الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من كانت مرجعيته -محددة من عند الله- فمكانه الزاوية وليس الحكومة.

سعيد الكحل

2019 / 2 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا يكاد يمر يوم دون أن يخرج قادة حزب العدالة والتنمية بتصريحات تجعلهم موضوع سخرية وانتقاد .
وآخر تلك الخرجات ما صرح به الأمين العام للبيجيدي ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني أمام أعضاء شبيبة الحزب يوم السبت 9 فبراير من كون حزبه “مبني على المرجعية الإسلامية، حيث لا يمكن أن نُعوّج هذه المرجعية كي توافق أهواء أناس..باش يعجبهم الحال لأن المرجعية الإسلامية ليس نحن من وضعها بل هي محددة من عند الله”. إن تصريح السيد العثماني يخرق الدستور ويخل بالالتزامات السياسية والقانونية لحزبه .
1ـ من جهة الدستور ، يُعد تصريح العثماني خرقا للدستور المغربي وخاصة الفصل السابع الذي يمنع تأسيس الأحزاب على أساس ديني . ومن شأن هذا التصريح أن يضفي طابع التقديس على مواقف الحزب وقراراته من حيث كونها "تنزيلا" لمضامين ومقتضيات المرجعية الإسلامية التي "حددها الله" . وبمقتضى هذا الادعاء لم تعد قرارات الحزب على رأس الحكومة تطبيقا للبرنامج الحكومي واجتهادا بشريا في التعامل مع مشاكل المواطنين ، وإنما صارت قضاء وقدرا إلهيا لا يتحمل البيجيدي أي مسئولية عن آثارها السلبية على حياة المواطنين ومستقبل الوطن . وليس غريبا على السيد العثماني أن يتفوه بهكذا تصريح وأدبيات حزب تسمي أعضاءه بـ"الرساليين" ، أي حملة رسالة النبي محمد (ص) إلى عموم الشعب المغربي .
2 ـ أما من جهة التزامات الحزب ، فإن تصريحات العثماني يترتب عنها بالنتيجة ، وجود أحزاب بمرجعية "غير إسلامية" لم "يحددها الله" ؛ ولن تكون تلك الأحزاب ، تبعا لهذا المنطق السياسوي البئيس للعثماني سوى أحزاب "كافرة" بمرجعية يحددها "الغرب الكافر" بهدف "الحرب على الإسلام" .وهذا أمر خطير يثبت أن الحزب لم يقطع مع عقائد التكفير التي تأسس عليها ووظفها في معاركه السياسية خاصة ضد مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية .
لم يدرك قادة البيجيدي بعدُ أنهم يمارسون السياسية في إطار دولة مدنية وليس دينية ، وأنهم يقودون الحكومة وفق دستور وضعي توافقي شارك المغاربة في إقراره عبر الاستفتاء يترجم انشغالاتهم وليس وفق الشريعة والفتاوى الفقهية . هذا الخلط هو الذي جعل الحزب يجعل من أسلمة الدولة والمجتمع الغاية الأساسية من انخراطه في العمل السياسي ، كما تشير كل أدبياته .
فما مدى التزام قادة البيجيدي بالمرجعية الإسلامية ؟
يحق لأبناء الشعب المغربي أن يسائلوا العثماني عن مدى تمثل أعضاء حزب ، قيادة وقواعد، للتعاليم الدينية والأخلاق الإسلامية التي تحددها مرجعيتهم . إذ المفروض في الحزب الذي "حدد الله" مرجعيته أن يكون أعضاؤه نموذجا في السلوك وفي تسيير الشأن العام وأكثر حرصا على مال الشعب وتدبيرا له لخدمة الصالح العام . فالمرجعية الإسلامية تنشد النزاهة في التسيير والاستقامة في الأخلاق والإخلاص في المهام والصدق في القول والإتقان في العمل ، كما تربي على الإيثار وجهاد النفس ومقاومة الإغراءات .
ولا شك أن الفضائح الأخلاقية والجرائم المالية والإدارية والقانونية التي ارتكبها عدد من وزراء ورموز البيجيدي تعطي فكر واضحة عن الاستغلال البشع للدين في المجال السياسي ، وكيف يمارس الحزب الازدواجية في الخطاب ويوظف الرموز الدينية في النصب والاحتيال على المواطنين لكسب ثقتهم وجني أصواتهم الانتخابية . ولم يكتف البيجيديون بالكذب على الشعب والتحايل على الناخبين ، بل استحلوا الكذب على الله لما نسبوا إليه "تحديد مرجعيتهم" الحزبية. وبالنظر إلى الفضائح والانحرافات المسجلة في صفوف قادة ورموز الحزب ، تكون واقعة "شاطئ المنصورية" ، وقبلها وبعدها حلقات مسلسل الحب والغرام ومغامرات المولان غوج وغراميات تدليك السيقان، وقرارات أكل أرزاق وأعمار الموظفين والمتقاعدين واستعباد المتعاقدين والعفو عن ناهبي المال العام وحماية الفاسدين والمفسدين ، وقهر غالبية الشعب بغلاء الأسعار وارتفاع الضرائب ... تكون هذه الوقائع أجْرَأة لمضامين تلك "المرجعية الإسلامية" وإسباغ طابع الفضيلة على هكذا انحرافات والرشد على قرارات الجور والظلم في حق الشعب .
لا جرم أن البيجيدي يقود مخطط إفساد الدين والسياسة والقيم والأخلاق بكل الممارسات التي آتاها رموزه والقرارات التي اتخذتها حكومته . حزب رفع شعار الإصلاح فإذا به ينشر ويعمم ويحمي الفساد بكل أشكاله ومستوياته . فالحزب الذي يفتقر إلى الكفاءات والخبرات العلمية والتقنية ويحشد في صفوفه الفقهاء والدعاة والمرشدين والمرشدات وتتحكم في أعضائه وقادته "اللهْطة" إلى المال والريع ، حتما سيفشل أعضاؤه في تسيير الشأن العام كما فشلت حكومته في إعداد برنامج تشغيل الشباب والنهوض بالاقتصاد . لهذا فالمكان الطبيعي لأعضاء البيجيدي ليس الحكومة وإنما الزوايا والمساجد والمدارس القرآنية التي يدافعون عن قرار الترخيص لها لنشر فروعها في كل المدن والقرى .
إن تسيير الشأن العام وقيادة الحكومة يحتاجان إلى الخبرة والدراية وليس إلى الإرشاد الديني والخطاب الدعوي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحاوية ام الزواية
ابو ازهر الشامي ( 2019 / 2 / 11 - 17:35 )
اجلك الله عنوانك خطا والصحيح الحاوية


2 - اتفق مع الاستاذ سعيد
صوفي مصري ( 2019 / 2 / 13 - 08:26 )
انا صوفي واؤيدك ودايما بقول ان اللي عنده مفاهيم وعقائد روحية يبقى مكانه التكية مش المسؤولية السياسية والسياسي الصح لازم يكون علماني فقط لكن ميقربش من التكايا والطرق ولا احنا نقرب من قراراته وافعاله وافعال حكومته لكن مينفعش احنا نكون سياسيين لان نظرتنا للامور باطنية روحية دينية بينما السياسة اهلها لازم يكونوا ظاهرية مش باطنية ولازم افعالهم تكون مرتبطة بسياسات عالمية متغيرة ملهاش علاقة بالبعد الروحي بتاعنا لان البعد الروحي بتاعنا ممتاز طبعا ويبنى الانسان باطنيا ويجعله كائن الهي لكن لو خلطنا مفاهيمنا الروحية بالعالم السياسي الظاهري يبقى حنخرب الدنيا وحنخرب الانسان وحنخرب الدين

اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا