الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انذارات الاخلاء تلاحق الكادحين

مرتضى عبد الحميد

2019 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



في العديد من مواد الدستور العراقي نصوص تؤكد مسؤولية الدولة عن توفير الخدمات الضرورية لمواطنيها، دون استثناء أو تمييز بسبب الدين أو الطائفة أو العشيرة أو المكانة الاجتماعية. ومن بين هذه الخدمات توفير السكن اللائق لهم، سواء ببناء مساكن واطئة الكلفة وتوزيعها على المحتاجين فعلاً، أو بتوزيع أراض بمساحات ملائمة، وتقديم قروض ميسرة تساعدهم على بناء بيوت تؤويهم وتجنبهم الضياع أو الوقوع تحت رحمة المؤجرين وجشعهم.
بيد أن الدولة تكاد تكون عاجزة عن القيام بهذه المهمة والواجب الوطني، بسبب عدم وجود رؤية واضحة، او إستراتيجية قادرة على النهوض بهذا القطاع المهم جداً، كما هو الحال في بقية القطاعات الإنتاجية والخدمية، بالإضافة الى الفساد المستشري في هذا القطاع وغيره، ما أدى إلى تلكؤ العمل فيه، بحيث لا يمكن مقارنته حتى بسير السلحفاة.
كل المسؤولين والمواطنين العاديين، يعرفون جيداً، أن أزمة السكن في العراق خانقة، والحاجة الآنية تقدر بمليوني وحدة سكنية وربما أكثر في وقت يتمتع فيه المتنفذون بالمئات، بل الآلاف من الفلل والبيوت الراقية التي كانت مغتصبة في أيام النظام السابق، فأعادوا اغتصابها، ولم يعيدوها للدولة او للشعب الذي هو لا غيره صاحب الحق فيها.
كما اشترى الكثير منهم بسعر التراب عمارات وعقارات ضخمة، مستغلين مواقعهم الوظيفية والسياسية والاجتماعية، وتقاسموا الأراضي ذات المساحات الواسعة في ما بينهم، وفي أرقى مناطق العاصمة والمحافظات الأخرى. بل ان بعضهم استولوا على أراض شاسعة في مناطق حيوية لا علاقة لهم بها، ولا يمتلكون أية صفة او وثيقة قانونية تثبت عائديتها لهم. ثم باعوها بأسعار باهظة، وصاروا بفضلها من أصحاب الملايين، دع عنك الاستيلاء على أملاك المسيحيين والصابئة وغيرهم من أقليات شعبنا الأصيلة، بالتزوير تارة، وبالتهديد تارة أخرى.
وقد استُغلت حاجة الناس الملحة للسكن والاستقرار في الانتخابات ايضاً، فوزعت سندات ملكية أراض اتضح فيما بعد انها غير موجودة أصلاً، مقابل التصويت لصالح احد رؤوساء الكتل، فاستحق موزعها لقب الدجال، وأبي مُرة العصر.
لهذه الاسباب مجتمعة، انتشرت العشوائيات انتشار الفطر، مشكّلة حزام البؤس والفقر المدقع، واحياء الصفيح التي لا تصلح لسكنى البشر.
وبدلاً من معالجة هذه المشكلة الخطيرة، والبحث عن حلول واقعية، تعطي لكل ذي حق حقه، وخاصة للمسحوقين والمعدمين من سكنة هذه الجحور، تلجأ السلطات البلدية والجهات الرسمية الى الحل "الاسهل" وهو هدمها، وتشريد سكانها، او توجه لهم إنذارات لا تكفيهم لجمع أثاثهم الفقير، كما حصل في مرات كثيرة، وآخرها في بعض مناطق الدورة، وفي إحدى العمارات السكنية في كرادة خارج، دون اية اعتبارات إنسانية، او شعور بالمسؤولية ودون تعويضات مالية، او قطع اراضٍ صغيرة يستطيعون تشييد سقف عليها. فضلا عن وجود الآلاف من البيوت والعمارات المهجورة التي يمكن إصلاحها بسهولة وتوزيعها وتأجيرها او بيعها إليهم بأسعار مناسبة، مما يعمق الهوة بين المواطن والدولة، في وقت يحتاج العراق إلى ردمها بأسرع ما يمكن، لئلا تكون العواقب وخيمة وكارثية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم