الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات ولد كوردي 4

جمشيد ابراهيم

2019 / 2 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ذكريات ولد كوردي 4
تعلم والدي معلم المدرسة الابتدائية هنا سحر و فن الواسطات و او ثقافة ابن العم و الرشوة و لكني اعتقد ان ثقافة الواسطات و بسبب قوة صلة القرابة و العائلة و الصداقة في المجتمعات الشرقية و حالتها الاقتصادية الفقيرة و المتوسطة كانت متفشية لفترة طويلة. كان والدي يذهب الى كوردستان او بلغة العرب شمالنا الحبيب لشراء افضل انواع العسل و الجوز و اهدائها للمسؤول عن التنقلات لاننا طبعا لم نكن سعداء في مدينة عربية جنوبية نائية لا تناسب حياة الكوردي الجبلي. و كان العربي يضيف على الجبلي الوحشي.

كانت اغنية (هه ربجي = هه ر بژی كورد و عرب) مشهورة جدا لدرجة غيير البعض كلماتها على سبيل المزح من (على انغام الناي من الشمال و انغام الربابة من الجنوب) الى (على فسوات الكاكه من الشمال و ضرطات ابو عروبة من الجنوب). اثبتت الواسطة مفعولها و صدر امر نقل والدي الى مدينة الديوانية. تعرفت هنا على ثقافة الربل (عربة تجرها حصان) و مراسيم العزة (عزاء الحسين) و اللطم بالزناجيل و تاثرت بها كثيرا لدرجة قدمت استقالتي من مذهب السنة لاصبح شيعيا. علاوة على ذلك لم يعجبني كلمة السنة لاني ربطتها بمرض نخر الاسنان. تعرفت ايضا على اسماء عربية غريبة مصغرة مثل زغير (صغير) و بديوي (تصغير بدوي) و اسماء (شركة على و اولاده) مثل عبد علي و عبدالحسن و عبد الحسين ليتحول علي الى الله بدلا من اسماء عبدالكريم و عبدالسلام.

لا انسى حياتي و خبرتي في الديوانية لاني وقعت فيها ايضا في حب الجميلة بنت الجار ليلى عبد. كانت علاقتي معها سطحية. اقصد بالسطحية طبعا حب على سطح البيت المكان الوحيد لتبادل نظرات الغرام. لم اتحمل مفارقتها لذا فاتحت اهلي بنيتي الزواج من ليلى و لكنهم رفضوا لصغر سني.

لم تمض الا فترة قصيرة و جاءت سكرة الموت بالغدر او الانقلاب البعثي عام 1963 وقتل الزعيم الاوحد. كانت الكتب و الدفاتر لا تزال تحمل صور الزعيم و عندما قمت بشطب صورته على دفتري اعترض زميلي لان الزعيم كان محبوبا من قبل الشيعة. اتذكر اليوم الاول بعد الانقلاب الاسود عندما اجبر مدير مدرستنا (كنت تستطيع ترى احساسه من وجهه الجامد) الذي كان من الاخوان المسلمين و متعاطفا مع الزعيم ليلقي كلمته مرحبا بحزب البعث لانقاذنا من دكتاتورية (المجرم).

هكذا فتح الباب على مصراعيه لزمن الحرس القومي (محترفو القتل و اغتصاب النساء) و الانتهاكات و الخوف و دائرة الامن العامة (دائرة ارهاب المواطنين) و اتحاد الطلبة (اتحاد الارهابيين) و حزب البعث و امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة و ضرب هوية بقية القوميات عرض الحائط و ظهور التكريتيين. تعرف والدي بفضل خبرته في فن الواسطات و الرشوة على مسؤول تكريتي و جاء له باطيب عسل و جوز لينقله الى بغداد و التكريتي يجيب: الله كريم استاذ الله كريم اي انتظر سانقلك الى بغداد و فعلا كان الله كريما و وفى التكريتي بفضل العسل بوعده و نقل والدي بعد سنتين في الديوانية الى بغداد.
www.jamshid-ibrahim.net








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة