليوم لم تتمكن من وضع حتى واحدا من الحيتان الكبيرة والمعروفة ، في قفص الاتهام وتجريمه على فساده ، فهذا ما يحدث في عراق اليوم ، ولكنه يحدث في الأحلام السعيدة !!.. وهو ضرب من الخيال !..
فكيف يتسنى لأي مجلس أو هيئة أو لجنة يمكنها تقديم بعض من هؤلاء الحيتان المتحكمين بالقرار السياسي ، ولهم تأثير مباشر على القضاء ، وبيدهم المال والسلاح والإعلام !.. كيف يمكن لأي مجلس من فعل ذلك ؟..
هذا لا يمكن إلا بتغيير أدوات النظام السياسي برمته ، وتمكين المجلس أو غيره من ممارسة واجباته الموكلة إليه ، للبدء بعملية الكشف عن الفاسدين حقيقية ، وليس لتسويق ذلك للإعلام وللاستهلاك والتظليل والتمويه والخداع .
لا يمكن أن ينبثق مجلس حقيقي لمكافحة أخطر أفة تهدد حاضر ومستقبل العراق ، أفة الفساد ، ويخرج مجلس من رحم هذا النظام أبدا .
ولا يمكن أن يكون القاضي والجلاد هو نفسه !.. بأي منطق ؟ .
أنا أعتقد إن كانت هناك إرادة حقيقية والقدرة عند البعض من ( الشرفاء ! ) فعلى هؤلاء أن يعملوا على توفير أدوات التغيير اللازمة .. أُكرر التغيير وليس الإصلاح ، الإصلاح من دون تغيير جذري وحقيقي لا جدوى منه ، يجب توفير أدوات التغيير ، والعمل النشيط لتحريك الأغلبية الصامتة ، وبث الوعي فيها لتغيير نظرتها السلبية لمجمل العملية السياسية ، وبأحزابها بشكل عام .
هذه الملايين الفاقدة للأمل في عملية التغيير الشامل !..
دون تغيير رؤية هذه الملاين ، واستعادة الثقة في عملية التغيير ، فهذا يعني بأن أمامنا مشوار طويل شائك وخطير .
صادق محمد عبدالكريم الدبش
4/1/2019 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في