الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[79]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي

صبري يوسف

2019 / 1 / 27
الادب والفن


صبري يوسف

79. صدرتْ لكِ حديثاً عن دار الفرات للثقافة والإعلام في بابل موسوعة (ترجمتُ لك) بجزئيها الأوَّل والثّاني، هل لكِ أن تحدّثي القارئ عن فكرة هذا المشروع الموسوعيّ في التَّرجمة، وما هي تطلُّعاتك المستقبليّة بشأنه؟

د. أسماء غريب

مدّ جسور الفكر بين الشُّعوب كان دائماً ولم يزل هدفي الأسمى، لأنّه لا حلّ أمامنا من أجل رتق جروح الإنسانيّة سوى التَّواصل عبر العمل في شتّى مجالات الإبداع الفكري بشكل دائم ومستمر. والتَّرجمةُ الأدبيّة هي جزء لا يتجزَّأ من هذا العمل والالتزام. وإنِّي لأعلم جيداً أن تحقيق هذا الهدف أمر صعب للغاية، لا سيَّما وأنّ حال التَّرجمة في العالم العربي لا يُبشّرُ أبداً بالخير، فلا حقوق ولا عناية ولا اهتمام بالمترجِم وبمجهوده، ليس فقط من طرف الجهات الثّقافيّة المسؤولة وإنّما من طرف الكتّاب أنفسهم الَّذين "عادة" ما يطرحون أعمالهم للترجمة بين يدي المترجِم بدون أيّ مقابل مادّي، ثمّ ينتظرون منه أن ينشرها لهم ورقيّاً على حسابه الخاصّ وكأنّه مجبَر أو ملزَم بذلك، وإذا لم يحدث النّشرُ يبقى العملُ موقوفاً إلى الأبد ومُخزّناً في الأدراج لدى كلا الطَّرفين؛ صاحبَ العمل ومترجِمُه، ممّا يعني أنَّ الأمر برمّته يصبح حجرَ عثرة في سبيل الرُّقيّ بالفكر عامّة، وهي المشكلة الَّتي ظلَّت تؤرّقني لسنوات وأنا أرى المئات من النّصوص موقوفة هكذا بدون فائدة على الرُّغم من الجهد المضني الّذي بذلته فيها من أجل نقلها من لغة إلى أخرى، فكان أن قرّرتُ جمعَها كلّها وإصدارها باللّغتين العربية والإيطاليّة في عمل يرى النّور بأرض بابل، أرض اللُّغات والحرف الأوَّل، لتستفيد منه الجامعاتُ الَّتي تُدَرّسُ الأدبَ الإيطالي في العالم العربي، وكذا المكتبات العربيّة والغربيّة والمراكز الثّقافيّة الإيطاليّة في شتّى دول العالم، وأطير بالتّالي بمن ترجمتُ لهم إلى سماوات الحرف الواسعة الآن وكذا في المستقبل القريب والبعيد.

وقد ضمّ الجزءان الأوّل والثّاني من هذه الموسوعة، إحدى عشر مجموعة شعريّة قمتُ بترجمتها لشعراء معاصرين من مناطق مختلفة من العالميْن العربيّ والغربيّ. جاء الجزء الأوَّل بطبعة أنيقة وفي 659 صفحة من الحجم الوزيريّ، أمّا الجزء الثَّاني فجاء في 785 صفحة. أمّا الأجزاء المقبلة والّتي لم تصدر بعد، فستكون مخصّصة للمسرح والنّقد والقصّة، وكذا للشِّعر الإيطالي والعربيّ مرة أخرى.

لقد كانت رحلتي مع اللّغة الإيطاليّة رحلة إنسان خيميائيّ عارف، دخلَ إلى تنّور الحرف وأغلقَ عليه فيه، ثمَّ جلسَ يُراقبُ كلَّ التَّحوّلات الّتي كانت تحدُثُ داخلَ القِدْر الكبيرة. لقد كُنْتُ أنا تلكَ القِدْر، وكانتِ اللّغةُ ومازالت لليوم قُوتِي وخمرتي اللَّذَيْن بهِما اكتشفتُ أنّ الكلمةَ كائنٌ بيولوجيّ حيّ تتشكّلُ على ضوء جيناته اللُّغويّة معلومات تتوارثُها الإنسانيّة من جيل إلى آخر، وهذا ما يفسّرُ كيفَ أنّ اللُّغةَ الإيطاليّة ملكتني قبلَ أن أملكَها، وسكنتْني قبل أن أسكنَها، وعشقتني قبل أن أعشقها، عشقاً لم أستطع أن أعبّر عنه إلّا من خلال هذا العمل الموسوعيّ.

في تنّور اللّغتيْن؛ العربيّة والإيطاليّة رأيتُ عقلي واحترمتهُ، وتوطّدَتِ العلاقةُ كلّ يوم أكثر فأكثر مع قلبي، وأصبحتْ خلايا جسدِي تحدّثني بلسانٍ جديد وتحثُّني كلّ يومٍ على التَّزمُّلِ بجَلَدِ العارفين وتعمِيم الرَّأسِ بصبْر المُحبّين، لأنّها كانتْ تعرفُ أكثرَ من أيّ مخلوق آخر أنَّني كنتُ ومازلتُ أعملُ لوحدي، وأُعَلّمُ نفسي بنفسي، وأقرأُ دونَ كللٍ ولا ملل، وأفكُّ طلاسمَ الحرفِ، بغيةَ إعلاء صرحِ جسدٍ لغويٍّ آخر بعمارة وهندسة جديدتَيْن اقتداءً بسادة المعمار والبناء الكونيّ الأوَّل؛ أنبياءَ الرّحمن شيتاً وإدريس وإبراهيم (عليهم السَّلام)؛ جسد اخترتُ لهُ بدقّة فائقةٍ النّصُوصَ الَّتي أصبحتْ حجَرَ الأساسِ واللّبنات الَّتي رصصتُها الواحدةَ تلو الأخرى مع حرصِي الشّديد على أن تكونَ طينتُها من ذاك النّوع الّذي يحتفي بالإنسانِ وبالكلمة، بل بالحرف وسيّدتهِ النّقطة الحافظة لأسرارِ الخلق والخليقة، والّتي علّمتْني كيف في كهف الخلوة الخضراء والصّمت العميق تتوهّجُ ليالي العارفين بسرّ ((وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ، إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو


.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد




.. بسبب طوله اترفض?? موقف كوميدي من أحمد عبد الوهاب????


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم