الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتَّكْرَارِيُّ: طُغَاةُ ٱلْتَّقَدُّمِ أَمْ بُغَاةُ ٱلْتَّهَدُّمِ؟ (5)

غياث المرزوق
(Ghiath El Marzouk)

2019 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ ٱلْسَّاعَةِ ٱلْهَرْجَ. قِيلَ: وَمَا ٱلْهَرْجُ؟ قَالَ: ٱلْكَذِبُ وَٱلْقَتْلُ [أَيْضًا].
قَالُوا: أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ ٱلْآنَ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ [أَعْدَاءً]، وَلٰكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا!
مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ


كما قلتُ آنفًا في القسمِ الرابعِ (والإضافيِّ) من هذا المقالِ، إنَّ المَرَامَ الأولَ والأخيرَ من تأسيسِ ما باتَ يُدْعى أخيرًا بـ«التحالف الإستيراتيجي الشرق-أوسطي» Middle East Strategic Alliance، أو بحِلْفِ الـ«ميسا» MESA، اختصارًا (وتشبُّهًا، بالطبعِ، بحِلْفِ الـ«ناتو» NATO الشهيرِ)، لا يكمُنُ في ذَرِيعةِ ذلك «الإجراءِ الدفاعيِّ الوقائيِّ الذي يحمي أبناءَ السُّنَّةِ حَصْرًا من ازديادِ المَدِّ الشِّيعيِّ الفارسيِّ» في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ، بلْ يكمُنُ في خَدِيعةِ هذا الإجراءِ الهجوميِّ العدوانيِّ الذي يزعزعُ هؤلاءِ الأبناءِ طُرًّا بازديادِ المَدِّ العسكريِّ الأمريكيِّ (ومن ورائهِ المَدُّ العسكريُّ البريطانيُّ وَ/أوِ الفرنسيُّ) في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ هذهِ، دونَ سواها من مناطقِ هذا الشرقِ الغرائبيِّ الفسيحِ منظورًا إليهِ بمنظارِ «الهَيْمَنَةِ الاستشراقيَّةِ» Orientalist Hegemony، حسبما يعنيهِ المفهومُ السَّعيديُّ، منظورًا إليهِ من لَدُنْ ذلك الغربِ المدجَّجِ بالسِّلاحِ الحديثِ (وما بعدَ الحديثِ) والمُحَصَّنِ بالعِلْمِ النظريِّ والعمليِّ، على حدٍّ سَواءٍ. وقد أثبتَ هذا المَرَامَ الأولَ والأخيرَ جُلُّ مَا جَاءَ من بياناتٍ صَريحةٍ أو ضِمنيَّةٍ فيما سُمِّيَ بـ«مؤتمرِ السلامِ والأمنِ في الشرقِ الأوسطِ» الذي جَرَى عَقْدُهُ في مدينةِ وارسو في اليومِ الخامسَ عشرَ من شهر شباطَ الجاري، بوصفهِ «منعطفًا تاريخيًّا» في نظرِ عصابةِ آلِ الصَّهَايِينِ وأعوانهمِ من العُرْبَانِ والعَرَبِ (السُّنَّةِ الأرثوذكس)، من طرفٍ، وبوصفهِ «سِيرْكًا تهريجيًّا» في نظرِ عصابةِ آلِ الخَمَائِينِ، أو آلِ الرَّوَاحِينِ، وأعوانهمِ من العُرْبَانِ والعَرَبِ (الشِّيعةِ اللاأرثوذكس)، من طرفٍ آخَرَ. حتى أنَّ ثَمَّةَ بضعةً من التقاريرِ الأمنيَّةِ «السِّرِّيَّةِ» المُعَمَّقَةِ التي تمَّ تسريبُها، في الآونةِ الأخيرةِ، رغمَ «سِرِّيَّتِها» هذهِ، والتي تشيرُ إلى أنَّ لكلٍّ من عِصَابَتَيْ آلِ السَّعَادِينِ وآلِ النَّهَايِينِ الإجراميَّتَيْنِ «مِخْلَبًا عسكريًّا» مُسْتَتِبًّا في الجانبِ الشرقيِّ الشماليِّ من منطقةِ الفراتِ (في سوريا)، ومزوَّدًا بأجناسٍ شتَّى من مقاتلينَ أجانبَ مأجورينَ «أوفياءَ» تأتيهم متوالياتُ الأوامرِ والنواهي العسكريةِ وغيرِ العسكريةِ، بينَ حينٍ وآخرَ، إتْيَانًا مباشرًا من وكالةِ الاستخباراتِ المركزيةِ (الأمريكية) CIA – ومن ورائِها، كذلك، تقبعُ هيئةُ الاستخباراتِ العسكريةِ (البريطانية) MI6 وَ/أوِ الإدارةُ العامةُ للأمنِ الخارجيِّ (الفرنسية) DGSE. فلا غَرْوَ، مرةً أخرى، أن تكونَ الأحْبُولةُ الوَضِيعةُ هي ذاتُهَا، منذُ البدايةِ: «التَّعَاضُدُ الأمْنِيُّ مِنْ أجْلِ مُحَارَبَةِ الإرْهَابِ المُتَمَثِّلِ في تنظيمِ «الدولةِ الإسلاميةِ» ISIS، وما شَابه»، تلك الأحْبُولةُ الوَضِيعةُ التي لمْ يتوقَّفْ أيٌّ من فَلِّ الطُّغاةِ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ، في «الجمهورياتِ» أو في «الاشتراكيَّاتِ»، عن التذرُّعِ بِهَا بغيةَ الاسْتِوَاءِ الأبديِّ على عُروشِ الحُكْمِ، من أمثالِ بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي. ففي حينِ أنَّ الطاغيةَ العتيَّ المُصْطَنَعَ الأولَ يظهرُ مُنْهَمِكًا كلَّ الانهماكِ في تحطيمِ الأرقامِ القياسيَّةِ في ارتكابِ شتَّى أنواعِ الجَرائمِ النكراءِ ضدَّ الإنسانيةِ، وقد قتلَتْ وشرَّدَتْ عصابتُهُ (عصابةُ آلِ الأسَادِينِ) من الشَّعبِ السُّوريِّ اليتيمِ في غُضُونِ سبعةٍ من السَّنواتِ العِجَافِ أضعافًا مضاعفةً مِمَّا قد قتلتْهُ وشرَّدَتْهُ عصابةُ آلِ الصّهَايِينِ ذَوَاتِهِمْ من الشَّعبِ الفلسطينيِّ اللَّطِيمِ على مَدى سبعينَ سَنَةً أشدَّ عُجُوفًا حتَّى، فإنَّ الطاغيةَ العتيَّ المُصْطَنَعَ الثاني (رأسَ عصابةِ آلِ السَّيَاسِيسِ) يبدُو مُسْتَغْرِقًا أيَّما استغراقٍ في ارْتِسَامِ تلك الذكرياتِ «القَمِينَةِ» و«الشَّجِينَةِ» إبَّانَ لقائِهِ الحَمِيمِ على هامشِ الانعقادِ الأخيرِ لمَا يُسمَّى بـ«مؤتمر ميونيخ للأمن» MSC، في اليومِ السَّادِسَ عشرَ من شهرِ شباطَ الحالي، إبَّانَ لقائِهِ بزميلهِ الرئيس السابقِ لإدارة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «آمان»، عاموس يَدْلين (2006-2010)، وإبَّانَ كونِهِ (كونِ رأسِ عصابةِ آلِ السَّيَاسِيسِ، بدورِهِ هو الآخرُ) رئيسًا سَابقًا لإدارةِ المخابراتِ الحربيةِ المصريةِ (2010-2012)، وذلك قبلَ القيامِ بِحَوْلٍ بانقلابهِ العسكريِّ المَحْمُومِ والمدعومِ من لَدُنْ أزلامِ عِصَابَتَيْ آلِ السَّعَادِينِ وآلِ النَّهَايِينِ الإجراميَّتَيْنِ بالذاتِ، وبإيعازٍ أمريكيِّ خفيٍّ أو حتى شبهِ جَليٍّ، على الرئيسِ المصريِّ المحُبوسِ حتى إشعارٍ آخَرَ، محمد مرسي، وهو أوَّلُ رئيسٍ مصريٍّ مُنتخَبٍ، رَغْمَ «إِخْوَانِيَّتِهِ»، انتخابًا ديمقراطيًّا حقيقيًّا في تاريخِ مصرَ السياسيِّ الحديثِ والقديمِ كلِّهِ.

وكانتْ لعصابةِ آلِ الأَرَادِيغِ مآربُها اللاأخلاقيةُ واللاإنسانيةُ، هي الأخرى – وذلك على سَابقِ الاعتبارِ بأنَّ القنصليةَ السُّعُوديةَ في مدينتِهِمْ إسطنبولَ هي مسرحُ ارتكابِ جريمةِ اغتيالِ الكاتبِ الصِّحَافيِّ السُّعُوديِّ، جمال خاشقجي، على أيدي فريقٍ مخابراتيٍّ إجراميٍّ مؤلَّفٍ من خمسةَ عشرَ كائنًا مَا دُونَ-حَيَوانِيًّا سُعُوديًّا بلحمهِ وشحمهِ، من جهةٍ، وذلك على لاحِقِ الاعتبارِ بأنَّ أيًّا من نشاطاتِ أو تحرُّكاتِ ذينك «المِخْلَبَيْنِ العسكريَّيْنِ» المُسْتَتِبَّيْنِ في الجانبِ الشرقيِّ الشماليِّ من منطقةِ الفراتِ (في سوريا) إنَّمَا يُمَثِّلُ تدخُّلاً طافرًا وسَافرًا في السِّيَادةِ والأمْنِ القوميَّيْنِ التركيَّيْنِ، من جهةٍ أُخرى. وفي الوُسْعِ، الآنَ، التَّبَيُّنُ من هذهِ المآربِ اللاأخلاقيةِ واللاإنسانيةِ على مستويَيْنِ «براغماتيَّيْنِ» (أو ذرائعيَّيْنِ نَفْعِيَّيْنِ) مُكَمِّلَيْنِ لبعضِهما البعضِ، أحَدُهُمَا اقتصاديٌّ-ماليٌّ وآخَرُهُمَا سياسيٌّ-دينيٌّ: فأمَّا المستوى الاقتصاديُّ-الماليُّ، هَا هُنَاك، فيتجلَّى في سَيَلانِ لُعَابِ عصابةِ آلِ الأَرَادِيغِ أنفسِهِم أمامَ الملياراتِ السُّعُوديةِ «النَّدِيَّةِ والجَدِيَّةِ»، رغمَ ذلك كلِّهِ، وذلك تيمُّنًا بسَيَلانِ لُعَابِ عصابةِ آلِ الطرابينِ (اليانكيينَ Yankees) ذواتِهِمْ أمامَ هذهِ الملياراتِ السُّعُوديةِ ذاتِهَا. وفي غَلْوَاءِ كافَّةِ هذهِ المآربِ اللاأخلاقيةِ واللاإنسانيةِ التي تَأْرُبُ إليها عصابةُ آلِ الأَرَادِيغِ أيَّما أَرَبٍ، على المستوى «البراغماتيِّ» الاقتصاديِّ-المَاليِّ، على وجهِ التحديدِ، ما يُفَسِّرُ بجلاءٍ كيفَ أنَّ رأسَ هذهِ العصابةِ (اللاأبديةِ)، رجب طيب أردوغان، يتكشَّفُ للعِيَانِ بصفتِهِ فردًا دبلوماسيًّا يحترفُ الابتزازَ والنفاقَ، وقد بَلَغَا مُنْتَهَاهُمَا في شَخْصِهِ «الجَلِيلِ»: أردوغانُ الدبلوماسيُّ يحترفُ الابتزازَ، أوَّلاً، من خلالِ اتِّباعِهِ ذلك الأسلُوبَ التدرُّجيَّ الرُّوَيْديَّ-الرُّوَيْديَّ، أو ما يُسَمَّى في الحديثِ السياسيٍّ الدارجِ بـ«سياسةِ القطرة-قطرة»، في تسريبِ كلٍّ من المعلوماتِ الصوتيةِ والمرئيةِ، وحتى «الرَّسْمِيةِ»، المُريعةِ والمُرَوِّعةِ التي تتعلَّقُ بجريمةِ اغتيالِ الكاتبِ الصِّحَافيِّ السُّعُوديِّ، جمال خاشقجي، وفي إطلاعِ كلٍّ من الدولِ الغربيةِ «الديمقراطيةِ» التي يحالفُها من حِلْفِ الـ«ناتو» NATO الآنفِ الذكْرِ، ومن ثمَّ في الوَعْدِ «المبدئيِّ» المُسْتَمِرِّ لهَا (لكلٍّ من هذهِ الدولِ) بجُهُودٍ جَهيدةٍ في تسريبِ المزيدِ من هذهِ المعلوماتِ الصوتيةِ والمرئيةِ، وحتى «الرَّسْمِيةِ» – وذاك مَحْضُ تسريبٍ بإدارةٍ دَنِيَّةٍ يتولاَّها عناصرُ معيَّنُونَ من جهازِ الاستخباراتِ الوطنيةِ (التركيِّ) MİT، من وراءِ الكواليسِ، وذاك مَحْضُ تسريبٍ بإشرافٍ قصيٍّ أو غيرِ قصيٍّ يُؤَدِّيهِ عناصرُ محدَّدُونَ آخرُونَ من وكالةِ الاستخباراتِ المركزيةِ (الأمريكية) CIA، من وراءِ وراءِ هذهِ الكواليسِ. حتى أنَّ أزلامَ عصابةِ آلِ الأَرَادِيغِ يسعَونَ الآنَ سَعْيًا حثيثًا وراءَ تدويلِ مِلَفِّ الجريمةِ الشَّنْعاءِ أبعدَ فأبعدَ، ويسعَونَ من ثمَّ وراءَ تحويلهِ إلى قضيَّةٍ قضائيَّةِ أُمميَّةٍ ينبغي على هيئةٍ، من مثلِ هيئةِ الأممِ المتَّحدة UN، أنْ تتعهَّدَ بالشُّروعِ في إعادةِ التحقيقِ الرَّسْميِّ الدقيقِ في تفاصيلِها قبل مجاميلِها، في هذهِ المرحلةِ العصيبةِ بالذاتِ، مجدِّدِينَ سَعْيَهُمُ الحثيثَ بدعوةٍ جَدِّيَّةٍ إلى تشكيل لجنةٍ أو لِجانٍ أمميةٍ تتولّى مهامَّ هذا التحقيقِ الرَّسْميِّ الدقيقِ من أجلِ الكشفِ عن ملابساتِ الجريمةِ (الشَّنْعاءِ) على الملأِ الأدنى والأعلى كذلك: وأردوغانُ الدبلوماسيُّ لمْ يبرَحْ يجاهرُ ويشاهرُ حتى هذا اليومِ بالذاتِ بأنَّ أزلامَ عصابتِهِ «لمْ يكشفوا بعدُ عنْ كافَّةِ العناصرِ التي بحَوْزتِهِمْ فيما لهُ مِسَاسٌ بالتحقيقِ في قضيةِ هذهِ الجريمةِ (الشَّنْعاءِ) في مدينةِ إسطنبولَ»، وأنَّهُمْ «سيُرسِلُونَ وثائقَ سِرِّيَّةً ومعلوماتٍ حَرِيَّةً بِشأْنِ هذهِ القضيةِ إلى مَعْنيِّ السُّلُطاتِ التي ستقومُ بالمحاكمةِ الفعليةِ» – وهذا السَّعْيُ الحثيثُ من لَدُنْ أزلامِ عصابةِ آلِ الأَرَادِيغِ كلُّهُ إنَّما مُبْتَغَاهُ الأوَّلُ والآخِيرُ مواصَلَةُ إثقالِهِمْ كَوَاهِلَ أزلامِ عصابةِ آلِ السَّعَادِينِ ذواتِهِمْ، من جانبٍ، ومضاعفةُ أردوغانَ الدبلوماسيِّ بالتالي لاِبْتِزَازِهِ تلك الملياراتِ السُّعُوديةَ «النَّدِيَّةَ والجَدِيَّةَ» ذاتَهَا، من جانبٍ آخَرَ. وأردوغانُ الدبلوماسيُّ ذاتُهُ يحترفُ النفاقَ، ثانيًا (فَضْلاً عَنِ احترافِهِ الابتزازَ، أوَّلاً)، من خلالِ تَشَوُّفِهِ الافتعاليِّ والافترائيِّ الجَمُوحِ إلى الظُّهُورِ، قدَّامَ العالَمِ المَغْبُونِ وغيرِ المَغْبُونِ قاطِبَةً، بمظهرِ ذلك السياسيِّ «النظيفِ» و«النزيهِ» و«المُشْبَعِ إشباعًا بمكارِمِ الأخلاقِ الإسلاميةِ النقيَّةِ»، وذلك في غَمْرَةِ انكبابِهِ العُصَابِيِّ (أو حتَّى الذُّهَانِيِّ) على ذَيْنِك التحرِّي والتقصِّي «الإنسانِيَّيْنِ» و«الإنسانَوِيَّيْنِ» حولَ الآمِرِ الفعليِّ بتنفيذِ تلك الجريمةِ النكراءِ، جريمةِ اغتيالِ الكاتبِ الصِّحافي السُّعُوديِّ جمال خاشقجي ذاتِهِ (وهو، بالمناسبةِ، الصديقُ المقرَّبُ لأردوغانَ الدبلوماسيِّ بالذاتِ)، بينما كانَ هذا السياسيُّ «النظيفُ» و«النزيهُ» و«المُشْبَعُ إشباعًا بمكارِمِ الأخلاقِ الإسلاميةِ النقيَّةِ» عينِهَا، ولمْ يزلْ، قَدْ قامَ بِرُمِّ مُقْتَضَى مشيئتِهِ العقليَّةِ والنفسيَّةِ بالحَظْرِ العَسْفيِّ والتعسُّفيِّ والاعتسَافيِّ على شتَّى حُرِّيَّاتِ التعبيرِ وأشْتَاتِ حُرِّيَّاتِ إبداءِ الرأيِ، وعن طريقِ اتِّخَاذِ أحكامٍ وإجراءاتٍ قمعيَّةٍ وقسريَّةٍ وقهريَّةٍ أدَّتْ إلى اكتظاظِ سُجُونِهِ، سُجُونِ عصابةِ آلِ الأَرَادِيغِ، بالعديدِ من الكاتباتِ والكُتَّابِ الصِّحَافيِّينَ، وبالعديدِ من الكاتباتِ والكُتَّابِ المثقَّفينَ الآخَرِينَ، منذ أنْ تسلَّمَ هذا الـ«أردوغانُ الدبلوماسيُّ» مقاليدَ الحُكْمِ في تركيا في اليومِ الثامنِ والعشرينَ من شهرِ آبَ عامَ 2014، وذلك بمثابةِ المُمَثِّلِ السياسيِّ «النظيفِ» و«النزيهِ» و«المُشْبَعِ إشباعًا»، إلى آخرِهِ إلى آخرِهِ، للرئيسِ الثاني عشرَ للبلادِ!

وأمَّا المستوى السياسيُّ-الدينيُّ، وهو مُسْتَوًى لَأشدُّ خُطُورةً من آنِفِهِ هَا هُنَا، فيتبدَّى في لُهَاثِ أزلامِ عصابةِ آلِ الأَرَادِيغِ وراءَ احتكاريَّةِ التمثيلِ «المَافْيَوِيِّ» للمذهبِ السُّنيِّ (الأرثوذكسي) في العالَمِ العربيِّ (والإسلاميِّ) برُّمَّتِهِ، وذلك بمقتضى ما يُضْمِرُونَهُ إضمارًا تمويهيًّا وتسفيهيًّا من تطلُّعَاتٍ هَيْمَنِيَّةٍ «استشراقيَّةٍ»، أو حتى «استغرابيَّةٍ»، إلى بَعْثٍ وإحياءٍ عُنْجُهِيَّيْنِ لِبُنْيَانِ «خلافةٍ عثمانيةٍ جديدةٍ» في مَطَالِعِ هذهِ الأَلَفِيَّةِ الميلاديَّةِ الثالثةِ، خلافةٍ تحاولُ أنْ تستعيدَ تاريخَهَا الاستعماريَّ والتوسُّعِيَّ «التَّليدَ» بأيَّتِمَا أُحْبُولةٍ سياسيةٍ وَ/أوْ دينيَّةٍ كانتْ، على حسابِ ما يَعْتَرِي أغلبيَّةَ الشُّعُوبِ اللَّهيفةِ من أحزانٍ وآلامٍ في بلادِ الشامِ وفي بلادِ العراقِ، خَاصَّةً، وعلى حسابِ ما يَعْتَوِرُ هذهِ الشُّعُوبَ من قتلٍ بهيميٍّ ودمارٍ جحيميٍّ من كلِّ الجهات. ولا يختلفُ التذرُّعُ، في حقيقةِ الأمرِ، بتلك الأحْبُولةِ الوَضِيعةِ في فَحْوى «التَّعَاضُدِ الأمْنِيِّ مِنْ أجْلِ مُحَارَبَةِ الإرْهَابِ»، والحالُ هذهِ، سوى في المُرَادِفِ الاسميِّ الإرهابيِّ لتنظيمِ «الدولةِ الإسلاميةِ» ISIS وأمثالِهِ، ألا وهو: «حزبُ العمالِ الكردستانيِّ» PKK وأمثالِهِ كذلك، وعلى الأخصِّ كمثلِ فرعِهِ السٌّوري المسمَّى بـ«حزبِ الاتحادِ الديمقراطيِّ» PYD، ذلك الحزبِ «المُعَارضِ» و«المُمَانِعِ» الذي استغلَّتْ وَحَدَاتِهِ المقاتلةَ (ومَا إليها) عصاباتُ آلِ الأسَادِينِ أنفسِهِمْ أيَّما استغلالٍ، واسْتَغْبَتْهَا أيَّما اسْتِغْبَاءٍ، في أثناءِ سَنَواتِ ما سَمَّاهُ الكاتبُ الإعلاميُّ (الحُقُوقيُّ) السُّوريُّ حسين جلبي بـ«التِّيهِ الكُرْدِيِّ» في كتابِهِ الأخير «روجآفا: خديعة الأسد الكبرى» (إسطنبول: دار ميسلون، 2018)، والذي لمْ تفتأْ عصاباتُ طبقاتِ الحُكْمِ «الفاشيَّةُ» و«الشُّوفينيَّةُ»، وقد بلغتْ ترتيبَها الثاني عشرَ في عصابةِ آلِ الأَرَادِيغِ ذَوَاتِهِمْ، تتوعَّدُ ليلَ نهارٍ بإبادتهِ ومَحْقِ جُذورهِ، بعدَ إبادةِ الحزبِ الذي خَلَّفَهُ وبعدَ مَحْقِ جُذورِهِ، هو الآخَرُ، من على وجهِ الأرض. وحُجَّةُ هذهِ العصابةِ الأَرَادِيغِيَّةِ في هذا كلِّهِ هي أنَّ هٰذينِ الحزبَيْنِ، الأصلَ «حزبَ العمالِ الكردستانيِّ» PKK والفرعَ «حزبَ الاتحادِ الديمقراطيِّ» PYD، إنَّما يطمحَانِ في أحلامِهِمَا إلى تهديدِ أمْنِ المنطقةِ هذهِ بأسْرِهَا وإلى تقسيمِ أرضِهَا على المدى البعيدِ في القَحْطِ والجَفَافِ، وأنَّ هٰذينِ التهديدَ والتقسيمَ مجتمعَيْنِ معًا لا يخدمانِ إلاَّ في مصلحَةِ الكيانِ الصُّهيونيِّ، إسرائيلَ ربيبةِ الغربِ الاستعمَاريِّ والإمبرياليِّ، في نهايةِ المطافِ. وهكذا، وفي هكذا توعُّدٍ ليليٍّ وتوعُّدٍ نهاريٍّ ليسَ لَهُ إلاَّ أن يكونَ دليلاً ملموسًا، أو إرْهَاصَةً لدليلٍ ملموسٍ، على التعاونِ الخفيِّ، لا بلْ على التواطؤ الدَّنِيِّ، بينَ عصابتَيْ آلِ الأَرَادِيغِ وآلِ الأسَادِينِ الفاشيَّتَيْنِ على حَرْفِ الثورةِ الشَّعبيةِ السُّوريةِ عن مَسَارِهَا النضاليِّ الطبيعيِّ وعلى القضاءِ عليها قضاءً تامًّا من أُصُولِها ومن فُرُوعِها، هي الأُخرى، فإنَّ ما يجري الحديثُ مُسْتَبيئًا صَدَارةَ الحديثِ، في غُضُونِ أيَّام تلك المؤتمراتِ الدوليةِ وفي أعقابِها، عن ما اصطلحتْ عليهِ العصابةُ الأولى بمصطلحِ «المنطقةِ الآمنةِ أو الأمنيَّةِ» الكائنةِ في أجزاءٍ من ذلك الشَّريط الشماليِّ السُّوريِّ (على حدودِ تركيا)، حيثُ أنَّ ثَمَّةَ بارِقَةً من الأمَلِ الديمقراطيِّ وأنَّ ثَمَّةَ بريقًا من التعايشِ السِّلْميِّ والوُدِّيِّ ما بينَ الأكرادِ والعَرَبِ السُّوريِّينَ رغمًا عن أُنُوفِ أزلامِ كلٍّ من العصابتَيْنِ، في واقعِ الأمرِ – ولكنَّ، لكنَّ في أَنْفُسِ أزلامِ عصابةِ آلِ الأَرَادِيغِ، في المقابلِ النقيضِ لهذا الواقعِ، مآربَ لاأخلاقيةً ولاإنسانيةً أخرى!

[انتهى القسم الخامس من هذا المقال ويليه القسم السادس]

*** *** ***

دبلن، 19 شباط 2019








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بورك الأخ غياث المرزوق على مقاله ق5 قمة الرقي
منتهى النواسي ( 2019 / 2 / 21 - 16:35 )
بورك الأخ غياث المرزوق على مقاله ق5 قمة الرقي في التعبير السياسي الأدبي ؛ مقال يفضح المستور والمسكوت عنه من تآمر وتواطؤ عصابات الحاكمين المستبدين العرب والترك على الشعوب الثائرة بهيدا الزمان المعقد لأبعد الحدود وكمان تآمر هيك حاكمين مع أسيادن الأجانب ؛ مقال يمحص بعمق وحذق شديد في أحداث عويصة كتير ما إلها أول ولا آخر ؛
مرة ثانية بورك الأخ الأستاذ الدكتور غياث المرزوق المحترم ؛ وأنا أعيد تعليقي مرة ثانية لأنه يظهر هيدي نسخة جديدة من المقال ق5 فيها بعض التوضيحات عن العلاقة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني بالأخير ؛ شكرا كتير أخ غياث !!!


2 - مع أطيب التحيات إلى الأستاذ الدكتور غياث المرزوق
سلاف أحمد ( 2019 / 2 / 22 - 01:18 )
مع أطيب التحيات إلى الأستاذ الدكتور غياث المرزوق
مثل ما أشارت الدكتورة منتهى في ملاحظتها القسم الخامس من هذا المقال مثل الأقسام الأربعة الماضية وصل إلى الذروة في الرقي في اللغة السياسية الأدبية
لا زلت كمحبة للاطلاع على مقالات سياسية لها أبعاد نفسية مكتوبة بأسلوب أدبي رائع تفضح كل العصابات المتسلطة على الحكم في بلادنا وتفضح تآمرهم مع بعضم في المخفي بإشراف أسيادهم من بلاد الغرب حتى تفرض انصياع الشعوب المسكينة لها مثل ما ينصاع لها العبيد لكن الشعوب يزداد وعيها كل يوم أكثر
بالفعل نظرة عميقة جدا وثاقبة في المخفي والمستتر في أحداث منطقة الشرق الأوسط هي الأكثر تعقيدا في العالم مقالات مهمة كثيرا وتصيب كبد الحقيقة في واقع بلادنا المحزن والمبكي بنفس الوقت
وفي كل مرة أطيب التحيات والتمنيات إلى الأستاذ الدكتور غياث المرزوق مع فائق الاحترام


3 - ايضا تحية ود وتقدير خاصة للكاتب غياث المرزوق !!
ثائر المقدسي ( 2019 / 2 / 22 - 16:55 )
ايضا تحية ود وتقدير خاصة للكاتب غياث المرزوق !!
لم أكن أتابع كتابات الكاتب غياث المرزوق في هذه الصفحة ، ولكن من خلال قراءتي للرسيل الأول والرسيل الثاني (وكم أعجبتني كلمة رسيل بتميزها عن كلمة الرسالة في السياق المقصود) ومن خلال قرائي عدة مرات لهذا المقال العميق والمتعدد الجوانب أقول وأؤكد مرة ثانية بأن لدينا في هذا المنبر التقدمي الحر كاتبا متمكنا باللغة والفكر والمحتوى وكاتبا متميزا في التعبير بالأسلوب الأدبي الأخاذ عن مسائل سياسية حساسة جدا وفي غاية الأهمية. الطبقة الحاكمة في سوريا مثلها مثل أي طبقة حاكمة في المنطقة تعتمد على الأجنبي الدخيل على اختلاف أشكاله لكي تستمر في السلطة بأي شكل على حساب الشعب والقضاء على أي محاولة يقوم من خلالها بالثورة الشعبية من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية. لكن الشعوب لن تبقى هكذا خانعة وسيأتي يوم انفجارها الحاسم شاءت هذه الطبقات الحاكمة أو أبت !!
وأيضا تحية ود وتقدير خاصة للكاتب غياث المرزوق!!


4 - ايضا تحية ود وتقدير خاصة للكاتب غياث المرزوق !!
ثائر المقدسي ( 2019 / 2 / 22 - 17:02 )
ايضا تحية ود وتقدير خاصة للكاتب غياث المرزوق !!
لم أكن أتابع كتابات الكاتب غياث المرزوق في هذه الصفحة ، ولكن من خلال قراءتي للرسيل الأول والرسيل الثاني (وكم أعجبتني كلمة رسيل بتميزها عن كلمة الرسالة في السياق المقصود) ومن خلال قراءتي عدة مرات لهذا المقال العميق والمتعدد الجوانب أقول وأؤكد مرة ثانية بأن لدينا في هذا المنبر التقدمي الحر كاتبا متمكنا باللغة والفكر والمحتوى وكاتبا متميزا في التعبير بالأسلوب الأدبي الأخاذ عن مسائل سياسية حساسة جدا وفي غاية الأهمية. الطبقة الحاكمة في سوريا مثلها مثل أي طبقة حاكمة في المنطقة تعتمد على الأجنبي الدخيل على اختلاف أشكاله لكي تستمر في السلطة بأي شكل على حساب الشعب والقضاء على أي محاولة يقوم من خلالها بالثورة الشعبية من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية. لكن الشعوب لن تبقى هكذا خانعة وسيأتي يوم انفجارها الحاسم شاءت هذه الطبقات الحاكمة أو أبت !!
وأيضا تحية ود وتقدير خاصة للكاتب غياث المرزوق!!


5 - كل التقدير والثناء والاحترام للأخ غياث المرزوق
مثنى بلقاسم التميمي ( 2019 / 2 / 23 - 17:55 )
كل التقدير والثناء والاحترام للأخ غياث المرزوق
ليس بوسعي في خانة التعقيب سوى ان أؤكد إعجابي كما كتبت في تعقيبي على الأقسام الأربعة الماضية من المقالة نفسها وقد ازدادت رقيا ملحوظا أكثرفي التحليل السياسي الثاقب لأحداث شائكة إلى أبعد الحدود
هنا أقرأ مقالة تحليلية سياسية قمة في الرقي في التعبير الأدبي بهذا التميز والتفرد ولها أبعاد نفسية عميقة جدا تهز المشاعر الإنسانية كذلك تفضح الطغاة العرب على حقيقتهم الخدمية للدخيل الغربي مثل بشار وسيسي والعربان الخليجيين الآخرين وعلى حقيقتهم الخدمية للدخيل (الشرقي) كتركيا في الظاهر وإيران في المخفي
ومهما حاول هؤلاء الطغاة في التنفيذ المذل لأوامر الأجانب لأجل إخماد الثورات تزداد الجمرات المطمورة في رماد هذه الثورات في التوهج والإصرار على النشوب بقوة أكثر من جديد ولن تخمد رغما عنهم
مقالة تستحق كل التقدير والثناء لكاتبها الاخ غياث المرزوق المحترم


6 - كثيرا من الشكر يا غياثنا الفذ على على القسم الخامس
آصال أبسال ( 2019 / 2 / 25 - 14:44 )
كثيرا من الشكر يا غياثنا الفذ على على القسم الخامس من مقالك الرائع.. قرأت لتوي آخر تصريح من و.خ. سيرغي لافروف يتنقد فيه دونالد ترامب وفكرته في اصطناعه لحلف /ميسا/ أو بتعبيره /الناتو العربي/.. الذي أشرت إليه في مقالك أكثر من مرة..
وقال لافروف ما نشرته القناة الروسية اليوم /25 شباط/ بأن ترامب يحاول بكل الوسائل والذرائع فرض الحلف المصطنع /ميسا/.. وجاءت هاته التصريحات في كلمة لافروف أمام مؤتمر /التعاون الدولي في عالم مضطرب/ في فيتنام.. وأكد على أن هذا الحلف المصطنع الذي تحاول إدارة ترامب الآن فرضه على دول الخليج.. /بالإضافة إلى الأردن ومصر وطبعا إسرائيل/.. هو لصالح أمريكا واهتماماتها وليس لصالح المنطقة وشؤونها.. وأشار لافروف أيضا إلى مثال آخر على الهياكل المصطنعة التي تحاول أمريكا زرعها في العالم.. مثل هيكل منطقة الهند والباسيفيك الذي يتم الترويج له من قبل أمريكا واليابان وأستراليا من خلال أهدافهم /الإستيراتيجية/ في احتواء الصين..
يعني مثلما نوهت في مقالك من زمان يا عزيزي.. كل واحد ينتقد الآخر بحجة /مجابهة إيران وحشد الدعم لإسرائيل/ بالعلن أو بالسر.. وكل واحد له مطامع توسعية خاصة به.. !!


7 - مقال بارع بقسمه 5 وفي الصميم من الأخ غياث المرزوق
شهرزاد الرفاعي ( 2019 / 2 / 25 - 18:38 )
مقال بارع بقسمه الخامس وفي الصميم من الأخ غياث المرزوق : عصابات الحكم في بلادنا المنكوبة كلها تعمل مثل كلاب حراسة لعصابات الحكم في الغرب أو تركيا أو إيران حسب المقتضى .. ؟؟
وكل الشكر أيضا للأخت آصال على ذكر آخر المعلومات المفيدة: بالفعل مثل ما نوه الأخ غياث .. كل عصابة حكم أجنبية روسيا وأمريكا تنتقد الأخرى بحجة مجابهة إيران أو تركيا وحشد الدعم لإسرائيل بالعلن أو بالسر .. وكل عصابة لها مطامع توسعية خاصة بها ... !!!؟؟؟

اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت