الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سنوات الرمل وامناي الامازيغي او الهوية السرية، بوصلة الحركة التقدمية في المغرب

شنوان الحسين

2019 / 3 / 6
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


الحركة التقدمية تحددها المواقف والتصورات وطرق التحليل وعلة الوجود وتصفح الواقع، لا تلغيها العرقية ولا تقبرها الايديولوجية ولا التناول الضيق للأمور، عندما يواجه المرء صعوبات الواقع، يهاجر يغامر و يجوع ويعتقل و يتعقل ويمتحن وجوده وشروطه الذاتية وصموده ومبادئه الى أقصى مدى وبتلك الخلفية تخرج الحقيقة من فاه لا يعير اي اهتمام للقيل والقال ولا للخدق الذي تحاول الايديولوجية خندقته فيه فيقارب الامور مقاربة انسانية ويصحح بوصلة انتماء لهويته الحقيقة ويسأل من انا ومن اكون وما هي كرامتي؟
عثرت على كنزين فكريين قيمين على شكل كتابين متباينين إن لم نقل متمايزين فكريا ومتقاطعين كجزء من الحركة التقدمية المغربية، كتبهما مناضلين اوطاميين عاشا نفس فترة غزو الرجعية للجامعات المغربية، رجعية السلطة ورجعية قواها المجتمعية او ما يصطلح عليه بالمخزن الاجتماعي والنقابي، الاول لرائد من رواد الحركة الثقافية الامازيغية إن لم نقل مؤسسها بالجامعة الامر يتعلق بتوعلي حميد وكتابه " امناي الامازيغي او الهوية السرية" والثاني للاستاذ حماد البدوي وكتابة " سنوات الرمل"، يقدمان مذكراتيهما على شكل سرد لمسار حياتهما ولغريب الصدف ان كليهما وجد ضالته في الهجرة الى خارج الوطن وهناك ابدعا وصقلا بل راجعا الكثير من نظريتهما.
فحميد توعلي كان مناضل امازيغي ومن بين الاوائل الذين ارسوا المرجعية الفكرية للنضال الامازيغي واسس لاستقلالية قراره وتصوره وسرد في كتابه معاناته مع ايمانه بقضيته في علاقتها بمحيطة الضيق والواسع ومحيطه هذا الذي يعيش وجوده/قضيته دون ان يعلم انه في صلب المعركة، فحياة شعبه يتناقض داخلها الوجود والماهية والهوية، فهم يعيشون معيشة تزكي طرحه للقضية لكنهم مستلبون بإنتماء مزيف يعيشون صميم ما يناضل من اجله توعلي ورفاقه ولكنهم ينكرون عليه توججه في تناقض صارخ بين الوجود العلمي للشعب ووجودهم التقليدي، فإنتهى به المطاف مهاجرا في اوروبا بعد تحالف التقليد والواقع وابناء جلدته وبلدته ورفاقه في النضال ضده فقرر السفر والهجرة، وحماد البدوي المناضل القاعدي بظهر المهراز وصديق ايت الجيد محمد بن عيسى و جرير والخطابي، بعد مروره من سنوات الاعتقال في وجدة والاحداث التي كانت الجامعة مسرحا لها في نهاية الثمانيات وبداية التسعينيات يجد نفسه بين نيران تحالف الرجعية اجتماعيا وطلابيا وسلطويا ليقرر الفرار ليس الى اروبا بل الى وجهة كان يعتقدها ملجأ لكل التحررين والتقدمين اي بلاد الجزائر والتي كانت تعيش ما يشبه حربا اهلية والتي لا ترحم إذاك كل شخص من دون اوراق هوية، وفي الجزائر خدله القدر ليجد نفسه في سجن البوليزاريو بشكل اضطراري، فلم يشفع له انتماءه الايديولوجي ولا مساندته وايمانه بحق الشعوب في تقرير المصير كموقف ثابت، وهي التي الجبهة التي سماها في كتابه بنصف دولة ومن تعتبر القبيلة مركز انتماءها وسبب وجودها ومن هي عندها هوية وليس التحرر ولا الايمان بمصير القوى التحريرية والاشتراكية او اليسارية في العالم ليقضي هناك اربع سنوات من الاسر قبل ان يسمح له القدر بالسفر جنوبا الى موريتانيا ومنها الى لاس بالماس بجواز سفر مويتاني مزور وبعد انكشاف امره في المطار ليتحول الى لاجئ سياسي قبل ان يدخل اوروبا.
كتابين لا تستطيع ان تبدأ التصفح دون إتمام القراءة ولحسن الصدف انني اطلعت عليها بعدما انتهيت من قراءة كتاب "Les guerres paysannes de Numidie"، حروب فلاحي نوميديا ل أحمدعكّاش، الصادر بالجزائر سنة 1973.
نعم خيط رابط بين كل هذه الابداعات الفكرية وهناك خصوصية انتماء الى الفضاء، ولسؤال الاستاذ البدوي واقع الاثر علي عندما سأل في اخر كتابة لماذا معظم ساكني الاندلس سابقا كانو مغاربة واعطانا الاندلس ابن رشد واخرون كثر في مجالات الفلسفة والفكر والعلم في حين ان هذه الرقعة لم تنتج من امثالهم الا القليل؟ لأجد الجواب في الاستاذين بنفسيها البدوي وتوعلي لولى هجرتكما لما انتجتما ما نحن بصدد قرأته الان ورفاقكم الذي اقتسموا معكم سنوات النضال من جلكم لم ينتجوا تقريبا اي شيئ ولا داعي لذكر الاسماء.
من حسن حظي ان كتاب البدوي جائني منه شخصيا وهو ما يميز هذه الطينة من الشرفاء الذين يقدسون المعرفة والفكر ويعرفون معنى المطالعة قبل هذا وذاك من اناس عاشوا تجارب الكفاح والنضال من داخل الوطن وعاشوا التجربة الطلابية وعاشوا تجربة التسلل عبر الحدود والهجرة السرية والسجن والاسر ومرارة الحياة وحياة العسكر والثكنات وتجربة السجن، تجد واحدا منهم عاش حياة الكادح والفلاح والراعي والنبي والعزلة والتعديب والبورجوازي الصغير الذي يحاول ان يقتات من خبز محلى بالدود كما هي معيشة من يناضل ويفني سنوات عمره من اجلهم، لتجد في الاخير ان اعداء الوطن يسمون كل وافد اليهم ب "الشلح" فنعود الى مركز الصراع وهو صراع الهوية والوجود قبل السياسة وقبل والايديولوجية...
تحية للبدوي وتحية لتوعلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟