الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقتطفات من فكر ( عقيدة الحياة المعاصرة ) / 2

رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)

2019 / 1 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في فلسفة الكون والحياة
ـ عقيدتنا عقيدة علمية ، نحن ننظر الى علوم الطبيعة ( الكيمياء والفيزياء والاحياء ) وكذلك علم الرياضيات على انها تمثل الحقيقة ، مفهوم ( الحقيقة ) هو صورة من صور الحق ، ما يتعارض مع هذه العلوم بنظرياتها وقوانينها فانه يتعارض مع الحق ، وكل ما يتعارض مع الحق فهو باطل ، وكل باطل زائل مهما يكن ايمان الناس به .
ـ ليس هناك ما يستحق ان نؤمن به ايمانا عميقا وراسخا سوى الحقيقة ، وانه لمن الجهل والضلال ان نحوّل الاعتقاد الى ايمان عندما يكون المعتقد مجرد افتراض وليس حقيقة ، الحقيقة مرهونة بادراكنا ، حيثما يصل ادراكنا تكون الحقيقة ، واي شيء خارج هذا الوجود المحسوس المدرك لا يعتبر حقيقة وانما مجرد افتراض حتى ندرك كنهه .
ـ المرجعية الوحيدة الصالحة لتأسيس عقائد البشر هي مرجعية ( الحقيقة ) ، وان اي عقيدة لا ترتكز الى هذه المرجعية تكون عقيدة مضلّلة للبشر . تعريف مفهوم ( الحقيقة ) : هي اي فكرة او معلومة تتوفر فيها الشروط الاتية مجتمعة : 1 ) لا تتعارض مع قوانين الطبيعة ، 2 ) لا تتأثر بتغيرات ظروف الزمان والمكان ، 3 ) لا تتعارض مع القواعد العقلية والمنطقية التي يعتمدها الانسان السليم عقلا ونفسا .
ـ جوهر الكون ـ حسب رؤيتنا ـ مادة وطاقة يتبادلان التحوّل والصيرورة في ما بينهما منذ الأزل والى الأبد ، في الانفجار العظيم عند بد نشأة الكون تحولت المادة الكونية الاولية ذات الكثافة العالية جدا جدا الى طاقة كونية عظيمة انتشرت في أرجاء الحيّز الكوني اللامتناهي في سعته ، هذا الحيّز الذي كان مظلما وباردا وساكنا قبل الانفجار تحول باطلاق الطاقة الكونية الى حيّز منير ودافيء ونابض بالحركة والحياة ، رحلة الطاقة في الكون تقع في اربعة مراحل او أشواط تمثل دورة حياة الكون ( شوط الانفجار ، شوط التمدد والانتشار ، شوط الثبات والاستقرار ، شوط الانكماش والانهيار ) في شوط الانهيار تعود الطاقة لتتحول تلقائيا الى مادة كما كانت أول مرة ، الوجود هو سلسلة دورات كونية متوالية لانهائية ، كل دورة كونية تستغرق عشرات المليارات من السنين ، ولا نعلم ان كان الوجود هذا عبارة عن كون واحد أم عدة أكوان منفصلة عن بعضها ؟
ـ الكون بجوهره مادة وطاقة تجري بينهما عمليات لانهائية من التحولات المتبادلة ، نعتقد ان لابد من وجود خالق خلق مادة الكون وطاقته لغاية نجهلها ... خلقهما بطريقة مجهولة خارقة لقانون او مبدأ حفظ المادة او الطاقة ، هذا الخالق وضع لمادة الكون وطاقته القوانين الصارمة التي تتحكم في سلوكهما وخصائصهما الفيزيائية والكيميائية ثم اطلقهما في ارجاء الكون من خلال انفجار عظيم أدّى الى انتشار مادة الكون وطاقته في ارجاء الكون اللامتناهي في سعته ، ثم انتهت مهمة الخالق ، حيث ان كل ما يجري داخل الكون يخضع للقوانين الكونية الصارمة دون تدخل او تخطيط او توجيه من قبل الخالق ، تعريفنا لخالق الكون ( هو قدرة كونية عظيمة ، مجهول الطبيعة والكينونة ، مجهول المصدر والموقع ، خلق الكون بطريقة مجهولة ، ولاسباب مجهولة ) ونعتقد بان هذا التعريف هو اكثر واقعية ومنطقية من التعريف الديني للخالق .
ـ اننا نتفهم ونتقبل فرضية وجود خالق للكون وذلك لوجود صعوبة في استيعاب فكرة ان مادة الكون وطاقته قد نشأتا من العدم من تلقاء ذاتهما ، على الرغم من وجود نفس الصعوبة في استيعاب فكرة ان الخالق ذاته قد نشأ من العدم من تلقاء ذاته ايضا ، قبولنا لفرضية وجود الخالق يعود الى ان مادة الكون وطاقته يقعان في نطاق ادراكنا ولا يمكن خلقهما من العدم الا بوجود خالق ذو قدرة عظيمة ، هذا الخالق مجهول الطبيعة ولا يقع في نطاق ادراكنا .
ـ رؤيتنا حول الكون : نرى بان الاجرام الكونية مرت وعلى مدى عمر الكون بالكثير جدا من حوادث التصادمات حتى استقرت حركاتها في نظام ثابت ودقيق كما هي حاليا ، اي ان الدقة والضبط والانتظام التي نلاحظها في حركات الاجرام الكونية انما هي قد نشأت بطريقة تلقائية وليس بتدخل مباشر من قبل خالق الكون ، نشأت حالة الانتظام في حركات الاجرام الكونية بعد وقائع لا حصر لها من التصادمات في ما بينها في خضم حالة الفوضى والعشوائية في الانتشار والحركات حتى استقرت على حالتها من الانتظام حاليا ، هذا الكون كون حي نابض بالحركة الدائمة ، كل حركة في موجودات الكون مصدرها الطاقة الكونية المنبعثة من جوهر المادة ، مشوار الطاقة منذ انطلاقها من المادة والى عودتها الى المادة كما كانت قبل الانفجار يمثل عمر الكون ، وبنهاية مشوار الطاقة تكون نهاية الكون الحي النابض بالحركة .
ـ سمات قوانين الكون ( قوانين الطبيعة المادية ) : ( الامتداد في كل مكان ، الامتداد في كل زمان ، غير قابلة للخرق او التعطيل ) قوانين الكون قوانين مادية ثابتة وراسخة وباقية على امتداد المكان والزمان ومرتبطة بوجود الحركة ، ويستحيل الغاء هذه القوانين او تعطيلها او تعليق فاعليتها ، لانها مرتبطة ارتباطا وثيقا بكل من المادة والطاقة اللتين لا يمكن افنائهما او تعطيل حركتهما .
ـ هذا الوجود الذي من حولنا انما هو وجود حي ، حيث تتحرك موجودات الكون بشكل متواصل ، الحركة صفة لكل موجود حي ... وهي تعبير عن وجود الطاقة في ذلك الموجود ، الحركة سمة للحياة ، اما الادراك فهو سمة للعقل ، الحياة بدون وجود عقل ممكنة ، لكن لا يمكن وجود عقل من غير حياة ، لا وجود لحركة بدون طاقة ... ولا وجود لفكر بدون مادة .
ـ على الرغم من ان الانسان هو سيد الكائنات الحية وأرقاها في سلّم التطور الا انه لا يتمتع الا بفرصة حياة واحدة فقط حاله كحال باقي الكائنات الحية الاخرى ، ولا وجود لفرصة حياة اخرى لاي كائن حي لا قبل وجوده في الدنيا ولا بعد مغادرته لها ، فرصة واحدة فقط ولا غير ، فرصة الحياة حق مقدس لذا لا يجوز حرمان الانسان من هذا الحق مهما كانت الاسباب الا في حالة الدفاع عن النفس ، ما أعظم الانسان عندما يترك بصمة المجد والفخر والشرف على اسمه وسيرته خلال حياته ، فلنحرص على حسن سيرتنا في فرصة الحياة .
ـ نشأت ظاهرة الحياة على سطح الارض قبل 3500 مليون سنة نتيجة وجود خلية حية مجهولة التكوين ومجهولة المصدر ، ثم اصبحت تلك الخلية أصل جميع الكائنات الحية من نباتات حيوانات على سطح الارض ، ربما كانت تلك الخلية الحية البدائية بسيطة التركيب ولم تكن معقدة كما هي الخلية الحية حاليا ثم تطورت وتعقدت مع مرور الزمن ، لولا وجود على سطح الارض الظروف والعوامل الضرورية للحياة ( الماء ، الهواء ، الغذاء ، أشعة الشمس ) ما كان لتلك الخلية الحية الاولى ان تتمتع بالحياة وتستمر بالوجود ، نؤمن بان الظروف والعوامل الضرورية للحياة لم يكن وجودها على كوكب الارض عن ارادة او غاية او تخطيط مسبق من جهة ما في الكون ، وانما هي تواجدت بمحض الصدفة التي هي نتاج عشوائية الاتشار والتوزيع في الكون ، نؤمن بان نظرية التطور والانتقاء الطبيعي التي تفسر تطور الكائنات الحية وتعقيد أجسامها هي نظرية صحيحة ، واستنادا الى تلك النظرية ظهر الجنس البشري كأرقى الكائنات الحية المتطورة التي انجبتها ظاهرة الحياة وذلك لامتلاكه العقل والادراك والتفكير .
ـ تعريف الصدفة : هي ظاهرة لها وجود في الطبيعة ولها وجود في عالم البشر حيث تدعى ( الحظ او النصيب ) ، رغم وجود القوانين الثابتة والمُحكمة التي تتحكم في حركة كل الاجرام الكونية فان الصدفة يمكن حدوثها في الاحداث الكونية بناءا على حالة العشوائية في طريقة انتشار وتوزيع الاجرام الكونية وكل جرم يتصف بحركات خاصة به ، يتطلب لوقوع الصدفة ثلاثة مستلزمات وهي ( المكان ، الزمان ، الحركة ) بشرط عدم وجود تخطيط او تصميم او قصد مسبق من قبل اي جهة لها علاقة مباشرة او غير مباشرة بالحدث ، وهذا عكس مفهوم القدر في الفكر الديني .
ـ الموت هو ظاهرة طبيعية مرتبطة ارتباطا جدليا بظاهرة الحياة ، الموت هو الحالة الدائمة ، اما الحياة فهي الحالة المؤقتة ، قبل حياتنا كنا في العدم ... وبعد موتنا نرحل الى العدم ، الحياة هي أشبه بجسر يصل بين ضفتين ... كلا الضفتين تمثلان العدم ، نعبر على جسر الحياة في فترة زمنية قصيرة جدا جدا من عمر الكون ، كأن حياتنا ومضة خاطفة يشع نورها ثم يخبو وينطفأ الى الابد .
ـ المادة والطاقة هما جوهر الكون وهما سر الوجود ، كل من المادة والطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم ، مصدر المادة والطاقة مجهول ، الاقرار بالجهل خير من الادعاء بالعلم كذبا وبهتانا ، الخالق او الموجد الذي اوجد الوجود انما هو فرضية مقبولة منطقيا ولكن يتعذر اثباتها عمليا ، لم يكن لخالق لمادة والطاقة دور مباشر في انبثاق ظاهرة الحياة على كوكب الارض لانها انبثقت نتيجة ظروف توفرت بالصدفة ، ولم يكن له دور مباشر في ظهور الانسان على الارض لان ظهور الانسان كان نتيجة سلسلة طويلة جدا من عمليات التطور ، وبالتالي لا حاجة لعبادة رب مجهول لا دو ر له في خلق الانسان .. وهو غير معني بشؤون البشر ، نعتقد ان على البشر ان يعتنوا هم بشؤونهم ويحرصوا على قيمة الحياة وكرامة الانسان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24