الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدستور .. تعديل بتعديل، فل-نعدل-.

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2019 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



كل المؤشرات تشير الى ان النظام المصرى سوف ينجز "التعديلات" الدستورية التى تخدم اهدافه التى حددها، على ارضية ساحة سياسية خالية، تقريباً، بمنع المعارضة من المنبع، وبمصادرة المجال العام، وقمع اى صوت معارض، امام هذا الوضع الشاذ، تنقسم قوى "المعارضة" المصرية الى فريقين رئيسيين، الفريق الاول، يدعوا الى مقاطعة الاستفتاء على "التعديلات" الدستورية، فهو لا يعترف لا بالسلطة القائمة ولا بدستور"ها"، اما الفريق الآخر، فانه يرى ضرورة المشاركة فى الاستفتاء بالتصويت بـ"لا" .. بالاجمال، لا جديد، انه نفس الانقسام الذى يشهده الواقع المصرى عند كل استفتاء، تقريباً، وان باوزان نسبية متنوعة، الملفت هذه المرة ان الفريق الذى يدعوا الى مقاطعة الاستفتاء هو بقيادة جماعة الاخوان المسلمين، وهى الجماعة الحريصة تاريخياً على المشاركة فى كل انتخاب وكل استفتاء، كفرصة لاثبات تفوقها بمسافة على اى قوى معارضة اخرى، بجانب الفوائد الاخرى، الا ان هذه المرة يأتى الاستفتاء ليدفن ما تبقى من "شرعية" رئاستها المسلوبة، لذا كانت الدعوة بالمقاطعة.


بعيداً، عن الهدف شديد التواضع والغير واقعى على الاطلاق، الذى تهدف اليه القوى الداعية للمشاركة فى الاستفتاء بـ"لا"، والمعتمد على فرضية خيالية، بان الجماهير سوف تذهب للاستفتاء لأحراج النظام!، بعيداً عن هذا السراب، الا يجب على المعارضة السياسية المصرية ان تضع لنفسها اهدافاً مرحلية محددة، قابلة للتحقيق، كلها او بعضً منها، وفقاً لميزان القوى الحادث الان، لتحقيق انتصارات ولو جزئية فى "معركة" الاستفتاء، ولأستعادة ولو جزءاً من الثقة المفقودة بين النخبة والجماهير، وبديلاً عن المعادلة الصفرية الخاسرة، - حتى فى حالة الانتصار -، التى يراهن عليها الفريق الداعى للمشاركة فى الاستفتاء بـ"لا"، الا يجب على السياسيين ان يكونوا سياسيين؟!، طالما نحن بصدد معارضة سياسية وليس ثورة شعبية!.


لماذا المعادلة الصفرية خاسرة، حتى فى حالة الانتصار؟!. لان التيار المدنى بقيادته اليسارية، مازال بعيداً تنظيمياً وجماهيرياً عن قيادة ثورة شعبية لأحداث تغيير جذرى، بحسبها ثورة، وعلى سبيل الفرض النظرى، حتى حال القدرة على ازاحة النظام الحالى، من المعروف سلفاً، ان الذى سيسيطر، فى ظل ميزان القوى الحالى، هو تيار الاسلام السياسى اليمينى، الذى هو تيار اصلاحى وليس ثورى، بحكم ايديولوجيته "عقيدته"، اذاً سيكون اصلاح وليس ثورة، (مازلنا داخل الفرض النظرى)، لتعود الكرة مرة اخرى، ليجد التيار المدنى نفسه امام نفس مآزق ما بعد استفتاء 19 مارس 2011، وامام انتخابات الرئاسة فى 2012، ليبدأ نضالاً جديداً، ضد سلطة دينية يمينية، بتحالف مع النظام السابق بقيادة قلبه الصلب، نظراً لضعفه وفقاً لميزان القوى الحالى، الذى يمثل فيه التيار المدنى، الضلع الاضعف فى مثلث القوى، وليعد الوضع الى المربع الاول مرة اخرى، بعد ان يكون قد قدم الشباب التضحيات المفترضة. طالما اننا لسنا امام ثورة وانما اصلاح. اصلاح باصلاح، فلـ"نصلح".


لا حل للازمة المزمنة فى مصر، الا بتطور الشرط الذاتى لقوى الثورة، هذا التطور الذى لن يتحقق فى المعمل او المختبر، انما سيتحقق من خلال عشرات بل مئات المعارك الصغيرة والمتوسطة، التى يتطور خلالها الشرط الذاتى لقوى الثورة المتسلحة بوعى نظرى ثورى ناضج، غير صبيانى، غير متأفف من الواقع الرث، مفضلاً النضال من "الداون تاون"، وبخلاف المهمة التاريخية التى على التيار المدنى انجازها، بقيادة يسارية، المؤهل تاريخياً لقيادة ثورة شعبية جذرية، بخلاف ذلك، ليس امام قوى المعارضة سوى ان تنجز دورها كمعارضة سياسية، معارضة تتحقيق من خلالها مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية، تنجز خلالها بعض المطالب "الشعبية"، من ناحية، وتنجز من خلالها احدى خطوات تطورها الذاتى، من ناحية اخرى.


هناك اهداف للسلطة على وشك تحقيقها من خلال "التعديلات" الدستورية الوشيكة، فماهى الاهداف التى يمكن ان تحددها المعارضة لتحقيقها من خلال نفس عملية "التعديلات" الدستورية الجارية على قدم وساق؟!، تعديل بتعديل، فلـ"نعدل". طبعاً، الحديث هنا عن اهداف "دستورية" للمعارضة السياسية، وليس اى او كل اهداف المعارضة السياسية. يمكن تحديد وصياغة حزمة من الاهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتكون جوهر "مضمون" الجهود السابقة على "معركة" الاستفتاء، ليتم الدعوة لاقرارها فى "التعديلات" المرتبقة، هنا لا يسعنا سوى ان نتذكر المقايضة التى اجراها السادات عندما اراد فتح مدد الرئاسة فى الدستور فقدم لتيار الاسلام السياسى وقتها "رشوة" الـ"الالف والام" الشهيرة التى اضافها على "مصدر التشريع".


هناك اهداف حيوية يمكن العمل من خلال ابداعات واشكال مبتكرة لفرضها على اجندة "التعديلات" الدسورية، فى المجال السياسى مثلاً، الغاء او تعديل كل القوانيين المقيدة للحريات التى تتعارض بشكل صارخ مع الفقرة الاخيرة من المادة 226 من باب الاحكام العامة والانتقالية، والتى تنص على "وفى جميع الاحوال، لا يجوز تعديل المواد المتعلقة باعادة انتخاب رئيس الجمهورية، او بمبادئ الحرية، او بالمساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات.". كل القوانين المتعلقة بالحرية او المساواة، والتى لا تضيف المزيد من الضمانات، بل على العكس تنتقص من الحقوق الاساسية الواردة بنفس الدستور، هى مخالفة لصريح الدستور، يجب العمل السياسى والحقوقى والقضائى على الغائها او تعديلها.
وهكذا فى كافة المجالات، خاصة الاقتصادية والاجتماعية، بالاضافة للسياسية. انها اهداف تساهم فى تطور الواقع المصرى المزرى، وهى بالتأكيد اهداف واضحة ومحددة تلتقى مباشرة مع مشاعر ورغبات وتطلعات الجماهير المقهورة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.


قبل الاعتراض على هذا "الاقتراح"، علينا ان نتذكر انها ليس اول ولا آخر المعارك، وان ما لا يؤخذ كله، لا يترك كله، وان المعركة الصفرية لها شروطها ووقتها، ولا يمكن لكل المعارك ان تكون صفرية، والا سيكون البديل هو الحركة فى نفس المكان، كما هو حادث. من الطبيعى ان نتوقع ان ترفض جماعة الاخوان مثل هذا "الاقتراح"، فهم مازالوا يعتقدوا، او هكذا يريدوننا ان نعتقد، انهم قد حصلوا على سنة الحكم اليتيمة نتيجة لكفائتهم، وليس نتيجة لدهاء نظام يوليو العتيق، فى خطة الالتفاف على زلزال يناير، والتى بدأت اولى خطواتها باستفتاء 19 مارس، استفتاء "فرق تسد"، لتستكمل خطة الالتفاف، وفقاً للعبارة الشهيرة "لقد سلمنا الاخوان للشعب"!، بفتح الباب امام الاخوان وترك الحبل على الغرب حتى يلتف على رقبتهم، اغلبية نسبية فى مجلسى الشعب والشورى، وكمان الرئاسة "احمدك يارب". الالتفاف عن طريق "رأس الاخوان الصالح"، الصالح لألتهام الطعم بدوافع انتهازية سياسية مختبرة، والتى للحق، لا يحتكرها فصيل الاخوان فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل