الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وظيفة الصندوق الدولي إبقاء الشعوب على قيد العيش من أجل امتصاص دمائها ...

مروان صباح

2019 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


...

/ لم تكن السودان الدولة الوحيدة في أفريقيا التى استقطبها الصندوق الدولي إلى دوامته التفريغية بل وضع ايضاً غانا وزامبيا في دائرة استهدافاته الامتصاصية ، ففي كل مرّة تصل الدول التى قامت علاقات اقتراضية مع الصندوق إلى حافة الإفلاس يعيد الناقد تأهيلهم من أجل إعادة امتصاص دمائهم بشكل مكرور وهكذا يوظف الصندوق النقد الدولي حيله المتعددة وقوته المالية وضعف إدارات الدول النامية وعلى الأخص الفاسدة منها من أجل الإجهاز على مواقعها الاستراتيجية والقبول بإنشاء قواعد عسكرية أو تقديم مساعدات لوجستية في حده الأدنى ، وللإيضاح المفيد فقد وصلت ديون السودان الخارجية إلى 54 مليار دولار وطبقاً للتقرير التقيمي الأخير 85% منها سابقة ، تبقى المشكلة السودانية في الناتج المحلي الذي يعكس سلباً على إيرادات الحكومة ، فناتج الكلي لا يتجاوز 36 % بينما الديون الخارجية بلغت 166% الذي يشير حجم إنتشار الفقر بل المجتمع السوداني تخطّى حد الفقر إلى مرحلة الجوع .

على نحو أخر ، حاولوا المجتمعون في مؤتمر بريتون وودز الإسم الشائع للصندوق النقد الدولي رسم صورتهم الذائبية بألوان وردية لكن مع مرور الوقت والتجربة يظل الذئب ذئباً ، كان المجتمعون أقروا إنشاء مؤسستان دوليتان هما الصندوق والبنك واعتمدوا سعر الدولار مقابل الأونصة ووضعوا خطط من أجل ضبط السيولة النقدية وأسعار الصرف وأسسوا لشكل العلاقة بين من لديه حصص كبيرة في المؤسستين مع الدول التى تحتاج إلى إعمار والتى خرجت من حروب أو تلك المتعثرة اقتصادياً تحتاج إلى إعادة تأهيل من أجل دمجها بالأسواق العالمية ، ولأن معظم هذه الحكومات ينقصها الأخصائين كالعادة تقع في مآرب القروض وما يترتب عليه من فوائد، وبالطبع يستثمر الصندوق حال الحكومات المفلسة أو التى تتعرض لأزمات إقتصادية كبرى كالتي واجهتها اليونان وبالرغم من عضويتها في الإتحاد الأوروبي وبالرغم ايضاً من مراعة الصندوق بخفض قيمة الفوائد التى ترتبت عليها إلا أنها كانت ظاهرة خطيرة وعينة مقلقة قد وصلت قروضها إلى 110 مليار يورو وبالتالي جاءت سوء إدارة القروض بلويلات على الاقتصاد اليوناني الَّذِي نقل البلد من مشكلة اقتصادية إلى أزمة سياسة ومن ثم هددت الأزمة النظام الرأسمالي الاوروبي برمته ، وهذا يشير بوضوح إلى خلفيات القروض التى تمنح ، لماذا وبأي هدف ، وحسب أغلب التجارب كانت جميعها قائمة على زعزعت الثقة بين الدولة والمجتمع وآتت ننائجها بكوارث على الأنظمة طالما رضخ النظام المقترض إلى شروط الصندوق الثقيلة بل كان ومازال أثقل الشروط الذي يطالب بها الصندوق رفع مسؤولية النظام الإجتماعية كداعم أساسي للسلع الأساسية التى تعتمد عليها الأغلبية في قوتها المعيشي وايضاً بين مطالبه الجوهرية ، فرض ضرائب ورسوم إضافية ، يقابل كل هذاو تلك تقليل الإنفاق على خدمات التعليم والصحة .

لا يوجد مؤهلون ذِي كفاءات مَعروفة لدي الدول النامية كي تستطيع خوض مفاوضات في مجال الإقراض اولاً وكيفيّة السداد ثانياً بل كل من تنطح سابقاً أو حتى الآن إلى قيادة المفاوضات تبين مع الوقت كان صنيعة سياسات الصندوق الكمبارسية ، فالصندوق في نهاية الأمر مرتبط بالمشروع الاستعماري أو إذ أبتعدنا عن المشروع العسكري بالتأكيد يشارك بشكل عضوي بمشروع عولمة الأرض ، فمن أهدافه العمودية التمدد افقياً بالأسواق المحلية من أجل تحويلها إلى سوق مستهلك وبالتالي دخوله يُفقد الدولة المستدانة عائداتها التى بدورها تغذي الخزينة الوطنية ، فجميع خطوات الصندوق تؤهل البلد بشكل عكسي ، فتصبح على عتبات الانهيار ، لأن ببساطة وقف الإنتاج يُشجع حركة الواردات وتتراجع الصادرات الذي يخلق بالطبع ثلاثة أمور جوهرية ، تضخم عام وتراجع العملة وارتفاع البطالة ، بل انخفاض الإنتاج الوطني يصيب المجتمع الوسطي بضربات قاتلة ، فتتراجع الطبقة الوسطى وتتضخم الطبقة الغنية أكثر ، وبالتالي ضمن هذه المعايير تستسلم الدولة إلى فئتين ، إلى من يضعون سياسات الصندوق وحلفائهم من الإقتصاديين الذي يسعون عادةً إلى تشجيع الحكومة برفع الدعم عن الممواد الأساسية وبالطبع يهدف كل هذا إلى خلق مناخ فوضوي ، والأهم من كل ذلك يسع الصندوق وبدهاء محكم إفقاد النظام مسؤوليته الإجتماعية الذي يعكس ايضاً انعكاسات مدمرة على سمعة الحكومة ويشجع المجتمع بلانتفاضة بوجهها .

لا لأي إعتبار أخر بأن أهداف الصندوق هي مسائل مقدسة لا نظر فيها ولا مساس بها ، لكن هناك حالتين سجلتا تمرد أو بالأحرى مباغتات للصندوق مثل ماليزيا وتركيا بعد سلسلة تجارب كان الصندوق النقد نفذها مع الأرجنتين وغانا وزامبيا أدت إلى تدميرهم اقتصادياً واجتماعياً ، فالأرجنتين يعود تعاملها مع الصندوق إلى عام 1956 م جميع تحركات الصندوق سعت إلى فك الارتباط بين الحكومة والقطاع الاقتصادي والمالي الذي سهل دخول الشركات الأجنبية بعد مشوار طويل من افساد المؤسسات الاقتصادية والصناعية الذي أدى ذلك بالطّبع إلى خصخصتها وهذا حصل في الأرجنتين وغانا وزامبيا وتركيا وماليزيا والقائمة طويلة من الدول العربية ، فالأجنبي عبر سياسات الصندوق سيطر على المشاريع الكبرى بنسبة 40 % و90 % من البنوك البلدان المذكورة سابقاً الذي أدى إلى انخفاض الناتج العام بنسبة 40 % وانخفضت الأجور ايضاً بنسبة متقاربة وارتفعت البطالة إلى قياسات كبيرة ، بل في بعض الدول التى إنهارت عملتها الوطنية شكل المستثمر الأجنبي على الفور فراراً من البلدان بعد سحبه لأمواله وبالعملة الصعبة الذي أضاف تعقيدات أخرى على اقتصاديات تلك الدول ، منها أفلست وأخرى توغلت في الدين الخارجي .

هنا زبدة الرأي وخاتمته ايضاً ، تلك العمليات التحريرية التى قام بها الماليزي محمد مهاتير والتركي اوردغان بالطبع في تركيا كانت بتوجهات الخبير الاقتصادي كمال درويش ، كانا الرجلين اقدما على خطوات مخالفة لتعليمات الصندوق النقد وأسسا الطرفين مجالس اقتصاديات وطنية ، بالطبع مع التنبه لحسن اختيار أعضاء المجلس ، فتمت عملية الاختيار بعنابة فائقة الذين اجمعوا لاحقاً على ضرورة اتباع السلوك الصيني للخروج بالبلدين من الدين الخارجي ورسموا مفهوم الأولوية للإنتاج الوطني مع ضرورة مراقبة جودته وتطوره لكي لا تتسع الفجوة بينه وبين الأجنبي .

خلاصة الخلاصات ، لا يوجد تآمر على الأوطان أكثر من التداين دون مقدرة الحكومة على السداد ، هذا النمط هو في مضامينه أعظم حال من خائن سهل لمستعمر إستعمار بلاده أو متآمر تأمر بطريقة ما أو مندس بين وطنيين هؤلاء الذين اشار وتكلم الرئيس البشير عنهم وهو يلوح بعصا المرشالية على جمهوره المفتون بتخمته ، وبالتالي كان أنشدادهم إلى العصا أكثر من الخطبة لان في حقيقة عودها لا تصلح سوى للرقص . السلام
كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار