الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف وهاوية الطائفية!

فهد المضحكي

2019 / 1 / 12
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


إذا كان ثمة من يقول ليس كل متعلمٍ ويحمل شهادة عليا يمكن القول عنه مثقف واعٍ إلا أن الوعي هو نتاج للعلم والثقافة والتجربة.. وإذا كان ليس المهم المركز الوظيفي الذي تحتله ولا الشهادات التي نلتها إذا لم يكن لديك فهم متوازن للواقع، فإن الخطورة تكمن في من يدعي الوعي في حين تجده جزءًا من صراع طائفي يقف مع طرف ضد طرف!.
عن المثقف وهاوية الطائفية يرى د. مثنى العبيدي إن من أخطر ما يضع المثقف العربي على المحك ويكون محل اختبار قاسٍ هو ركونه إلى طائفته وسقوطه، فيفتح فخ الطائفية الذي يفقد صفات المثقف الحقيقي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يكون المثقف أمام مسؤولية مواجهة الطائفية وتداعياتها في حال نجاته من السقوط في أوحالها.
ولكن المؤكد – كما أشار – أن الطائفية والوطنية متناقضتان وبالتالي لا يمكن للإنسان أن يجمع بينهما، وإن المثقف هو واجهة الوطن والمجتمع الذي يقف خلفه الجميع من أجل النهوض بواقعهم والتأثير على الرأي العام تجاه قضية ما، وبذلك فإن المثقف الجدير باسمه هو البعيد عن أية طائفية، وفضلاً عن ذلك شكَّلت الطائفية في ظل التطورات السياسية والاجتماعية الراهنة بابًا للشهرة بالنسبة لمثقفي الطوائف من خلال التحول من الانتماء للخطاب الثقافي بفروعه الجمالية والإنسانية، منتقلاً لخدمة مصالح الطائفة أو المذهب المنتمي إليه، وشتان بين الانتماء لخطاب فكري ثقافي إنساني يثابر ويسعى المثقف المخلص في إشاعته عبر الوسائل المختلفة، وبين الانتماء لجماعة تمثل واحدة من البنى التقليدية في المجتمع العربي (الطائفي)، ولكون اللغة هي المنتج الأكثر فرادة لدى المثقف، فإن المثقف الطائفي استغلها لدعم شهرته الطائفية عبر وسائل التواصل الحديثة، حتى شكَّل المثقفون الطائفيون طبقة تعتاش على نفس الكراهية والحقد وتعقيد الأزمات وجر المجتمعات إلى صراعات وحروب بأشد الوسائل فتكًا.
وفي مفهومه الطائفية تمثل هاوية كبيرة جعلت العديد من المثقفين الذين انزلقوا اليها، منهم من نشأ طائفيًا وهو ليس بالمثقف الحقيقي الذي ينطبق عليه وصف المثقف، ومنهم من كشفته المواقف بعد أن انخدعت به الجماهير لسنوات طويلة أنتجت هاوية الطائفية المرافقة للصراعات والأزمات التي تتعرض لها دول عربية مختلفة مثل لبنان والعراق وسوريا واليمن ومصر موجة من مثقفي الطوائف غير قادرين على الإبداع والنقد سوى الاستعانة على الغرائز بما تفرز من تدنٍ وعقدٍ لتحليل الأحداث وترسيخ المواقف واختيار ذهنية القطيع على عقلية التنوير والانفتاح، واكتشف المثقف العربي وعاد إلى سنيته او شيعيته او مسيحيته وصارت هناك تيارات ومجموعات كاملة التوجه نفسه والمنطلق القائم على نفي الاعتراف بالآخر!
والأكثر من ذلك تقدم هؤلاء المثقفون إلى الواجهة وكان جل مسعاهم إثارة غير معهودة لنوازع التعصب الطائفي وتأجيج الكراهية المذهبية إلى حد الدعوة إلى سفك الدماء والقتل عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وصارت الثقافة الطائفية أشبه بموضة ثقافية رائجة، وصارت وظيفة المثقفين الطائفيين إذكاء الطائفية وزرع الخوف والرعب وإثارة نزعة الثأر الطائفي عبر مقولاتهم وأفكارهم وتصوراتهم، ونشر القصص وتزوير التاريخ والحوادث وتأجيج المشاعر وذلك بما يضمن الحفاظ على تحقق من مكانه لدى طوائفهم، وهذا الأمر يشكل ظاهرة ثقافية فكرية اجتماعية ذات أبعاد وتأثيرات متعددة في المجالات الفكرية والثقافية، وهي بحاجة إلى الدراسة والتحليل السوسيولوجي المعمق من أجل كشف حقيقتها التائهة في أغوار الظروف الاجتماعية التي تحيط بهم فتهوى بهم في فخ الطائفية!.
وكما يقول لم يقتصر الأمر عند هذا الحد من تهاوي المثقفين بل صارت تحليلات الأحداث وتفسيراتها تؤخذ بمنحى وتسويغات طائفية مفتاحًا لفهم ما يحدث من أزمات وتطورات ويتم اختزال أوضاع معقدة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية أكثر مما هي دينية أو مذهبية، لاسيما في المجتمعات التي تتميز بالتنوع الديني والمذهبي، إن إصرار العديد من «المثقفين الطائفيين» على وصف أي إنسان في الشرق أو الغرب العربي بهوية آحادية مطلقة وكذلك تضخيم الفروقات والتناقضات في ما بين الانتماءات المختلفة على حساب كل العناصر المشتركة للمجموعات البشرية القاطنة في العالم العربي ما يعني التأسيس لأجواء من الفتنة والتوتر بين أبناء المجتمع الواحد فضلاً عن شيطنة أبناء الطوائف الأخرى، وتؤدي كثرة تفسيرات هؤلاء «المثقفين» وتحليلاتهم المركزة على تفسير طائفي واحد لما يحدث في الدول العربية من ظواهر وأحداث يرسخ عند الناس يوماً بعد آخر أجواء من الفتنة التي تنشرها وسائل الإعلام والتواصل الحديثة!
وهذه التفسيرات الطائفية للمثقفين انعكست كما يذكر على مواقفهم مما يجري من أحداث وتطورات في الدول العربية فنجد – على سبيل المثال – بعض المثقفين المحسوبين على القوى الديمقراطية واليسار – يظهر انتمائه الطائفي وينبري للدفاع عن قضية تخص طائفته او مرجعه الديني وبصرف النظر عن انتهاكات وقضايا الفساد والجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها أبناء طائفته حتى وإن كانوا منتمين إلى حزب غير حزبه، وبالرغم من عدم عمومية هذا الطرح إلا أن الواقع قد كشف لنا وجود العديد من الأمثلة في العراق ولبنان حتى صار تأييد دول إقليمية وعربية أمرًا مستشريًا يجاهر به «مثقفو الطوائف».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تفرق تظاهرة طلاب يطالبون بوقف الحرب على غزة


.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا




.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا


.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف




.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات