الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضغوطات انتقائية !!

ماهر رزوق

2019 / 1 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في أحد كتبه و في كثير من مقالاته ، يتحدث المفكر (هاشم صالح) عن الفروق الزمنية بين الغرب و الشرق ، فيقول ما معناه : إذا أردنا أن نقرأ عن التنوير الأوربي ، علينا أن نقرأ كتب القرن الثامن أو التاسع عشر ، لأننا مازلنا عالقين في تلك الفترة الزمنية من عمر التنوير !!
بينما إذا قرأنا في كتب و أبحاث هذا القرن ، فإننا سنكون كمن يسافر عبر الزمن إلى المستقبل ، فالمفاهيم التي توصل إليها الغرب عبر صراعات طويلة (أيديولوجية و أبستمولوجية) ، لا تناسب عقولنا التي مازالت عالقة في ميادين المفاهيم القديمة ، و سنجد صعوبة هائلة في تقبل المفاهيم الجديدة دون المرور بنفس المراحل و الصراعات التي مر بها الغرب !!

عندما قرأت تلك الفكرة ، تذكرت مبادئ التطور ، و قلت في نفسي : فعلا لابد للأفكار من المرور بمراحل تطورية تساعدها على التأقلم مع معطيات البيئة المعرفية الجديدة ، حالها في ذلك كحال الكائنات الحية و تطورها البيولوجي و الفيزيولوجي !!
و اليوم قرأت ما يشابه فكرة (هاشم صالح) و لكن على المستوى البيولوجي النفسي ، في كتاب (ديفيد باس) : علم النفس التطوري _ ترجمة (مصطفى حجازي) ...
حيث يقول نقلا عن عن جورج وليامس ، و ريتشارد دوكنز ، الآتي :

(( أدى مفهوم التكيف ، أي الفكرة القائلة بأن الآليات لها وظائف متطورة إلى العديد من الاكتشافات الفائقة خلال القرن المنصرم ، إلا أن ذلك لا يعني أن مجموعة الآليات التكيفية الراهنة التي تكون الانسان ، مصممة في حالتها الفضلى !!
تتسبب العديد من العوامل في كون التصميم الراهن لتكيفاتنا أبعد ما يكون عن الحالة الفضلى ، و من هذه العوامل مثلا :
يتمثل أحد قيود التصميم الأفضل في فجوات الزمن التطورية ، لنتذكر أن التطور يحيلنا إلى التغير عبر الزمن ، فكل تغير في البيئة يحمل معه ضغوطات انتقائية جديدة ، و لأن التغير التطوري يحدث ببطء ، متطلبا آلافا من أجيال الضغط الانتقائي المتكررة ، فإن البشر الحاليين مصممون بالضرورة للبيئات السابقة التي هم نتاجها !!
و إذا طرحنا الأمر بصورة مغايرة ، فإننا نحمل دماغا يكاد يكون من العصر الحجري في بيئة حديثة ، فالرغبة الكبيرة بالدهون ، التي كانت متكيفة مع ندرة موارد الطعام في البيئة السالفة ، تؤدي بنا حاليا إلى انسداد الشرايين و الذبحات القلبية ... تعني الفجوة الزمنية ما بين البيئة التي شكلت آلياتنا (أي ماضي الصيد _ جمع الطعام الذي ولد معظم بيئتنا الانتقائية) و بين البيئة الراهنة ، أن آلياتنا المتطورة الحالية قد لا تكون مصممة بالشكل الأفضل للبيئة الحالية !! ))

و هنا كان لابد من الربط بين الأمرين ، فالعوائق البيئية على مستوى الجسد ، تقابلها عوائق إيديولوجية على مستوى الفكر !!
و لهذا نحن في حالة صراع مستمر ، كلما حصلت حادثة صادمة للمجتمع (فتاة تخلع الحجاب على الهواء مباشرة ، ممثلة ترتدي زي لا يناسب الذوق العام في حفل ما ، هروب فتاة من أهلها و إثارتها لضجة إعلامية كبيرة ...الخ)
فأي حدث مهما كانت أهميته ضئيلة فإنه سيحدث بلبلة كبيرة بالتأكيد ، لأن الصدمة هي بداية الاعتياد و الانفتاح على أفكار جديدة (سلبية أو إيجابية) ، و لكن السؤال المطروح : إلى متى ؟؟ أقصد ما هي المدة الزمنية التطورية اللازمة لنصل إلى عتبة الحداثة و الاعتياد على أفكارها و مفاهيمها !!؟

#Maher_Razouk
#ماهررزوق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو