الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


100 عام على اغتيال روزا لوكسمبوروغ وكارل ليبكنيخت (الجزء الرابع)

آدم روبي
ناشط حقوقي وسياسي مغربي وباحث سوسيولوجي

(Roubi Adam)

2019 / 2 / 19
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


استمرارا في السلسة المقالية التي تنشر بجريدة النهج الديمقراطي والتي خصصناها في الذكرى المئوية لاغتيال هاذين القادة الشيوعيين الكبيرين روزا لوكسمبورغ وكارل ليبكنيخت، وبعد تطرقنا لحياتهما ونشاطهما الفكري و كذا السياسي، وكذا الوضع العام لألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، سنخصص هذا المقال الرابع والأخير لتفاصيل جريمة اغتيالهما، باعتبارها تدخل في خانة الجرائم السياسية ضد اليسار و ضد قيم الاشتراكية والديمقراطية في العالم.
1- استمرار قمع انتفاضة سبارتاكوس من طرف الحكومة البرجوازية واعتقال روزا و كارل:
أمر إيبرت القوات المتمركزة في برلين باتخاذ إجراءات ضد المتظاهرين المسلحين. وفي 9 يناير قمعت ثورة مرتجلة بالقوة. وفي 12 يناير انتقل فيلق فريكوربس المناهض للجمهورية الذي تأسس أوائل ديسمبر الماضي إلى المدينة الذي اتهم بأنه احدى فرق الموت، وقام إخلاء العديد من المباني بوحشية وإطلاق النار على المسلحين، فاستسلم الباقون بسرعة، وكانت من التعليمات التي اعطت ان يتم قتل أي شخص وجد مسلحا فلا يهم هنا ان كان استسلم أم لا.. أدت ثورة يناير الى مقتل 156 شخصا في برلين.
وفي 15 يناير 1919 ستقوم نفس هاته الميليشيات (فريكوربس) والتي كانت مكونة من جنود سابقين شاركوا في الحرب العالمية الاولى من انصار الامبراطورية السابقة وهؤلاء هم من سيشكلون لاحقا العمود الفقري للحزب النازي، بإلقاء القبض على روزا لوكسومبورغ وكارل ليبكنيخت، وذلك من خلال تعليمات اعطيت من طرف المستشار ايبرت والجنرال جرونر. هاته الجريمة التي دبرت من اجل اخماد الانتفاضة العمالية عبر اغتيال اثنين من قادتها، سيتم طمسها من طرف الحكومات المتعاقبة على الجمهورية الالمانية التي ستسما بجمهورية فايمار نسبة لمدينة فايمار حيث انعقدت في 6 فبراير 1919 الجلسة الاولى للجمعية الوطنية التي تكلفت بوضع دستور ديمقراطي جديد، الذي سيكون اول رئيس لها هو فريديريك إيبرت ومستشاره فيليب شايدمان والذي سيحكم إلى غاية 1925، حاول خلالها البحث عن استقرار سياسي عن طريق نيل القروض الاجنبية من الولايات المتحدة الامريكية . لتظل هاته الجريمة في حق هاذين القادة الشيوعيين تلاحق اول حكومة للجمهورية الالمانية، الا ان تم القضاء على السلطة الفاشية من طرف الاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية، الذي القى القبض على بعض ممن دبروا قتل روزا لوكسبورغ وكارل ليبكنخت، وأثناء التحقيق مع أحد القتلة المشتركين في قتل روزا يحمل اسم "أوتو رونجه" كانت نتيجة التحقيق في رسالة وجهها المدعي العسكري لحماية برلين سنة 1945 اي خلال دخول الجيش السوفياتي الى برلين، للمدعي العسكري العام للجيش الاحمر اللواء الحقوقي ن.ب. أفاناسييف هذه جزء منها:
في الساعة 20:45 توقّفت سيارةٌ عند المدخل الرئيس لفندق أدَين ، وكانت تُقِلُّ أربعة ضبّـاطٍ وروزا لكسمبورغ. اقتادَ الضباطُ روزا لكسمبورغ إلى مقر الكتيبة . بعد عشر دقائقَ تقريباً ، توقّفت سيارةٌ ثانيةٌ أيضاً عند المدخل الرئيس ، وكانت تقلُّ ثلاثة ضباط ، وكارل ليبكنخت ، الذي اقتاده هؤلاء الضباط ، إلى مقر الكتيبة .
في هذا الوقت ، علمَ الناسُ باعتقال كارل ليبكنخت وروزا لكسمبورغ ، وبدأوا يتجمعون قرب فندق أدَين .
2- جريمة كاملة الاركان في حق إثنان من أعظم المفكرين الشيوعيين العظام:
بعد اقتياد ك. ليبكنخت و ر. لكسمبورغ إلى المقر ، اقتربَ الرائد ف. هارتونغ من رونجه وسأله واستفسرَ منه إن كان يعرف الرجل والمرأة ذوي الملابس الـمدنية اللذَينِ جِـيءَ بهما للتوّ . فأجاب رونجه بأنه لا يعرفهما . آنذاك أخبره ف. هارتونغ بأنهما كارل ليبكنخت وروزا لكسمبورغ ، وأنهما ثوريان شـريران من أهل العصابات ، يريدان أن يستوليا على السلطة . ثم أمرَ ف. هارتونغ ، رونجه ، بأن عليه أن يقتل بالرصاص ، الإثنينِ ، حين يخرجان من الفندق . ويبدو أن رونجه رفض أن يفعل ذلك بدعوى أن عدداً كبيراً من الناس قد اجتمعوا ، وهو يخشى ألاّ يكون دقيقاً في التصويب ، فيؤذي آخرين . إثْــرَ ذلك ، دخل ف. هارتونغ إلى المقر ، وخرج الرائد بابست ، وأمر رونجه بقتل ك.ليبكنخت و ر. لكسمبورغ ، ضرباً بعقِب البندقية ، فوافق رونجه . وبعد مغادرة بابست ، خرج الملازم كاناريس وأخبرَ رونجه بأنه إنْ لم ينفذ الأمر فسوف يعدَم رمياً بالرصاص . كاناريس أيضاً دخل إلى المقر .عندما تُرِكَ رونجه ودراجر ، وحدهما ، في نقطة الحراسة ، قال دراجر لرونجه إنْ لم تنفِّـذ الأوامر فإنني سأقتل طعناً بهذه الحربة ، ك. ليبكنخت و ر.لكسمبورغ . ردَّ رونجه قائلاً: الأوامر قد صدرت ، وسوف أنفِّـذها .
بعد بضع دقائقَ ، خرج مدير الفندق ( لم يتمّ التثبُّت من اسمه ) من المدخل الرئيس . كان إلى اليمين . في الوسط كانت روزا لكسمبورغ . وإلى اليسار كان الملازم فوجل الذي دفع روزا لكسمبورغ خارجَ الفندق ، نحو الحارس رونجه . كان رونجه متأهباً للقتل ، فانقضَّ على لكسمبورغ بعقِب بندقيته ، مستهدفاً يسار وجهها وكتفَها ، ممّـا أسقطَها أرضاً ، لكنها كانت لاتزال على قيد الحياة ، وحاولت الوقوف . في ذلك الوقت خرج أربعة جنود من الفندق ، وسحبوا ، مع الملازم فوجل ، ر. لكسمبورغ ، إلى السيارة ذاتها التي أحضرتْـها إلى الفندق . وهم أنفسهم استقلّـوا السيارة . أخرجَ فوجل مسدّساً ، وفي المكان نفسه ، أطلقَ النار على رأس روزا لكسمبورغ . وابتعدت السيارة وهي تحمل جـثّــتها . حوالي الساعة 22:30 جاء الملازم فوجل إلى المقر وأعلنَ أنهم ألقَوا بجثة ر. لكسمبورغ في نهر ســبري .
السيارة الثانية عادت حوالي الساعة 23:00 ، مع الضباط الذين أخذوا معهم ك. ليبكنخت ، وقالوا إنهم أخذوا الأخير على الطريق المؤدي إلى حديقة الحيوان، وافتعلوا عطلاً في السيارة. أوقفوا السيارةَ ، وخرجوا منها . آنذاكَ ، أخرجَ الملازم شولتز ، مطواةً ، من جيب ك.ليبكنخت ، وجرحَ نفسَـه في الذراع ، ثم أطلقَ الرصاص على كارل ليبكنخت ، ليقول إن ليبكنخت قُـتِلَ محاوِلاً الفرارَ ، وفي محاولته جرحَ شولتز .
هكذا بدم بارد تم انهاء حياة هاذين الشيوعيين محاولين بذلك اخماذ بذور الثورة العمالية في ألمانيا وضمان السيطرة السياسية الرأسمالية التي ستتحول فيما بعد لفاشية ستتشكل من نفس الميليشيات (فريكوربس) الذين قتلوا روزا و كارل، هؤلاء المجرمين الذين قبل ان يرتكبوا جرائم في ظل الحكم النازي لالمانيا في حق كل شعوب اوروبا والعالم بإسم الاشتراكية القومية، مجندين من طرف الامبريالية، جندتهم البرجوازية في جمهورية فايمار لارتكاب هذه الجرائم في حق الشعب الالماني البطل المنتفض ضدهم. إن هذا الشعب هو الوريث الحقيقي إلى جانب قادته الشيوعيين (روزا و كارل ليبكنخت) للارث التاريخي الحقيقي لكارل ماركس وفريديريك إنجلز وكذلك للادباء والفلاسفة والشعراء مثل هيغل و غوتة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا