الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن موتى أذن !

بديع الآلوسي

2019 / 1 / 24
الادب والفن


ينظر سارتر الى وردة الموت لا الى لونها الزهري ، بدون تردد يقول لصديقة بودلير : لا تحسدني ، فأنا أيضا ً روح طارئة .. ظل صاحبه يتأمل نهر السين لكنه اطلق نصيحته  : لا تترك الموت الماكر يتطفل عليك .. في ذا الاثناء ، مشعوذ مدرب بقراءة العيون ، مر بهما وقال وهو يضحك : كل منا يجب ان يدفع الثمن ، فللرب ميزان لا يرحم . هكذا صار سارتر يشتم الحياة عما تسببه له من صدمة ، ما ان انصرف الغريب حتى قال تلك الفكرة التي تعذبه : أن الإنسان يصيبه أحساس أليم عندما يكتشف تفاهة الحياة التي عاشها .. كان النوارس الخبيثة تقترب من اقدامهم ، لكنهما كأي عاطلين عن العمل ، أحتسيا آخر الجرعات من البيرة قبل ان يسحقا العلبتان باقدامهما ، صار سارتر يغني مقطع غزلي للمطربة ( أيدث بياف ) ، شعرا ان في لقائهما نوع من العبث ، فالواقع يظل واقعا ً مريرا ً ، والخيال لا ينتشلهما من الموت ، مع ذلك التفت الفيلسوف الى الشاعر وقال له : يا إلهي ما الذي أقلق راحتنا هذا المساء ؟
صمت ثم اردف : الإنسان مجرد مصادفة ، وما الحياة سوى غابة من الغموض .
ظل بودلير صامتا ُ قبل ان يسرد ما جرى له : أستيقظ كل صباح متعكر المزاج ، لا لشيء سوى لأن لي خمسة عشر ساعة لا أعرف كيف اقتلها ..
شعر بالضيق سارتر وقبل ان ينهض قال : العالم المتحضر يسلبنا حريتنا ، لا يحترم مقدساتنا .. نهض الاثنان ، احبا مواساة ارواحهما الخائبة الخائفة ، حينها أكدا ان الحياة جحيم جميل ، رميا علبتا البيرة في سلة المهملات ، كانا يبحثان في حوارهما عن تصالح مع الموت ، لكنهما اكتشفا انهما جبناء … ربما لذلك قال سارتر : ما ذنبنا ؟ اريد خروجا ً مشرفا ً من هذه الحياة ...كانت خطى بودلير تتسارع وكلماته تتقافز : الحل في النوم او السكر ، فما جدوى ان تكون حرا ً وانت تعرف ان الحرية لا تعينك على مواجهة الحياة كمنتصر .
اما سارتر فضحك وهو يمسك بذراع صاحبه وقال ساخرا ً : كم جميل ان نتمكن من تدمير الذاكرة .. كان طوافهما على ضفاف السين كلحظات لهو بعيدة عن القطيع ، كانت افكارهما تتحرر مثل عنقاء تفر من قن الدجاج .. كان بودلير شاردا ًربما لذلك ردد : ماذا قلت يا .. ؟
اجاب سارتر على الفور : وبكل هشاشتك لا يحق لك ان تميل لان ثمة من يتكيء عليك .
ـ لا افهمك يا صاحبي .. انت غريب عني ، نحن متناقظان ، ألا تذكر ما قلته لك يوما ً ،
ـ ماذا ، ما الذي قلته ؟
ـ ما أسعد من يحلق فوق الوجود ويفهم دون عناء لغة الزهور والأشياء الصامتة .
صارا يصرخان كسكارى عسى ان تستيقظ باريس ، وهتفا في الشارع الممتد الى برج ايفل : الموت يهددنا .. ليس عدلا ً ان تطلقوا علينا النار .
وأفترقا ، سارتر اخذ الطريق إلى الحي الآتيني ، بودلير توجه إلى الجادة المؤدية الى متحف اللوفر … وتصافحا للمرة الأخيرة ، أحدهما قال : لا ، لا أقول وداعا ً ، لاني أرغب في رؤيتك غدا ً….

* في النص عبارات مقتبسه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث