الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات ليلية من وحي 8 شباط 1963 .

محمد السعدي

2019 / 2 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


.
قراءة قد تكون متأخرة وتساؤلات مشروعة عن ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم في تاريخنا العراقي المضطرب . الذي يشهد تاريخاً موغلاً بالقدم في القساوة والعنف . في التاريخ السياسي العراقي الحديث ثمة منعطفات وحيثيات ومواقف رسمت خارطة البلد المتقاطعة في الرؤى والمسميات … وما ألت اليه اليوم الاحداث باتت الصورة واضحة الابعاد والمسافات .

كيف تمكن البعثيون في ليلة ويوم .. حفنة من العسكر بالقضاء على ثوار تموز ؟.
لماذا أغلب الضباط الشيوعيين والقاسميين واليساريين جلسوا ببيوتهم عند سماعهم نبأ بيان الانقلابيين .. وهم الأدرى بمصير مصيرهم ؟.
قادة الحزب الشيوعي وكوادره … لماذا سلموا نفسهم بهذه الطريقة الى مسالخ قصر النهاية واللجنة الاولمبية وسجن بغداد .. وهم الأدرى بنوايا البعثيين في تصفيتهم جسدياً ؟.
هل كان ظهور الزعيم في مبنى الصالحية مع رفاقه مضرجاً بالدماء ومتدليا من الكرسي .. أعلان عن نهاية المقاومة ضد البعثيين والانقلابيين ؟.
هل كان باستطاعة الشيوعيين لكثرة جماهيريتهم ومؤيديهم بأخذ زمام المبادرة في ذلك اليوم والظفر بالسلطة … وما كشف عنهم خمسمائة ضابط بين منتمي ومؤيد بكافة الصنوف ؟.
لماذا لم يعزل الزعيم قاسم عن مهامه لكثرة تخبطاته .. وتفويت الفرصة على الانقلابيين بعد أن كشفت نواياهم بتحركاتهم المشبوهة ؟.

في فجر ذلك اليوم العاثر .. الجمعة 8 شباط عام 1963 .. أذيع البيان الأول للانقلابيين من مرسلات الاذاعة في أبي غريب بعدما كانت طيلة أيام ثورة تموز تحت سيطرة الكتيبة الرابعة كتيبة المثنى للدبابات تحت سيطرة الشيوعيين المتمسكين بالزعيم .. لكن الزعيم وتقلباته وتوجسه من سياسة الشيوعيين بتأثير ودفع من الضباط القوميين الذين ألتفوا حوله , وظهر جلياً هذا موقفه في خطبته الشهيرة في كنيسة مار يوسف عام 1959 . أستهدف في حديثه الاحزاب , وكان يوجه كلامه الى الشيوعيين واضحا في تقصدهم .
في منعطف خطير من التنابزات السياسة عين خالد مكي الهاشمي القومي وبعثي الهوى أمرأ لكتيبة الدبابات في أبي غريب ومساعده خالد حسون فريد … وأراد من تلك الكتيبة حول وصيته لهم تطهيرها من الشيوعيين حسب ما ذكر جاسم العزاوي في مذكراته . لكنه لم يفطن أنها ستكون بداية النهاية لحياته وحياة صحبه .
ساعة صفرهم .. أعلنت بأغتيال قائد القوة الجوية الطيار الشيوعي جلال الاوقاتي … غار سرب من الطائرات على مواقع وزارة الدفاع ومعسكرات الوشاش والرشيد .. قائدها منذر الونداوي .. في سنوات لاحقة أعترف قائلا .. في الساعات الاولى كنا مربكين ومعرضين الى الاندخار , لكن ضعف المقاومة من رجال قاسم والضباط الشيوعيين ترك لنا زخماً في المضي للانقاض على قاسم وحليفه الشيوعيين .. مرة سألت أحد الضباط الشيوعيين المحالين على التقاعد في الوجبة الاولى مع الزعيم داود الجنابي .. الراحل الخالد أبو ظافر الصكر .. قائلأ حيث لم يترك لنا الزعيم حتى فرصة في الدفاع عن أنفسنا .. فعلى من كانت المراهنة عليه , ورائحة المؤامرة قد فاحت .
لم أعثر في قراءاتي بدفاتر القادة الشيوعيين ممن عاصروا تلك المرحلة وخيباتها تبريراً واحداً مقنعاً للقاريء وللتاريخ .. لماذا أستسلموا بهذه الطريقة الى غربان البعث وقطيع القوميين , بقوا جالسين في بيوتهم وهم الادرى بمصيرهم الحتمي الى سبيل الموت .
أين كنا وما هو دورنا من يوم 8 شباط 1963 الى 17/30 تموز عام 1968 . وكان وضع العراق مضطرب والصراع دموي بين البعثيين والقوميين وبدون قاعدة شعبية تذكر لهم .. كانت لنا فرص في أستلام السلطة ؟. ولماذا لم نستثمرها ؟. هل كانت خطة الشيوعي المخضرم زكي خيري والتي وضعها أمام باقر أبراهيم في الفرات الوسط باستخدام عربات القطارات في الانقضاض على حكومة البعث قبل 18 تشرين محاولة عبد السلام عارف بأستلامه السلطة مجدية , ويكتب لها النجاح .
مجيئ البعثيين مرة أخرى للسلطة عام 1968 بلا قاعدة شعبية ولا أعترافات دولية , بل ثمة مشاكل داخلية في مقدمتها الملف الكردي , فاضطر البعثيين اللجوء للشيوعيين في تشكيل جبهة وطنية تحت يافطة جملة خطوات لاتستدعي أن تعقد حلف معهم . أطلاق سراح السجناء وأعادة المفصولين والاعتراف بدولة ألمانيا الشرقية وعقود مع دولة بولندا وعلاقات وأتفاقات أقتصادية مع الاتحاد السوفيتي , فجملة تلك الخطوات لا تستدعي قيام جبهة ومازالت دماء الشيوعيين تنزف ولم تجف بعد . خطوة ( كوسجين ) رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي بأتجاه دفع وتسريع الشيوعيين على عقد الجبهة لضمان عقود أقتصادية على حساب مواقف وسياسات ومصير شعب ومباديء . في تلك الفترة برز تنظيم القيادة المركزية ليعلن الكفاح وأسقاط حكومة البعث ودكوا مواقع السلطة في شوارع بغداد وتشكلت مفارز الشيوعيين في الاهوار … هل كان يفترض من أعضاء اللجنة المركزية تحتوي تلك الازمة ولا تضحي بخيرة كوادرها لتشكل عامل ضغط كبير بأتجاه مزيداً من التنازلات من سلطة البعث في مجال الحرية والديمقراطية وليس الموقف المتفرج على ذبح رفاقهم في المسالخ ( متي هندو , أحمد محمود الحلاق ) . مما أستغل البعثيين هذا الصراع الداخلي لغرض أجندتهم .
محمد السعدي
مالمو / شباط / 2019 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يقال
Almousawi A.S ( 2019 / 2 / 1 - 11:22 )
تحية واحترام
كان بصاق الشيوعين العراقيين لكثرة عددهم كافيا لافشال مؤامرة البعثيين
يقال ذلك على لسان احد البعثيين


2 - المجرم قاسم
فؤاد النمري ( 2019 / 2 / 1 - 14:05 )
كل المآسي التي كابدها الشعب العراقي منذ 63 وما زال هي من نتائج سياسات المجرم الأخرق قاسم
والأكثر خروقاً من قاسم هم أولئك الشيوعيون الذين رفعوا صورة جدارية لقاسم في 10 ابريل يطالبون بانسحاب القوات الأميركية
دون أن ننسى أن قاسم رفض اشراك الشيوعيين في حكومته بينما رفض الأمريكان تشكيل الحكومة بدون مشاركة الشيوعيين


3 - مجرمو 8 شباط هم من مجرمو تموز 1958
طلال السوري ( 2019 / 2 / 2 - 06:39 )
نقلاب شباط 63 الاسود هو أمتداد لانقلاب تموز 58 الاسود.... تصفية حسابات بين ضباط يتقاتلون من أجل الزعامة

غذاه الجهل السياسي للشيوعيين والبعثيين على السواء

مجرمو شباط هم من مجرمو تموز 1958


4 - الشيوعييون حلفاء البعث منذ 1957
طلال السوري ( 2019 / 2 / 2 - 06:47 )
الشيوعييون حلفاء البعث منذ 1957

رغم مجازر شباط 1963 عاد الشيوعيين للتحالف مع البعث في سلطة لا وطنية ولا شرعية وزكى البعث وصدام شخصيا كحزب

قائد ومكنه من التحكم في رقاب العراقيين مقابل بعض المناصب وحفنة من الدولارات

اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية