الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفشل في السودان كان المقدمة للسلسلة إفشالات ...

مروان صباح

2019 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الفشل في السودان كان المقدمة للسلسلة إفشالات ...

مروان صباح / كان خطاب الرئيس البشير في مساء 22 شباط الماضي قراءة جيو سياسية ترجيحية وليست استقامية للأوضاع السودانية التى جلعت الخطاب والاجراءات المتخذة لاحقاً ، ليست سوى محاولة لإعادة إنتاج النظام القائم من جديد ، وللحقيقة ، ما جاء في الخطاب أي النقاط جميعها لو نفذت ستجعل السودان واحة من الأزدهار والسلم الأهلي ، إلا أن مسألة تصديق الخطيب تبقى في دوائر المغامرة لأن المشكلة بالأساس تكمن بمصداقيته المشكوك بها ، لقد أبدى سابقاً البشير استعداده امام الشعب بمعالجة الفساد والاقتصاد وأصرف بلوعود التى قطعها على نفسه ما أصرف ، لكن في كل مرة كانت تأتي النتائج سلبية حتى وصلت البلاد إلى هذا الإنحطاط الإجتماعي والاقتصادي والسياسي وايضاً على أصعدة أخرى بنيوية هي غير مرئيّة نخرت بالإنسان السوداني .

لقد كانت أرض السودان سابقة تاريخية للإخوان المسلمين أو بالأحرى إلى كافة القوى الإسلام السياسي والجهادي ، كأول موطأ قدم لهم ، فالتجربة التى خاضتها القوى الإسلامية بعد اجتماعهم في مدينة ديترويت عاصمة ولاية ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية لم تأتي بخير على الإطلاق بل سجلت التجربة فشل واسع ولم تكن بمستوى الخطاب الكلاسيكي ، لقد فشل النظام السياسي الإسلامي في السودان على الصعيد الإصلاح الزراعي فالسودان يعتبر من أهم الأراضي على كوكب الأرض ، تصلح أرضه للزراعة وتربية المواشي كونها تقع بين نهرين قادرين بسهولة توفير السقاية الكافية لا تحتاج التروية إلى معاناة أو تكلفة ، كما أنه من جانب أخر فشل في احداث تصنيع حربي أو إنتاج تكنولوجي على المستوى الإقليمي بحده الأدنى الذي يوفر عوائد إلى المؤسسة العسكرية ويخرجها من حالة التسول والاتكاء على عوائد الشعب بل لم تترك أبداً التجربة السياسية السودانية نموذج يحتذى به ، فقد تعثرت التجربة ايضاً بجميع المحاولات التى خاضها أصحابها على الصعيد الإصلاح السياسي كما أنه فشل فشلاً ذريعاً في أنها الحروب الداخلية والتى مازالت مشتعلة حتى الآن في أقاليم جبال النوبة والنيل الأزرق نهاهيك عن إقدامه على سابقة لم يتجرأ عليها نظام أخر وطني عربي حديث منذ انفكاك الجغرافيا العربية عن الدولة العثمانية ، ألا وهي تقسيم السودان عبر استفتاء ناقص ، راعى الاستفتاء المزاج العام لسكان جنوب السودان الذي يقارب عددهم 8 مليون دون أن يأخذ برأي كافة الشعب بشماله كما في جنوبه .

فالمرء عندما يُشمر عن ساعديه من أجل تفكيك حالة السودان ، يأخذ نفساً عميقاً قبل فتح صناديق ليست معقمة أبداً من مصائب ، يعاني النظام الحالي من ملفين كبيرين الأول إزالة أسم بلده من قائمة الارهاب وهذا يؤكد بأن الواقعية السياسية فرضت نفسَها على المشهد العام بالطبع بفضل سوء التقيم لأن في النهاية كان النظام قد أشبع الشعب بالأحلام اثناء صعوده إلى سدة الحكم ليتخلى عنها جميعها أمام مواجهته للتحديات والواقع كأنه ينفذ وصية تولستوي الروسي عندما قال جملته ( الحياة حلم والموت هو اليقظة ) ، الملف الثاني هو الفساد والديوان الخارجية والتى قاربت على 50 مليار دولار ، في كل من الإطارين لم يحسّن النظام الاسلامي التصرف ، بل لم يسعى على الإطلاق إلى إنشاء مشاريع قادرة سد الديوان ومعالجة البطالة والحد من الاعتماد على السلع الخارجية التى بدورها استنزفت القوة الشرائية للعملة وعرقلت عمليات السداد وبالطبع وسعت التضخم وهذا يفسر أسباب انخفاض العملة وارتفاع البطالة ، بل لم يكن لهذا أن يحصل لولا انتشار الفساد والمحسوبية وإرضاء الطبقة الحاكمة على حساب مصالح جموع الشعب .

في المقابل ، كانت مؤخرًا القوى الحزبية الموقعّة على برنامج الحوار الشامل في السودان والذي أعتبره البشير وحزبه بأنه ترخيص واسع للتصرف ، قد جاء ردها بالانسحاب الفوري من الحوار بعد ممارسة قوات الأمن سلسلة إجراءات قمعية وصلت للقتل واعتقال المتظاهرين السلميين وبالتالي أعادها إلى المربع الذي يجتمع به كل من التجمع المهنيين المعروف بقوته المؤثرة في الشارع وأحزاب أخرى تصنف بالكبرى مثل تحالف قوى الإجماع الوطني الذي يضم 17 حزباً وايضاً قوى نداء السودان ، هذه الأحزاب تعي جيداً بأن هناك مكونين قادرين على التغير الفعلي في البلاد، الأول هو الشعب الذي يرهان منذ المظاهرة الأولى على سلميته في تغير نظام كسول وفاسد وثانياً الجيش الذي يتحكم بمفاصل الدولة ، وللسودان ثلاثة تجارب بين الشعب والجيش في هذا الصدد ، الأولى حكومة الجنرال عبود عام 1964م التى أُسقطت بقرار شعبي والاخرى التى انحاز بها الجيش وقائده سوار الذهب إلى جانب المنتفضين أثناء مواجهتم الديكتاتور والفاسد النميري عام 1985م والتغيير الأخير الذي قاده الإسلاميين الذي جاء بالبشير إلى سدة الحكم .

هذه الحصيلة تستهدف تجربة الإسلاميين في الحكم ، تبحث كما يبحث المواطن السوداني العادي عن الأسباب التى كانت سبب الفشل وايضاً تحاول فهم الأسباب التى جعلت النتيجة هزيلة وفقيرة ومحدودة بل هي فاشلة غالباً رغم كانت هناك فرصة كبيرة أن يكون النموذج السوداني لافت ومشجع لمناطق أخرى ، إذاً الخلاصة الأعنف في اعتقادي ، بالتأكيد الرئيس البشير بطبيعة موقعه ، هو مسؤول مباشر أمام السودانين على ما وصلت إليه البلاد من انقسام في الجغرافيا وتفاقم في الدين العام وانتشار الفساد وفشل في تنظيم تجربة سياسيّة تحاكي طموح الشعب العربي المتعطش لها ، لكن الأهم من ذلك ، عندما فشل الإسلام السياسي في السودان كان الفشل مقدمة لافشالات واسعة وعامة في المنطقة . والسلام
كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا