الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السودان والتغيير السياسي المحتمل!

عادل احمد

2019 / 1 / 21
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


ان ما يجري في السودان منذ التاسع عشر من ديسمبر من العام الماضي وحتى الوقت الحاضر، يتطلب رؤية واضحة ونظرة دقيقة الى ما يجري هناك في ظل الاوضاع والازمة السياسية العالمية التي يمر بها عالمنا. ويتطلب تحليلا وموقفا وعملا كي لا تسير الامور نحو الاسوء كما حدث في سورية واليمن وليبيا وتونس ومصر ومناطق اخرى من العالم، والتي اصبح عدم الاستقرار وعدم الامان ميزة هذه المناطق. ليس من شك بأن الحكومة السودانية العسكرية المستبدة هي المسؤول الاول لما يجري من حرمان الجماهير وانتشار الفقر والجوع وارتفاع الغلاء الفاحش والقمع الوحشي من قبل قوات البشير العسكرية والامنية. ان هذه الحكومة الفاسدة والمستبدة والمدعومة بكل قوة من قبل الدول الرجعية في الخليج وحتى من قبل اكثر دول العالم الغربي. هذه الحكومة هي حكومة بالضد من الطبقة العاملة والجماهير الكادحة وتهاجم يوميا مائدتها الخالية وان هموم الناس بشكل عام هي الحصول على خبزهم اليومي لادامة معيشتهم. ان هذه الحكومة الغير انسانية تستحق ان تسقط بيد الجماهير الثورية وتستحق محاكمة المسؤلين السياسيين فيها بمحاكمات علنية من قبل الجماهير المحرومة. وان العمل الثوري لاسقاطها هو مهمة الجياع الاصليين. وهنا يأتي السؤال هل ان محاولة اسقاط حكومة البشير العسكرية بالطرق التقليدية عن طريق التظاهرات والاعتصامات والمواجهات الدموية تكفي صوب هذا الطريق؟ وهل اسقاط الحكومة هو الهدف الرئيسي من كل هذه التظاهرات والمواجهات؟ وماذا بعد اسقاطها؟ وماذا سيحصل لأمن الجماهير؟ والى ماذا ستتغير حياة ومعيشة الناس بعد اسقاط البشير وحكومته؟.
في ظل الاوضاع العالمية الماساوية والمتأزمة الحالية ليس شرطا ان يأتي كل تغيير في الحكومات واستبدالها لصالح الجماهير المحرومة، وليس شرطا ان تتغير الاوضاع حسب اماني واهداف جماهير العمال والكادحين والفقراء. مادام الامور تجري بشكلها الاعتيادي في اطار السياسات العالمية الحالية للرأسمالية العالمية والطبقة البرجوازية. في ظل الازمات السياسية يجب ان تكون هناك افاق سياسية ثورية لتعميق الازمة على رؤوس اصحابها ومسببيها الاصليين، اي العمل الثوري يجب ان يؤدي الى شل طاقات وخطط الطبقة البرجوازية ومنع مساراتها المأساوية بطريقة ثورية. ان اسقاط حكومة البشير في حد ذاته ليس هدفا نهائيا وليس هو المطلب الوحيد، وانما هي الخطوة الاولية لاي تغير ثوري. ان الأهداف والاماني التي تناضل من اجلها الجماهير المحرومة والتضحيات التي تقدمها كل يوم، هي من اجل انهاء الغلاء وانهاء الفقر وانهاء الاستبداد والعيش بكرامة وحرية ورفاه.. هذا ما تصبوا اليه الجماهير العمالية والكادحة في تظاهراتها وهذا ما يتردد على لسان كل المتظاهرين في الشارع.. ولكن هنا يأتي السؤال هل مسارات الاحتجاجات والتظاهرات تسير على نفس الخط مع اهداف واماني المحتجين؟ وهل تخدم كل هذه التضحيات اهدافهم الحقيقية؟ وقلنا حتى اذا تمكنت هذه التظاهرات من أسقاط حكومة البشير، هل يمكن ان تحقق ما تطلبه الجماهير المحرومة والكادحة؟ وما هي الدلائل التي تشير الى تحسين الاوضاع خطوة الى الامام؟.
هذه هي النقطة المهمة التي تشغلناا في الحقيقة. لا نريد ان تتكرر تجارب ما حصل في سورية واليمن وليبيا والتي صارت فيه الجماهير تتمنى ان ترجع عجلة التاريخ الى الوراء وتحن الى الحكومات المستبدة. لان ليس سقوط تلك الحكومات لم يتبدل فيه الاستبداد الى الحرية ولم يتبدل فيه الفقر الى تحسين الاوضاع المعيشية، بل اضيفت اليها عدم الامان والاستقرار ايضا اي زاد الطين بله! وعندما تناضل الجماهير من اجل العيش افضل يجب على الاقل ان تحصل على جزء منه وان تتجه حياتها نحو الاحسن، ولكن اذا أتجهت حياتهم نحو الاسوء عندما تسقط حكومة البشير فيجب ان نفكر بطريقة اخرى وبافاق اخرى وعملية اخرى! وان هذه الطريقة وهذه العملية وهذه الافاق ما هي الا الطريقة الثورية. اذن على الجماهير المحرومة التفكير جديا بهذا الامر والا ستخسر كل شيء بالاضافة الى عدم الاستقرار وعدم الامان. ان التظاهرات والاحتجاجات يجب ان يصاحبها التنظيم وان يصاحبها اليقظة، وان التنظيم يجب ان يجيب على المطالب الجماهيرية المستحقة. ويجب ان لا نثق بالقوة البرجوازية الموجودة على الساحة السياسية السودانية على الرغم من معارضتها للحكومة، والتي لا تتعارض مع النظام الاقتصادي ولا تتعارض مع وجود حركة الرأسمال المحلي والعالمي في السودان. وستكون في احسن الحالات تغير للوجوه وكسر الارادة الثورية للجماهير المحرومة.
يجب ان ننظر من هذا الباب الى كل ما يحصل في السودان! ان الحكومة المناهضة للانسانية يجب ان ترحل هذا لا مجال فيه للشك، ولكن في نفس الوقت اذا لم تكون الطبقة العاملة والجماهير الكادحة على درجة من الاستعداد التنظيمي والسياسي، فيجب التفكير الف مرة عندما تريد ان تخطوا خطوة عملية من اجل اسقاط السلطة الاستبدادية للبشير وحكومته. ومن هنا تأتي ضرورة او عدم ضرورة القيام بعمل ما من اجل اسقاط الحكومة. والا رحيل الحكومة هي مهمة الطبقة العاملة والجماهير الكادحة. ان الاوضاع العالمية سنحت للقوة الرجعية والامبريالية ان تتدخل بشكل سافر ورجعي من اجل تضليل الطريق امام التغير الثوري، كما حصل في سورية واليمن وليبيا ومصر وتونس.. لانها لم تصل لاهداف المحتجين بل وازدادت معاناتهم اثر هذا التدخل الرجعي من قبل الدول الامبريالية ورأينا كيف تسير الامور حتى الان. اذن على الجماهير المحتجة ان تكون حذرة وان تكون مستعدة لاي مواجهة ضد القوى المحلية والعالمية لتخريب اوضاعهم نحو الاسوء. أن الوعي واليقضة والاستعداد الثوري هي الكفيل من اجل اي تغير ثوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحاياي النواضر
عابد عقيد ( 2019 / 1 / 21 - 05:35 )
الشكر الجزيل الرفيق عادل احمد علي الرؤية الثاقبة لما يدور في الساحة السودانية هذه الايام
اي عمل جماهيري في الاونة الاخيرة علي مستوي الشرق الاوسط والعالم الثالث عموما يتعرض لعملية الاختطاف التي تصب في معين النظام الراسمالي العالمي . المتسبب الاساسي في مأساة الشعب السوداني هو تدخلات صندوق النقد الدولي ووصفاته الاقتصادية شأننا شأن رقعة واسعة من جغرافيا العالم والسودان الان تحكمه السياسات النيوليبرالية وخصخصة المؤسسات العامة لصالح القطاع الخاص وهذا ما وضع الحكومة السودانية في حيز ضيّق ودور محسور نتيجة الفشل السياسي ولم تبدي اي مقاومة او رؤية اقتصادية تصب في مصلحة المواطن بإتخاذ التدابير الاقتصادية فترة ظهور البترول تحديدا؛ الفترة التي شهدت اعلي معدل نموء اقتصادي في البلاد فاعتمدت علي البترول كمورد اوحد دون ان تضع في الحسابات مؤامرات الامبرالية تجاه السودان ومن ضمنها التخطيط لفصل الجنوب وهذا في حد ذاته فشل سياسي وسبب موضوعي كافي لذهاب هذا النظام . الان انتظمت الجماهير السودانية في الشارع تنادي بإسقاط النظام نتيجة تراكم نضالي علي مدي سنوات . ولكن ماهو التغيير المنشود كما تفضلت ؟
اواصل


2 - مواصلة
عابد عقيد ( 2019 / 1 / 21 - 06:03 )
في السنوات الاخيرة تقريبا منذ العام 2008 بدأ نشاط المنظمات غير الحكومية كواحدة من جنود الامبرالية فهذه المنظمات تلعب في عدة ميادين لتلبية مصالح الاستعمار الجديد واول اهدافها تكسير اليسار باستقطاب كادره الشبابي تحديدا مستغلين الظرف الاقتصادي بعد تكسير الدولة نتيجة تدخلات صندوق النقد الدولي ودعمه الفني للحكومة السودانية . بالاضافة لتجنيد شخصيات من المثقفاتية (كتّاب - شعراء ومختلف مجالات الابداع) هذه المنظمات ذات الدعم الاجنبي وتحت لافتة الانسانية والحقوق تطرح نفسها كبديل للقوي السياسية الثورية التي تقف قدر المستطاع تجاه الزحف الاستعماري . التظاهرات الاخيرة هناك عدة محاولات لاختطافها وفصلها من قطاعات مهمة وحيوية تلعب دورا بارزا لوضع الثورة في مسارها الصحيح في ظل التعقيدات العالمية . الان
هناك خطاب متداول ذات نزعة استعمارية لتمرير سياساتها مثل خطاب صراع الاجيال وان الثورة ثورة شبابية ولا علاقة للاحزاب بها واحيانا صراع هوية الجندر ....الخ وهذا الخطاب لتمييع الصراع الطبقي وهو اساس المعركة ولقد نبه الحزب الشيوعي عبر منابره ان واجب .
المرحلة اليقظة والحذر لنشاط القوي الامبريالية
تحاياي

اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو