الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يراودني حنين

عباس عباس

2019 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


يراودني حنين إلى سوق العبيد، السوق الذي ولدنا فيه وترعرعنا ضمن السياج المبنية شمالاً من ألغامٍ طالما قتلت من الكورد الهاربين من الفقر إليها، وجنوباً من بداوة طالما كانت غازية كالجراد على اليابس قبل الخضرة، وما تبقى لنا من جهات كانت مخيفة بل مرعبة بأسماء لمؤسسات أمنية لم يكن يمثلها إلا شخص بهيبة عزرائيل، في الشرق صدام، وفي غربه أهل قرداحة حين كان يمثلهم في تلك البقعة التي كنا نعيش فيها والتي كنا نسميها بالجزيرة، محمد منصورة!.. والملقب بأبو جاسم، العزيز على قلوب البعض من ساسة الكورد الحاملين لموكبه على الأكتاف!..
أعتقد لستُ وحيداً في هذا الشغف المجنون نحو البازار، بازار العبودية طوال عقود، فهناك وعلى صفحات التواصل العدد الهائل من البشر كورداً ممن يغنون لدمشق، ويرددون شآمُ مالمجد أنت المجدُ …
وعذراً أنا مشتاق، ولوعتي هي لتراب ماتزال تحتضن عظام أجدادي، ولم أتركها سهواً أوجهالة، إنما مهجَّرٌ بفعل فاعل خنزير، حين لم يكن بد من مواجهته وتكون الكارثة عامة أو نختار الرحيل، وإخترت الرحيل لأعيش من بعدها الإغتراب الأبدي ندماً وأسفا!..
وهنا تكمن المفارقة، أن يكون حنيني لتربة تملك رفاة أهلي وبين من يشتاق لشآم التي لم تكن تُصدِر إلينا إلا البؤس والشقاء والإنكار!..
تلك البقعة التي أسميناها بالجزيرة، واضيف إليها من بعدها اسم سوريا، لتصبح غصباً الجزيرة السورية، حين كانت تملك كل المقومات التي تمكنها من أن تعيش مستقلة عن باقي المحافظات، إلا أنها لم تعش إلا البؤس والشقاء وبقانون مستقل بحال طوارئ ابدي!.
إستغلها شرطي المرور، إستغلها مخبر دنئ ورجل أمن قادم من أرض قاحلة أو من أزقة مدينة بائسة، إستغلها ضابطٌ نكرة في مدينته أو بلدته ليصبح بين ليلة وضحاها من أمراء البترول، بل الآمر الناهي لكل شئ حتى الأرواح!..
مع ذلك كنا نحب شوارع قامشلو وآزقة عامودا على الرغم من الخوف الكامن في الأحشاء، من أن يحتك كتفنا سهواً بكتف شرطي عابر أو بكتف رجل أمن مندس لهذه الغاية، وتعلمنا في مدارسها ونحن نعلم أن المدرس عميل وأن المدير حزبي حقير، وأن الشهادة التي سننالها لاتضمن لنا المستقبل كما نرجوا، فهي بالنهاية تحتاج إلى ختم من مكتب محمد منصورة الحقير!..
هذه كانت وصفات سوق العبيد في الجزيرة، وقد تغيرت اليوم وقد اصبحت لتكون مرتعاً للأحرار، مع ذلك هناك مايزال من يغني لأنقرة ( كمال بافي ميه كمال ..أو لخليفته كردوغان )وكذلك من يغني لدمشق..شآمُ مالمجد أنت المجدُ لم يغيب!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل