الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فنزويلا: حكاية شعب، افقره ثراء ارضه؟!. 2 تطبيقاً لشعار العولمة: -الاستسلام التام، او الموت الزؤام-.

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2019 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


بابسط قدر من تدقيق النظر، سوف تكتشف بسهولة ان كل الدول التى يناصبها العداء رئيس الولايات المتحدة، ترامب (التعبير الاوضح، "البجح"، عن النسخة الاحدث لاستعمار العولمة)، ستجدها تلك الدول التى مازالت تقاوم احدث شعارات العولمة "الاستسلام التام، او الموت الزؤام)، بالرغم من ان معظم هذه الدول، ان لم تكن كلها، قد مارست العولمة بهذا القدر او ذاك، الا ان ذلك لم يعد كافياً فى عالم عولمة اليوم، الذى لن يرضى بأقل من الاستسلام التام. من روسيا الى الصين، كوريا الشمالية، ايران، سوريا وقبلها العراق وليبيا، وكوبا، وفنزويلا على الابواب ..، على الجميع فتح الابواب على مصرعيها، للشركات العملاقة العابرة للقوميات، حكام اليوم، اسواقاً للاستهلاك، وملكية لكل كياناتها الاقتصادية، سواء بشكل مباشر، او عبر "متعاون محلى"، انها المرحلة الاعلى للعولمة.

"فى عام 1970 كانت فنزويلا اكبر مصدر للبترول فى العالم، وتأتى من فنزويلا نحو نصف الارباح التى تجنيها رؤوس الاموال الامريكية الشمالية من كل امريكا اللاتينية. فنزويلا واحدة من اغنى بلدان كوكب الارض، وايضاً، واحدة من افقرها واكثرها عنفاً. ويمكن لاحتياطيها من البترول والغاز الطبيعى والحديد التى تقدمها تربتها للاستغلال الفورى، ان يضاعف ثروة كل مواطن فنزويلى عشر مرات، ويمكن استيعاب كل سكان المانيا او انجلترا فى اراضيها الشاسعة البكر. وقد استخرجت الحفارات، خلال نصف قرن، ارباحاً بترولية هائلة تعادل ضعف موارد خطة مارشال لتعمير اوروبا.

كانت فنزويلا تنتج فى عام 70 كل يوم ثلاثة ملايين ونصف مليون برميل من البترول من اجل ادارة الالة الصناعية للعالم الرأسمالى، لكن الفروع المتعددة للشركات العملاقة اويل، وشل، وغولف، وتكساكو لاتستغل اربعة اخماس مناطق امتيازاتها، والتى ما زالت احتياطيات لم تمس بعد (عام 70)، كما ان اكثر من نصف قيمة الصادرات لا يعود الى فنزويلا.

تشيد الكتبات الدعائية لشركة اويل الى الاعمال الخيرية للشركة فى فنزويلا، وهو ما يماثل اليوم، "المساعدات الانسانية"، "حصان طروادة"، الامريكية، التى تقف على الحدود، طلائع قوات الغزو الامريكى الشمالى -، لتنسب لنفسها الفضائل. لا يمكن ان تقارن الارباح المنتزعة من هذه البقرة الحلوب الضخمة، بالنسبة لرأس المال المستثمر، الا بالارباح التى كان يجنيها تجار العبد والقراصنة فى الماضى. فلم ينتج بلداً هذا القدر للرأسمالية العالمية، فى هذا الزمن القصير، فقد نهبت من فنزويلا ثروة تتجاوز الثروة التى اغتصبها الاسبان من بوتوسى، او التى اغتصبها الانجليز من الهند.

فنزويلا تعانى من نزف اكثر من ستمائة مليون دولار سنوياً (عام 70)، معترف بها باعتبارها "ارباحاً لرأس المال الاجنبى". ونتيجة للبطالة المتزايدة، اخذت حدة ازمة حقول البترول، تعبر عن كل رفاهية وبؤس فنزويلا وذلك منذ نصف قرن (عام 70). كانت النشوة قد ظهرت حوالى عام 1917، كان البترول يوجد فى فنزويلا مع المزارع الكبيرة التقليدية، حيث يراقب اصحاب الاراضى العمال، بجلد الاجراء ودفنهم احياء حتى الخصر. ثم تدفق بئر البترول فى لاروسا اواخر عام 1922، والذى كان يصب مائة الف برميل يومياً، لتهب رياح العاصفة البترولية.

وظهرت فى لمح البصر ثلاث وسبعون شركة. وكان ملك كرنفال الامتيازات هو الدكتاتور خوان فيثينتى جوميز، وكان مربى ماشية من جبال الانتيز وشغل سنوات حكمه السبع والعشرين (1908 – 1935) فى انجاز البزنس والابناء. وبينما كانت تتدفق السيول السوداء الجارفة، كان غوميز يخرج من جيوبه الممتلئة اسهماً بترولية يكافئ بها اصدقاءه واقاربه وحاشيته، والطبيب الذى كان يعتنى له بالبروستاتا، والجنرالات الذين يعتنون بحماية ظهره، والشعراء الذين يتغنون بأمجاده، وكبير الاساقفة الذى منحه تراخيص استثنائية لكى يأكل لحم ايام الجمعة الحزينة. وكست القوى الكبرى صدر غوميز بأوسمة براقة. ولكن عندما مات غوميز، فى عام 1935، قطع العمال البترول الاسلاك الشائكة التى تحيط بحقول البترول واعلنوا الاضراب.

فى عام 1953، كان احد رجال الاعمال بالولايات المتحدة قد اعلن فى كاركاس: "تتمتع هنا بحرية ان تفعل بنقودك ما يحلو لك، وهذه الحرية تساوى بالنسبة لى، أكثر من كل الحريات السياسية والمدنية معاً". وعندما تم اسقاط الدكتاتور ماركوس بيرث عام 1958، كانت فنزويلا بئر بترول كبيرة تحيطها السجون وغرف التعذيب من كل جانب، وتستورد كل شئ من الولايات المتحدة، السيارات، الثلاجات، اللبن المركز، البيض، الخس، والقوانين والمراسيم.

اعلنت كبرى شركات روكفيللر فى عام 1957، ارباحاً كادت تبلغ نصف استثماراتها الاجمالية. وقد رفع المجلس الثورى للحكومة الضرائب من 35 الى 45 بالمائة. ليفرضل الكارتيل رداً على ذلك خفضاً فورياً لسعر البترول الفنزويلى، فجنت الدولة دخلاً يقل عن العام السابق بستين مليون دولار.

ولم تسعى الحكومات التالية لتأميم الصناعة البترولية، لكنها كذلك لم تقدم، حتى عام 1970، امتيازات جديدة للاشركات الاجنية لاستخراج البترول. ورداً على ذلك قام الكارتيل بالانتاج من حقوله فى الشرق الادنى وفى كندا، وتوقف فى فنزويلا فعلياً استكشاف آبار جديدة. وتجمد التصدير. وفقدت سياسة عدم منح امتيازات جديدة المعنى الذى وجدت من اجله، بقدر ما عجزت شركة البترول الحكومية عن تولى المسئوليات الشاغرة، واكتفت بحفر بضعة ابار قليلة هنا وهناك."*

* "الشرايين المفتوحة لامريكا اللاتينية"، ادواردو جليانو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص