الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[46]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي

صبري يوسف

2019 / 1 / 20
الادب والفن


صبري يوسف

46. ماذا تعني لك الكتابة، هاجس الكتابة، لحظات الكتابة، ماذا يراودك بعد كتابة نصّ جديد؟

د. أسماء غريب

الكتابةُ هي إعادةُ ترتيبِ ما لا يُرَتَّبُ، هي دعوة إلى التَّواصل مع الله الّذي يتحدّثُ في دواخلنا باستمرار. فنحنُ لا نُحدّثُ أنفسَنا كما يعتقدُ مُعظمُ النّاس، وإنّما نتحدّثُ إلى خالقنا؛ كلٌّ بطريقتهِ. والكتابةُ ليست حكراً على الكُتّاب والأدباء فقط، وإنّما الكلُّ في كتابة مستمرّة. فالفلّاحُ كاتبٌ، والنّجّار كذلك، والخيّاطة كاتبةٌ والطّبّاخة كذلك، والطّبيبة، والممرّضة، والمهندسة، والمعلّم وكذا الأستاذ، والميكانيكيّ، والفيلسوف، والفقيه، والجنديُّ والمؤرّخُ وهلمّ جرّاً من عِباد الله وكُتّابهِ المخلصين. لذا، فإنّ الكتابةَ تعني أيضاً التّغييرَ الّذي يستطيعُ كلُّ إنسان أن يُحَقّقه في حياته اليوميّة.

وكلّ كتابة لا تبدأ باِسم الله، فهي لهو وعبث ومتاع الغرور، وهي لهذا لوحُ الخَلقِ والخليقة، فوقه يُسجِّلُ الإنسانُ كلّ شيء، ويحملهُ معهُ ثمّ يمضي. ويا حبّذا لو يحرصُ كلّ واحد منّا على أن تكون كتابته نابعةً من القلب، مفعمةً بالمحبّة والعمل الطيّب الحسن، فمن يدري، لربّما يتحوّلُ لوحُنا هذا إلى فردوس تتراقصُ فيه حمائم السّلام، وأزهار المحبّة والوئام!

الكتابةُ صوت آتٍ منَ الأعماق، وكلّما كانتْ أعماقُنا صافية، كانَ الصّوتُ خلّاباً ساحراً وآسراً: والقلبُ هو مركزُ الحرفِ والمتحدّثُ الرّسميّ الخاصّ به، تُلقَى فيه العلومُ كلّ على مقدار عُلُوّ هِمّته، وصفاء نيّته وسريرته. وهُو في هذا (أيْ القلب) محطّ اختبار وامتحان دائميْن، لذا وجبَ أن يُحسِن الكاتبُ العارفُ اختيارَ نبعهِ الّذي منهُ سينهلُ حرفَه، ولا داعي للعجلة، لأنّ قلبهُ قبل أن يصلَ إلى مرحلة الثّبات واليقين الكامل المُكتمل، سيكونُ في تحوّل مستمرٍّ، وسترِدُ عليه من الحروف ما وجَبَ التَّمييزُ بين الصّالح والطّالح منها، فلا يكونُ كمن سبقهُ من الكُتّابِ، أهلَ البطالة المحجوبين عن الحرف الحقّ، الّذين ما تركوا شيئا من "الخزعبلات" إلّا وكتبوا فيه، من قبيل التّفاسير المغلوطة لنصوص الوحي في مختلف الدّيانات. ولا يكونُ أيضاً كمن مضى منَ الشُّعراء والرّسامين والمصوّرينَ الّذين دخلوا إلى الكتابة من بابِ القصيدِ واللّون والضّوء الإباحيّ الّذي شوّه المرأةَ ونزعَ عنها رداء النّقاء والحياء والطّهر. وإذ أقول الشّعراءَ فإنّي لا أستثني منهم قدّيسِي الإيروس "الماجن"، الّذين ما تركوا شيئاً إلّا وألقَوا فيه بدُلِيّهم يُعَلّمون الإنسانَ ما هو ليس بحاجة إليه، فظهرت الكتابات عن الشّذوذ الجنسيّ وما إلى ذلك من الموبقات، ظنّاً منهم أنهم يحسنون بذلكَ عملاً، دون أنْ يعلموا أنّهم قد وقعوا في أحابيل إبليس، يخدعهم ببديع الكلام، وحلاوة المنطق وسلاسته، حتّى لكأنَّ الحرفَ يبدو لهم من شدّه سحره وبيانهِ وحياً لا شيء فيه سوى الصّلاح والفلاح.

الكتابةُ باختصار شديد عملُ الإنسان، مصداقاً لقوله جلّ جلاله: ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)) (التوية:105). وكلُّ ما يكتبُه الإنسانُ لا يموت أبداً، لذا لا بدّ من الالتزام بتحسين عملنا وتطويره وتصحيحه، إلى أن يصبحَ من قبيل ما يستحقُّ الفوزَ بما وعدنا اللهُ بهِ مِنَ المغفرة والأجر العظيم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف


.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??




.. عيني اه يا عيني علي اه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو




.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد