الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واسألهم عن القرية بين المجموعة والمتوالية القصصية

دعاء عادل آل عزوز

2019 / 1 / 17
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات



يقف الكثير من الأدباء والنقاد عند مصطلح المتوالية القصصية short story sequence؛ لتقنين ماهيتها والبحث عن أنماط التعارض بينها وبين المجموعة القصصية, فنجد فورست إنجرام وهو أول من قام بتأليف كتاب عن المتوالية القصصية المعنون بـــ(حلقة القصة القصيرة في القرن العشرين-دراسة في الجنس الأدبي) يعرِّفها بقوله: "كتاب يضم مجموعة من القصص التي قصد المؤلف أن تكون مترابطة بمستويات متعددة ما يدفع القارئ إلى تعديل تجربته القرائية عند إتمام الكتاب" ص19, ومن هنا لابد أن نقف عند أوجه الاختلاف بينها وبين شقيقتها(المجموعة القصصية) ففي الأخيرة يعمد الأديب إلى كتابة مجموعة من القصص تكون منفصلة بثيمتها وقضاياه وطرحها, إذ نجد مكونات المبنى الحكائي تتباين من قصة لأخرى بزمانها ومكانها وشخصياتها ولربما يفصل بين قصة وأخرى مدة من الزمن وقد يعمد لنشرها في الصحف والمجلات, وعندما يتوفر لديه الكم المناسب منها يبدأ في العمل على قولبتها في كتاب جامع تحت مسمى المجموعة القصصية, أما كاتب المتوالية القصصية يرنو لما هو أعمق وأكثر حداثة وتجريب, فهو يتبنَّى فكرة محددة يعمل على بلورتها وتوزيعها في قصص منفصلة لكنها تكون متشابهة نوعاً ما, كأن تكون نقاط الالتقاء والترابط في المضمون أو الشخصية أو الحدث أو الأيديولوجيا وغيرها فلابد من وجود تآصر علائقي بين قصص المتوالية.

كانت قصص (واسألهم عن القرية) للقاص العراقي أنمار رحمة الله نمطاً رائعاً بحق للمتوالية القصصية ولابد من تفريقها عن المجموعة القصصية التقليدية, فهي عبارة عن نصوص سردية متجانسة تتخذ من الفانتازيا بتعدد أشكالها منطلقاً لأحداثها تحاكي بوساطتها القضايا المضمرة عن طريق توظيف اللامعقول؛ لإقحام القارئ في حقل الأيديولوجيات والماورائيات لاسيما القصص ذات القصدية العميقة من أمثال: الرسَّام, عودة الحكَّاء, العازف, حارس المكتبة, الجرو, الهتر, الأضراس, أمنية, صراع, والمعلم, والأخيرة تتناص بشكل كبير مع (رواية الحمار الذهبي) لـ(لوكيوس أبوليوس) وهي أول رواية في تاريخ الانسانية وصلت كاملة.

فهي قصص مكثفة غير تقليدية تعمد للتركيز على اللغة تلتقي في بوتقة المكان الذي اختاره القاص مكوِّنًا رئيسًا للربط بين القصص والمسمى بــ(القرية), فالجامع بين القصص هو القرية التي تشهد صراعًا واحترابًا في الأطر غير المنظورة والمسكوت عنها بين طبقات بني البشر, إذ تُبنى أحداث المتوالية على مجموعة من الرؤى والمرجعيات التي بدورها تُشكِّل خطاباً أيديولوجياً ينغرس في لحظات احتضار المفاهيم الانسانية التي تشوّه أروقة المجتمع وتجذِّر المبادئ والمعطيات المستهجنة, فبوساطة القناع والرمز والاستعانة بالتضاد عملت على استثارة المضمر من الاشكاليات التي يعاني منها المجتمع عامة والانسانية بصفة خاصة تزامناً مع ما يشهده الواقع البشري من نخر في أُطر التعامل والتعايش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في زلة لسان جديدة.. بايدن يطلب من إسرائيل ألا تقتحم حيفا


.. اعتصام أمام البرلمان في المغرب للمطالبة بإسقاط التطبيع مع إس




.. ما طبيعة الرد الإسرائيلي المرتقب على هجوم إيران؟


.. السلطات الإندونيسية تحذر من -تسونامي- بعد انفجار بركان على ج




.. خيمة تتحول لروضة تعليمية وترفيهية للأطفال في رفح بقطاع غزة